المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في صلة الرحم - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١٠

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌باب في صلة الرحم

- ‌باب في الشح

- ‌ التحذير من البخل

- ‌كتاب الصيام

- ‌حكمة مشروعيته

- ‌باب مبدأ فرض الصيام

- ‌باب نسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌باب من قال هي مثبتة للشيخ والحبلى

- ‌باب الشهر يكون تسعا وعشرين

- ‌باب إذا أغمى الشهر

- ‌باب من قال فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين

- ‌باب فى التقدم

- ‌باب إذا رؤى الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة

- ‌باب كراهية صوم يوم الشك

- ‌باب فيمن يصل شعبان برمضان

- ‌باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال

- ‌باب في توكيد السحور

- ‌باب من سمى السحور الغداء

- ‌ الترغيب فى السحور

- ‌باب وقت السحور

- ‌باب الرجل يسمع النداء والإناء على يده

- ‌باب وقت فطر الصائم

- ‌باب ما يستحب من تعجيل الفطر

- ‌الحكمة في ذلك

- ‌باب ما يفطر عليه

- ‌الحكمة فى الإفطار على التمر

- ‌باب القول عند الإفطار

- ‌باب الفطر قبل غروب الشمس

- ‌باب في الوصال

- ‌باب الغيبة للصائم

- ‌باب السواك للصائم

- ‌باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ فى الاستنشاق

- ‌باب فى الصائم يحتجم

- ‌باب فى الصائم يحتلم نهارا فى رمضان

- ‌باب فى الكحل عند النوم للصائم

- ‌باب القبلة للصائم

- ‌باب الصائم يبلع الريق

- ‌باب فيمن أصبح جنبا فى شهر رمضان

- ‌باب كفارة من أتى أهله فى رمضان

- ‌باب التغليظ فيمن أفطر عمدا

- ‌باب من أكل ناسيا

- ‌باب تأخير قضاء رمضان

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌باب من اختار الفطر

- ‌باب فيمن اختار الصيام

- ‌باب متى يفطر المسافر إذا خرج

- ‌باب قدر مسيرة ما يفطر فيه

- ‌باب من يقول صمت رمضان كله

- ‌باب فى صوم العيدين

- ‌باب صيام أيام التشريق

- ‌باب النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم

- ‌باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم

- ‌باب في صوم الدهر

- ‌باب فى صوم أشهر الحرم

- ‌باب في صوم المحرم

- ‌باب صوم رجب

- ‌باب فى صوم شعبان

- ‌باب في صوم ستة أيام من شوال

- ‌باب كيف كان يصوم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

- ‌باب فى صوم الاثنين والخميس

- ‌باب في فطر العشر

- ‌باب في صوم عرفة بعرفة

- ‌باب في صوم يوم عاشوراء

- ‌باب ما روى أن عاشوراء اليوم التاسع

- ‌باب فى صوم يوم وفطر يوم

- ‌باب فى صوم الثلاث من كل شهر

- ‌باب من قال الاثنين والخميس

- ‌باب من قال لا يبالى من أي الشهر

- ‌باب النية فى الصيام

- ‌باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها

- ‌باب فى الصائم يدعى إلى وليمة

- ‌باب ما يقول الصائم إذا دعى إلى تناول الطعام

- ‌باب الاعتكاف

- ‌باب أين يكون الاعتكاف

- ‌باب المعتكف يدخل البيت لحاجته

- ‌باب المعتكف يعود المريض

- ‌باب المستحاضة تعتكف

- ‌ كتاب المناسك

- ‌(باب فرض الحج)

- ‌ باب فى المرأة تحج بغير محرم

- ‌ باب لا صرورة فى الإسلام

- ‌ باب التزود فى الحج

- ‌ التوكل المحمود

- ‌ باب التجارة فى الحج

- ‌ باب الكرى

- ‌ باب الصبى يحج

- ‌ باب المواقيت

- ‌[خاتمة المُعتني بالكتاب]

الفصل: ‌باب في صلة الرحم

بسم الله الرحمن الرحيم

‌باب في صلة الرحم

أي الإحسان إلى الأقارب. يقال وصل رحمه يصلها وصلا وصلة "بحذف الواو وتعويض الهاء عنها" أحسن إلى أقاربه، فكأنه بالإحسان إليهم قد وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والرحم "بفتح فكسر ككتف، ويخفف بسكون المهملة مع فتح الراء وكسرها" في الأصل موضع تكوين الولد. سميت به القرابة لأنهم خرجوا من رحم واحدة، وقيل هو مشتق من الرحمة لأن الأقارب شأنهم التراحم وعطف بعضهم على بعض، وهو يؤنث، ويذكر والأكثر تذكيره إذا استعمل في القرابة.

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى رَبَّنَا يَسْأَلُنَا مِنْ أَمْوَالِنَا فَإِنِّى أُشْهِدُكَ أَنِّى قَدْ جَعَلْتُ أَرْضِى بِأَرِيحَاءَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: اجْعَلْهَا فِى قَرَابَتِكَ. فَقَسَمَهَا بَيْنَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ.

