الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ش)(الرجال)(عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر) بن حزم بن زيد الأنصارى النجارى أبو طوالة بضم أوله. روى عن أنس وسعيد بن يسار وعطاء بن يسار والزهرى وغيرهم. وعنه مالك ويحيى بن سعيد الأنصارى والأوزاعى وزائدة وفليح بن سليمان وجماعة. وثقه أحمد وابن معين والترمذى والنسائى وابن حبان والدارقطنى. توفى سنة أربع وثلاثين ومائة. روى له الجماعة
(المعنى)
(قوله وهو واقف على الباب) أى والحال أن الرجل السائل واقف على الباب. وفى رواية مسلم أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يستفتيه وهى تسمع من وراء الباب
(قوله وأنا أصبح جنبا الخ) أجابه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالفعل لأنه أبلغ من القول، لكن اعتقد الرجل أن ذلك من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأن الله تعالى يحل لرسوله ما شاء فقال يا رسول الله: إنك لست مثلنا، فقد حيل بينك وبين الذنب، فلا يقع منك ذنب لأنك معصوم. فغضب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لاعتقاد السائل الخصوصية. وفى إجابته له بما ذكر دليل على عدم الاختصاص، وقد قال الله تعالى {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
(قوله والله إنى لأرجو أن أكون أخشاكم لله الخ) خشيته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خشية مهابة وإجلال لا خشية توقع مكروه لأنه معصوم. فلا يقال كيف يكون أخوف من غيره مع أنه مأمون من العذاب. وكونه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخشى لله وأعلم بما يتبع متحقق قطعا. فاستعماله الرجاء من جملة الخشية وقوله وأعلمكم بما أتبع أى بما أعمل من أنواع العبادة وفى رواية مسلم والبيهقى بما أتقى (قال) القاضى عياض فى الحديث وجوب الاقتداء بأفعاله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والوقوف عندها إلا ما قام الدليل على اختصاصه به. وهو قول مالك وأكثر أصحابنا البغداديين وأكثر أصحاب الشافعى وقال معظم الشافعية إنه مندوب. وحملته طائفة على الإباحة "يعنى إن لم يرد ما يفيد وجوب الاتباع". وقيد بعض أهل الأصول وجوب اتباعه بما كان من أفعاله الدينية فى محل القربة (وفيه) دلالة على صحة صوم من أصبح جنبا. وعلى جواز الغضب عند الحاجة إليه
(والحديث) أخرجه أيضا مالك وأحمد ومسلم والنسائى وابن خزيمة والطحاوى والبيهقى
باب كفارة من أتى أهله فى رمضان
أي جامع زوجته فى رمضان
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَعْنَى قَالَا نَا سُفْيَانُ قَالَ مُسَدَّدٌ قَالَ نَا الزُّهْرِىُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ قَالَ: ومَا شَأْنُكَ؟ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ فَهَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ لَا. قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ لَا. قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ لَا. قَالَ اجْلِسْ. فَأُتِىَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرَ مِنَّا. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ. قَالَ فَأَطْعِمْهُ إِيَّاهُمْ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ فِى مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْيَابُهُ.
