الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى أن ذلك كان لعذر لقوله تعالى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} قال الترمذى إنما معنى هذا الحديث أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان صائما متطوعا فقاء فضعف وأفطر لذلك. هكذا روى فى بعض الحديث مفسرا اهـ
(قوله فلقيت ثوبان الخ) أي قال معدان بن طلحة لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فسألته عما حدثنى به أبو الدرداء فقال صدق أبو الدرداء فيما حدثك به. وغرضه بذلك التثبت من الحديث وزيادة الاطمئنان
(قوله وأنا صببت له وضوءه) بفتح الواو أي ماه وضوئه والمراد الوضوء اللغوى الذي هو غسل الفم من القئ، أو الوضوء الشرعى. والأول أولى لقرينة النظافة. قال في المرقاة قال ميرك: احتج به أبو حنيفة وأحمد وإسحاق وابن المبارك والثورى على أن القئ ناقض للوضوء. وحمله الشافعى على غسل الفم والوجه، أو على استحباب الوضوء. وهذا أولى لأن كلام الشارع إذا أمكن حمله على المعنى الشرعى لا ينبغى العدول عنه إلى المعنى اللغوى (نعم) يتوقف الاستدلال به للنقض علي تحقق أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان متوضئا قبل القئ اهـ فلا يصلح الحديث حجة لمن قال إن القئ ناقض للوضوء. وتقدم تمام الكلام عليه في "باب الوضوء من الدم" ص 236 ج 2
(والحديث) أخرجه أيضا الترمذى والنسائى والدارمى والحاكم وابن حبان والدارقطني والبيهقى والطبرانى وابن منده وقال إسناده صحيح متصل
باب القبلة للصائم
أتفسد صومه أم لا؟
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَ لإِرْبِهِ.
(ش)(أبوه معاوية) محمد بن خازم. و (الأعمش) سليمان بن مهران. و (إبراهيم) النخعي. و (الأسود) بن يزيد. و (علقمة) بن قيس النخعى
(قوله يقبل وهو صائم) فيه دليل على أنه يجوز للصائم الذي يملك نفسه أن يقبل ولا يفسد صومه وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين وإليه ذهب الحنفيه وأحمد وإسحاق وداود. وذهب إلى كراهة التقبيل مطلقا مالك في المشهور عنه إذا علمت السلامة فإذا لم تعلم فهو حرام. وروى ابن وهب عن مالك الإباحة في النفل دون الفرض. وقال أبو حنيفة وأصحابه يكره للصائم القبلة والمباشرة غير
الفاحشة إن لم يأمن على نفسه الإنزال أو الجماع. ولا تكره إن أمن ذلك لما سيأتى فى "باب كراهيته للشاب" عن أبي هريرة أنّ رجلا سأل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له. وأتاه آخر فنهاه، فإذا الذى رخص له شيخ والذي نهاه شاب. أمّا القبلة الفاحشة وهي مص شفتيها فتكره مطلقا، وكذا المباشرة الفاحشة وهى أن يتعانقا متجردين متماسى الفرجين. وكذا فرق الشافعى والثورى والأوزاعى بين الشاب والشيخ، فأباحوا القبلة للشيخ وكرهوها للشاب. وهو المروى عن ابن عباس ورواية عن مالك. قال النووى فى شرح مسلم قال الشافعى والأصحاب القبلة فى الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها، ولا يقال إنها مكروهة له وإنما قالوا إنها خلاف الأولى في حقه مع ثبوت أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعلها لأنه كان يؤمن فى حقه مجاوزة حد القبلة ويخاف على غيره مجاوزتها كما قالت عائشة كان أملككم لإربه. وأما من حرّكت من شهوته فهى حرام فى حقه على الأصح عند أصحابنا وقيل مكروهة كراهة تنزيه اهـ. وقال الحافظ فى الفتح وقد اختلف فى القبلة والمباشرة للصائم فكرهها قوم مطلقا وهو مشهور عند المالكية. وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكره القبلة والمباشرة ونقل ابن المنذر وغيره عن قوم تحريمهما واحتجوا بقوله تعالى {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} فمنع من المباشرة نهارا (والجواب) عن ذلك أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو المبين عن الله تعالى وقد أباح المباشرة نهارا فدلّ على أنّ المراد بالمباشرة فى الآية الجماع لا ما دونه من قبلة ونحوها. وأباح القبلة قوم مطلقا وهو المنقول عن أبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وطائفة بل بالغ بعض أهل الظاهر فاستحبها اهـ بحذف. وذهب له شريح وإبراهيم النخعى والشعبى ومسروق ومحمد بن الحنفية وأبو قلابة وعبد الله بن شبرمة إلى أن القبلة تفطر الصائم وعليه أن يقضى يوما مكانه. واستدلوا بحديث إسراءيل بن يونس عن زيد بن جبير عن أبي يزيد الضبى عن ميمونة مولاة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: قالت سئل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان قال قد أفطرا. رواه ابن ماجه، لكن قال ابن حزم أبو يزيد مجهول، وقال الدارقطنى ليس بمعروف، وقال الترمذى سألت البخارى عن الحديث فقال حديث منكر لا أحدث به، وأبو يزيد لا أعرف اسمه، وهو رجل مجهول وقال البيهقى والسهيلي والدارقطنى لا يثبت هذا الحديث اهـ إذا علمت هذا تعلم أنّ الحديث لا يصلح للاحتجاج به على مدعاهم (والراجح) القول الأول أخذا بظاهر حديث عائشة وغيره من الأحاديث الصريحة فى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقبل وهو صائم. وقول عائشة "لكنه كان أملك لأربه" لا يدل على أنه كان خاصا به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (ويدل) على أنّ القبلة لا تفطر أيضا ما روى مالك فى الموطأ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أنّ رجلا قبل امرأته