(ش)(حماد) بن سلمة كما في بعض النسخ. و (ثابت) البناني

(قوله لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) أي لن تصيبوا الإحسان والثواب الكامل من الله تعالى حتى تنفقوا أحب أموالكم إليكم في سبيله ومرضاته. وقيل البر التقوى. وقيل الجنة. وأصل البر التوسع في الخير. يقال بر العبد ربه إذا توسع في طاعته، فالبر من الله تعالى الثواب، ومن العبد الطاعة. وقد يستعمل في الصدق وحسن الخلق لأنهما من الخير المتوسع فيه

(قوله يسألنا من أموالنا) أي يرغبنا في التصدق ببعض أموالنا

(قوله قد جعلت أرضي باريحاء له) أي تصدقت بها لله تعالى، وباريحاء بفتح الموحدة بعدها ألف وراء مكسورة ثم ياء ساكنة وحاء مهملة وألف ممدودة، وهو بدل أو عطف بيان مما قبله. وهو هكذا في جميع النسخ، ووهم من ضبطه بكسر الموحدة وفتح الهمزة، فإن أريحاء بأرض الشام. ويحتمل إن كان محفوظا أن يكون بستان أبي طلحة سمي باسمها. وفي مسلم والبخاري

ص: 2

بيرحاء وهو المشهور، وقد اختلف في ضبطه فقيل بفتح الباء وكسرها وبفتح الراء وضمها وبالمد فيها وقيل بفتحهما والقصر وهو الأفصح، وقيل إنه مركب إضافي بحركات الإعراب على الراء والإضافة إلى حاء. قال القاضي عياض رواية المغاربة إعراب الراء والقصر في حاء، وخطأ هذا الصوريّ، وعلى هذا فهي مركبة من كلمتين بير كلمة وحاء كلمة ثم صارت كلمة واحدة، واختلف في حاء هل هي اسم رجل أو امرأة أو مكان أضيفت إليه البئر، وفي رواية لمسلم بريحاء بفتح الموحدة وكسر الراء بعدها ياء ساكنة ثم حاء مهملة، قال الباجي: أفصح هذه اللغات بيرحا بفتح الباء وسكون الياء وفتح الراء مقصورا. وجزم به الصاغاني. وقال إنه فيعلا من البراح، وهي الأرض الظاهرة المنكشفة. ومن ذكره بكسر الموحدة وظن أنها بئر من آبار المدينة فقد صحف اهـ وبيرحا بستان بالمدينة أمام المسجد، ففي رواية للشيخين عن أنس قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحا، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، وفي رواية البخاري عن أنس وأن أحب أموالى إليّ بيرحاء، قال "أي أنس" وكانت حديقة كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخلها ويستظل فيها ويشرب من مائها، وقيل موضع بقرب المسجد يعرف بقصر بني جديلة بفتح الجيم وكسر الدال المهملة

(قوله اجعلها في قرابتك) أي اجعل الأرض في أقاربك والقرابة في الأصل مصدر يطلق على الواحدة وغيره يقال هو قرابتي وهم قرابتي، وقد اختلف في المراد بالأقارب، فقال أبو حنيفة القرابة كل ذي رحم محرم من قبل الأب والأم ما عدا الوالدين "الأب والجد والأم والجدة" والولد وولد الولد، فلا يسمون قرابة لأن الله تعالى عطف الأقربين على الوالدين في قوله "الوصية للوالدين والأقربين" والمعطوف غير المعطوف عليه. وقال أبو يوسف ومحمد القرابة كل من ينتسب إليه بواسطة أبيه أو أمه إلى أقصى أب له أدرك الإسلام ما عدا الوالدين والولد وولد الولد، وقالت الشافعية قرابة الرجل من اجتمع معه في النسب قرب أم بعد مسلمًا أو كافرًا ذكرًا أو أنثى غنيًا أو فقيرًا وارثًا أو غير وارث محرمًا أو غير محرم، ولهم في دخول الأصول والفروع في القرابة قولان، وقال أحمد في القرابة كالشافعية إلا أنه أخرج الكافر. وروى عنه أن قرابة الرجل كل من جمعه به الأب الرابع فمن دونه، وقال مالك القريب العاصب ولو غير وارث

(قوله فقسمها بين حسان إلخ) أي قسم أبو طلحة أرضه بينهما بأمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، ففي رواية النسائي اجعلها في قرابتك في حسان بن ثابت وأبيّ بن كعب. وقد تمسك به من قال إن أقل من يعطي من الأقارب إذا لم يكونوا محصورين اثنان، وفيه نظر، فقد وقع في رواية البخاري التصريح بأنه جعلها فيهما وفي غيرهما، فقد روى من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن إسحاق