(ش)(سفيان) بن عيينة
(قوله قال مسدّد قال الزهرى) أى قال مسدّد قال سفيان حدّثنا الزهرى بصيغة التحديث. ولعله يشير به إلى أنّ سفيان روى عن الزهرى بالعنعنة فى رواية محمد بن عيسى، وبالتحديث فى رواية مسدّد
(قوله أتى رجل إلى النبى) قيل اسمه سلمان أو سلمة بن صخر البياضى. وردّه الحافظ فى الفتح قال: لم أقف على تسميته، إلا أنّ عبد الغنى فى المبهمات وابن بشكوال جزما بأنه سلمان أو سلمة بن صخر. واستندا إلى ما أخرجه ابن أبى شيبة وغيره من طريق سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر أنه ظاهر من امرأته فى رمضان، وأنه وطئها فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: حرر رقبة (الحديث) والظاهر أنهما واقعتان. فإن فى قصة المجامع فى حديث الباب أنه كان صائما كما سيأتى. وفى قصة سلمة بن صخر أن ذلك كان ليلا فافترقا "ولا يلزم" من اجتماعهما فى كونهما من بنى بياضة، وفى صفة الكفارة وكونها مرتبة، وفى كون كل منهما كان لا يقدر على شئ من خصالها "اتحاد القصتين" وأخرج ابن عبد البر فى ترجمة عطاء الخراسانى من التمهيد من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن سعيد بن المسيب "أن الرجل" الذى وقع على امرأته فى رمضان فى عهد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "هو سلمان" ابن صخر. قال ابن عبد البر. أظنّ هذا وهما لأن المحفوظ أنه ظاهر من امرأته ووقع عليها فى الليل، لا أن ذلك كان منه بالنهار اهـ ويحتمل أن يكون قوله فى الرواية المذكورة "وقع على امرأته فى رمضان" أى ليلا بعد أن ظاهر فلا يكون وهما، ولا يلزم الاتحاد، ووقع فى مباحث العام من شرح ابن الحاجب ما يوهم أن هذا الرجل هو أبو بردة بن يسار. وهو وهم يظهر من تأمّل بقية كلامه اهـ كلام الحافظ
(قوله هلكت) أى وقعت فى العصيان الموجب للهلاك، فجعل المتوقع كالواقع وبالغ فعبر عنه بلفظ الماضى مجازا، وفى رواية ابن أبى حفصة عند البخارى "ما أرانى
إلا قد هلكت" وعند الدارقطنى "هلكت وأهلكت" أى هلكت بارتكاب الذنب، وأهلكت امرأتى بإيقاعها فى محظور
(قوله قال وما شأنك) وفى نسخة فقال ما شأنك؟ وفى رواية للبخارى "ويحك ما شأنك؟ " وفى أخرى "ما الذى أهلكك؟ "، وفى ثالثة "ويحك ما صنعت؟ "
(قوله وقعت على امرأتى الخ) أى وطئتها فى نهار رمضان كما فى حديث عائشة عند البخارى. وفى مرسل سعيد ابن المسيب عند سعيد بن منصور "أصبت امرأتى ظهرا فى رمضان"
(قوله فهل تجد ما تعتق رقبة) أى فهل عندك الذى أو شئ تعتق به رقبة؟ . فما موصولة أو نكرة موصوفة. وفى رواية للبخارى "هل تجد رقبة تعتقها؟ " وفى رواية له أيضا "أتستطيع أن تعتق رقبة؟ " وزاد البخارى فى رواية مجاهد عن أبى هريرة "بئسما صنعت أعتق رقبة"
(قوله قال لا) أى قال الرجل لا أجد رقبة أعتقها وفى رواية للبخارى "فقال لا والله يا رسول الله" وفى حديث ابن عمر "والذى بعثك بالحق ما ملكت رقبة قط""وظاهر إطلاق الرقبة" فى الحديث "يدل" على جواز عتق المسلمة والكافرة والذكر والأنثى والصغير والكبير. وبه قالت الحنفية: وذهب الجمهور إلى أنها لا تجزئ إلا المؤمنة حملا للمطلق فى حديث الباب وأشباهه على المقيد فى آية كفارة القتل، فإنّ الرّقبة فيها مقيدة بالمؤمنة
(قوله فهل تستطيع أن تصوم شهرين الخ) أى هل تقدر أن تصوم شهرين؟ يعنى هلالين إن وافق أوّل صيامه أوّلهما، وإلا كمل الأوّل من الثالث ثلاثين
