الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ، أو لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا، فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيهِ قَبْلَ الْغَدِ، حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ. وَيَحْتَمِلُ أنْ لَا يَحْنَثَ. وإنْ مَاتَ الْحَالِفُ، لَمْ يَحْنَثْ.
ــ
يَنْهَه، لم يَمْنَعْه، فحَنِثَ (1)، وعبدُ غيرِه بخِلافِه. وقال أبو الخَطَّابِ: يَحْنَثُ في الحالين؛ لأنَّ إقْرارَه على الخِدْمَةِ اسْتِخْدامٌ، ولهذا يقالُ: فلانٌ يَسْتَخْدِمُ عبدَه. إذا خَدَمَه وإن لم يَأْمُرْه، ولأنَّه ما حَنِثَ به في عبدِه، حَنِث به في عبدِ غيرِه، [كسائِرِ الأشْياءِ. وقال الشافعيُّ: لا يَحْنَثُ في الحالين؛ لأنَّه حَلَف على فِعْلِ نَفْسِه، فلا يَحْنَث بفِعْلِ غيرِه] (2)، كسائِرِ الأفْعالِ.
4784 - مسألة: (وإن حَلَف لَيَشْرَبَنَّ)
هذا (الماءَ، أو لَيَضْرِبَنَّ غُلامَه غَدًا، فتَلِفَ المَحْلُوفُ عليه قبلَ الغَدِ، حَنِثَ عندَ الخِرَقِيِّ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَحْنَثَ. وإن مَاتَ الحَالِفُ، لم يَحْنَثْ) أمَّا إذا ماتَ الحالِفُ من يَوْمِه، فلا حِنْثَ عليه؛ لأنَّ الحنثَ إنَّما يحصُلُ بفواتِ المحلوف عليه في وقته، وهو الغَدُ، والحالِفُ قد خَرَج عن أهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ قبلَ الغَدِ،
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلا يُمْكِنُ حِنْثُه. وكذلك إن جُنَّ الحالِفُ من يَوْمِه، فلم يُفِقْ إلَّا بعدَ خُروجِ الغَدِ؛ لأنَّه خَرَج عن كَوْنِه مِن أهلِ التَّكْلِيفِ. وإن هَرَب العبدُ، أو مَرِضَ هو أو الحالِفُ، أو نحو ذلك، فلم يَقْدِرْ على ضَرْبِ العَبْدِ، حَنِثَ؛ لأنَّه لم يَفْعَلْ ما حَلَف عليه، مع كَوْنِه مِن أهلِ التَّكْلِيفِ. وإن لم يَمُتِ الحالِفُ، ففيه مسائِلُ سبعٌ (1)؛ أحدُها، أن يَضْرِبَ العَبْد في غَدٍ، أيَّ وَقْتٍ كان منه، فإنَّه يَبَرُّ في يَمِينِه، بلا خِلافٍ. الثانِيَةُ، أمْكَنَه ضَرْبُه في غَدٍ، فلم يَضْرِبْه حتى مَضَى الغَدُ، وهما في الحَياةِ (2)، فيَحْنَثُ بلا خِلافٍ أيضًا. الثالِثَةُ، ماتَ العبدُ من يَوْمِه، فإنَّه يَحْنَثُ. وهو أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. ويَتَخَرجُ أن لا يَحْنَثَ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، ومالكٍ. والقولُ الثاني للشافعيِّ؛ لأنَّه فقدَ (3) ضَرْبَه بغيرِ اختِيارِه، فلم يَحْنَث، كالمُكرَهِ
(1) كذا ذكر الشارح، والمذكور إحدى عشرة مسألة.
(2)
في ق، م:«الغد» .
(3)
في الأصل، م:«قد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والنَّاسِي. ولَنا، أنَّه لم يَفْعَلْ ما حَلَف عليه في وَقْتِه، مِن غيرِ إكْرَاهٍ ولا نِسْيانٍ، وهو مِن أهْلِ الحِنْثِ، فحَنِثَ، كما لو أتْلَفَه (1) باخْتِيارِه، وكما لو حَلَف ليَحُجَّنَّ العامَ، فلم يَقْدِرْ على الحَجِّ؛ لمرَض، أو عَدَمِ النَّفَقَةِ، وفارَقَ الإكراهَ والنِّسيانَ، فإنَّ الامْتِناعَ لمَعْنًى في الحَالِفِ (2)، وههُنا الامْتِناغُ لمَعْنًى في المَحَلِّ، فأشْبَهَ ما لو تَرَك ضَرْبَه لصُعُوبَتِه، أو تَرَك الحالِفُ الحَجَّ لصُعُوبَةِ الطَّريقِ وبُعْدِها عليه. فأمَّا إن كان تَلَفُ المَحْلُوفِ عليه بفِعْلِه واخْتِيارِه، حَنِثَ، وَجْهًا. واحِدًا؛ لأنَّه فَوَّتَ الفِعْلَ على نَفْسِه.