ص: 3

ابن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس (الحديث) وفيه فتصدق به أبو طلحة علي ذوى رحمه، وكان منهم أبيّ وحسان، وقد بين في مرسل أبي بكر بن حزم من أعطوا منها مع حسان وأبيّ، قال: إن أبا طلحة تصدق بماله وكان موضعه قصر بنى جديلة فدفعه إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فردّه علي أقاربه أبىّ بن كعب وحسان بن ثابت وثبيط بن جابر وشداد بن أوس اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في الإنفاق من أحب الأموال. وعل جواز إضافة المال إلى الشخص الفاضل العالم وأن يضيفه هو إلى نفسه ولا نقص يلحقه في ذلك. وعلي استحباب مشاورة أهل الفضل والعلم فيما يريد الإنسان عمله من الخير. وعلى أن الصدقة على الأقارب أفضل منها على غيرهم. وعل مشروعية الصدقة المطلقة وهي التى لم يعين مصرفها أولا وإنما يعين بعد. وعل جواز إعطاء الواحد من الصدقة فوق النصاب لأن هذا الحائط خص كل واحد من المتصدق عليهم منه أنصباء، فقد باع حسان حصته لمعاوية بمائة ألف درهم وهذا يدل على أن أبا طلحة ملكهم أرض باريحاء، إذ لو وقفها ما ساغ لحسان بيعها. وعلى جواز الأخذ بالعام والتمسك به، لأن أبا طلحة فهم من قوله تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} تناوله جميع أفراده فبادر إلى إنفاق ما يحبه وأقره النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ذلك. وفيه دليل لما ذهب إليه المالكية من أن الصدقة تخرج من ملك المتصدق بمجرد القول وإن لم يقبضها المتصدق عليه، فإن كانت لمعين طلب قبضها، وإن كانت لجهة خرجت من ملك المتصدق، وللإمام صرفها في سبيل الصدقة، وذهب غيرهم من الأئمة إلى أن الصدقة لا تملك إلا بالقبض لأنها من التبرعات، وعلى أن الصدقة على جهة عامة كسبيل الله لا تحتاج إلى قبول معين بل للإمام قبولها من المتصدق ووضعها فيما يراه ولو فى قرابة المتصدق. ودل الحديث على جواز أخذ الغني من صدقة التطوع إذا جاءت له بلا سؤال، فقد كان أبيّ بن كعب بن مياسير الأنصار ودلَّ علي فضل أبي طلحة ورغبته في الخير، حيث بادر إلى إنفاق أحب ماله إليه وأقره عليه النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأثنى عليه بقوله: بخ بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح. رواه الشيخان. وعلى أنه لا يعتبر في القرابة أب معين كرابع أو غيره، لأن أبيا إنما يجتمع مع أبي طلحة في الأب السادس وعلى أنه لا يجب تقديم الأقرب علي القريب في الصدقة لأن حسانا أقرب إلى أبي طلحة من أبىّ

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلم، وكذا النسائي والدارقطني في الأحباس. وأخرجه البخارى

ومسلم والنسائى من حديث مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال: كان أبو طلحة

أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء كانت مستقبلة المسجد، وكان

النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس فلما نزلت {لَنْ

ص: 4

تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله إن الله يقول {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالى إلى بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها حيث أراك الله، فقال بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، وقال أبو طلحة أفعل ذلك يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبنى عمه. وأخرجه البخارى أيضًا في الوصايا من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس. قال: لما نزلت {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} جاء أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله يقول الله فى كتابه {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالى إلىّ بيرحاء "وكانت حديقة كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخلها ويستظل فيها ويشرب من مائها" فهى إلى الله وإلى رسوله أرجو بره وذخره، فضعها "أى رسول الله" حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بخ يا أبا طلحة ذلك مال رابح قبلناه منك ورددناه إليك فاجعله في الأقربين، فتصدق به أبو طلحة على ذوى رحمه، وكان منهم أبيّ وحسان وباع حسان حصته منه من معاوية، فقيل له تبيع صدقة أبي طلحة؟ فقال ألا أبيع صاعا من تمر بصاع من دراهم؟ وكانت تلك الحديقة موضع قصر بنى جديلة الذي بناه معاوية، وأخرجه الدارقطنى أيضا والطحاوى وأبو نعيم والبيهقي من طريق حميد عن أنس قال: لما نزلت {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} أو {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} قال أبو طلحة: يا رسول الله حائطى في مكان كذا وكذا صدقة لله تعالى، ولو استطعت أن أسره لم أعلنه، قال اجعله في فقراء أهل بيتك

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِى عَنِ الأَنْصَارِىِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِىِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ يَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ وَهُوَ الأَبُ الثَّالِثُ، وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرٌو يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا. قَالَ الأَنْصَارِىُّ بَيْنَ أُبَىٍّ وَأَبِى طَلْحَةَ سِتَّةُ آبَاءٍ.

(ش) غرض المصنف بذلك، بيان قرابة أبىّ وحسان من أبي طلحة (محمد بن عبد الله) ابن المثنى بن عبد الله بن أنس. و (زيد بن سهل) صحابى جليل شهد العقبة والمشاهد كلها أحد

ص: 5

نقباء الأنصار. روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعنه ابنه عبد الله وأنس ابن مالك واين عباس وزيد بن خالد وغيرهم. عاش بعد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أربعين سنة وكان لا يفطر إلا يوم أضحى أو فطر، و (عمرو بن زيد مناة ين عدى) هكذا هنا وفى البخارى وأسد الغابة والاستيعاب وطبقات ابن سعد وتهذيب التهذيب. والذى فى الإصابة ابن زيد مناة بن عمرو بن مالك بن عديّ بن عمرو بن مالك ابن النجار اهـ فزاد عمر بن مالك بعد زيد مناة، والنجار لقب تيم اللات بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج وإنما لقب بالنجار قيل لأنه أختتن بالقدوم وقيل ضرب وجه رجل بقدوم فنجره فقيل له النجار

(قوله يجتمعان إلى حرام) أى يحتمع أبو طلحة وحسان فى الأب الثالث لهما وهو حرام. و (عتيك) بفتح العين وكسر المثناة الفوقية، هكذا فى أكثر نسخ المصنف وفى نسخة بن عبيد بن عتيك بن معاوية وهى خطأ أيضا، والصواب ابن عبيد بالتصغير ابن زيد كما فى الإصابة والبخارى وغيرهما