(قوله متتابعين الخ) أى متواليين. وفى رواية للبخارى فقال لا أقدر. وفى رواية ابن إسحاق عنده "وهل لقيت ما لقيت إلا من الصيام؟ " يعنى ما وقعت فى هذه المعصية إلا بسبب الصيام. وخاف أن تتغلب عليه الشهوة فيقع ثانيا فيما وقع فيه أوّلا (قال الحافظ) قال ابن دقيق العيد لا إشكال فى الانتقال عن الصوم إلى الإطعام. لكن رواية ابن إسحاق هذه اقتضت أن عدم استطاعته لشدّة شَبَقِهِ وعدم صبره عن الوقاع؛ فنشأ للشافعية نظر هل يكون ذلك عذرا أى شدّة الشبق حتى يبعد صاحبه غير مستطيع للصوم أو لا؟ والصحيح عندهم اعتبار ذلك. ويلتحق به من يجد رقبة لا غنى به عنها، فإنه يسوغ له الانتقال إلى الصوم مع وجودها لكونه فى حكم غير الواجب اهـ (والحديث) يدلّ على اشتراط التتابع فى صيام كفارة رمضان. وهو مذهب العلماء كافة إلا ابن أبى ليلى فلا يشترط التتابع. والحديث حجة عليه. واشترط الجمهور ألا يكون فى الشهرين شهر رمضان. وأن لا يكون فيهما أيام نهى عن صومها كيومى الفطر والأضحى وأيام التشريق
(قوله فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا) وفى رواية البخارى فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ وفى رواية له فأطعم ستين مسكينا (وظاهر هذه الأحاديث) أنه لا بد من هذا العدد ولا يكفى ما دونه. وإلى هذا ذهب الجمهور. وقالت الحنفية لو أطعم مسكينا واحدا فى ستين يوما كفاه، لأنّ المراد سدّ خلة المحتاج، والحاجة تتجدّد بتجدّد الأيام، فكان فى اليوم الثانى كمسكين آخر حتى لو أعطى مسكينا واحدا الطعام كله فى يوم واحد لا يصح إلا عن
يومه ذلك، لأن الواجب عليه التفريق ولم يوجد. وهذا خلاف ظاهر الأحاديث (فالراجح) ما ذهب إليه الجمهور (قال ابن دقيق العيد) أضاف الإطعام الذى هو مصدر أطعم إلى ستين فلا يكون ذلك موجودا فى حق من أطعم ستة مساكين عشرة أيام مثلا. ومن أجاز ذلك مكانه استنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال. والمشهور عن الحنفية الإجزاء حتى لو أطعم الجميع مسكينا واحدا فى ستين يوما كفى. والمراد بالإطعام الإعطاء لا اشتراط حقيقة الإطعام من وضع المطعوم فى الفم بل يكفى الوضع بين يديه بلا خلاف. وفى إطلاق الإطعام ما يدل على الاكتفاء بوجود الإطعام من غير اشتراط مناولة، بخلاف زكاة الفرض؛ فإنّ فيها النص على الايتاء وصدقة الفطر؛ فإنّ فيها النص على الأداء. وفى ذكر الإطعام ما يدل على وجود طاعمين، فيخرج الطفل الذى لم يطعم كقول الحنفية. ونظر الشافعى إلى النوع فقال يسلم لوليه. وذكر الستين ليفهم أنه لا يجب ما زاد عليها. ومن لم يقل بالمفهوم تمسك بالإجماع على ذلك قاله الحافظ (واختلف) فى القدر الذى يعطى لكل مسكين من الطعام (فذهبت المالكية والشافعية) إلى أنه مدّ. وتقدّم أنه رطل وثلث عندهم من غالب قوت البلد لا فرق بين البر وغيره، لقوله فى حديث أبى هريرة الآتى بعد حديثين "أتى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق فيه تمر. قدر خمسة عشر صاعا" وتقدّم أنّ الصاع أربعة أمداد. ولما رواه الدارقطنى والبيهقى من رواية سفيان عن منصور عن الزّهرى عن حميد عن أبى هريرة وفيه "فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر" ولما رواه الدارقطنى أيضا من رواية روح عن محمد بن أبى حفصة عن الزهرى عن حميد وفيه "أتى بزنبيل وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعا أحسبه تمرا"(وذهب أحمد) إلى أنّ الواجب لكل مسكين مد من بر، أو نصف صاع من تمر أو شعير؛ لما رواه بسنده عن أبى زيد المدنى قال: جاءت امرأة من بنى بياضة بنصف وسق شعير. