المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المعتكف يدخل البيت لحاجته - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١٠

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌باب في صلة الرحم

- ‌باب في الشح

- ‌ التحذير من البخل

- ‌كتاب الصيام

- ‌حكمة مشروعيته

- ‌باب مبدأ فرض الصيام

- ‌باب نسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌باب من قال هي مثبتة للشيخ والحبلى

- ‌باب الشهر يكون تسعا وعشرين

- ‌باب إذا أغمى الشهر

- ‌باب من قال فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين

- ‌باب فى التقدم

- ‌باب إذا رؤى الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة

- ‌باب كراهية صوم يوم الشك

- ‌باب فيمن يصل شعبان برمضان

- ‌باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال

- ‌باب في توكيد السحور

- ‌باب من سمى السحور الغداء

- ‌ الترغيب فى السحور

- ‌باب وقت السحور

- ‌باب الرجل يسمع النداء والإناء على يده

- ‌باب وقت فطر الصائم

- ‌باب ما يستحب من تعجيل الفطر

- ‌الحكمة في ذلك

- ‌باب ما يفطر عليه

- ‌الحكمة فى الإفطار على التمر

- ‌باب القول عند الإفطار

- ‌باب الفطر قبل غروب الشمس

- ‌باب في الوصال

- ‌باب الغيبة للصائم

- ‌باب السواك للصائم

- ‌باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ فى الاستنشاق

- ‌باب فى الصائم يحتجم

- ‌باب فى الصائم يحتلم نهارا فى رمضان

- ‌باب فى الكحل عند النوم للصائم

- ‌باب القبلة للصائم

- ‌باب الصائم يبلع الريق

- ‌باب فيمن أصبح جنبا فى شهر رمضان

- ‌باب كفارة من أتى أهله فى رمضان

- ‌باب التغليظ فيمن أفطر عمدا

- ‌باب من أكل ناسيا

- ‌باب تأخير قضاء رمضان

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌باب من اختار الفطر

- ‌باب فيمن اختار الصيام

- ‌باب متى يفطر المسافر إذا خرج

- ‌باب قدر مسيرة ما يفطر فيه

- ‌باب من يقول صمت رمضان كله

- ‌باب فى صوم العيدين

- ‌باب صيام أيام التشريق

- ‌باب النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم

- ‌باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم

- ‌باب في صوم الدهر

- ‌باب فى صوم أشهر الحرم

- ‌باب في صوم المحرم

- ‌باب صوم رجب

- ‌باب فى صوم شعبان

- ‌باب في صوم ستة أيام من شوال

- ‌باب كيف كان يصوم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

- ‌باب فى صوم الاثنين والخميس

- ‌باب في فطر العشر

- ‌باب في صوم عرفة بعرفة

- ‌باب في صوم يوم عاشوراء

- ‌باب ما روى أن عاشوراء اليوم التاسع

- ‌باب فى صوم يوم وفطر يوم

- ‌باب فى صوم الثلاث من كل شهر

- ‌باب من قال الاثنين والخميس

- ‌باب من قال لا يبالى من أي الشهر

- ‌باب النية فى الصيام

- ‌باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها

- ‌باب فى الصائم يدعى إلى وليمة

- ‌باب ما يقول الصائم إذا دعى إلى تناول الطعام

- ‌باب الاعتكاف

- ‌باب أين يكون الاعتكاف

- ‌باب المعتكف يدخل البيت لحاجته

- ‌باب المعتكف يعود المريض

- ‌باب المستحاضة تعتكف

- ‌ كتاب المناسك

- ‌(باب فرض الحج)

- ‌ باب فى المرأة تحج بغير محرم

- ‌ باب لا صرورة فى الإسلام

- ‌ باب التزود فى الحج

- ‌ التوكل المحمود

- ‌ باب التجارة فى الحج

- ‌ باب الكرى

- ‌ باب الصبى يحج

- ‌ باب المواقيت

- ‌[خاتمة المُعتني بالكتاب]

الفصل: ‌باب المعتكف يدخل البيت لحاجته

(ص) حَدَّثَنَا هَنَّادٌ عَنْ أَبِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ كُلَّ رَمَضَانَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا.