(قوله فعمر ويجمع حسان الخ) أى أن نسب الثلاثة يجتمع فى عمرو بن مالك

(قوله بين أبىّ وأبى طلحة ستة آباء) الذى فى البخارى "فهو يجامع حسان وأبا طلحة وأبيا إلى ستة آباء" ولفظ "هو" يرجع فى كلامه إلى عمرو بن مالك يعنى أنه جمع نسبهم كما تقدم. ويمكن حمل عبارة المصنف على هذا يعنى أن بين أبى وأبى طلحة وبين عمرو بن مالك الذى هو جمع نسبهما ستة آباء، وهذا ظاهر بالنسبة لأبى طلحة أما أبيّ فليس بينه وبين عمرو إلا خمسة آباء وفي العبارة شيء من التسامح

(ص) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَتْ لِى جَارِيَةٌ فَأَعْتَقْتُهَا فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ: آجَرَكِ اللَّهُ أَمَا إِنَّكِ لَوْ كُنْتِ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ.

(ش) مناسبة الحديث للترجمة في قوله أما أنك لو كنت أعطيتها أخوالك الخ (عبيدة) ابن سليمان

(قوله كانت لي جارية الخ) وفي رواية البخاري من طريق كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث رضى الله عنها أخبرته أنها أعتقت وليدة (أمة) ولم تستأذن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسم

(قوله فأعتقتها) بالهمزة فى أكثر النسخ وهو الصواب. وفى بعضها فعتقتها بدون همز وهو تحريف لأن عتق الثلاثى لازم لا يتعدى بنفسه وإنما يتعدى بالهمزة، فيقال أعتقته ولا يقال عتقته كما فى المصباح

(قوله فدخل علىّ النبيّ فأخبرته) أى بأنى أعتقتها رغبة فى الثواب. وفى رواية البخارى فلما كان يومها الذى يدور عليها فيه قالت: أشعرت

ص: 6

يا رسول الله إنى أعتقت وليدتى؟ قال أو فعلت؟ قالت نعم

(قوله أجرك الله) أى أثابك الله على هذا العمل. وأجر بالقصر من بابي قتل وضرب ويقال آجر بالمد

(قوله أما أنك) بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهو هنا بمعني حقًا. وكلمة أن مفتوحة الهمزة بخلاف أما الاستفتاحية فهمزة إن تكسر بعدها كما تكسر بعد ألا الاستفتاحية

(قوله لو كنت أعطيتها أخوالك) وفى بعض النسخ زيادة ياء مثناه بعد التاء قال عياض ولعلها للإشباع. وأخوالها كانوا من بني هلال. وفي رواية الأصيلي أخواتك يالتاء، قال عياض ولعله أصح من رواية أخوالك بدليل رواية مالك فى الموطإ فلو أعطيتها أختيك، وقال النووي الجميع ولا تعارض ويكون النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال ذلك كله

(قوله كان أعظم لأجرك) أى لأن في إعطائها إياهم صدقة وصلة. وفيه دليل عل أن الهبة لذى الرحم أفضل من العتق. ويؤيده ما رواه الترمذى والنسائى وأحمد من حديث سلمان بن عامر الضبى مرفوعا "الصدقة على المسكين صدقة وعلي ذى الرحم صدقة وصلة" ورواه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان وصححاه. ومحل كون الهبة الى ذى الرحم أفضل من العتق إذا كان ذو الرحم فقيرًا لا مطلقًا لما فى رواية النسائى قال: أفلا فديت بها بنت أخيك من رعاية الغنم؟ فبين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الوجه فى الأولوية وهو احتياج قرابتها الى من يخدمهم. وإن لم يكن محتاجا كان العتق أفضل لما رواه ابن ماجه والترمذى عن أبى هريرة مرفوعا "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله له بكل عضو منها عضوًا منه من النار حتى فرجه بفرجه، وقيل إن حديث الباب واقعة عين فلا يحتج به علي أن صلة الرحم أفضل من العتق. والحق أنه ليست واقعة عين لأن الأصل عدم الخصوصية، وأن ذلك يختلف باختلاف الأحوال كما علمت

(فقه الحديث) دل الحديث على جواز تبرع المرأة من مالها من غير إذن زوجها "وأما" ما أخرجه النسائى وسيأتى للمصنف فى "باب عطية المرأة بغير إذن زوجها" من كتاب الهبة من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يجوز لامرأة هبة فى مالها إذا ملك زوجها عصمتها "فهو ضعيف" بعمرو بن شعيب فلا يقاوم حديث الباب، وعلى فرض صحته فهو محمول على الأدب وحسن العشرة. وقد نقل عن الشافعى أنه قال: الحديث ليس بثابت وكيف نقول به والقرآن يدلّ على خلافه ثم السنة ثم الأثر ثم المعقول اهـ وقال البيهقى إسناد هذا الحديث إلى عمرو بن شعيب صحيح. فمن أثبت عمرو بن شعيب لزمه إثبات هذا إلا أن الأحاديث المعارضة له أصح إسنادًا، وفيها وفى الآيات دلالة على نفوذ تصرّفها فى مالها بدون إذن الزوج، فيكون حديث عمرو بن شعيب محمولا على الأدب والاختيار اهـ ودلّ الحديث على فضيلة صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب. وعلى أنه أفضل من العتق، وقد علمت ما فيه. وعلى الاعتناء بأقارب الأم إكراما لحقها وزيادة فى برها