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للمظاهر أطعم هذا، فإنّ مدى شعير مكان مدّبّر. قال أصحاب أحمد ولأنّ فدية الأذى نصف صاع من التمر والشعير بلا خلاف فكذاهنا. والمدّ من البرّ يقوم مقام نصف صاع من غيره بدليل الحديث المتقدّم. قالوا ولأنه قول ابن عمر وابن عباس وأبى هريرة وزيد، ولا مخالف لهم فى الصحابة. ويجزئ الدّقيق والسويق. وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه فى أظهر الروايتين، لأنه قدره ما يجزئ فى الدفع بمدّ من البر أو نصف صاع من غيره، وإذا أطعمهم لا يعلم أنّ كل مسكين استوفى ما يجب له (وذهبت الحنفية) إلى أنّ الواجب لكل مسكين ما يجب فى الفطرة وهو نصف صاع من برّ أو صاع من تمر أو شعير أو قيمة ذلك، لما روى الدّارقطنى عن ابن عباس "يطعم كل يوم مسكينا نصف صاع من برّ" ولما سيأتى للمصنف فى "باب فى الظهار" عن سلمة بن صخر وفيه أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له "فأطعم وسقا من
تمر بين ستين مسكينا" ولما روى أحمد أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لأوس "فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر" وتقدّم أنّ الوسق ستون صاعا (وذكر) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذه الخصال الثلاثة، لاشتمالها على حق الله وهو الصوم، وحق الأرقاء وهو العتق، وحق الأحرار وهو الإطعام (والحكمة فيها) أنّ من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يفدى نفسه: إمّا بعتق رقبة لحديث "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله له بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه" أخرجه البخارى ومسلم. وإمّا بالصوم لأنّ فيه مقابلة بجنس الجناية، وكان شهرين؛ لأنه لما أفسد يوما كان كمن أفسد الشهر كله؛ لأنه كعبادة واحدة فكلف بشهرين على سبيل المضاعفة زجرا له، وإمّا بالإطعام لأنّ فيه مقابلة كل يوم من الستين بإطعام مسكين
(قوله اجلس) أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالجلوس لاحتمال انتظار ما يوحى إليه فى شأنه، أو لاحتمال أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عرف أنه سيؤتى بشئ يعينه به
(قوله فأتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق الخ) بالبناء للمجهول عند أكثر المحدّثين. والآتى بالعرق لم يسم. ووقع فى رواية البخارى عن معمر فى الكفارات فجاء رجل من الأنصار. "وما عند الدارقطنى" من طريق داود بن أبى هند عن سعيد ابن المسيب مرسلا فأتى رجل من ثقيف "يحمل" على أن الثقفى كان حليفا للأنصار وإلا فترجح رواية البخارى. والعرق بفتح العين المهملة والراء وقيل بإسكانها، المكتل الضخم سمى عرقا لأنه يضفر عرقة عرقة. والعرقة بفتحتين الضفيرة من الخوص وجمعها عرق كعلقة وعلق. وجاء فى رواية للبخارى "فأتى بزنبيل وهو المكتل" وهو (المقطف الكبير) فى عرف العامة وفى رواية لمسلم عن عائشة "فجاءه عرقان فيهما طعام" والمشهور فى غيرها من الروايات عرق بالإفراد ورجحه البيهقى (قال فى الفتح) وجمع غير البيهقى بينهما بأنّ الواقعة متعدّدة. وهو جمع لا نرضاه لاتحاد مخرج الحديث. والأصل عدم التعدّد. والذى يظهر أنّ التمر كان قدر عرق لكنه كان فى عرقين فى حال التحميل على الدابة ليكون أسهل فى الحمل، فيحتمل أنّ الآتى به لما وصل أفرغ أحدهما فى الآخر. فمن قال عرقان أراد ابتداء الحال. ومن قال عرق أراد ما آل إليه اهـ
(قوله فقال تصدّق به) أى ملكتك إياه فتصدّق به. ففيه تمليك ضمنى وفى رواية للبخارى "قال فأين السائل؟ فقال أنا. قال خذ هذا فتصدّق به" وفى رواية له "فتصدّق به عن نفسك"
(قوله ما بين لابتيها أهل بيت الخ) اللابتان بالباء الموحدة تثنية لابة وهى الحرّة. والحرّة أرض ذات حجارة سود. وهاتان اللابتان يكتنفان المدينة. وأهل مرفوع اسم ما النافية وأفقر خبرها منصوب. ويصح رفعه على لغة تميم. وفى رواية للبخارى فى الأدب "والذى نفسى بيده ما بين طنبى المدينة" بضم الطاء المهملة تثنية طنب. وهو أحد أطناب الخيمة. أراد به الطرف. وفى رواية للبخارى
"ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتى" وفى أخرى له "ما أحد أحق به من أهلى، ما أحد أحوج إليه منى" وفى أخرى له "والله ما لعيالى من طعام" وفى حديث ابن خزيمة عن عائشة "ما لنا عشاء ليلة" ومراد الرجل بذلك أنه لم يكن فى المدينة أحوج منه، وكأنه فهم الإذن له بالتصدّق على من يتصف بالفقر كما صرح بذلك فى رواية البزار والطبرانى فى الأوسط عن ابن عمر وفيها: إلى من أدفعه؟ فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى أفقر من تعلم
(قوله فضحك رسول الله) الضحك ما فوق التبسم. وقد ورد أنّ ضحكه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان تبسما فى غالب أحواله. وسبب ضحكه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما رآه من تباين حال الرجل حيث جاء هالكا محترقا خائفا على نفسه راغبا فى فدائها، فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل ما أعطيه فى الكفارة، ويحتمل أنّ ضحكه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ناشئ من حال الرجل فى مقاطع كلامه وحسن تأنيه وتلطفه فى الخطاب وحسن توسله فى توصله إلى مقصوده
(قوله حتى بدت ثناياه) لعلّ الصواب أنيابه كما فى رواية البخارى ورواية مسدد المشار إليها فى آخر الحديث، فإن الثنايا تظهر عند التبسم غالبا، والمتبادر من السياق إرادة الزيادة على التبسم. والثنايا جمع ثنية وهى أربع فى مقدم الفم: ثنتان من أعلى وثنتان من أسفل
(قوله قال فأطعمه إياهم) وفى رواية البخارى أطعمه أهلك. وللبخارى أيضا من رواية ابن إسحاق خذها وكلها وأنفقها على عيالك (وفى الحديث دلالة) على وجوب الكفارة على من جامع فى نهار رمضان عامدا. وهو قول عامة العلماء إلا ما حكى عن الشعبى وسعيد بن جبير والنخعى وقتادة، فإنهم قالوا عليه القضاء ولا كفارة. لكن حديث الباب وأشباهه حجة عليهم. قال الخطابى: يشبه أن يكون حديث أبى هريرة لم يبلغهم اهـ والدليل على أنه كان عامدا قوله فى حديث الباب هلكت (وأما المجامع ناسيا) فلا يفطر ولا كفارة عليه. وهو قول الجمهور ومشهور قولى مالك لمفهوم حديث الباب. ولأنّ الجماع نسيانا فى معنى الأكل والشرب نسيانا. ولا كفارة فيهما كما سيأتى بيانه فى بابه إن شاء الله تعالى. وقال أحمد يفطر وعليه الكفارة. وقال عطاء والأوزاعى وربيعة والثورى يجب القضاء ولا كفارة عليه. واختلف قول أصحاب مالك فيه. فقال نافع وابن الماجشون عليه الكفارة. وقال غيرهما لا كفارة عليه (وأجمعوا على) أنّ من وطئ فى رمضان ثم وطئ فى يوم آخر أنّ عليه كفارة أخرى إن كفر اليوم الأول، وإلا ففيه خلاف: فقال أبو حنيفة عليه كفارة واحدة. وقال مالك والشافعى وأحمد عليه كفارتان (وأجمعوا) أيضا على أنّ من جامع ثانيا فى يوم واحد قبل التكفير عن الأول يلزمه كفارة واحدة. وإن كفر عن الأول ثم جامع فقال أحمد عليه كفارة ثانية. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعى لا كفارة عليه (وظاهر الحديث) أنّ الكفارة تكون بأحد الخصال الثلاثة على الترتيب لأنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