(ش) مناسبته للترجمة باعتبار ما علم من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما كان يعتكف إلا فى المسجد. وإلا فهو غير مناسب للترجمة، ولذا ذكره البيهقى تحت "باب الاعتكاف" وذكره البخارى فى "باب الاعتكاف العشر الأوسط من رمضان"(هناد) بن السرى. و (أبو بكر) ابن عياش. و (أبو حصين) بفتح الحاء المهملة عثمان بن عاصم. و (أبو صالح) ذكوان السمان

(قوله فلما كان العام الذى قبض فيه اعتكف عشرين يوما) لعل السبب أن جبريل كان يدارسه القرآن فى كل عام مرة، وفى العام الذى قبض فيه دارسه مرتين، أو لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم انقضاء حياته، فأراد أن يستكثر من الخير تعليما للأمة فيجتهدون فى العمل إذا بلغوا أقصى العمر ليلقوا الله عز وجل على خير أحوالهم. وقال ابن العربى: يحتمل أن يكون سبب ذلك أنه لما ترك الاعتكاف فى العشر الأخير من رمضان بسبب ما وقع من أزواجه واعتكف بدله عشرا من شوال اعتكف فى العام الذى يليه عشرين ليتحقق قضاء العشر فى رمضان اهـ. ويحتمل أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم سافر عاما فلم يعتكف فاعتكف فى العام الذى يليه، لما أخرجه النسائى وابن حبان وصححه من حديث أبى بن كعب أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين

(والحديث) أخرجه أيضا البخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه والدارمى والبيهقى

‌باب المعتكف يدخل البيت لحاجته

وفى نسخة يدخل البيت للحاجة

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِى إِلَىَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَاّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ.

ص: 239

(ش)(عروة) بن الزبير

(قوله يدنى إلى رأسه) أى يخرج رأسه من المسجد ويقربه إلىّ لأرجله وأسرحه، ففى رواية ابن ماجه كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدنى إلىّ رأسه وهو مجاور فأغسله وأرجله وأنا فى حجرتى وأنا حائض وهو فى المسجد

(قوله إلا لحاجة الإنسان) تعنى البول والغائط كما فسره الزهرى بهما. والإجماع على استثنائهما. ويلحق بهما القئ والحجامة إن احتاج إليها. واختلف فى الخروج للطعام والشراب فذهبت المالكية إلى أنه لا يخرج من المسجد لتعاطى شيء منهما. ويجوز له الخروج لشرائهما إن احتاج. قالوا ولا يقف مع أحد بعد قضاء حاجته فإن فعل بطل اعتكافه. ويكره له أن يعتكف غير مستوف لما يحتاج إليه. وبهذا قالت الحنابلة قالوا: ويضع سفرة يسقط عليها ما يقع منه لئلا يلوث المسجد ويغسل يده فى الطست ليفرغ خارج المسجد. ولا يجوز أن يخرج لغسل يده، لأن ذلك ميسور له فى المسجد. ولا يكره تجديد الطهارة فيه، فقد قال أبو العالية حدثنى من كان يخدم النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أنا حفظت لكم منه أنه كان يتوضأ فى المسجد. وعن ابن عمر أنه قال كان يتوضأ فى المسجد الحرام على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الرجال والنساء. وعن ابن سيرين كان أبو بكر وعمر والخلفاء يتوضئون فى المسجد. وروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس وطاوس وابن جريج. وفى رواية عن أحمد يكره تجديد الوضوء فى المسجد لأنه لا يسلم من أن يبصق أو يتمخط فيه. والبصاق فى المسجد خطيئة. أما إذا كان الوضوء عن حدث لم يبطل الاعتكاف بالخروج إليه سواء أكان فى وقت الصلاة أم قبلها اهـ من المغنى. وقالت الحنفية يحرم على المعتكف اعتكافا واجبا أو مؤكدا الخروج من معتكفه ليلا أو نهارا إلا لحاجة شرعية أو طبيعية أو ضرورية. فالشرعية كصلاة جمعة وعيد فيخرج فى وقت يمكنه إدراكها ويصلى سنتها البعدية: أربعا عند الإمام وستا عند الصاحبين. ولو أتم اعتكافه فى مسجد الجمعة صح مع الكراهة التنزيهية لمخالفته ما التزمه بلا ضرورة. والطبيعية كالطهارة ومقدماتها والضرورية كانهدام المسجد وإخراج غارم له كرها وخوفا على نفسه أو ماله من ظالم (وأما) أكله وشربه ونومه فلا يكون إلا فى المسجد، فلو خرج لشيء منها بطل اعتكافه لأنه خروج بلا ضرورة "وما قيل" من أنه يخرج بعد الغروب للأكل "محمول" على ما إذا لم يجد من يقوم له به فحينئذ يكون الخروج لضرورة قالوا ولا بأس بأن يعقد فى المسجد أى عقد احتاج إليه حاجة أصلية كالزواج والبيع والشراء فيه من غير أن يحضر السلعة لأنه قد يحتاج إلى ذلك بأن لا يجد من يقوم بحاجته. ويكره ذلك لغير المعتكف ولو بلا إحضار السلعة، لحديث عبد الله بن عمرو أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الشراء والبيع فى المسجد وأن ينشد فيه ضالة أو ينشد فيه شعر ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة. رواه الأربعة وحسنه الترمذى. وقالت الشافعية يجوز للمعتكف