ص: 7

(والحديث) أخرجه أيضًا النسائى فى كتاب العتق من السنن الكبرى والحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم. وكذا أخرجه مسلم فى كتاب الزكاة من طريق كريب مولى ابن عباس عن ميمونة بنحو لفظ المصنف. وأخرجه البخارى فى "باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها" من طريق بكير عن كريب بلفظ تقدم

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: أَمَرَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: عِنْدِى دِينَارٌ، قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ، قَالَ عِنْدِى آخَرُ، قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ، قَالَ عِنْدِى آخَرُ قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ أَوْ زَوْجِكَ، قَالَ عِنْدِى آخَرُ، قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ، قَالَ عِنْدِى آخَرُ، قَالَ أَنْتَ أَبْصَرُ.

(ش)(سفيان) الثورى. و (المقبرى) سعيد بن أبى سعيد

(قوله أمر النبى بالصدقة) أى بقوله تصدّقوا كما فى رواية النسائى

(قوله قال تصدّق به على نفسك الخ) وفى نسخة فقال الخ أى أنفقه فى قضاء حوائجك وإنما قدّم النفس لأنها أعز محبوب للإنسان ولأن حقوقها مقدمة على غيرها. وثنى بالولد لشدة احتياجه إلى النفقة ولزيادة قربه من الأب بالنسبة لسائر الأقارب لكونه كبعضه وقرة عينه وفلذة كبده فإذا ضيعه هلك ولم يجد من ينوب عنه فى الإنفاق عليه. وأخر الزوجة عن الولد لأنه إذا لم يجد ما ينفق عليها أمكنه مفارقتها فينفق عليها قريب أو زوج آخر. وكذا الخادم فإنه يباع عليه إذا عجز عن نفقته فتكون على من يملكه

(قوله أو زوجك) وفى نسخة أو قال زوجك

(قوله أنت أبصر) أى أعلم بطريق صرفه بعد أن بينت لك أصول المصارف وأن الأقارب أحق بالصدقة من الأباعد بحسب تفاوت المراتب بينهم

(فقه الحديث) دل الحديث على الترغيب فى الصدقة من فضل المال بعد كفاية النفس ومن تلزم المتصدق نفقته. وعلى أن نفقة الولد مقدمة على نفقة الزوجة وهي على الخادم لأن نفقة الولد إنما تجب لحق النسبية البعضية وهى لا تنقطع. أما نفقة الزوجة فواجبة بالإمساك والتمتع وهذا قد ينقطع بالفراق

(والحديث) أخرجه أيضًا النسائى والحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم لكن فى سنده محمد بن عجلان وفيه مقال كما تقدم

ص: 8

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ نَا سُفْيَانُ نَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ الْخَيْوَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ.

(ش)(رجال الحديث)(أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعى. و (وهب بن جابر) الهمدانى الكوفى. روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وعنه أبو إسحاق السبيعى فقط. وثقه ابن معين والعجلي وذكره ابن حبان فى الثقات وقال النسائى وعلى بن المديني مجهول وقال فى التقريب مقبول من الرابعة. و (الخيواني) بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية آخر الحروف نسبة إلى خيوان مدينة باليمن. روى له أبو داود والنسائى

(المعنى)

(قوله كفى بالمرءِ إثمًا الخ) أى كفى المرء إثما تضييع من يقوته بترك النفقة عليه، فالمرء مفعول والباء زائدة وأن يضيع فى تأويل مصدر فاعل كفى. ويقوت مضارع قات من باب قال والاسم القوت بالضم وهو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام ومعنى من يقوت من تلزمه نفقته من الأهل والعيال والعبيد، فكأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لمن يريد التصدق بما لا يزيد عن نفقة من تلزمه نفقته طالبًا الأجر لا تتصدق بهذا فينقلب إثما إذا ضيعت من تقوت، ويحتمل أن المراد كفى بالمرء إثما أن يحبس النفقة عمن تلزمه نفقته فيضيعون، ويؤيد هذا ما رواه مسلم من طريق خيثمة بن عبد الرحمن قال: كنا جلوسا مع عبد الله ابن عمرو إذ جاءَه قهرمان له فدخل فقال: أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال لا قال فانطلق فأعطهم قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته" والقهرمان بفتح القاف وإسكان الهاء وفتح الراء الخازن القائم بحوائج الإنسان وهو بمعنى الوكيل.

(فقه الحديث) دل الحديث على التنفير من تصدق الشخص بما لا يزيد عن نفقة من تلزمه نفقته. وعلى عظيم إثم من يفعل ذلك

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد فى مسنده والحاكم والبيهقي فى السنن والنسائى

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ وَهَذَا حَدِيثُهُ قَالَا نَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ فِى رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.