وهو صائم في رمضان فوجد من ذلك وجدا شديدا فأرسل امرأته تسأل له عن ذلك فدخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكرت ذلك لها فأخبرتها أم سلمة أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبل وهو صائم فرجعت فأخبرت زوجها بذلك فزاده ذلك شرا وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. الله يحل لرسوله ما شاء، ثم رجعت امرأته إلى أم سلمة فوجدت عندها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ما لهذه المرأة؟ فأخبرته أم سلمة. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ألا أخبرتها أنى أفعل ذلك؟ فقالت قد أخبرتها فذهبت إلى زوجها فأخبرته فزاده ذلك شرا وقال: لسنا مثل رسول الله. الله يحل لرسوله ما شاء فغضب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال: والله إنى لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده اهـ وهو وإن كان مرسلا فقد وصله عبد الرزاق في مصنفه وأحمد بإسناد صحيح عن عطاء عن رجل من الأنصار. قال ابن عبد البر: فيه دلالة على جواز القبلة للشاب والشيخ لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يقل للمرأة زوجك شيخ أو شاب فلو كان بينهما فرق لسألها لأنه المبين عن الله تعالى وقد أجمعوا على أنّ القبلة لا تكره لنفسها وإنما كرهها من كرهها خشية ما تؤول إليه ولا أعلم أحدا رخص فيها إلا وهو يشترط السلامة مما يتولد منها. ومن علم أنه يتولد منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها اهـ
(قوله ويباشر وهو صائم) المراد بالمباشرة ماهو أعم من التقبيل ما لم يبلغ حدّ الجماع والمباشرة في الأصل التقاء البشرتين فهو من ذكر العام بعد الخاص. وفي المباشرة ما في القبلة من الخلاف. ومحل الخلاف فيهما للصائم ما لم ينزل، فإن أنزل أفطر وعليه القضاء اتفاقا، زاد مالك وإسحاق والكفارة. وان أمذى فعليه القضاء عند مالك وأحمد وإسحاق. وإن علم ذلك قبل القبلة أو المباشرة حرمتا. وليس عليه القضاء عند الحنفية والشافعية. وهذا كله في القبلة والمباشرة. أمّا الفكر والنظر فقالت الحنفية إذا أنزل عن فكر ولو طال أو نظر ولو إلى الفرج لا يفطر، وبه قالت الشافعية لكن قالوا إلا إن اعتاد الإنزال بذلك فيفطر على المعتمد. وقالت المالكية إن أمذى بالفكر أو النظر فعليه القضاء، وإن أمنى بإدامتهما فعليه الكفارة إن كانت عادته الإنزال ولو في حين ما، فإن كانت عادته عدم الإنزال بإدامة النظر أو الفكر، فخالف عادته وأمنى، فلا كفارة على ما اختاره ابن عبد السلام. وكذا لو أمنى بمجرّد نظر أو فكر فلا كفارة عليه عند ابن القاسم. وقالت الحنابلة إن كرر النظر فأمنى فسد صومه وعليه القضاء وأمّا لو أنزل بنظر غير متكرر أو بفكر فلا يفسد صومه، لأنّ كلا منهما يشق الاحتراز عنه بخلاف النظر المتكرر
(قوله ولكنه كان أملك لأربه) بفتح الهمزة والراء على ما رواه أكثر المحدّثين الحاجة والشهوة. ويروى بكسر الهمزة وسكون الراء. ويطلق أيضا على الذكر خاصة أى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أقدر على شهوته
ووطره. تريد بذلك عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يأمن مع هذه المباشرة الإصابة في الفرج "وهو" عند من لا يبيح القبلة لغيره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "علة" لعدم إلحاق غيره به بأنه كان يملك نفسه وشهوته ويأمن هيجانها دون غيره "ومن يجيز" القبلة لغيره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "يجعل قولها" علة لإلحاقه به، فإنه إذا كان أملك الناس لأربه يقبل ويباشر فهكذا غيره إن أمن على نفسه.
(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والبخارى ومسلم والترمذى. وأخرجه ابن ماجه ومسلم أيضا من طريق عبيد الله بن القاسم
(ص) حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ نَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ فِى شَهْرِ الصَّوْمِ.
(ش)(أبو الأحوص) سلام بن سليم
(قوله يقبل في شهر الصوم) أى في شهر رمضان نهارا (ففيه ردّ) على من قال بجواز القبلة في النفل دون الفرض (والحديث) أخرجه أيضا الترمذى وابن ماجه. وكذا الطحاوى من طريق أبى معاوية عن زياد. ومن طريق إسراءيل عنه بلفظ: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقبلنى وأنا صائمة
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى ابْنَ عُثْمَانَ الْقُرَشِىَّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِى وَهُوَ صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ.
(ش)(الرجال)(سفيان) الثورى. و (طلحة بن عبد الله بن عثمان) بن عبيد الله ابن معمر التيمى المدنى. روى عن عائشة. وعنه سعد بن ابراهيم وأبو عمران الجونى. ذكره ابن حبان في الثقات وفي التقريب ثقة من الثالثة. روى له البخارى وأبو داود والنسائى (والحديث) أخرجه أيضا الطحاوى من طريق شعبة عن سعد بن إبراهيم عن طلحة عن عائشة قالت: أراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يقبلنى فقلت إنى صائمة فقال وأنا صائم فقبلنى، هذا (وحديث عائشة) في قبلة الصائم قد روى من عدة طرق فقد أخرجه الطحاوى من عشرين طريقا
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ نَا اللَّيْثُ ح وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