الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنَ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَنْهُ وَعَنْ أَخٍ لَهُ غَائِبٍ، وَلَهُ مَالٌ فِى يَدِ
ــ
المُمْتَنِعِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ حُضورُه وسُؤالُه، فجاز القضاءُ عليه، كالغائبِ البعيدِ، بل هذا أوْلَى؛ لأنَّ البعيدَ معْذورٌ، وهذا لا عُذْرَ له. وعلى القولِ الآخَرِ، إذا امْتَنَعَ مِن الحُضورِ، بَعَث إلى صاحِبِ الشُّرَطَةِ ليُحْضِرَه، فإن تَكَرَّر منه الاسْتِتارُ، أقْعَدَ على بابِه مَن يُضَيِّقُ عليه في دُخولِه وخُروجِه حتى يَحْضُرَ؛ لأنَّ ذلك طريقٌ إلى حُضورِه وتَخْليصِ الحقِّ منه.
4923 - مسألة: (وإنِ ادَّعَى أنَّ أباه مات عنه وعن أخٍ له غائِبٍ
،
فُلَانٍ، أَوْ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَأَقَرَّ المُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، سُلِّمَ إِلَى المُدَّعِى نَصِيبُهُ، وَأَخَذَ الحَاكِمُ نَصِيبَ الغَائِبِ فَيَحْفَظُهُ لَهُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ المَالُ دَيْنًا، أَنْ يُتْرَكَ نَصِيبُ الغَائِبِ فِى ذِمَّةِ
ــ
وله مالٌ في يدِ فُلانٍ، أو دَيْنٌ عليه، فأقَرَّ المُدَّعَى عليه، أو ثَبَتَ ببينةٍ، سُلِّمَ إلَى المُدَّعِى نَصِيبُه، وأخَذَ الحاكمُ نَصِيبَ الغائِبِ فحُفِظَ له)
[حتى يَحْضُرَ](1) (ويَحْتَمِلُ أَّنه إذا كان المالُ دَيْنًا، أن يُتْرَكَ نَصيبُ الغائِبِ
(1) سقط من: م.
الغَرِيمَ حَتَّى يَقْدَمَ.
ــ
في ذِمَّةِ الغريمَ حتى يَقدَمَ) وجملةُ ذلك، أنَّ مَن ادَّعَى أنَّ أباه مات، وخَلَّفَه وأخًا له (1) غائِبًا، لا وارِثَ له سِواهما، وتَرَك في يَدِ إنْسانٍ دارًا أو عَيْنًا مَنْقُولَةً، فأقَرَّ له صاحِبُ اليَدِ، أو أنْكَرَ فثَبَتَ ببينةٍ ما ادَّعاه، ثَبَت ما في يَدِ المُدَّعَى عليه (1) للمَيِّتِ، وانْتُزِعَ مِن يدِ (2) المُنْكِرِ، فدُفِعَ نِصْفُها إلى المُدَّعِى، وجُعِل النِّصْفُ الآخَرُ في يَدِ أمِينٍ للغائِبِ، يَكْرِيه (3) له، إن كان يُمْكِنُ كِراؤْه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان ممّا لا يُنْقَلُ ولا يُحوَّلُ، أو (4) ممّا يَنْحَفِظُ ولا يُخافُ هَلاكُه،
لم يُنْزَعْ نَصِيبُ الغائِبِ مِن يَدِ المُدَّعَى عليه؛ لأنَّ الغائِبَ لم يَدَّعِه هو ولا وكيلُه، فلم يُنْزَعْ مِن يَدِ مَن هو [في يدِه](5)، كما لو ادَّعَىِ أحَدُ الشَّرِيكَيْن دارًا مُشْتَرَكَةً بينَه وبينَ أجْنَبِىٍّ، فإنَّه يُسَلَّمُ إلى المدَّعِى نصِيبُه، ولا يُنْزَعُ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «تكرمة» .
(4)
في م: «و» .
