الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً، فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَي تَجْدِيدِ البَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِ مَرَّةً أُخْرَى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
4918 - مسألة: (ومَن ثَبَتَتْ عَدالَتُه مَرَّةً، فهل يَحْتاجُ إلى تَجْدِيدِ البَحْثِ عن عَدالَتِه مَرَّةً أُخْرَى؟ على وَجْهَيْن)
وجملةُ ذلك، أنَّ مَن ثَبَتَتْ عدالَتُه، ثم شَهِد عندَ الحاكمِ بعدَ ذلك بزَمَنٍ قريبٍ، حَكَمَ بشَهادتِه وعَدالَتِه؛ لأنَّ عَدالَتَه ثَبَتَتْ. وإن كان بعدَه بزَمَنٍ طويلٍ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يحْتاجُ إلى ذلك. والثاني، يحْتاجُ؛ لأنَّ مع (1) طُولِ الزَّمانِ تَتَغَيَّرُ الأحْوالُ.
(1) في م: «من» .
فَصْلٌ: وَإِنِ ادَّعَى عَلَى غائِبٍ، أَوْ مُسْتَتِرٍ فِى البَلَدِ، أَوْ مَيِّتٍ، أوْ صَبِىٍّ، [332 ظ] أَوْ مَجْنُونٍ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ، سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ
بِهَا.
ــ
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(وإنِ ادَّعَى علي غائِبٍ، أو مُسْتتِرٍ في البلدِ، أو مَيِّتٍ، أو صَبِىٍّ، أو مَجْنُونٍ، وله بَيِّنَةٌ، سَمِعَها الحاكِمُ وحَكَم بها) مَن ادَّعَى حقًّا على غائبٍ في بلدٍ آخرَ، وطَلَب مِن الحاكِمِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سماعَ البينةِ، والحُكْمَ بها عليه، فعلى الحاكِمَ إجابَتُه، إذا كَمَلَتِ الشُّروطُ. وبهذا قال ابنُ شُبْرُمَةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ، والأوْزاعِىُّ،
واللَّيْثُ، وسَوَّارٌ، وأبو عُبَيْدٍ، وإسْحاقُ-، وابنُ المُنْذِرِ. وكان شُرَيْحٌ لا يَرَى القضاءَ على الغائِبِ. وعن أحمدَ مِثْلُه. وبه قال ابنُ أبى ليلَى، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وأصْحابُه. ورُوىَ ذلك عن القاسمِ، والشَّعْبِىِّ، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ قال: إذا كان له خصْمٌ حاضِرٌ، مِن وَكِيلٍ أو شَفِيعٍ، جازَ الحُكْمُ عليه. واحْتَجُّوا بما رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال لعليٍّ:«إذَا تَقَاضَى إلَيْكَ رَجُلانِ، فَلَا تَقْضِ لِلْأوَّلِ حتى تَسْمَعَ كَلامَ الآخَرِ، فَإنَّكَ (1) تَدْرِى بما تَقْضِى» . قال التِّرْمِذِيُّ (2): هذا حديثٌ حسنٌ (3). ولأنَّه قضاءٌ لأحَدِ الخَصْمَيْن وحدَه، فلم يَجُزْ، كما لو كان الآخَرُ في البَلَدِ، ولأنَّه يجوزُ أن يكونَ للغائِبِ ما يُبْطِلُ البينةَ، ويَقدَحُ فيها،
(1) بعده في الأصل: «لا» .
(2)
في: باب ما جاء في القاضى لا يقضى بين الخصمين حتى يسمع كلامهما، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى 6/ 72.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 143، 150. والبيهقى، في: باب ما يقول القاضى إذا جلس الخصمان بين يديه، من كتاب آداب القاضى. السنن الكبرى 10/ 137.
(3)
بعده في م: «صحيح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلم يَجُزِ الحُكْمُ عليه. ولَنا، أنَّ هِنْدًا قالت: يا رسولَ اللهِ، إن أبا سُفْيانَ رجلٌ شَحِيحٌ، وليس يُعْطِينِى ما يَكْفِينى ووَلَدِى؟ قال:«خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). فقَضَى عليه لها، ولم يكنْ حاضِرًا. ولأنَّ هذا له (2) بَيِّنَةٌ مَسْمُوعَةٌ عادِلَةٌ (3)، فجاز الحُكْمُ بها، كما لو كان الخَصْمُ حاضِرًا، [وقد وافَقَ أبو حنيفةَ في سماعِ البينةِ؛ لأنَّ ما تأخَّرَ عن سُؤالِ المُدَّعِى إذا كان حاضِرً](4)، يُقَدَّمُ عليه إذا كان غائِبًا، كسَماعِ البينةِ. وأمَّا حديثُهم، فنقولُ به إذا تَقاضَى إليه رَجُلان، لم يَجُزِ الحُكْمُ قبلَ سَماعِ كلامِهما، وهذا يَقْتَضِى أن يكونا حاضِرَيْن، ويُفارِقُ الحاضِرُ الغائِبَ؛ فإنَّ البينةَ لا تُسْمَعُ على حاضِر إلَّا بحَضْرَتِه، والغائبُ
بخِلافِه. وقد ناقَضَ أبو حنيفةَ أصْلَه، فقال: إذا جاءتِ امرأةٌ فادَّعَتْ أنَّ
(1) تقدم تخريجه في 24/ 288.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «وعادلة» .
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لها زَوْجًا غائِبًا، وله مالٌ في يَدِ رجلٍ، وتحْتاجُ إلى النَّفَقَةِ، فاعْتَرَفَ لها بذلك، فإنَّ الحاكمَ يَقْضِى عليه بالنَّفَقَةِ، ولو ادَّعَى على حاضِرٍ أنَّه اشْتَرَى مِن غائبٍ ما فيه شُفْعَةٌ، وأقام بينةً بذلك، حَكَم بالبَيْعِ والأخْذِ بالشُّفْعَةِ، ولو مات المُدَّعَىٍ عليه، فحضَرَ بعضُ ورثتِه، أو حضَرَ وكيلُ الغائِبِ، وأقامَ المُدَّعِى بينةً، حَكَم له بما ادَّعاه.
فصل: وكذلك الحُكْمُ في المُسْتتِرِ في البلدِ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ حُضُورُه، أشْبَهَ الغائِبَ، بل أوْلَى، فإن الغائِبَ مَعْذُورٌ، ولا عُذْرَ للمُسْتَتِرِ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ حَرْبٍ. وروَى حَرْبٌ، بإسْنادِه، عن أبى موسى، قال: كان الخَصْمان إذا اخْتَصَما إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فاتَّعَدا الموْعِدَ، فوَفَّى (1) أحدُهما، ولم يُوَفِّ الآخَرُ، قَضَى للذى وَفَّى (2).
ولأنَّه لو لم يحْكُمْ عليه، لجعَلَ الاسْتِتارَ وسيلَةً إلى تَضْيِيعِ الحُقوقِ.
(1) في الأصل: «فتوفى» .
(2)
عزاه الهيثمى للطبراني، في الأوسط، وفيه أن معاوية بن أبى سفيان هو الذى قال ذلك لأبي موسى. وقال الهيثمى: وفيه خالد بن نافع الأشعرى، قال أبو حاتم: ليس بقوى، يكتب حديثه، وضعفه الأئمة. مجمع الزوائد 4/ 198.