ص: 9

(ش)(ابن وهب) عبد الله. و (يونس) بن عبيد. و (الزهرى) محمد بن مسلم

(قوله من سره أن يبسط عليه فى رزقه) هكذا في أكثر النسخ وفي بعضها من سره أن يبسط الله عليه. وفى بعضها من سره أن يبسط له أى من أحب أن يوسع له فى رزقه. وفى رواية للشيخين من أحب أن يبسط له فى رزقه

(قوله وينسأله فى أثره) بضم فسكون أى يؤخر له فى أجله يقال نسأ الله فى عمرك وأنسأ عمرك أخره. والأثر ههنا آخر العمر قال كعب بن زهير

والمرء ما عاش ممدود له أمل

لا ينتهى العين حتى ينتهى الأثر

وسمى الأجل أثرا لأن أثر الشئ ما يدل عليه ويتبعه وهو يتبع العمر

(قوله فليصل رحمه) يعنى فليحسن إلى قرابته ويتعطف عليهم ويرفق بهم ويراعي أحوالهم ويدفع عنهم الشر. وقد اختلف العلماء فى حدّ الرحم التى تجب صلتها فقيل هو القريب الذى يحرم نكاحه بحيث لو كان أحدهما أنثى لحرم نكاحه، وعليه فلا يدخل فيه أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات، واستدل لهذا بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها فى النكاح لما قد يؤدى إليه الجمع بينهما من التقاطع. قالوا فلو كانت صلة من لا يحرم نكاحه من الأقارب كبنت العم وبنت الخال واجبة لحرم الجمع بينهما. وقيل المراد بالرحم القريب الوارث لحديث أبى هريرة أن رجلا قال يا رسول الله من أحق الناس بحق الصحبة؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك. أخرجه مسلم. وقيل المراد به القريب ولو غير وارث لحديث عبد الله في عمر أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: أبرّ البر أن يصل الرجل ودّ أبيه. أخرجه مسلم. وهذا هو الظاهر قال القرطبي الرحم التى توصل عامة وخاصة فالعامة قرابة الدين تجب صلتها بالتوادد والتناصح والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة والرحم الخاصة قرابة النسب وهى تزيد بالإحسان إلى القريب وتفقد حماله والتغافل عن زلته (وعلى الجملة) فالمعنى الجامع للصلة إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة. وهى درجات بعضها أرفع من بعض. أدناها ترك الخصام ويتحقق بالكلام ولو بالسلام وأعلاها القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة. وهذا حق المؤمنين الصادقين وأما الكفار والفساق فتجب مقاطعتهم إذا لم تنفع فيهم النصيحة (والحديث) لا يعارض قوله تعالى {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} لأن النسأ فى الأجل كناية عن البركة فى العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة والبعد عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل. ومنه علم ينتفع به بعده وصدقة جارية وولد صالح فكأنه لم يمت. وهذا هو المناسب لظاهر الحديث ورجحه الطيبى فإن الأثر ما يتبع الشئ فإذا أخر حسن أن يحمل على الذكر الحسن بعد الموت. ويؤيده ما أخرجه الطبرانى فى الصغير بسند ضعيف عن أبى الدرداء قال: ذكر عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من وصل رحمه أنسيء له في أجله فقال "إنه ليس زيادة فى عمره قال الله تعالى، فإذا جاء أجلهم

ص: 10

الآية ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده، وأخرج فى الكبير من حديث أبي مشجعة الجهني مرفوعًا "إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاه أجلها، وإنما زيادة العمر ذرية صالحة" الحديث، وجزم به ابن فورك فقال إن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله ورزقه وغير ذلك، قال في السبل ولابن القيم في كتاب الداء والدواء كلام يقتضى أن مدة حياة العبد وعمره هى مهما كان قلبه مقبلا على الله ذاكرًا له مطيعا غير عاص فهذه هى عمره، ومتى أعرض القلب عن الله تعالى واشتغل بالمعاصى ضاعت عليه أيام حياة عمره فعلى هذا معنى أنه ينسأ له في أجله أى يعمر الله قلبه بذكره وأوقاته بطاعته اهـ ويحتمل أن التأخير في الأجل على حقيقته وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، والذى في الآية منظور فيه إلى ما في علم الله كأن يقال للملك إن عمر فلان ثمانون مثلا إن وصل رحمه وإن قطعها فخمسون، وقد سبق في علمه تعالى أنه يصل أو يقطع، فالذى في علم الله تعالى لا يتقدم ولا يتأخر والذى في علم الملك هو الذى يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك. وما في أم الكتاب هو الذى في علم الله تعالى فلا محو فيه ألبتة ويقال له القضاء المبرم ويقال للأول القضاء المعلق. وقيل إن كل إنسان له أجلان أجل ينقضى بموته وأجل ينقضى ببعثه فابتداء أجل الموت من حين ولادته وابتداء أجل البعث من حين موته ومجموع الأجلين محدود لا يزيد ولا ينقص، فالطائع البار الواصل للرحم يزاد له في أجل الدنيا وينقص من أجل البرزخ الذي هو القبر، والعاصي القاطع الرحم يزاد له أجل البرزخ وينقص له من أجل الدنيا قيل وبه فسر قوله تعالى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ}

(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في صلة الرحم. وعلى أنها سبب لسعة الرزق والبركة في العمر

(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والشيخان والنسائى وأخرجه البخارى عن أبي هريرة

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَا نَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِىَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِى مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ.

