الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ وَقَفَ عَلَيهِ، حَنِثَ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ بَاعَهُ وَحَابَاهُ، حَنِثَ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ.
ــ
4732 - مسألة: (وإن وَقَفَ عليه، حَنِثَ)
قاله أبُو الخَطَّابِ؛ لأنَّه تَبَرَّعَ له بعَينٍ في الحَياةِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَحْنَثَ؛ لأنَّ الوَقْفَ لا يُمْلَكُ، في رِوايَةٍ، ولأنَّه لا يُطْلَقُ عليه اسْمُ الهِبَةِ.
4733 - مسألة: (وإن وَصَّى له، لم يَحْنَثْ)
لأنَّ الهِبَةَ تَمْلِيكٌ في الحياةِ، والوَصِيَّةُ إنَّما تُمْلَكُ بالقَبُولِ بعدَ الموتِ.
4734 - مسألة: (وإن باعَه وحاباه، حَنِثَ)
في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّه تَرَك له بعضَ المَبِيعِ بغيرِ عِوَضٍ أو وَهَبَه (1) بعضَ الثَّمَنِ. والوَجْهُ الآخَرُ، أنَّه لا يَحْنَثُ. وهو أَوْلَى؛ لأنَّها مُعاوَضَةٌ يَمْلِكُ الشَّفِيعُ أخْذَ جميعِ
(1) في م: «هبة» .
فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّانِي؛ الْأَسْمَاءُ الْحَقِيقِيّةُ، إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ، فَأَكَلَ الشَّحْمَ، أو الْمُخَّ، أو الْكَبدَ، أَو الطِّحَال، أَو الْقَلْبَ، أَوْ الْكَرِشَ، أَو الْمُصْرَانَ، أو الْأَلْيَةَ، أَو الدِّمَاغَ، أو
ــ
المَبِيعِ. ولو كان هِبَةً أو بعضُه، لم يَمْلِكْ أخْذَه كلِّه. وإن أضافَه لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه لم يُمَلِّكْه شيئًا، وإنَّما أباحَه الأكْلَ، ولهذا لا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بغيرِه.
فصل: قال رحمه الله: (القِسْمُ الثاني؛ الأسْماءُ الحقِيقِيَّةُ، فإذا حَلَف لا يَأكُلُ اللَّحْمَ، فأكَلَ الشَّحْمَ، أو المُخَّ، أو الكَبِدَ، أو الطِّحال، أو القَلْبَ، أو الكَرِشَ، أو المُصْرانَ، أو الأَلْيَةَ، أو الدِّماغَ، أو
الْقَانِصَةَ، لَمْ يَحْنَثْ.
ــ
القانِصَةَ (1)، لم يَحْنَثْ) وجملةُ ذلك، أنَّ الحالِفَ على تَرْكَ (2) أكلِ (3) اللَّحْمِ، لا يَحْنَثُ بأكْلِ ما ليس بلَحْمٍ، من الشَّحْمِ والمُخِّ، وهو الذي في العِظامِ، والدِّماغِ، وهو الذي في الرَّأْسِ في قِحْفِه (4)، ولا الكَبِدِ، والطِّحالِ، والرِّئَةِ، والقَلْبِ، والكَرِشِ، والمُصْرانِ، والقانِصَةِ، ونحوها. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: يَحْنَثُ بأَكْلِ هذا كلِّه؛ لأنَّه لَحْمٌ حَقِيقَةً، ويُتَّخَذُ منه ما يُتَّخَذُ من اللَّحْمِ، فأَشْبَهَ لَحْمَ الفَخِذِ. ولَنا، أنَّه لا يُسَمَّى لحْمًا، وَيَنْفَرِدُ عنه باسْمِه وصِفَتِه، ولو أمَرَ وَكِيلَه بشِراءِ لَحْمٍ، فاشْتَرَى هذا، لم يَكُنْ مُمْتَثِلًا لأمْرِه، ولا يَنْفُذُ الشِّراءُ للموكِّلِ، فلم يَحْنَثْ بأكْلِه، كالبقْلِ، وقد دَلَّ على أنَّ الكَبِدَ والطِّحال
(1) القانصة من الطير: جزء عضلي من المعدة يتم فيه جرش الغذاء وطحنه، وهي مشهورة في الطيور التي تتغذى بالحبوب، كالحمام والدجاج.
