الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ نَذَرَ صِيَامَ أيَّام مَعْدُودَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتابُعُ، إلَّا أَنْ يَشتَرِطَهُ.
ــ
وهو قولُ الشَّافعيِّ، ومحمدِ بنِ الحسنِ؛ لأنَّ الشهرَ يَقَعُ على ما بينَ الهِلالين، وعلى ثلاثينَ يومًا، ولا خِلافَ في أنَّه يُجْزِئُه ثلاثونَ يومًا، فلم يلْزَمْه التَّتابُعُ، كما لو نَذَر ثلاثينَ يومًا.
4812 - مسألة: (وإن نَذَر أيَّامًا مَعْدُودَةً، لم يَلْزَمْه التَّتابُعُ، إلَّا أن يَشْتَرِطَه)
نَصَّ عليه أحمدُ. ورُوِيَ عنه في مَن قال: للهِ عليَّ صِيامُ عشَرةِ أيَّام. يصومُها مُتَتابِعًا. وهذا يَدُلُّ على وُجوبِ التَّتابعِ في الأَيَّامِ المَنْذُورَةِ. وهو اخْتِيارُ القاضي. وحَمَل بعضُ أصحابِنا كلامَ أحمدَ على مَن شَرَط التَّتابُعَ أو نَواه؛ لأنَّ لَفْظَ العشَرةِ لا يَقْتَضِي تَتابُعًا، والنَّذْرُ لا يَقْتَضِيه، ما لم يَكُنْ في لَفْظِه أو نِيَّته. وقال بعضُهم: كلامُ أحمدَ على ظاهِرِه، ويَلْزَمُه التَّتابُعُ في نَذْرِ العشَرةِ دونَ الثلاثينَ؛ لأنَّ الثلاثينَ شهرٌ، فلو أرادَ التَّتابُعَ لقال: شهرًا. فعُدُولُه إلى العدَدِ دليلٌ على إرادَةِ التَّفْرِيقِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بخِلافِ العشَرةِ. والصَّحِيحُ أنَّه لا يَلْزَمُه التَّتابُعُ، فإن عَدَمَ ما يَدُلُّ على التَّفْرِيقِ ليس بدليل على التَّتابُعِ، فإن اللهَ تعالى قال في قَضاءِ (1) رمضانَ:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (2). ولم يَذْكُرْ تَفْرِيقَها ولا تَتابُعَها، ولم يَجِبِ التَّتابُعُ فيها بالاتِّفاقِ. وقال بعضُ أصحابنا: إن نَذَر اعْتِكافَ أيَّام، لَزِمَه التَّتابُعُ، ولا يَلْزَمُ مثلُ ذلك في الصيامِ؛ لأَنَّ الاعْتِكافَ يَتَّصِلُ بعضُه ببعض مِن غيرِ فَصْل (3)، والصَّوْمُ يَتَخَلَّلُه اللَّيلُ، فيَفْصِلُ بعضَه مِن بعض، ولذلك لو نَذَر اعْتِكافَ يومَين مُتَتابِعَين، لَدَخَلَ فيه اللَّيلُ. والصَّحِيحُ التَّسْويَةُ؛ لأنَّ الواجِبَ ما اقْتَضاهُ لَفظه، ولَفْظُه (1) لا يَقْتَضِي التَّتابعَ، بدليلِ نَذْرِ الصومِ، وما ذكَرُوه مِن الفَرْقِ لا أثرَ له. ومَن قال: يَلْزَمُه التَّتابعُ. لَزِمَتْه اللَّيالِي التي بينَ أيَّام الاعْتِكافِ، كما لو قال: مُتَتابِعَة.
(1) سقط من: م.
(2)
سورة البقرة 184، 185.
(3)
بعده في الأصل: «صوم» .