ص: 11

(ش)(أبو بكر ابن أبي شيبة) عبد الله بن محمد بن أبي شيبة. و (سفيان) بن عيينة و (أبو سلمة) قيل اسمه عبد الله وقيل اسمه كنيته وقيل إسماعيل بن عبد الرحمن بن عوف

(قوله أنا الرحمن) مشتق من الرحمة وهى في الأصل رقة في القلب تقتضى التفضل والإحسان والمراد هنا لازمها لاستحالة المعنى الأصلى عليه تعالى أى أنا المتصف بهذه الصفة

(قوله وهى الرحم) بكسر ففتح والمراد بها القرابة كما تقدم. وفي رواية الترمذى أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم، وهي واضحة بخلاف رواية المصنف فإن الضمير فيها لم يذكر مرجعه

(قوله شققت لها الخ) أى جعلت لها اسما مأخوذا من اسمى الرحمن والمراد أنها أثر من آثار رحمة الرحمن

(قوله من وصلها وصلته الخ) أى من أحسن إلى قرابته وتعطف عليهم وراعى حقوقهم رحمته وأحسنت إليه وأكرمته في الدارين ومن ترك الإحسان إلى أقاربه قطعته عن رحمتى وأبعدته عن إحسانى الخاص. والقطيعة تتحق بترك الإحسان وإن لم ينضم إليها إساءة لأن الأحاديث آمرة بالصلة ناهية عن القطيعة والصلة نوع من الإحسان والقطيعة ضدها ولا واسطة بينهما

(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في صلة الرحم لما يترتب عليها من رحمة الله تعالى للواصل وإكرامه له بأنواع الإحسان. وعلى التنفير من ترك الإحسان إلى القريب وهجره لما يترتب على ذلك من غضب الله تعالى على القاطع وتعذيبه عذابا شديدا. وعلى صحوة القول بالاشتقاق في الأسماء العربية والرد على من أنكر ذلك وادعى أن الأسماء كلها موضوعة. وعلى أن اسمه تعالى الرحمن عربي مأخوذ من الرحمة خلافا لمن زعم أنه عبري

(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والبخارى في الأدب والحاكم والترمذي بلفظ أتم عن أبي سلمة قال: اشتكى أبو الرداد الليثي فعاده عبد الرحمن بن عوف فقال خيرهم وأوصلهم ما علمت أبا محمد فقال عبد الرحمن سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول قال الله تعالى أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمى الحديث. وقال حديث صحيح. وفي تصحيحه نظر فقد قال ابن المدينى وأحمد وابن معين وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وأبو داود حديث أبي سلمة عن أبيه (يعني عبد الرحمن بن عوف) مرسل قال أحمد مات أبوه وهو صغير. وقال أبو حاتم لا يصح عندى وصرح الباقون بكونه لم يسمع منه وقال ابن عبد البر لم يسمع من أبيه أفاده في تهذيب التهذيب، فالحديث منقطع لكن يقويه أنه روي من عدة طرق موصولا كما يأتى

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِىُّ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ الرَّدَّادَ اللَّيْثِىَّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ

ص: 12

صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ.

(ش)(رجال الحديث)(عبد الرزاق) بن همام. و (معمر) بن راشد. و (الردّاد) الحجازى والمشهور أبو الرداد، روى عن عبد الرحمن بن عوف، وعنه أبو سلمة بن عبد الرحمن. ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب مقبول من الثانية. روى له البخارى في الأدب وأبو داود

(قوله بمعناه) أى بمعنى حديث سفيان بن عيينة المتقدم. ولفظه كما نقله الحافظ في تهذيب التهذيب عن المصنف أن عبد الرحمن بن عوف سمع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول قال الله أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم الحديث، ولعل الحافظ اطلع على نسخة للمؤلف فيها لفظ الحديث، وهذه الرواية أشار إليها الترمذى بقوله وروى معمر هذا الحديث عن الزهرى عن أبي سلمة عن ردّاد الليثي عن عبد الرحمن بن عوف ومعمر كذا يقول قال محمد (يعني البخاري) وحديث معمر خطأ اهـ وكذا قال أبو حاتم الرازي إن المعروف أبو سلمة عن عبد الرحمن وأما أبو الردّاد الليثي فإن له في القصة ذكرا اهـ يعنى لا على أنه راو عن عبد الرحمن كما تقدم في رواية الترمذي، وقال ابن حبان رداد الليثي يروي عن ابن عوف وذكر الحديث من طريق معمر عن الزهرى عن أبي سلمة عن رداد عن عبد الرحمن قال وما أحسب معمرا حفظه روى هذا الخبر أصحاب الزهرى عن أبي سلمة عن ابن عوف اهـ أقول لكن يقوى رواية معمر ما رواه البخارى في الأدب المفرد من حديث محمد بن أبي عتيق عن الزهرى عن أبي سلمة عن أبي الردّاد الليثي الخ ذكره الحافظ في تهذيب التهذيب وقال تابعه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري كذلك وهو الصواب اهـ ويؤيد ذلك أيضا ما تقدم من أن أبا سلمة لم يسمع من أبيه فعلم من رواية معمر أن الواسطة ردّاد

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ

(ش)(قوله يبلغ به النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) أي يرفع الحديث إليه

(قوله لا يدخل الجنة قاطع) أي قاطع رحم كما صرح به في رواية البخارى في الأدب المفرد وفي رواية لمسلم من طريق مالك عن الزهرى، وأخرجه مسلم والترمذى من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري وقال سفيان يعني قاطع رحم فأدرج فيه التفسير، وهو محمول على من يستحل قطع الرحم بلا سبب ولا شبهة مع علمه بتحريم ذلك فإنه يكون كافرا حينئذ يخلد في النار والعياذ بالله تعالى وإلا فمرتكب الإثم لا يحرم من دخول الجنة، أو يحمل على أنه لا يدخلها مع السابقين

ص: 13

فيعاقب بتأخيره القدر الذى يستحقه

(فقه الحديث) دل الحديث على التحذير والترهيب من قطيعة الرحم. وعلى عظم عقوبة مرتكب ذلك

(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والبخاري ومسلم والترمذي

(ص) حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو وَفِطْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ سُفْيَانُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُلَيْمَانُ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَهُ فِطْرٌ وَالْحَسَنُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ هُوَ الَّذِى إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا.

