الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ فَرْضُ كِفَايةٍ. قَال أحْمَدُ، رحمه الله: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِم، أتذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ!
ــ
وأخْبارٍ سِوَى ذلك كثيرةٍ. وأجْمَعَ المسلمون على مَشْروعِيَّةِ نَصْبِ القَضاءِ (1)، والحكْمِ بينَ النَّاسِ.
4819 - مسألة: (وهو فَرْضٌ كِفايَةٍ)
لأنَّ أمْرَ النَّاسِ لا يَسْتَقِيمُ بدُونِه، فكان واجِبًا عليهم، كالجِهادِ والإمامَةِ (قال أحمدُ، رحمه الله: لا بُدَّ للنَّاسِ مِن حاكِم، أتَذْهَب حقوقُ النَّاسِ!) وفيه فَضْلٌ عظيمٌ لمَن قَوِيَ على القِيامِ به، وأداء الحقِّ فيه، ولذلك جعلَ الله فيه أجْرًا على الخَطَأ، وأسْقَطَ عنه حُكْمَه، ولأنَّ فيه أمْرًا بالمَعْروفِ، ونُصْرة للمَظْلُومِ، وأداءَ الحَقِّ إلى مُسْتَحِقِّه، ورَدَّ الظَّالِمِ عن ظُلْمِه، وإصْلاحًا بينَ النَّاسِ، وتَخْلِيصًا لبعضِهم مِن بعض، وذلك مِن أبوابِ القُرَبِ؛
= كما أخرجه أبو داود، في: باب في القاضي يخطئ، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود 2/ 268. وابن ماجه، في: باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجة 2/ 776. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 187، 4/ 198، 204.
(1)
في ق: «القضاة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولذلك تَوَلَّاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، والأنْبِياءُ قبلَه، فكانوا يَحْكُمُون لأمَمِهم، وبَعَث عليًّا إلى اليمنِ قاضِيًا (1)، وبَعَث مُعاذًا قاضِيًا (2). وعن عُقْبَةَ بنِ عامر، قال: جاء خَصْمانِ يَخْتَصِمان إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال لي (3):«اقْضِ بَينَهُما» . قلتُ: أنت أوْلَى بذلك. قال (4): «وَإنْ كَانَ» . قلتُ: علامَ أقْضِي؟ قال: «اقْضِ، فَإنْ أصَبْتَ فَلَكَ عَشرَةُ أُجُور، وَإنْ أخْطَأتَ فَلَكَ أجْر وَاحِدٌ» . رَواه سعيد في «سُنَنِه» (5). ووَلَّى عمرُ شُرَيحًا قَضاءَ الكُوفَةِ، وكعبَ بنَ سُورٍ (6) قَضاءَ البَصْرَةِ.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب كيف القضاء، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود 2/ 270. وابن ماجة، في: باب ذكر القضاء، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجة 2/ 774. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 83، 88، 136، 149.
(2)
تقدم تخريجه في 2/ 99، 6/ 291.
(3)
سقط من: ق، م.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
وأخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 205. وابن عساكر في تاريخه 11/ 700. وعزاه في مجمع الزوائد للطبراني في الصَّغير والأوسط، وقال عن إسناد الإمام أحمد: رجاله رجال الصَّحيح. مجمع الزوائد 4/ 195.
(6)
في الأصل: «سوار» .
والأثر عن كعب بن سور أخرجه ابن سعد، في: الطبقات الكبرى 7/ 92. وانظر: 21/ 401، 402.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وفيه خَطَر عظيمٌ ووزْرٌ كبيرٌ لمَن لم يُؤَدِّ الحَقَّ فيه، ولذلك كان السَّلَفُ، رحمهم الله، يَمْتَنِعُونَ منه أشَدَّ الامْتِناعِ، ويَخْشَوْن على أنْفُسِهم خَطَرَه. قال خاقانُ بنُ عبدِ الله (1): أُرِيدَ أبو قِلابَةَ على قَضاءِ البَصْرَةِ، فهَرَبَ إلى اليَمامَةِ، فأُرِيدَ على قَضائِها، فهَرَبَ إلى الشَّام، فأُرِيدَ على قَضائِها، وقيل: ليس ههُنا غيرُك. قال: فَأَنْزِلُوا (2) الأَمرَ على ما قُلْتُمْ، فإنَّما مَثَلِي مَثَلُ سابِحٍ وَقَع في البَحْرِ، فسَبَحَ يومَه، فانْطَلَقَ، ثم سَبَح اليومَ الثَّانِيَ، فمَضَى أيضًا، فلَمّا كان اليومُ الثالثُ فتَرَتْ يَداه (3). وكان يُقالُ: أعلَمُ الناسِ بالقَضاءِ أشَدُّهم له كَراهَةً. ولعِظَمِ خَطرَه، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا، فَقَدْ ذُبِحَ بغيرِ سِكِّين» . قال التِّرْمِذِيُّ (4): هذا حديث حسنِ. قيلَ في هذا الحديثِ: إنَّه لم يَخْرُجْ مَخْرَجَ الذَّمِّ للقَضاءِ، وإنَّما وَصَفه بالمَشقَّةِ، فكأنَّ مَن وَلِيَه قد حُمِل على
(1) خاقان بن عبد الله بن الأهتم أخو يحيى بن أبي الحجاج المنقري، روى عن الحكم بن عتيبة وعلي بن زيد بن جدعان، روى عنه عبد الصمد بن عبد الوارث ومسدد وهشام الكلبي. الجرح والتعديل 3/ 405، 406. ولم نجد هذا الأثر من روايته عن أبي قلابة.
(2)
في الأصل: «فاتركوا» .
(3)
أخرج نحوه ابن أبي شيبة، في: باب في القضاء وما جاء فيه، من كتاب البيوع. المصنف 7/ 238. والبيهقي، في: باب كراهية الإمارة. . . .، من كتاب آداب القاضي. السنن الكبر ى 10/ 97. ووكيع، في: أخبار القضاة 1/ 23. كلهم عن أيوب عنه.
(4)
في: باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القاضي، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذي 6/ 66، 67.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في طلب القضاء، من كتاب الأقضية. سنن أبي داود 2/ 268. وابن ماجه، في: باب ذكر القضاة، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 774.