الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُ طَلَبُ الرِّزْقِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مَعَ الْحَاجَةِ. فَأمَّا مَعَ عَدَمِهَا، فَعَلَى وَجْهَينِ.
ــ
4830 - مسألة: (وله طَلَبُ الرِّزْقِ لنَفْسِه وأُمَنائِه وخُلَفائِه مع الحاجَةِ. فأمَّا مع عَدَمِها، فعلى وَجْهَين)
يَجُوزُ للقاضي أخْذُ الرِّزْقِ. ورَخَّصَ فيه شُرَيحٌ، وابنُ سِيرِينَ، والشافعيُّ، وأكْثَرُ أهلِ العلمِ. ورُوِيَ عن عُمَرَ، رضي الله عنه، أنَّه اسْتَعْمَلَ زيدَ بنَ ثابتٍ على القَضاءِ، وفَرَض له رِزْقًا (1). ورَزَق شُرَيحًا في كلِّ شهر مائةَ دِرْهم (2). وبَعَث إلى الكوفَةِ عمّارًا وابنَ مسعودٍ وعُثْمانَ [بنَ حُنَيفٍ، ورَزَقَهم كلَّ يوم شاةً؛ نِصْفُها لعَمّارٍ، ونِصْفُها لابنِ مسعودٍ وعُثْمانَ](3)، وكان ابنُ
(1) أخرجه ابن سعد، في: الطبقات الكبرى 2/ 359. وإسناده منقطع. انظر: إرواء الغليل 8/ 230، 231.
(2)
أخرج البخاري معلقا كان شريح يأخذ على القضاء أجرا. انظر باب رزق الحكام والعاملين علها، من كتاب الأحكام. صحيح البخاري 9/ 84. وانظر ما أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 8/ 297. وانظر: تلخيص الحبير 4/ 194.
(3)
سقط من: ق، م.
والأثر أخرجه ابن سعد، في: الطبقات الكبرى 3/ 255. وانظر: إرواء الغليل 8/ 233.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مسعودٍ قاضِيَهم ومُعَلِّمَهم. وكَتَب إلى مُعاذِ بنِ جَبَلٍ وأبي عُبَيدَةَ، حينَ بَعَثَهما إلى الشامِ، أنِ انْظُرَا رجالًا مِن صَالِحي مَن قِبَلَكم، فاسْتَعْمِلُوهم على القَضاءِ، وأوْسِعُوا عليهم، وارْزُقُوهم، واكْفُوهم مِن مالِ اللهِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَجُوزُ له أخْذُ الرِّزْقِ مع الحاجةِ، فأمَّا مَع عَدَمِها فعلى وَجْهَين. [وهو الذي ذَكَرَه شيخُنا في الكِتابِ المَشْرُوحِ](1). وقد رُوِيَ عن أحمدَ، أنَّه قال: ما يُعْجِبُني أنَّ يَأْخُذَ على القَضاءِ أجْرًا، وإنْ كان فَبِقَدْرِ عَمَلِه، مثلَ مالِ (2) اليَتيمِ. لي كان ابنُ مسعودٍ والحسنُ يَكْرَهانِ الأجْرَ على القضاءِ (3). وكان مَسْروق (4) وعبدُ الرحمنِ بنُ القاسِمِ بنِ عبدِ الرحمَنِ (5)، لا يَأْخُذان عليه أجْرًا، وقالا: لا نَأْخُذُ أجْرًا على أنَّ نَعْدِلَ بينَ اثْنَين (6). وقال أصْحابُ الشافعيِّ: إن لم يكنْ مُتَعَيِّنًا جاز له أخْذُ
(1) سقط من: ق، م.
(2)
كذا في النسخ، وفي المغني 9/ 14:«والى» .
(3)
أخرج أثر الحسن ابن أبي شيبة، في: المصنف 6/ 505.
(4)
في النسخ: «ابن مسعود، والمثبت من المصنف، وانظر: المغني 14/ 9.
(5)
عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن البكري، من أولاد أبي بكرٍ الصديق، إمام ثبت فقيه، من صغار التابعين، توفي بحوران، في سنة ست وعشرين ومائة. سير أعلام النبلاء 6/ 5، 6.
