الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4905 - مسألة: وإنِ اتَّفَقُوا، وَعَظَهم، وَخَوَّفَهم، كما رُوِىَ عَن شُرَيْحٍ، أنَّه كان يَقُولُ للشَّاهِدَيْن إذا حَضَرا: يا هَذانِ، ألَّا تَرَيانِ؟ إنِّى لم أدْعُكُما، ولستُ أمْنَعُكما أن تَرْجِعَا، وإنَّمَا يَقْضِى على هذا أنتما، وأنا مُتقٍ
(1) بكُما، فَاتَّقيا. وفى لَفْظٍ: فإنِّى بكما أقْضِى اليومَ (2)، وبكما أتَّقِى يومَ القيامَةِ (3). وروَى أبو حنيفةَ، قال: كنتُ عندَ مُحارِبِ بنِ دِثارٍ، وهو قاضِى الكُوفةِ، فجاء رجلٌ، فادَّعَى على رجل حَقُّا، فأنْكَرَه، فأحْضَرَ المُدَّعِى شاهِدَيْن، فشَهِدا له، فقال المشْهُودُ عليه: والذى تَقُومُ به السَّماءُ والأرضُ لقد كَذَبا علىَّ في الشَّهادَةِ. وكان مُحارِبُ ابنُ دِثارٍ مُتَّكِئًا فاسْتَوَى جالِسًا، وقال: سمعتُ ابنَ عُمَرَ يقولُ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إِنَّ الطَّيْرَ لَتَخْفِقُ بأجْنِحَتِهَا، وتَرْمِى مَا فِى حَوَاصِلِهَا، مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وإِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ لا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى يَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (4). فإن صَدَقْتُما فاثْبُتا، وإن كَذَبْتما فَغَطِّيا
(1) في الأصل، ق:«متقو» .
(2)
سقط من: م.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 417.
(4)
أخرج حديث: «إذ الطير لتخفق. . . .» البيهقى، في: باب وعظ القاضى الشهود. . . .، من كتاب آداب القاضى. السنن الكبرى 10/ 122.
وأخرج حديث: «إن شاهد الزور. . . .» . ابن ماجه، في: باب شهادة الزور، من كتاب الأحكام.
سنن ابن ماجة 2/ 794. والحاكم، في: باب ظهور شهادة الزور من أشراط الساعة. من كتاب الأحكام.
المستدرك 4/ 98. والبيهقى، في: الموضع السابق. والعقيلى، في: الضعفاء الكبير 4/ 123.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رُءُوسَكما وانْصَرِفا. [فغَطَّيا رُءوسَهما وانْصَرَفا](1).
فصل: قال (2)، رحمه الله: يَنْبَغِى للقاضى أن يَسْألَ عن شُهودِه كلَّ قليل، لأنَّ الرجلَ يَنْتَقِلُ مِن حالٍ إلى حالٍ. وهل هذا مُسْتَحَب أو واجِبٌ؟ فيه وَجْهان، أحَدُهما، مُسْتَحَب، لأنَّ الأصْلَ بقاءُ ما كان، فلا يَزُولُ حتى يَثْبُتَ الجَرْحُ. والثاني، يَجِبُ البَحْثُ كلَّما مَضَتْ مُدَّة يَتَغَيَّرُ الحالُ فيها، لأنَّ العَيْبَ يَحْدُثُ، وذلك على ما يَرَاه الحاكمُ.
ولأصْحابِ الشافعىِّ وَجْهان مثلُ هَذَيْن.
فصل: وليس للحاكِمِ أن يُرَتِّبَ شُهُودًا لا يَقْبَلُ غيرَهم، لأنَّ اللهَ تعالى قال:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (3). ولأنَّ فيه إضْرارًا بالناسِ، وتَضْيِيقًا عليهم، لأنَّ كثيرًا مِن الوقائِعِ التى يُحْتاجُ إلى البينةِ فيها تَقَعُ عندَ غيرِ المُرَتَّبِينَ، فمتى ادَّعَى إنْسان شهادةَ غيرِ المُرَتَّبِين، وَجَب على الحاكمِ سَماعُ بينَتِه، والنَّظَرُ في عدالةِ شاهِدَيْه، ولا يجوزُ رَدُّهم بكونِهم مِن غيرِ المُرَتَّبِين، لأنَّ ذلك يُخالِفُ الكتابَ والسُّنَّةَ والإجْماعَ، لكنْ له أنْ يُرَتِّبَ
(1) سقط من: م.
والقصة ذكرها الذهبى عن عبد الملك بن عمير وليس عن أبي حنيفة. سير أعلام النبلاء 5/ 218.
(2)
يقصد الإمام أحمد، انظر: المغنى 14/ 51.
(3)
سورة الطلاق 2.