(5)
في م: «فيه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَصِيبُ الغائِبِ، كذا ههُنا. ولَنا، أنَّها تَرِكَةُ مَيِّتٍ، ثَبَتَتْ ببيِّنةٍ، فوَجَبَ أن يُنْزَعَ نصيبُ الغائبِ، كالمنقولِ (1)، وكما لو كان أخوه صَغِيرًا أو مَجْنُونًا، ولأنَّ [فيما قاله](2) ضَرَرًا، لأنَّه قد يَتَعَذَّرُ على الغائِبِ إقامَةُ البينةِ، وقد يموتُ الشّاهِدان أو يَغيبا، أو تَزُولُ عَدالتُهما، ويُعْزَلُ الحاكِمُ، فيَضِيعُ حَقُّه، فوَجَبَ أن يُحْفَظَ بانْتِزاعِه، كالمنقولِ. ويُفارِقُ الشَّرِيكَ للأجْنَبِىِّ إجْمالًا وتفْصِيلًا؛ أما الإِجْمالُ فإنَّ المنقُولَ يُنْتَزَعُ فيه (3) نصيبُ شريكِه في الميراثِ، ولا يُنزعُ نَصيبُ الأجنبىِّ، وأمَّا التَّفْصِيلُ، فإنَّ البينةَ ثَبَت بها الحَقُّ للمَيِّتِ، بدليلِ أنَّه تُقْضَى منه دُيونُه، وتُنْفَذُ منه وَصاياه، ولأنَّ الأخَ يُشارِكُه فيما أخَذَه، إذا تَعَذَّرَ عليه أخْذُ الباقِى. فأمَّا إن كان دَيْنًا في ذِمَّةِ إنْسانٍ، فهل يَقْبِضُ الحاكمُ نصيبَ الغائِبِ؟ فيه وَجْهان، أحَدُهما، يَقْبِضُه، كما يَقْبِضُ العينَ. والثانى، لا يَقْبِضُه؛ لأنَّه إذا كان في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذِمَّةِ مَن هو (1) عليه، كان أحْوَطَ مِن أن يكونَ أمانةً في يَدِ الأمينِ؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ عليه التَّلَفُ إذا قَبَضَه. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّه في الذِّمَّةِ يَعْرِضُ التَّلَفُ بالفَلَسِ، والموتِ، وعَزْلِ الحاكمِ، وتعذُّرِ البينةِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّنا إذا دَفَعْنا إلى الحاضِرِ نِصْفَ العَيْنِ أو الدَّيْنِ، لم نُطالِبْه بضَمِينٍ؛ لأنَّا دَفَعْناه بقولِ الشُّهودِ، والمطالَبَةُ بالضَّمِينِ طَعْنٌ عليهم. قال أصْحابُنا: سَواءٌ كان الشَّاهِدان مِن أهلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ أو لم يَكُونا. ويَحْتَمِلُ أن لا تُقْبَلَ شَهادَتُهما في نَفْىِ وارِثٍ آخَرَ، حتى يكونا مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، والمَعْرِفَةِ المُتَقادِمَةِ؛ [لأنَّ مَن ليس مِن أهْلِ المعرفةِ، ليس (2) جَهْلُه](3) بالوَارِثِ دَليلًا على عَدَمِه، فلا يُكْتَفَى به. وهذا قولُ الشافعىِّ. فعلى هذا، تكونُ الدّارُ مَوْقوفَةً، فلا (4) يُسَلَّمُ إلى الحاضِرِ نِصْفُها، حتى يَسْألَ الحاكِمُ، ويَكْشِفَ عن المواضِعِ التى كان يَطْرُقُها، ويَأْمُرُ (5) مُنادِيًا يُنادِى: إنَّ فَلانًا مات، فإن كان له وارِثٌ، فَلْيَأْتِ. فإذا غَلَب على ظَنِّه
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من النسخ. والمثبت من المغنى 14/ 314.
(3)
في الأصل: «لأن ليس من أهل المعرفة جهله» . وفى م: «لأنه ليس من أهل المعرفة لأن جهله» .
(4)
في الأصل: «حتى» .
(5)
في م: «ينادى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه لو كان له وارِثٌ ظَهَر، دَفَع إلى الحاضِرِ نَصِيبَه. وهل يُطْلَبُ منه ضَمِينٌ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. وكذلك الحُكْمُ إذا كانا مِن أهْلِ الخِبْرَةِ الباطِنَةِ، لكنْ لم يقولا: ولا نَعلَمُ له وارِثًا سِواه.