(1) في ق، م:«أحلفه» .
(2)
في م: «الحلف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال القاضي: ويَحْنَثُ الحالِفُ ساعةَ مَوْتِه؛ لأنَّ يَمِينَه انْعَقَدَتْ مِن حِينِ حَلِفِه، وقد تَعَذَّرَ عليه الفِعْلُ، فحَنِثَ في الحالِ، كما لو لم يُؤَقِّتْ. ويَتَخَرَّجُ أن لا يَحْنَثَ قبلَ الغَدِ؛ لأنَّ الحِنْثَ مُخالفَةُ ما عَقَدَ يَمِينَه عليه، فلا تحْصُلُ المُخالفَةُ إلَّا بتَرْكِ الفِعْلِ في وَقْتِه. الرابِعَةُ، ماتَ العبدُ في غَدٍ قبلَ التَّمَكُّنِ من ضَرْبِه، فهو كما لو ماتَ في يَوْمِه. الخامِسَةُ، ماتَ العبدُ في غَدٍ بعدَ التَّمَكُّنِ من ضَرْبِه، قبلَ ضَرْبِه، فإَّنه يَحْنَثُ، وَجْهًا واحدًا. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعيِّ. وقال بعضُهم: فيه قَوْلان. ولَنا، أنَّه تَمَكَّنَ من ضَرْبِه في وَقْتِه، فلم يَضْرِبْه، فحَنِثَ، كما لو مَضَى الغَدُ قبلَ ضَرْبِه. السادِسَةُ، ماتَ الحالِفُ في غَدٍ، بعدَ التَّمَكنِ من ضَرْبِه، فلم يَضْرِبْه، حَنِثَ، وَجْهًا واحدًا، لِما ذَكَرْنا. السابِعَةُ، ضَرَبَه في يَوْمِه، فإنَّه لا يَبَرُّ.
وهذا قولُ أصحابِ الشافعيِّ. وقال القاضي، وأصحابُ أبي حنيفةَ: يَبَرُّ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّ يَمِينَه للحَثِّ (1) على ضَرْبِه، فإذا ضَرَبَه اليومَ، فقد فَعَل المحلوفَ عليه وزِيادَةً، فأشْبَهَ ما لو حَلَف ليَقْضِيَنَّه حَقَّه (2) غَدًا، فقَضاه اليومَ. ولَنا، أنَّه لم يَفْعَلِ المَحْلُوفَ عليه في وَقْتِه، فلم يَبَرَّ، كما لو حَلَف ليَصُومَنَّ يومَ الجُمُعَةِ، فصامَ يومَ الخميسِ، وفارَقَ قَضاءَ الدَّينِ، فإنَّ المقْصودَ تَعْجِيلُه لا غيرُ، وفي قَضاءِ اليومِ (3) زِيادَة في التَّعْجيلِ، فلا يَحْنَثُ فيها؛ لأَنه عُلِمَ من قَصْدِه إرادَةُ أن لا يَتَجاوَزَ غَدًا بالقَضاءِ، فصارَ كالمَلْفوظِ به، إذْ (4) كان مَبْنَى الأيمانِ على النِّيَّةِ، ولا يَصِحُّ قِياسُ ما ليس مثلُه عليه، وسائرُ المَحْلُوفاتِ لا يُعْلَمُ منها إرادَةُ التَّعْجيلِ عن الوَقْتِ الذي وَقَّتَه لها، فامْتَنَعَ الإلْحاقُ، وتَعَيَّنَ التَّمَسُّكُ باللَّفْظِ. الثامنَةُ، ضَرَبَه بعدَ مَوْتِه، فلا يَبَرُّ؛ لأن اليَمِينَ تَنْصَرِفُ إلى ضَرْبِه حَيًّا، يَتَألَّمُ بالضَّرْبِ، وقد زال هذا بالموتِ. التاسِعَةُ، ضَرَبَه ضَرْبًا لا يُولِمُه، لا يَبَرُّ؛ لِما ذَكَرْناه. العاشِرَةُ، خَنَقَه، [أو نَتَف](5) شَعَرَه، أو عَصَر ساقَه، بحيثُ يُؤْلِمُه، فإنَّه يَبرُّ؛ لأَنَّه
(1) في النسخ: «للحنث» . والمثبت من المغني 13/ 571.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «الدين» .
(4)
في النسخ: «إذا» . وانظر المغني 13/ 571.
(5)
في الأصل: «و» .