الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ حَلَفَ: لَا فَارَقْتُهُ حَتَّى أَستَوْفِيَ حَقِّي. فَهَرَبَ مِنْهُ، حَنِثَ. نَصَّ عَلَيهِ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: لَا يحْنثُ. وَإنْ فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ وَحَكَمَ عَلَيهِ بِفِرَاقِهِ، خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
4790 - مسألة: (وإِن حَلَف: لا فارَقْتُكَ حتى أسْتوْفِيَ حَقِّي)
منك (فَهَرَبَ منه، حَنِثَ. نصَّ عليه. وقال الخِرَقِيُّ: لا يَحْنَث. وإن فَلَّسَه الحاكِمُ وحَكَم عليه بِفِراقِه، خُرِّجَ على رِوايَتَينِ) إذا حَلَف: لا فارَقْتُكَ. ففيه عشرُ مسائِلَ (1)؛ أحدُها، أن يُفارِقَه الحالِفُ مُخْتارًا، فيَحْنَثُ، [بلا خِلافٍ](2)، سَواءٌ أبْرأه من الحَقِّ أو فارَقَه، والحَقُّ عليه؛ لأنَّه فارَقَه قبلَ اسْتِيفاءِ حَقِّه منه. الثانِيَةُ، فارَقَه مُكْرَهًا، فيُنْظَرُ؛ فإن كان حُمِلَ مُكْرَهًا حتى فارَقَه، لم يَحْنثْ، وإن أُكْرِهَ بالضَّرْبِ والتَّهْديدِ، لم يَحْنَثْ. وفي قولِ أبي بكرٍ، يَحْنَثُ. وفي النَّاسِي تَفْصِيلٌ ذَكَرْناه فيما مَضَى. الثالِثَةُ، هَرَب منه الغَرِيمُ بغَيرِ اخْتِيارِه، فلا يَحْنَثُ. وبهذا قال مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصحابُ الرَّأْي. ورُوِيَ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن أحمدَ أَنه يحْنَثُ؛ لأنَّ مَعْنَى يَمِينِه أن لا تَحْصُلَ بينَهما فُرْقَةٌ، وقد حَصَلَتْ. ولَنا، أنَّه حَلَف على فِعْلِ نَفْسِه في الفُرْقَةِ، [وما فَعَل](1)، ولا فعلَ باخْتِيارِه، فلم يَحْنَثْ، كما لو حَلَف: لا قُمْتُ. فقامَ غيرُه. الرابِعَةُ، أذِنَ له الحالِفُ في الفُرْقَةِ، ففارَقَه، فمَفْهُومُ كلامِ الخِرَقِيِّ أنَّه يَحْنَثُ.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال الشافعيُّ: لا يحنث. قال القاضي: وهو قولُ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه لم يَفْعَلِ الفُرْقَةَ التي حَلَف أنَّه لا يَفْعَلُها. ولَنا، أنَّ مَعْنَى يَمِينِه: لألْزَمَنَّكَ. فإذا فارَقَه بإذْنِه فما لَزِمَه، ويُفارِقُ ما إذا هَرَب منه؛ لأنَّه فَرَّ بغيرِ اخْتِيارِه. وليس هذا قولَ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّ الخِرَقِيَّ قال: فهَرَبَ منه. فمَفْهُومُه أنَّه إذا فارَقَه بغيرِ هَرَبٍ أنَّه يَحْنَثُ. الخامِسَةُ، فارَقَه مِن غيرِ إذْنٍ ولا هَرَبٍ، على وَجْهٍ تُمْكِنُه مُلازَمَتُه، والمَشْيُ معه، أو إمْساكُه، فهي كالتي قبلَها. السادِسَةُ، قَضاهُ قَدْرَ حَقِّه، ففارَقَه ظَنًّا منه أنَّه قد وَفَّاه، فخَرَجَ رَدِيئًا أو بعضُه، فيُخَرَّجُ في الحِنْثِ رِوايتان، بِناءً على النَّاسِي. وللشافِعِيِّ قَوْلان كالروايَتَين؛ أحدُهما، يَحْنَثُ. وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّه فارَقَه قبلَ اسْتِيفاءِ حَقِّه مُخْتارًا. والثانِيَةُ، لا يَحْنَثُ. وهو قولُ أبي ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأْي،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا وَجَدَها زُيُوفًا، وإن وَجَد أكثَرَها نُحاسًا أَنه يَحْنَثُ. وإن وَجَدَها مُسْتَحَقَّةً، فأخَذَها صاحِبُها، خُرِّجَ أيضًا على الرِّوايَتَين في النَّاسِي؛ لأنَّه ظَانٌّ أنَّه مُسْتَوْفٍ حَقَّه، فأشْبَهَ ما لو وَجَدَها رَدِيئَةً. وقال أبو ثَورٍ، وأصحابُ الرَّأي: لا يَحْنَثُ. وإن عَلِمَ بالحالِ ففارَقَه، حَنِثَ؛ لأنه لم يُوَفِّه حَقَّه. السابِعَةُ، فَلَّسَهُ الحاكِمُ، ففارَقَه، فإن ألْزَمَه الحاكِمُ، فهو كالمُكْرَهِ، وإن لم يُلْزِمْه مُفارَقَتَه، لكنْ فارَقَه لعِلْمِه بوُجوبِ مُفارَقَتِه، حَنِثَ؛ لأنَّه فارَقَه مِن غيرِ إكْراهٍ، فحَنِثَ، كما لو حَلَف لا يُصَلِّي، فوَجَبَتْ عليه صلاة فصَلَّاها. الثامِنَةُ، أحاله الغَرِيمُ بحَقِّه، ففارَقَه، فإنَّه يَحْنَث. وبهذا قال الشافعيُّ، وأبو يوسفَ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ، ومحمدٌ: لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه قد بَرِئ إليه منه. ولَنا، أنَّه ما اسْتَوْفَى حَقَّه منه، بدَليلِ أنَّه لم يَصِلْ إليه شيءٌ، ولذلك يَمْلِكُ المُطالبَةَ به،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فحَنِثَ، كما لو لم يُحِلْه. فإن ظَنَّ أنَّه قد بَرَّ (1) بذلك (2)، ففارَقَه، خُرِّجَ على الرِّوايَتَين. ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ. قال شيخُنا (3): والصَّحِيحُ أَنه يَحْنَثُ؛ لأنَّ هذا جَهْل بحُكمِ الشَّرْعِ فيه، فلا يَسْقُطُ عنه الحِنْثُ، كما لو جَهِل كَوْنَ اليَمِينِ مُوجِبَةً للكَفَّارَةِ. فأمَّا إن كانت يَمِينُه: لا فارَقْتُك ولى قِبَلَكَ حَقٌّ. فأحاله به، ففارَقَه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه (4) لم يَبْقَ له قِبَلَه حَقٌّ. وإنْ أخَذَ به ضَمِينًا أو كَفِيلًا أو رَهْنًا، ففارَقَه، حَنِث بلا إشْكالٍ؛ لأنَّه يملكُ مُطالبَةَ الغَرِيمِ. التاسِعَةُ، قَضاهُ عن حَقِّه عِوَضًا عنه، ثم فارَقَه، فقال ابنُ حامِدٍ: لا يَحْنَثُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه قد قَضاه حَقَّه، وبَرِئَ إليه منه بالقَضاءِ. وقال القاضي: يَحْنَثُ؛ لأنَّ يَمِينَه على نَفْس الحَقِّ، وهذا بَدَلُه. والأوَّلُ أوْلَى، إن شاءَ الله تعالى؛ لحُصُولِ المَقْصودِ به. فإن كانت يَمِينُه: لا فارَقْتُكَ حتى تَبْرَأ من حَقِّي. أو: ولِي قِبَلَكَ حَقٌّ. لم يَحْنَثْ، وَجْهًا واحِدُا؛ لأنَّه لم يَبْقَ له قِبَلَه حَق. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. العاشِرَةُ، وَكَّلَ وَكِيلًا يَسْتَوْفِي له حَقه، فإن فارَقَه قبلَ اسْتِيفاءِ
(1) في م: «يريد» .
(2)
بعده في م: «مفارقته» .
(3)
في: المغني 13/ 581.
(4)
في م: «لأن هذا» .