الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المعنى)
(قوله وهم مكبون عليه) أى مجتمعون عليه للتعلم جمع مكب اسم فاعل كب من باب قتل يقال كببت الإناء كبا قلبته على رأسه وفى نسخة "وهو مكثور عليه" وهى رواية مسلم والبيهقي أى تكاثر الناس عليه. وفى أخرى "وهو مكبوب عليه"
(قوله حتى بلغ منزلا من المنازل) لعله عسفان أو كراع الغميم أو الكديد كما مر
(قوله إنكم تصبحون عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا) حتم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الفطر فى المرة الثانية لتحقق لقاء العدو، فتكون عندهم القوة على جهاده ورغبهم فى المرة الأولى لعدم تحقق ملاقاته (وظاهر الحديث) يدل على أن الصوم فى السفر أفضل من الإفطار لأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ومن معه من الصحابة كانوا صائمين ولم يفطروا إلا عند الحاجة
(الفقه) دل الحديث على مزيد رأفته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالأمة. وعلى أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وعلى أن الفطر فى السفر لا يحتم إلا عند الضرورة
(والحديث) أخرجه أيضا مسلم والبخارى والبيهقى بالسند إلى قزعة قال: أتيت أبا سعيد وهو مكثور عليه، فلما افترق الناس عنه قلت: إني لا أسألك عما سألك هؤلاء. أسألك عن الصوم فى السفر فقال: سافرنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى مكة ونحن صيام فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم. فكانت رخصة. منا من صام ومنا من أفطر ثم نزلنا، منزلا آخر فقال: إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت عزمة، فأفطرنا ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد ذلك فى السفر
باب من اختار الفطر
وفي نسخة "باب اختيار الفطر" أى تفضيل الفطر على الصوم لمن أجهده الصوم فى السفر
(ص) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِىُّ نَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِى ابْنَ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يُظَلَّلُ عَلَيْهِ وَالزِّحَامُ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِى السَّفَرِ.
(ش)(محمد بن عبد الرحمن) بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد
(قوله رأى رجلا يظلل عليه الخ) أى من الشمس. ولم نقف على اسم هذا الرجل "وما قيل" من أنه أبو إسراءيل القرشى العامرى "فغير مسلم" لأن قصة حديث جابر كانت فى السفر وقصة أبى إسراءيل
كانت فى الحضر كما ذكره الخطيب فى المبهمات بسنده إلى أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب يوم الجمعة فنظر إلى رجل من قريش يقال له أبو إسراءيل فقالوا نذر أن يصوم ويقوم فى الشمس ولا يتكلم ولا يجلس فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليقعد وليتكلم وليستظل وليفطر
(قوله ليس من البر الصيام فى السفر) قال ذلك صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما رأى الرجل ساقطا مظللا عليه لضعفه من الصيام كما جاء ذلك مبينا فى رواية الطبرى عن كعب بن عاصم الأشعرى قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ونحن فى حرّ شديد، فإذا رجل من القوم قد دخل تحت ظل شجرة وهو مضطجع كضجعة الْوَجِعِ، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ما لصاحبكم أى وجع به؟ فقالوا ليس به وجع، ولكنه صائم وقد اشتد عليه الحر. فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس من البر أن تصوموا فى السفر، عليكم برخصة الله التى رخص لكم (وتمسك بظاهر هذا الحديث) بعض الظاهرية والشيعة. وقالوا إذا لم يكن من البر فهو من الإثم، فدل على أن صوم رمضان لا يجزئ فى السفر. وحكى هذا عن أبى هريرة وعمر وابن عمر والزهرى. وروى عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: الصوم فى السفر كالفطر فى الحضر، واستدلوا أيضا بما رواه مسلم والطحاوى عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فى رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال أولئك العصاة أولئك العصاة. وبما رواه البخارى ومسلم عن أنس قال: كنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى سفر أكثرنا ظلا صاحب الكساء، فمنا من يتقى الشمس بيده فسقط الصوّام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذهب المفطرون اليوم بالأجر. واستدلوا بقوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي فعليه عدّة من أيام أخر وقال الجمهور إن تقدير الآية فأفطر {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وحكى الطبرى عن قوم أن الفطر لا يجوز للمسافر إلا إذا خاف على نفسه الهلاك أو المشقة الشديدة. وقال أحمد والأوزاعى وإسحاق يجوز الصوم. والفطر أفضل عملا بالرخصة. يعنون بها فطره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم السفر كما فى الأحاديث المذكورة (وذهب جمهور العلماء) ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعى إلى أن الصوم أفضل لمن قوى عليه وهو الراجح (وأجاب الخطابى) عن حديث الباب بأنه خرج على سبب فهو مقصور على من كان فى مثل حال من سبق له كأنه قال ليس من البر أن يصوم المسافر إذا كان الصوم يؤديه إلى مثل هذه الحال بدليل صيام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى سفره عام الفتح ولتخييره فى