فصل: فإن كان مع الابنِ ذُو فَرْضٍ، فعلى ظاهِرِ المذهبِ، يُعْطَى فَرْضَه كامِلًا. وعلى هذا التَّخْريجِ (1)، يُعْطَى اليَقِينَ. فإن كانت له زَوْجَةٌ، أُعْطِيَتْ رُبْعَ الثُّمْنِ عائِلًا، فيكونُ رُبْعَ التُّسْعِ؛ لجوازِ أن يكونَ له أرْبَعُ زَوْجاتٍ، وإن كانت له جَدَّةٌ، لم يَثْبُتْ مَوْتُ أُمِّه، لم تُعْطَ (2) شيئًا، وإنْ عُلِم مَوْتُها، اعْطِيَتْ ثُلُثَ السُّدْسِ؛ لجوَازِ أن يكونَ له ثَلاثُ جَدَّاتٍ، وتُعْطاه عائِلًا، فيكونُ ثُلُثَ العُشْرِ، ولا يُعْطَى العَصَبةُ شيئًا. [وإن كان الوارثُ أخًا، لم يُعْطَ شيئًا](3)؛ لجَوازِ أنْ يكونَ للمَيِّتِ (4) وارِثٌ يَحْجُبُه. وإن كان زَوْجًا، أُعْطِىَ الرُّبْعَ عائِلًا، وهو الخُمْسُ؛ لجوازِ أن تكونَ المسْألةُ عائِلَةً، فيُعْطَى اليَقِينَ، فإذا كَشَف الحاكمُ، أعْطَى الزَّوْجَ نَصِيبَه، وكَمَّلَ لذوى الفُرُوضِ فُرُوضَهم.
فصل: إذا اخْتَلَفا في دارٍ في يَدِ أحَدِهما، فأقام المُدَّعِى بينةً أنَّ الدَّارَ كانت أمسِ (5) مِلْكَه، أو منذُ شَهْرٍ، فهل تُسْمَعُ البينةُ، ويُقْضَى بها؟
(1) في الأصل: «الترجيح» .
(2)
في النسخ: «يعط» . وانظر المغنى 14/ 315.
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: م.
(5)
في م: «ليست» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على وَجْهَيْن؛ أحَدُهما، تُسْمَعُ، ويُحْكَمُ بها؛ لأنَّها تُثْبِتُ المِلْكَ في الماضِى، وإذا ثَبَت اسْتُدِيمَ حتى يُعْلَمَ زوالُه. والثانى، لا تُسْمَعُ. قال القاضى: هو الصحيحُ؛ لأنَّ الدَّعْوَى لا تُسْمَعُ ما لم يَدَّعِ المُدَّعِى المِلْكَ في الحالِ، فلا يُسْمَعُ على (1) ما لم يَدَّعِه، لكنْ إنِ انْضمَّ إلى شَهادَتِها (2) بَيانُ سَبَبِ يَدِ الثانى، وتعريفُ تَعدِّيها، فقالا: نَشْهَدُ أنَّها كانت مِلْكَه أمسِ، فغَصَبَها هذا منه- أو- سَرَقَها- أو- ضَلَّتْ منه فالْتَقَطَها هذا.
ونحوَ ذلك، سُمِعَتْ، وقُضِىَ بها؛ لأنَّها إذا لم تُبَيِّنِ السَّبَبَ، فاليَدُ دليلُ المِلْكِ، ولا تَنافِىَ بينَ ما شَهِدَتْ به البينةُ وبينَ دَلالَةِ اليَدِ؛ لجوازِ أن يكونَ مِلْكَه أمسِ، ثم يَنْتقِلَ إلى صاحِبِ اليدِ. فإذا ثَبَت أنَّ سَبَبَ اليَدِ عُدْوانٌ، خَرَجَتْ عن كونِها دَليلًا، فوَجَبَ القضاءُ باسْتدامَةِ المِلْكِ السابِقِ. فإن أقَرَّ المُدَّعَى عليه أنَّها كانت للمُدَّعِى أمسِ، أو فيما مَضَى، سُمِعَ إقْرارُه، في الصَّحِيحِ، وحُكِم به؛ لأنَّه حينَئِذٍ يحْتاجُ إلى سَبَبِ انْتِقالِها إليه، فيصيرُ هو المُدَّعِىَ، فيَحْتاجُ إلى بينةٍ. ويُفارِقُ البينةَ مِن وَجْهَيْن؛ أحَدُهما، أنَّه
أقْوَى مِن البَيِّنَةِ؛ لكَونِه (3) شَهادَةَ الإِنسانِ على نفسِه، ويَزُولُ به النزاعُ، بخِلافِ البَيِّنَةِ. الثانى، أنَّ البينةَ لا تُسْمَعُ إلَّا على ما ادَّعاه، والدَّعْوَى يَجِبُ أن تكونَ مُعَلَّقَةً بالحالِ، والإِقْرارُ يُسْمَعُ ابْتِداءً. فإن شَهِدَتِ البينةُ أنَّها كانت في يَدِه أمسِ، ففى سَماعِها وَجْهان. وإن أقَرَّ المُدَّعَى عليه
(1) سقط من: ق، م.
(2)
في م: «شهادتهما» .
(3)
في م: «لكونها» .