الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ أنْ لَا يَحْكُمَ إلا بحَضْرَةِ الشهُودِ.
وَلَا يَحكُمُ لِنَفْسِهِ، وَلا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَيَحْكُمُ بَينَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ. وَقَال أبو بَكْر: يَجُوزُ ذَلِكَ.
ــ
المحاضِرِ والسِّجِلَّاتِ، ويَتَحَرَّزُ مِن أن [يُدْخِلَ كتابًا مُزَوَّرًا](1)، أو يُؤْخَذَ منه شيء.
4858 - مسألة: (ويُسْتَحَبُّ أن لا يَحْكُمَ إلَّا بحَضْرَةِ الشهُودِ)
ليَسْتَوْفِيَ بهم الحُقُوقَ، ويُثْبِتَ بهم الحُجَجَ والمحاضِرَ، فإن كان ممَّن يَحْكُمُ بعِلْمِه، فإن شاء أدْناهم منه (2)، وإنْ شاءَ أبعَدَهم (3)، بحيث إذا احْتاجَ إلى إشْهادِهم على حُكْم (4)، اسْتَدْعاهم ليَشْهَدُوا بذلك، وإن كان ممَّن لا يَحْكُمُ بعِلْمِه، أجْلَسَهم بالقُرْبِ حتى يَسْمَعُوا كلامَ المُتحاكِمَين؛ لئلَّا يُقِرَّ منهم مُقِرٌّ ثم يُنْكِرَ ويَجْحَدَ، فيَحْفَظُوا عليه إقْرارَه.
4859 - مسألة: (ولا يَحْكُمُ لنَفْسِه، ولا لمَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له، ويَحْكُمُ بينَهم بَعْضُ خُلَفائِه. [وقال أبو بَكْو: يَجُوزُ ذلك)
ليس] (5)
(1) في م: «يدخله كتاب مزور» .
(2)
في م: «إليه» .
(3)
بعده في م: «منه» .
(4)
في م: «حكمه» .
(5)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[للحاكِم أن يَحْكُمَ لنَفْسِه، كما لا يَجُوزُ له أن يَشْهَدَ لنَفْسِه، فإن عَرَضَتْ له حُكُومَة مع بَعْضِ النَّاسِ، جاز أن يُحاكِمَه إلى بَعْضِ خُلَفائِه](1) أو بعضِ رَعِيَّته، فإنَّ عُمَرَ حاكمَ أُبَيًّا إلى زيدٍ (2)، وحاكمَ رجلًا عِراقِيا إلى شُرَيحٍ، وحاكمَ عليٌّ يَهُودِيًّا إلى شُرَيح (3)، وحاكمَ عُثْمانُ طَلْحَةَ إلى جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ (4). وإن عَرَضَتْ حُكُومة لوالِدَيه، أو وَلَدِه، أو مَن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يجوزُ له الحُكْمُ فيها بنَفسِه، وإن حَكَم لم يَنْفُذْ حُكْمُه. [وهذا قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ؛ لأنَّه لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له، فلم يَنْفُذْ حُكْمه](1) له، كنَفْسِه. والثاني، يَنْفُذُ حكمُه. اخْتارَه أبو بكر. وهو قولُ أبي يُوسُفَ، وابنِ المُنْذِرِ، وأبي
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في 27/ 502.
(3)
أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 136. وضعفه. وانظر الكلام عليه في: تلخيص الحبير 4/ 193.
(4)
تقدم تخريجه في 11/ 96.
فَصْل: وَأوَّلُ مَا يَنظُرُ فِيهِ أمْرُ الْمُحْبَسِينَ، فَيَبْعَثُ ثِقَةً إِلَى
ــ
ثَوْرٍ؛ لأنَّه حُكم لغَيرِه، أشْبَهَ الأجانِبَ. وعلى القولِ الأوَّلِ، متى عَرَضَتْ لهؤلاءِ حُكومَةٌ، حَكَمَ بينَهم الإِمامُ، أو حاكمٌ آخَرُ، أو بعضُ خُلَفائِه، فإن كانتِ الحُكومَةُ بينَ والِدَيه، أو وَلَدَيه، أو والِدِه ووَلَدِه، لم يَجُزِ الحكمُ بينَهما، على أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّه لا تُقْبَلُ شَهادَتُه لأحَدِهما على الآخَرِ، فلم يَجُزِ الحكمُ بينَهما، كما لو كان خَصْمُه أجْنَبِيا. وفي الآخرِ، يجوزُ. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّهما سواء عندَه، فارْتَفَعَتْ تُهْمَةُ المَيلِ، فأشْبَها الأجْنَبِيين.