حديث حمزة الأسلمى بين الصوم والإفطار. ولو لم يكن الصوم برّا لم يخيره فيه اهـ بتصرف وحمل الشافعى نفى البر فيه على من أبى قبول الرخصة فقال: معنى قوله ليس من البر أن يبلغ رجل هذا بنفسه فى فريضة صوم ولا نافلة، وقد أرخص الله له أن يفطر وهو صحيح. ويحتمل أن يكون معناه: ليس من البر المفروض الذى من خالفه أثم. وقال الطحاوى المراد بالبر هنا البر الكامل، وليس المراد به إخراج الصوم فى السفر عن أن يكون برّا، لأن الإفطار قد يكون أبر من الصوم إذا كان للتقوى على لقاء العدو مثلا اهـ "وأما" قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى شأن من صام فى السفر: أولئك العصاة "فإنما كان "لمخالفتهم أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لهم بالفطر لضرورة القتال "وقوله" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ذهب المفطرون اليوم بالأجر. أى على ما قاموا به من خدمة الصائمين "إنما قاله" ترغيبا فى التعاون على البر فلا ينافى أن الصائمين لهم أجر صيامهم. وإلا لأمرهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذ ذاك بالفطر" لأنه لا يقر منكرا "وأما آية {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} الخ "فتقدم" أن تقديره فأفطر فعليه عدة من أيام أخر، بدليل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه صاموا فى رمضان فى السفر. وليس المراد أن كلا من المريض والمسافر إذا صام لا يجزئه الصوم ويلزم بعدة من أيام أخر كما لا يخفى (والحديث) أخرجه أيضا البخارى ومسلم والدارمى والبيهقى بألفاظ متقاربة. وأخرجه النسائى من طريق يحيى بن أبى كثير قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن أخبرنى جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرّ برجل إلى ظل شجرة يرش عليه الماء قال: ما بال صاحبكم هذا؟ قالوا يا رسول الله صائم. قال: ليس من البر أن تصوموا فى السفر، وعليكم برخصة الله التى رخص لكم فاقبلوها. وأخرج الطحاوى نحوه. وأخرجه أيضا عن ابن عمر
(ص) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ نَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِىُّ نَا ابْنُ سَوَادَةَ الْقُشَيْرِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "رَجُلٍ مِنْ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ إِخْوَةِ بَنِى قُشَيْرٍ" قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَيْتُ أَوْ قَالَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ: اجْلِسْ فَأَصِبْ مِنْ طَعَامِنَا هَذَا. فَقُلْتُ إِنِّى صَائِمٌ. قَالَ اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّلَاةِ وَعَنِ الصِّيَامِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ أَوْ نِصْفَ الصَّلَاةِ. وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَعَنِ الْمُرْضِعِ أَوِ الْحُبْلَى. وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَهُمَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدَهُمَا
فَتَلَهَّفَتْ نَفْسِى أَنْ لَا أَكُونَ أَكَلْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
(ش)(الرجال)(وأبو هلال الراسبى) محمد بن سليم مولى بنى سامة. روى عن الحسن البصرى وحميد بن هلال وابن أبى مليكة وقتادة وجماعة. وعنه ابن مهدى ووكيع وزيد بن الحباب ومؤمل بن إسماعيل وطائفة. وثقه أبو داود وقال النسائى ليس بالقوى وضعفه ابن سعد وقال أحمد مضطرب الحديث وقال ابن عدى له أحاديث عامتها غير محفوظة وفى بعض رواياته ما لا يوافقه عليه الثقات وهو ممن يكتب حديثه. وفى التقريب صدوق فيه لين من السادسة. توفى سنة تسع وستين ومائة. روى له أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه والبخارى فى التاريخ. و (ابن سوادة) عبد الله بن سوادة بن حنظلة. تقدم بصفحة 67. و (أنس بن مالك) أبو أمية أو أبو أميمة (رجل من بنى عبد الله الخ) هذا هو الصواب كما جزم به البخارى، فهو كعبى فقط لا قشيرى. ومن قال إنه قشيرى فقد أخطأ. لأن قشيرا ابن كعب ولكعب ابن اسمه عبد الله فهو من إخوة قشير لا من قشير نفسه. وفى ابن ماجه عن أنس رجل من بنى عبد الأشهل. وهو. غلط لما علمت من أنه من بنى كعب. وأنس هذا غير أنس خادم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حديث الباب فقط. وعنه أبو قلابة وعبد الله بن سوادة. روى له أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجه
(المعنى)
(قوله أغارت علينا خيل لرسول الله) أى نزلت علينا فرسان بسرعة لنهب أموالنا. ولعلهم أغاروا عليهم لاعتقادهم أنهم كفار
(قوله فانطلقت إلى رسول الله) وفى رواية أحمد قال: أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى إبل لجار لى أخذت. وفى النسائى قال أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى إبل كانت لى أخذت
(قوله إن الله تعالى وضع شطر الصلاة الخ) أى أسقط نصف الصلاة الرباعية عن المسافر ولا قضاء عليه، وأسقط الصوم عنه، وعليه القضاء لقوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} وأسقط الصوم من المرضع أو الحبلى بحرف الشك أو التنويع كما فى الترمذى. ولفظه "إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل أو المرضع الصوم" وفى رواية أحمد: إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام
(قوله والله لقد قالها جميعا أو أحدهما) أى قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إن الله تعالى أسقط الصوم عن المسافر والمرضع والحبلى، أو قال: أسقطه عن المسافر وعن المرضع، أو عن المسافر والحبلى. قال الخطابى: قد يجمع نظم الكلام أشياء منسوقه فى الذكر مفترقة فى الحكم، وذلك أن الشطر الموضوع من الصلاة يسقط لا إلى قضاء، والصوم يسقط فى السفر ترخيصا للمسافر ثم يلزمه القضاء إذا أقام. والحامل