ما نقله من أمر إلا بعد عجزه عنه، وليس هذا شأن التخيير، ولأنه عطف بعض الجمل على بعض بالفاء التى للترتيب والتعقيب. قال البيضاوى: إنّ ترتيب الثانى على الأول والثالث على الثانى بالفاء يدل عل عدم التخيير مع كونها فى معرض البيان. وجواب السؤال منزل منزلة الشرط (وإلى وجوب الترتيب) ذهب أبو حنيفة والشافعى وابن حبيب من المالكية. وهو مشهور مذهب أحمد وذهب مالك وأصحابه الى أنها واجبة على التخيير مستدلين بما رواه مالك فى موطئه بسنده إلى أبى هريرة "أنّ رجلا أفطر فى رمضان فأمره رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا" وسيأتى للمصنف بعد حديث فإنه عبر فيه بأو المفيدة للتخيير. قالوا وهذا الحديث يدل على أنّ الترتيب المذكور فى غيره من الأحاديث ليس مرادا، ولأنه اقتصر على الإطعام فى حديث عائشة الآتى آخر الباب ونقل الخطابى عن مالك أنه قال: الإطعام أحب إلىّ من العتق اهـ والتخيير المذكور رواية عن أحمد. وذهب ابن أبى ليلى وابن جرير إلى أنه مخير بين العتق والصيام. قالا ولا سبيل إلى الإطعام إلا بعد العجز عنهما (وظاهر الحديث) أيضا أنّ الكفارة واجبة على الرجل فقط دون المرأة، وبه قال الأوزاعى والحسن وهو الأصح من قولى الشافعى. واستدلوا على ذلك بإفراده فى الحديث فى قوله خذ هذا وتصدّق به، وبقوله فى المراجعة هل تستطيع هل تجد؟ وبسكوته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن إعلام المرأة بوجوب الكفارة عليها مع الحاجة "وفيه" أنه لا حاجة تدعو إلى بيان حكم الكفارة فى حق المرأة لأنها لم تعترف ولم تسأل واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكما ما لم تعترف، وأنها واقعة حال، فالسكوت عنها لا يدل على الحكم لاحتمال أن تكون المرأة غير صائمة لعذر من الأعذار بأن كانت مريضة أو مسافرة أو صغيرة أو مجنونة أو طهرت من حيضها فى أثناء النهار. وأنّ التنصيص على الحكم فى حق بعض المكلفين كاف عن ذكره فى حق الباقين (قال الخطابى) وقال الشافعى يجزئهما كفارة واحدة وهى على الرجل دونها. وقال الأوزاعى: إن كانت الكفارة بالصيام كان على كل واحد منهما صوم شهرين واحتجوا بأن قول الرجل أصبت أهلى سؤال عن حكمه وحكمها، لأن الإصابة معناها أنه واقعها وجامعها "وإذا كان هذا قد حصل منهما" ثم أجاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المسألة فأوجب فيها كفارة واحدة على الرجل، ولم يعرض لها بذكر "دل على أنه لا شئ عليها" وأنها مجزئة فى الأمرين معا، ألا ترى أنه بعث أنيسا إلى المرأة التى رميت بالزنى وقال: إن اعترفت فارجمها، فلم يهمل حكمها لغيبتها عن حضرته، فدل على أنه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها (قلت) وهذا غير لازم، وذلك أن هذا حكاية حال لا عموم لها، وقد يمكن أن تكون المرأة مفطرة بعذر من مرض أو سفر أو تكون مكرهة أو ناسية لصومها أو نحو
ذلك من الأمور. وإذا كان كذلك لم يكن ما ذكروه حجة يلزم الحكم بها. واحتجوا أيضا فى هذا بحرف لا أزال أسمعهم يروونه فى هذا الحديث وهو قوله هلكت وأهلكت. قالوا فدل قوله وأهلكت على مشاركة المرأة إياه فى الجناية لأنّ الإهلاك يقتضي الهلاك ضرورة كما أن القطع يقتضى الانقطاع. قلت وهذه اللفظة غير موجودة فى شئ من رواية هذا الحديث. وأصحاب سفيان لم يرووها عنه. وإنما ذكروا قوله هلكت حسب. غير أنّ بعض أصحابنا حدثنى أنّ المعلى ابن منصور روى هذا الحديث عن سفيان فذكر هذا الحرف فيه. وهو غير محفوظ. والمعلى ليس بذاك فى الحفظ والإتقان اهـ أقول وقد تقدم عند الدارقطنى "هلكت وأهلكت"(وذهبت المالكية) إلى أنّ الكفارة تلزم المرأة إن كانت مختارة: وإن كانت مكرهة فكفارتها على زوجها. وأما الأمة فكفارتها على سيدها مطلقا مختارة كانت أو مكرهة متى كانت بالغة عاقلة (وذهبت الحنابلة والحنفية) إلى أنّ المرأة إن كانت مكرهة على الوطء فلا كفارة عليها. وإن كانت مختارة لزمتها عند الحنفية. وعند الحنابلة قولان قيل تلزمها الكفارة، لأنهاهتكت حرمة رمضان بالجماع، وقيل لا تلزمها، لأنّ أحمد سئل عن رجل أتى أهله فى رمضان أعليها كفارة؟ فقال ما سمعنا أن على امرأة كفارة (وذهب الجمهور) إلى أنّ الكفارة لا تسقط بالإعسار بل تستقر فى ذمة من وجبت عليه حتى يتمكن من أدائها قياسا على سائر الديون والحقوق "ولأنّ المجامع" فى حديث الباب بعد أن أخبر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه عاجز عن الخصال الثلاث ثم أتى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق التمر "أمره" بإخراجه فى الكفارة، فلو كانت تسقط بالعجز لم يكن عليه شئ ولم يأمره بإخراجه، فدل هذا على ثبوتها فى ذمته. وإنما أذن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم له فى إطعام عياله لأنه كان محتاجا ومضطرا إلى الإنفاق على عياله فى الحال. والكفارة على التراخى فأذن له فى أكله وإطعام عياله صدقة منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقيت الكفارة فى ذمته. (وقال عيسى بن دينار) من المالكية إنّ الكفارة تسقط بالإعسار لما تقرّر من أنها لا تصرف عل نفس المكفر ولا عياله. ولم يبين له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم استقرارها فى ذمته إلى حين يساره. وهو أحد قولى الشافعى. واستدل له بما رواه الدارقطنى عن على بن أبى طالب أنّ رجلا أتى إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله هلكت. فقال وما أهلكك؟ قال أتيت أهلى فى رمضان. قال هل تجد رقبة؟ قال لا. قال فصم شهرين متتابعين. قال لا أطيق الصيام قال فأطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدّ. قال ما أجد. فأمر له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بخمسة عشر صاعا. قال: أطعمه ستين مسكينا. قال والذى بعثك بالحق ما بالمدينة أهل بيت أحوج منا. قال فانطلق فكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك ففيه الدلالة على عدم استقرارها فى ذمته. وذهب به بعضهم إلى أن ما أكله الرجل وعياله هو كفارة له. ورخص له صلى الله تعالى
عليه وعلى آله وسلم فى ذلك خصوصية له. لكن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل ولا دليل
(الفقه) دل الحديث على جواز استعمال الكناية فيما يستقبح ذكره بلفظه. وعلى وجوب الكفارة بالجماع فى نهار رمضان. وعلى أنه ينبغى الندم على ارتكاب المعصية والخوف من عقابها وعلى أنّ الكفارة على الترتيب بين الخصال الثلاث. وعلى أنه ينبغى إعانة المعسر بالكفارة. وعلى أنه ينبغى لذوى القدرة تخليص المسلم مما وقع فيه من الشدّة. وعلى أنّ الكفارة لا تجب على من فعل سببها إلا عند القدرة. وعلى أنّ الهبة والصدقة لايحتاج فيهما إلى القبول باللفظ بل القبض كاف. وعلى أنّ الشخص يصدق فى دعواه الفقر ولا يكلف بينة. وعلى الرفق بالمتعلم والتلطف به. وعلى جواز المبالغة فى الضحك. وعلى عدم عقوبة وتعذير من جاء مستفتيا فيما لا حدّ فيه حيث لم يعاقب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الأعرابى على هتك حرمة شهر الصيام لأنّ مجيئه مستفتيا فيه ظهور توبته وإقلاعه عن الذنب. ولأنه لو عوقب كل من جاء مستفتيا عن ذنبه لم يستفت أحد غالبا مخافة العقوبة (والحديث) أخرجه أيضا أحمد ومالك والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه والبيهقى والترمذى وقال حديث حسن صحيح. وأخرج الدّارمى نحوه
(ص) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ. زَادَ الزُّهْرِىُّ: وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُ خَاصَّةً، فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنَ التَّكْفِيرِ.