فصل: قال، رحمه الله: (وأوَّلُ ما يَنْظُرُ فيه أمْرُ المُحْبَسِين، فيَبْعَثُ
الْحَبْسِ، فَيَكْتُبُ اسْمَ كُلِّ مَحْبُوس، وَمَنْ حَبَسَهُ، وَفِيمَ حَبَسَهُ، فِي رُقْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، ثُمَّ يُنَادِي فِي البلَدِ: إِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي أمرِ الْمُحْبَسِينَ غَدًا، فَمَنْ لَهُ مِنْهُمْ خَصْمٌ فَلْيَحْضُرْ. فَإذا كَانَ الغَدُ، وَحَضَرَ القَاضِي، أحضَرَ رُقْعَةً، فَقَال: هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، فَمَنْ خَصْمُهُ؟ فَإِنْ حَضَرَ خَصْمُهُ، نَظَرَ بَينَهُمَا.
ــ
ثِقَةً إلى الحَبْسِ، فيَكْتُبُ اسْمَ كلِّ مَحْبُوس، ومَن حَبَسَه، وفِيمَ حَبَسَه، في رُقْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، ثم يُنادِي في البَلَدِ: إنَّ القاضيَ يَنْظُرُ في أمْرِ المُحْبَسِين غدًا، فمَن له منهم خصْم فلْيَحْضُرْ) إنَّما بَدَأ بالنَّظَرِ في أمْرِ المُحْبَسِين؛ لأن الحَبْسَ عذابٌ، ورُبَّما كان فيهم مَن لا يَسْتَحِقُّ البَقاءَ فيه، فيُنْفِذُ إلى حَبْسِ القاضي الذي كان قبلَه ثِقَةً، فيَكْتُبُ اسمَ كلِّ مَحْبُوس، وفِيمَ حُبِس، ولمَن حُبِس، وتُحْمَلُ الرِّقاعُ إليه، ويَأمُرُ مُنادِيًا يُنادِي في البَلَدِ ثلاثةَ أيام: إنَّ القاضيَ فُلانَ [بنَ فُلانٍ](1) يَنْظرُ في أمْرِ المُحْبَسِين يومَ كذا، فمَن كان له مَحْبُوس فَلْيَحْضُرْ. فإذا حَضَر الناسُ في ذلك اليومِ، جَعَل الرِّقاعَ بينَ يَدَيه، فيَمُدُّ يَدَه إليها، فما وَقَع في يَدِه منها نَظَر إلى اسمِ المَحْبُوسِ، وقال: مَن خَصْمُ فُلانٍ المَحْبُوسِ؟ فإذا قال خَصْمُه: أنا.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَعَث ثِقَةً إلى الحَبْسِ، فأخْرَجَ خَصْمَه، وحَضَر معه مَجْلِسَ الحُكْمِ، ويَفْعَلُ ذلك في قَدْرِ ما يَعْلَمُ أنَّه يَتَّسِعُ زَمانُه للنَّظَرِ في ذلك المجلسِ، ولا يُخْرِجُ غيرَهم، فإذا حَضَر المَحْبُوسُ وخَصْمُه، لم يَسْألْ خَصمَه: لِمَ حَبَسَه؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّ الحاكِمَ إنَّما حَبَسَه بحَق، لكنْ يَسْألُ (1) المَحْبُوسَ: بِمَ حُبِسْتَ؟ ولا يَخْلُو جَوابُه (2) مِن خَمْسَةِ أقْسام؛ أحَدُها، أن يقولَ: حَبَسَنِي بحقٍّ له حالّ، أنا مَلِئ به. فيقولَ له الحاكمُ: اقْضِه وإلَّا رَدَدْتُكَ إلى الحَبْسِ. الثاني، أن يقولَ: له عليَّ دَين، أنا مُعْسِر به. فيَسْألُ خَصْمَه، فإنْ صدَّقَه، فَلَّسَه الحاكمُ وأطْلَقَه. وإن كَذَّبَه، نَظَر في سَبَبِ الدَّينِ، فإن كان شَيئًا (3) حَصَل له به مالٌ، كقَرْض أو شِراء، لم يُقْبَلْ قولُه في الإعْسارِ إلَّا ببَيِّنَةٍ بأنَّ ماله تَلِف أو نَفِد، أو ببَيِّنةٍ أنَّه معْسِر، فيَزولُ الأصْلُ الذي ثَبَت، ويكونُ القولُ قولَه فيما يَدَّعِيه عليه مِن المالِ. وإن لم يَثْبُتْ له أصْلُ مالٍ، ولم يكنْ لخَصْمِه بَينة بذلك، فالقولُ قولُ المَحْبُوس مع يَمينه أنَّه مُعْسِرٌ؛ لأنَّ الأصْلَ الإعْسارُ. وإن شَهِدَتْ لخَصْمِه بَينة بأنَّ له مالًا، لم تُقْبَلْ حتى تُبَيِّنَ ذلك المال بما يَتَمَيَّزُ به، فإن شَهِدَتْ عليه البيَنةُ بدارٍ مُعَيَّنَةٍ أو غيرِها، وصَدَّقَها،
(1) في م: «يسار» .
(2)
زيادة من: م.
(3)
في م: «سبيا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلا كلامَ، وإن كَذَّبَها، وقال: ليس هذا لي، وإنَّما هو في يَدِي لغيرِي. لم يُقْبَلْ إلَّا أن يَعْزِيَه إلى مُعَيَّن، فإن كان الذي أقَرَّ له حاضِرًا، سُئلَ؛ فإن كَذَّبَه في إقْرارِه، سَقَط، وقُضِيَ مِن المالِ دَينُه، وإن صَدَّقَه، وكانت له بَينة، فهو أوْلَى؛ لأنَّ له بَيِّنَة، وصاحبُ اليَدِ يُقِرُّ له به، وإن لم تكنْ له بَينة، فذَكَرَ القاضي أنَّه لا يُقْبَلُ قَوْلُهما، ويُقْضَى الدَّينُ منه؛ لأنَّ البَينة شَهِدَتْ لصاحِبِ اليدِ بالمِلْكِ، فتَضَمَّنَتْ شَهادَتُهما (1) وُجُوبَ القضاءِ منه، فإذا لم تُقْبَلْ شَهادَتُهما (2) في حَق نفسِه، قُبِلَتْ فيما تَضَمَّنَتْه؛ لأنَّه حَقّ لغيرِه، ولأنَّه مُتَّهَم في إقْرارِه [لغيرِه؛ لأنَّه](3) قد يَفْعَلُ ذلك ليُخَلِّصَ ماله، ويعودَ إليه، فتَلْحَقُه تُهْمَة، فلم تَبْطُل البينة بقولِه. وفيه وَجْه آخَرُ، يَثْبُتُ الإِقْرارُ، وتَسْقُطُ البينة؛ لأنَّها تشْهَدُ بالمِلْكِ لمَن لا يَدَّعِيه ويُنْكِرُه. القِسْمُ الثالثُ، أن يقولَ: حَبَسَنِي؛ لأنَّ البَيَنة شَهِدَتْ عليَّ لخَصْمِي (4) بحَق ليَبْحَثَ (5) عن حالِ الشُّهودِ. فهذا يَنْبَنِي على أصْل، وهو أنَّ الحاكمَ هل له ذلك أو لا؟ وفيه وَجْهان؛ أحَدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّ الحَبْسَ عذاب، فلا يَتَوَجَّهُ عليه قبلَ ثبُوتِ الحَقِّ عليه. فعلى هذا، لا يَرُدُّه
(1) في م: «شهادتها» .
(2)
في النسخ: «شهادتها» . والمثبت من المغني 14/ 23.
(3)
في الأصل: «ولأنه» .
(4)
في الأصل: «لخصمين» .
(5)
في م: «ابتحث» .