ص: 240

أن يخرج للأكل في بيته وأن يأكل في المسجد. أما الخروج للشرب فإن وجد من يسقيه فلا يجوز له أن يخرج على أصح القولين، وإن لم يجد يخرج من غير خلاف (قال الخطابي) فيه بيان أن المعتكف لا يدخل بيته إلا لغائط أو بول، فإن دخله لغيرهما من طعام وشراب، فسد اعتكافه وقد اختلف في ذلك. فقال أبو ثور لا يخرج إلا لحاجة الوضوء الذي لا بد منه. وقال إسحاق بن راهويه لا يخرج إلا لغائط أو بول، وله أن يخرج في التطوع لعيادة مريض وشهود جنازة إن اشترطه في بدء الاعتكاف. وقال أصحاب الرأي لا يخرج إلا للجمعة والغائط والبول. ولا يخرج لعيادة مريض وشهود جنازة. وبه قال مالك والشافعي وعطاء ومجاهد. وعن على وسعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي أن يجوز الخروج لهما اهـ ملخصا ويأتي مزيد لهذا بعد

(والحديث) أخرجه أيضا مالك في الموطإ ومسلم بعنعنة عروة عن عمرة. ورواه الترمذي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة وعمرة برواية ابن شهاب عنهما جميعا. وقال حديث حسن صحيح

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَا نَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ.

(ش)(قوله نحوه) أي نحو حديث مالك عن ابن شهاب إلا أن حديث الليث فيه أن ابن شهاب روى عن عروة وعمرة جميعا (وغرضه) بسوق هذا بيان الاختلاف في سند الحديث. فرواه مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة مبينا أن شيخه عروة فقط. ورواه الليث عنه مبينا أن شيخه عروة وعمرة معا. ولا تنافي بينهما لاحتمال أنه رواه مرة عن عروة فقط ومرة عنهما معا (وحديث) الليث أخرجه مسلم وابن ماجه والبيهقي عن عائشة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قالت: إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة. وإن كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليدخل عليّ رأسه وهو في المسجد فارجله. وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا. وأخرجه البخاري عن عائشة قالت: إن كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليدخل عليّ رأسه وهو في المسجد فأرجله. وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَلَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ مَالِكًا عَلَى عُرْوَةَ عَنْ عَمْرَةَ

(ش) أي أنّ يونس بن يزيد. روى هذا الحديث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن

ص: 241

عائشة كما رواه الليث بن سعد عن ابن شهاب

(قوله ولم يتابع أحد مالكا الخ) أى لم يوافق أحد مالكا فى قوله "عن عروة عن عمرة عن عائشة" وغرض المصنف بهذا تضعيف ما قاله مالك. لكن قال فى الفتح: وذكر البخارى أن عبيد الله بن عمر تابع مالكا. وذكر الدارقطنى أن أبا أويس رواه كذلك عن الزهرى. واتفقوا على أنّ الصواب قول الليث. وقد رواه بعضهم عن مالك فوافق الليث اهـ يعنى عن عروة وعمرة عن عائشة. ويؤيد هذا رواية الترمذى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة وعمرة وقال: هكذا روى غير واحد عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة. والصحيح عن عروة وعمرة عن عائشة اهـ فتحصل من هذا أن ما أشار إليه المصنف من تضعيف ما قاله مالك هو الأولى، وإن تابع مالكا عبيد الله وأبو أويس

(ص) وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.