(6)
انظر ما أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف 6/ 505.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّزْقِ، وإن تَعَيَّنَ لم يَجُزْ إلَّا مع الحاجَةِ. والصَّحِيِحُ جوازُ الأخْذِ عليه مُطْلَقًا؛ لأنَّ أبا بكرٍ، رضي الله عنه، لَمَّا وَلِيَ الخِلافةَ، فَرَضُوا له رِزْقًا، كلَّ يومٍ دِرْهَمَينِ (1). ولِما ذَكَرْنا مِن (2) أنَّ عُمَرَ رَزَق زيدًا وشُرَيحًا وابنَ مسعودٍ، وأمَرَ بفرْضِ الرِّزْقِ لمَن وَلِيَ (3) مِن القُضاةِ. ولأنَّ بالنَّاسِ حاجَةً إليه، ولو لم يَجُزْ فَرْضُ الرِّزْقِ لَتَعَطَّلَ، وضاعَتِ الحُقُوقُ. فأمَّا الاسْتِئْجارُ عليه، فلا يجوزُ. قال عمرُ، رضي الله عنه: لا يَنْبَغِي لقاضِي المسلِمِين أنَّ يَأْخُذَ علي القَضاء أجْرًا (4). وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ، ولا نعلمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّه قُرْبَةٌ يَخْتَصُّ فاعِلُه أنَّ يكونَ مِن أهلِ القُرْبَةِ، فأشْبَهَ الصلاةَ، ولأنَّه لا يَعْمَلُه (5) الإنسانُ عن غيرِه، وإنَّما يَقَعُ عن نَفْسِه، فأشْبَهَ الصلاةَ، ولأنَّه عمل غيرُ مَعْلُومٍ. فإن لم يكنْ للقاضي رِزْق، فقال للخَصْمَين: لا أقْضِي بينَكما حتى تَجْعَلا لي جُعْلًا عليه. جاز. ويَحْتَمِلُ أنَّ لا يَجُوزَ.
(1) قال الحافظ ابن حجر: لم أره هكذا. تلخيص الحبير 4/ 194. وانظر: إرواء الغليل 8/ 231 - 233. وانظر ما أخرجه البخاري، في: باب كسب الرجل وعمله بيده، من كتاب البيوع. صحيح البخاري 3/ 74.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «يتولى» .
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف 6/ 505. وعبد الرزاق، في: المصنف 8/ 297.
(5)
في الأصل، ق:«يعلمه» .
فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ في عُمُومِ الْعَمَلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا في أَحَدِهمَا أو فِيهِمَا، فيُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ في بَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ، فَيَنْفُذَ قَضَاؤهُ في أَهْلِهِ وَمَنْ طَرأَ إِلَيهِ، أَوْ يَجْعَلَ إليهِ الْحُكْمَ في الْمُدَايَنَاتِ خَاصَّةً، أَوْ فِي قَدْرٍ مِنَ الْمَالِ لَا يَتَجَاوَزُهُ، أَوْ يُفَوِّضَ إِلَيهِ عُقُودَ الأَنْكِحَةِ دُونَ غَيرِهَا.
ــ
فصل: قال، رحمه الله:(ويجوز أنَّ يُوَلِّيَه عُمُومَ النَّظَرِ في عُمُومِ العملِ، ويجوزُ أنَّ يُوَلِّيَه خاصًّا في أحَدِهما أو فيهما، ويُوَلِّيَه عُمُومَ النَّظَرِ في بلدٍ أو مَخَلَّةٍ خاصَّةٍ، فيَنْفُذَ قضاؤه في أهلِه ومَن طَرَأ إليه، أو يَجْعَلَ إليه الحُكْمَ في المُدايَناتِ خاصَّةً، أو في قَدْرٍ مِن المالِ لا يَتجاوزُه، أو يُفَوِّضَ إليه عُقُودَ الأنْكِحَةِ دُونَ غيرِها) لأن ذلك جميعَه إلى الإِمامِ، وله الاسْتِنابَةُ في الكلِّ، فتكونُ له الاسْتِنابَةُ في البعضِ، فإنَّ مَن مَلَك في الكلِّ مَلَك في (1) البعضِ، وقد صَح أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَسْتَنِيبُ أصحابَه
(1) سقط من: الأصل.