(ش)(رجال الحديث)(ابن كثير) محمد. و (سفيان) الثوري. و (الحسن بن عمرو) التميمي الكوفي. روى عن مجاهد والحكم بن عتيبة وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وجماعة وعنه سفيان الثورى وابن المبارك وحفص بن غياث وعبد الواحد بن زياد وغيرهم. وثقه أحمد والنسائي وابن معين والعجلى وابن المدينى وقال في التقريب ثقة ثبت من السادسة. مات سنة اثنتين وأربعين ومائة، روي له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه. و (فطر) بن خليفة. و (مجاهد) بن جبر

(قوله ولم يرفعه سليمان الخ) أى لم يرفع الحديث سليمان بن مهران الأعمش الذى هو أحد مشايخ سفيان ورفعه فطر والحسن شيخاه الآخران. قال في الفتح وهذا هو المحفوظ عن الثورى، وأخرجه الإسماعيلى من رواية محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثورى عن الحسن بن عمرو وحده مرفوعا، ومن رواية مؤمل بن إسماعيل عن الثورى وعن الحسن بن عمرو موقوفا وعن الأعمش مرفوعا، وتابعه أبو قرة موسى بن طارق عن الثورى على رفع رواية الأعمش، وخالفه عبد الرزاق عن الثورى فرفع رواية الحسن بن عمرو وهو المعتمد ولم يختلفوا في أن رواية فطر بن خليفة مرفوعة

(المعنى)

(قوله ليس الواصل بالمكافئ الخ) أى ليس الواصل للرحم الذى يعطى لقريبه نظير ما أخذه منه لكن الواصل لرحمه هو الذى إذا قطعته قرابته من إحسانها وصلها. وهذا على أن قطعت مبنى الفاعل كما هو أكثر الروايات. أما على أنه مبنى للمفعول كما في بعض الروايات فالمعنى عليه أن الواصل هو الذى يحسن إلى قريبه عند احتياجه وعجزه عن المكافأة. وقال عمر ليس الوصل أن تصل من وصلك ذلك القصاص لكن الوصل أن تصل من قطعك أخرجه

ص: 14

عبد الرزاق موقوفا على عمر. والحديث محمول على الكمال في الوصل فلا ينافي أن المكافئ قد أتى بأصل الوصل، والقاطع من ترك الوصل فالناس في هذا ثلاث درجات واصل ومكافئ وقاطع، فالواصل من يتفضل على قرابته ولا يتفضلون عليه، والمكافئ الذى لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ، والقاطع الذى يتفضل عليه ولا يتفضل على غيره، وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين تقع بالمقاطعة من الجانبين، فمن بدأ فهو القاطع ومن جازاه سمى مكافئا

(فقه الحديث) دل الحديث على الترغيب في الإحسان إلى من أساء. وعلى أن المكافئ في الإحسان لم يبلغ درجة الكمال في صلة الرحم (والحديث) أخرجه أيضا البخاري والترمذي (وقد ورد) في صلة الرحم أحاديث أخر غير أحاديث الباب (منها) ما رواه البخارى ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه. الحديث (ومنها) ما رواه البزار والحاكم بإسناد جيد عن على بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: من سره أن يمدّ له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه (ومنها) ما رواه أبو يعلى بإسناد جيد عن رجل من خثعم قال أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو في نفر من أصحابه فقلت أنت الذى تزعم أنك رسول الله؟ قال نعم قال قلت يا رسول الله أى الأعمال أحب إلى الله؟ قال الإيمان بالله، قال قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال ثم صلة الرحم، قال قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال ثم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، قال قلت يا رسول الله أى الأعمال أبغض إلى الله؟ قال الإشراك بالله، قال قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال ثم قطيعة الرحم، قال قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال ثم الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف (ومنها) ما رواه البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلنى وصله الله ومن قطعنى قطعه الله (ومنها) ما رواه الطبرانى في الأوسط عن الحارث الأعور عن على رضى الله عنه قال قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ألا أدلك على أكرم أخلاق الدنيا والآخرة؟ أن تصل من قطعك وتعطى من حرمك وأن تعفو عمن ظلمك (ومنها) ما رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث صحيح والحاكم وقال صحيح الإسناد عن أبي بكرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغى وقطيعة الرحم (ومنها) ما رواه البيهقي والبزار واللفظ له عن ابن عمر رضى الله عنهما رفعه قال: الطابع معلق بقائمة العرش فإذا اشتكت الرحم وعمل بالمعاصى واجترئ على الله بعث الله الطابع فيطبع على قلبه فلا يعقل بعد ذلك شيئا (ومنها) ما رواه أحمد ورواته ثقات

ص: 15