(ش) أى روى الحديث معمر بن راشد وزياد بن سعد وآخرون بإسقاط عمرة من السند (ورواية معمر) أخرجها البخارى والنسائى عنه عن الزهرى عن عروة عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت ترجل رأس رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهي حائض وهو معتكف فيناولها رأسه وهي فى حجرتها. والحاصل أن المصنف ذكر للحديث طرقا ثلاثة "أحدها" طريق مالك عن ابن شهاب بزيادة عمرة بين عروة وعائشة "ثانيها" طريق يونس والليث عن الزهرى بجعل عروة وعمرة شيخين للزهرى. وهذاهو الصواب كما علمت "ثالثها" طريق معمر وزياد بن سعد عن الزهرى عن عروة عن عائشة بإسقاط عمرة

(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ مُعْتَكِفًا فِى الْمَسْجِدِ فَيُنَاوِلُنِى رَأْسَهُ مِنْ خَلَلِ الْحُجْرَةِ فَأَغْسِلُ رَأْسَهُ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ "فَأُرَجِّلُهُ" وَأَنَا حَائِضٌ.

(ش)(قوله من خلل الحجرة) الخلل بفتحتين جمعه خلال مثل جبل وجبال، الفرجة بين الشيئين. والمراد بهاهذا باب الحجرة. ففى رواية أحمد والنسائي: كان يأتيني وهو معتكف فى المسجد فيتكئ على باب حجرتى فأغسل رأسه وسائره فى المسجد (وقوله وقال مسدد فأرجله الخ) أى قال فى روايته فيناولنى رأسه من خلل الحجرة فأرجله أى أسرحه "وقوله" وأنا حائض مذكور فى كل من رواية سليمان ومسدد (وفى الحديث) دلالة على أن للمعتكف أن يلازم المسجد. وعلى أنه إذا أخرج بعض بدنه من المسجد لا يضر. وعلى أنه يجوز له أن يغسل رأسه ويسرحه.

ص: 242

ويلحق بذلك حلق الرأس ونتف الإبط وتقليم الأظافر وتنظيف البدن. قال الخطابى: وفيه أن بدن الحائض طاهر وأن من حلف لا يدخل بيتا فأدخل رأسه فيه وسائر بدنه خارج لم يحنث اهـ

(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والبخارى ومسلم. وأخرجه الترمذى والنسائي وابن ماجه بألفاظ متقاربة. وأخرجه البيهقي من طريق إبراهيم النخعى عن الأسود عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف فأغسله وأنا حائض

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّويَةَ الْمَرْوَزِىُّ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِى لِيَقْلِبَنِى وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِى دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ. قَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ. فَخَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا شَيْئًا، أَوْ قَالَ شَرًّا.

(ش)(عبد الرزاق) بن همام. و (معمر) بن راشد

(قوله فأتيته أزوره ليلا) ظاهره أنها أتت وحدها. وفى رواية للبخارى من طريق معمر كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى المسجد وعنده أزواجه فرحن "أى انصرفن إلى بيوتهن" فقال لصفية بنت حيى لا تعجلي حتى أنصرف معك

(قوله فحدّثته) وفى رواية البخارى من طريق شعيب أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تزوره فى اعتكافه فى المسجد فى العشر الأواخر من رمضان فتحدّثت عنده ساعة

(قوله فانقلبت فقام معى ليقلبنى) بفتح الياء وسكون القاف، أى رجعت إلى بيتي فقام صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معى ليردنى إلى بيتي كما يشعر بذلك رواية البخارى المذكورة، وكما صرح به فى رواية عبد الرزاق من طريق مروان ابن سعيد بن المعلى أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان معتكفا فى المسجد فاجتمع إليه نساؤه ثم تفرّقن. فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لصفية: أقلبك إلى بيتك فذهب

ص: 243

معها حتى أدخلها بيتها. وكان بيتها فى دار أسامة كما ذكره المصنف، أى الدار التى صارت لأسامة ابن زيد، لأنّ أسامة لم يكن له دار مستقلة وقتئذ. ولعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خص صفية بذلك لأنها جاءت متأخرة عن رفقتها فأخرها ليحصل لها التساوى فى مدّة جلوسهن عنده، أو لأنّ بيوت رفقتها كانت أقرب إلى المسجد من منزلها فخرج صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معها

(قوله فمرّ رجلان من الأنصار) قيل هما أسيد بن حضير وعباد بن بشر. وفى رواية للبخارى من طريق سفيان بن عيينة فأبصره رجل من الأنصار. قال ابن التين ولعل سفيان وهم، لأنّ أكثر الروايات على التثنية، ويحتمل أن أحدهما كان تبعا للآخر فلم يعول عليه، أو أن الراوى شك فى الرواية فمرة قال مر رجلان وأخرى مر رجل. وعلى فرض صحة رواية الإفراد يحمل على تعدد القصة

(قوله فلما رأيا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أسرعا) وفى رواية للبخارى فنظرا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم أجازا "أى مضيا فى طريقهما". وفى رواية لابن حبان فلما رأياه استحييا فرجعا

