الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من ارتكاب هذه الجرائم ونحوها، ويحتمل أن المراد به الهلاك الدنيوى كما يدل عليه رواية مسلم عن جابر مرفوعا "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم. حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم" فإن الحرص على جمع المال وخوفهم من ذهابه حملهم على ضم مال الغير إليهم، ولا يكون هذا غالبا إلا بالغضب والقتال والسرقة المؤدية إلى قتل النفس واستحلال المحارم، ويجوز إرادة الهلاك الدنيوى والأخروى وهو الأقرب (وفى الحديث)
التحذير من البخل
وعدم إنفاق المال في وجوه الخير. ويؤخذ منه الحث على السخاء وهو أن يؤدى الشخص ما أوجب الله عليه من الزكاة والنفقات الواجبة، ومن الواجب أيضا واجب المروءة والعادة الزائدة عما ذكر، فالسخى الذي لا يمنع واجب الشرع ولا واجب المروءة، فإن منع واحدا منها فهو البخيل، لكن الذى يمنع واجب الشرع أبخل. وسبب البخل حب المال وحب الشهوات التى لا يتوصل إليها إلا بالمال. ودواؤه القناعة باليسير والصبر على قضاء الله تعالى والإكثار من ذكر الموت ولا سيما موت الأقران، والنظر في تعبهم في جمع المال وتركهم إياه وعدم انتفاعهم إلا بما قدمته أيديهم
(والحديث) أخرجه أيضا الحاكم وقال صحيح الإسناد. وقد ورد في ذم البخل آيات وأحاديث. أما الآيات فمنها قوله تعالى {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} . وقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} الآية. وقوله تعالى في ذم المختالين {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} الآية. وأما الأحاديث (فمنها) ما أخرجه الطبرانى فى الأوسط مرفوعا "ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب كل ذى رأى برأيه، (ومنها) ما أخرجه البخاري في التاريخ وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعا "شر ما فى الرجل شح هالع وجبن خالع" هالع أى محزن، والهلع في الأصل أشد الجزع، والخالع الشديد كأن الجبن يخلع فؤاده من شدة الخوف (ومنها) ما أخرجه النسائي وابن حبان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: لا يجتمع غبار فى سبيل الله ودخان جهنم فى جوف عبد أبدًا، ولا يجتمع شح وإيمان في قلب عبد أبدا (ومنها) ما رواه الترمذي عن أبي بكر أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "لا يدخل الجنة خب ولا منان ولا بخيل" الخب بفتح المعجمة وقد تكسر الخداع الخبيث (ومنها) ما رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: السخى قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار، ولجاهل سخى أحب إلى الله من عابد بخيل. وروى الترمذى أيضا عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: خصلتان لا يجتمعان فى مؤمن البخل وسوء الخلق
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا إِسْمَاعِيلُ أَنَا أَيُّوبُ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ حَدَّثَتْنِى أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِى شَىْءٌ إِلَاّ مَا أَدْخَلَ عَلَىَّ الزُّبَيْرُ بَيْتَهُ أَفَأُعْطِى مِنْهُ؟ قَالَ أَعْطِى وَلَا تُوكِى فَيُوكِىَ عَلَيْكِ.
(ش)(إسماعيل) بن عليه. و (أيوب) السختيانى
(قوله مالى شئ الخ) أي ليس لى شئ من المال إلا ما أدخله زوجى الزبير في بيته أفيجوز لي أن أتصدق منه؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أنفقى منه ولا تمسكى فيضيق الله عليك. وأصل الإيكاء شد فم القربة بالحبل، وقال الخطابي معناه أعطى من نصيبك منه ولا توكى أي لا تدخرى، والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء وهو الرباط الذي يربط به. يقول لا تمنعى ما فى يدك فتنقطع مادة بركة الرزق عنك اهـ (والحديث) محمول على إعطاء ما جرى به العرف والعادة في إعطاء المرأة من بيت زوجها من غير إسراف ولا إفساد. ولعله صلى الله عليه وآله وسلم أمرها بالإنفاق ولم يوقف الأمر على إذن زوجها لعلمه بأن الزبير جواد تطيب نفسه بما تتصدق به، ولم يقيد ذلك بعدم إفسادها لعلمه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأن السيدة أسماء ذات دين تحسن التصرف. وقال الخطابي وفيه وجه آخر وهو أن صاحب البيت إذا أدخل الشئَ بيته كان ذلك العرف مفوضا إلى ربة المنزل فهى تنفق منه بقدر الحاجة في الوقت. وربما تدخر منه الشئ لغابر الزمان فكأنه قال إذا كان الشئ مفوضا إليك موكولا إلى تدبيرك فاقتصدى على قدر الحاجة في النفقة وتصدقى بالباقى ولا تدخرى اهـ وتقدم تمام الكلام في إعطاء المرأة من بيت زوجها وافيا
(والحديث) أخرجه أيضا البخارى، وكذا مسلم والنسائى عن أسماء أنها جاءت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت: يا نبى الله ليس لي شئ إلا ما أدخل على الزبير فهل على جناح أن أرضخ مما يدخل على؟ فقال ارضخى ما استطعت ولا توعى فيوعى الله عليك. ولفظ النسائى ولا توكى فيوكى الله عز وجل عليك. وقوله ارضخى ما استطعت أي أعطى القليل الذى جرت العادة بإعطائه
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا إِسْمَاعِيلُ أَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ عِدَّةً مِنْ مَسَاكِينَ "قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ غَيْرُهُ أَوْ عِدَّةً مِنْ صَدَقَةٍ" فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَعْطِى وَلَا تُحْصِى فَيُحْصِىَ عَلَيْكِ.