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
القحف: أعلى الدماغ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ليسا بلَحْمٍ، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«أُحِلَّتْ لَنَا مَيتَتَانِ وَدَمَانِ؛ أمَّا الدَّمَانِ، فالْكَبِدُ والطِّحَالُ» (1). ولا نُسَلِّمُ أنَّه لَحْمٌ حَقِيقَةً، بل هو من الحَيوانِ، كالعَظْمِ والدَّمِ. فأمَّا إن قَصَد اجْتِنابَ الدَّسَمِ، حَنِثَ بأكْلِ الشَّحْمِ؛ لأنَّ له دَسَمًا، وكذلك المُخُّ، وكلُّ ما فيه دَسَمٌ.
ولا يَحْنَثُ بأكْلِ الألْيَةِ. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعيِّ: يَحْنَثُ؛ لأنَّها نابِتَةٌ في اللَّحْمِ، وتُشْبِهُه في الصَّلابَةِ. ولا يَصِحُّ ذلك؛ لأنَّها لا تُسَمَّى لَحْمًا، ولا يُقْصَدُ منها ما يُقْصَدُ منه، وتُخالِفُه في اللَّوْنِ والذَّوْبِ والطَّعْمِ، فلم يَحْنَثْ بأكْلِها، كشَحْمِ البَطْنِ. فأمَّا الذي على الظَّهْرِ والجَنْبِ وفي تَضاعيفِ اللَّحْمِ، فلا يَحْنَثُ بأكْلِه، في ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِيِّ، فإنَّه قال: اللَّحْمُ لا يَخْلُو من شَحْمٍ. يُشِيرُ إلى ما يُخالِطُ اللَّحْمَ ممَّا تُذِيبُه النارُ، وهذا كذلك. وهو قولُ طَلْحَةَ العَاقُولِيِّ. وممَّن قال: هذا شَحْمٌ. أبو يوسفَ، ومحمَّدٌ. وقال القاضِي: هو لَحْمٌ، يَحْنَثُ بأكْلِه، [ولا يَحْنَثُ بأكْلِه](2) مَن حَلَف لا يَأْكُلُ شَحْمًا. وهو مذهبُ
(1) تقدم تخريجه في 27/ 285.
(2)
سقط من: الأصل، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشافعيِّ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى شَحْمًا، ولا بائِعُه شَحّامًا، ولا يُفْرَدُ عن اللَّحْمِ (1) مع الشَّحْمِ، ويُسَمَّى بائِعُه لَحَّامًا، ويُسَمَّى لَحْمًا سَمِينًا، ولو وَكَّلَ في شِراءِ لَحْمٍ، فاشْتَراه الوَكِيلُ، لَزِمَه، ولو اشْتَراه الوَكِيلُ في شِراءِ الشَّحْمِ، لم يَلْزَمْه. ولَنا، قولُ الله تعالى:{وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيهِمْ شُحُومَهُمَا إلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَو الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} (2). ولأنَّه يُشْبِهُ الشَّحْمَ (3) في صِفتِه وذَوْبه، ويُسَمَّى دُهْنًا، فكان شَحْمًا كالذي في البَطْنِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّه لا يُسَمَّى شَحْمًا، ولا أنَّه يُسَمَّى بمُفْرَدِه لَحْمًا، وإنَّما يُسَمَّى اللَّحْمُ الذي هو عليه لَحْمًا سَمِينًا، ولا يُسَمَّى بائِعُه شَحَّامًا؛ لأنَّه لا يُباعُ بمُفْرَدِه، وإنَّما يُباعُ تَبَعًا للَّحْمِ، وهو تابعٌ له في الوُجُودِ والبَيعِ، فلذلك سُمِّيَ بائِعُه لَحَّامًا، ولم يُسَمَّ شَحَّامًا؛ لأنَّه سُمِّيَ بما هو الأصْلُ دونَ التَّبَعِ.
(1) بعده في الأصل: «ولا يحنث» .
(2)
سورة الأنعام 146.
(3)
في م: «اللحم» .