(قوله على رسلكما) بكسر الراء وفتحها أى امشيا على هيئتكما التي كنتما عليها ولا تسرعا

(قوله قالا سبحان الله يا رسول الله) أى تنزيها لله تعالى عن أن يكون رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم متهما بما لا ينبغى، أو هو كناية عن التعجب من قوله صلى الله تعالى على وعلى آله وسلم لهما إنها صفية. وفى رواية للبخارى فكبر ذلك عليهما. وفى رواية له أيضا عن هشيم فقالا يا رسول الله وهل نظن بك إلا خيرا؟

(قوله إن الشيطان يجرى من الإنسان مجرى الدم الخ) قيل هو على ظاهره وأن الله عز وجل أقدره على ذلك، ويحتمل أن يكون على سبيل التشبيه لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه، وقوله فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا، أي ما ظننت بكما شرا لكن خفت أن يوسوس لكما الشيطان ما تهلكان به. وفى الفتح وفى رواية عبد الرحمن بن إسحاق "ما أقول لكماهذا أن تكونا تظنان شرا، ولكن قد علمت أن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم" ثم قال (والمحصل) من هذه الروايات أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم ينسبهما إلى أنهما يظنان به سوءا لما تقرّر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك، لأنهما غير معصومين فقد يفضى بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى إعلامهما حسما للقيل وتعليما لمن بعدهما إذا وقع له مثل ذلك كما قاله الشافعى رحمه الله تعالى. فقد روى الحاكم أن الشافعي كان فى مجلس ابن عيينة فسأله عن هذا الحديث فقال الشافعى: إنما قال لهما ذلك لأنه خاف عليهما الكفر إن ظنابه التهمة فبادر إلى إعلامهما نصيحة لهما قبل أن يقذف الشيطان فى نفوسهما شيئا يهلكان به اهـ

(الفقه) دل الحديث على جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والحديث مع غيره. وعلى جواز زيارة المرأة زوجها المعتكف ليلا وخلوته بها. وعلى شفقته

ص: 244

صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأمته وإرشادهم إلى ما يدفع عنهم الحرج والإثم. وعلى مشروعية التحرز من التعرض لسوء الظن والتحصن من كيد الشيطان والاعتذار (قال ابن دقيق العيد) وهذا متأكد فى حق العلماء ومن يقتدى به فليس لهم أن يفعلوا ما يوجب سوء الظن بهم وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك قد يؤدى إلى عدم الانتفاع بعلمهم، ولذا قال بعض العلماء ينبغى للحاكم أن يبين للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافيا نفيا للتهمة. وتمامه في الفتح. وفيه دليل. على مشروعية الذكر بقول "سبحان الله" عند وقوع ما يستعظم منه (وقال الخطابى) وفيه أنه خرج من المسجد معها ليبلغها منزلها. وفي هذا حجة لمن رأي أن الاعتكاف لا يفسد إذا خرج فى واجب وأنه لا يمنع المعتكف من إتيان معروف اهـ

(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والبيهقى

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ نَا أَبُو الْيَمَانِ نَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا قَالَتْ: حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ الَّذِى عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ. وَسَاقَ مَعْنَاهُ.

(ش)(أبو اليمان) الحكم بن نافع. تقدم بالثامن صفحة 72. و (شعيب) بن أبى حمزة

(قوله بإسناده الخ) أي سند الحديث وهو عن على بن الحسين عن صفية. وقالت في هذه الرواية حتى إذا كان "أى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم" عند باب المسجد الذى عند باب أم سلمة مر بهما رجلان (وغرضه) بهذا بيان المكان الذي لقيه فيه الرجلان لا بيان مكان بيت صفية

(قوله وساق معناه) أي ساق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري معنى حديث معمر عنه. ولفظه عند البخاري ومسلم والبيهقي عن على بن الحسين أن صفية زوج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تزوره فى اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدث عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وفي رواية ثم نفذا "أي أسرعا" فقال لهما النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على رسلكما إنماهي صفية بنت حيى. فقالا سبحان الله يا رسول الله وكبر عليهما. فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا اهـ قال في البذل وليس فيه ما يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خرج من المسجد لما قام يرد صفية ولذا ذكره البخاري تحت ترجمة "هل يخرج المعتكف لحوائجه إلي باب المسجد" ليدل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يخرج من المسجد بل إلى بابه فقط اهـ ولكن قوله في رواية

ص: 245