(ش)(قوله بهذا الحديث بمعناه) أى حدّث معمر بن راشد عن الزهرى نحو ما حدّث به سفيان بن عيينة عنه موافقا له فى معناه (وهذه الرواية) أخرجها مسلم بدون زيادة الزهرى. وأخرجها البيهقى بسنده إلى عبد الرزاق قال: أنبأ معمر عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة أنّ رجلا أتى النبى صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله هلكت. قال وما ذاك؟ قال أصبت أهلى فى رمضان. قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم أتجد رقبة؟ قال لا يا رسول الله. قال أفتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا يا رسول الله. قال أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ قال لا أجده قال فأتى النبى صلى الله عليه وآله وسلم بعرق فيه تمر. قال اذهب فتصدّق بهذا. فقال على أفقر منى والذى بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا. قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: اذهب به إلى أهلك. قال الزهرى إنما كان هذا. رخصة الرجل وحده، ولو أنّ رجلا أصاب أهله فى رمضان اليوم لم يكن له إلا أنّ يكفر اهـ
(قوله زاد الزهرى وإنما كان هذا رخصة له الخ) وفى نسخة "زاد قال الزهرى وإنما كان الخ" يعنى أنّ أمر النبى صلى الله تعالى
عليه وعلى آله وسلم هذا الرجل أن يأكل الطعام الذى أخذه على أن يكون كفارة عن نفسه، "خاص به" ورخصة له لا يتعدّاه إلى غيره، ولو فعل رجل مثل هذا الفعل وجب عليه الكفارة ولا محالة منها. لكن قد علمت أنه لا دليل على هذه الخصوصية، وأنّ ما أخذه صدقة عليه وعلى أولاده. وبقيت الكفارة فى ذمته (قال الخطابى) وهذا من الزهرى دعوى لم يحضر عليها برهانا ولا ذكر فيها شاهدا. وقال غيره هذا منسوخ ولم يذكر فى نسخه خبرا يعلم به صحة قوله. وأحسن ما سمعت فيه قول أبى يعقوب البويطى: هذا رجل وجبت عليه الرقبة فلم يكن عنده ما يشترى به رقبة، فقيل له صم فلم يطق الصوم، فقيل له أطعم ستين مسكينا فلم يجد ما يطعم، فأمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بطعام ليتصدّق به فأخبر أنه ليس بالمدينة أحوج منه. وقد قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" فلم ير له أن يتصدّق على غيره ويترك نفسه وعياله، فلما نقص من ذلك بقدر ما أطعم أهله قوت يومهم صار طعاما لا يكفى ستين مسكينا، فسقطت عنه الكفارة فى ذلك الوقت، وصارت فى ذمّته إلى أن يجدها وليس فى الحديث أنه قال لا كفارة عليك اهـ ببعض تصرف
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالأَوْزَاعِىُّ وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى مَعْنَى ابْنِ عُيَيْنَةَ. زَادَ فِيهِ الْأَوْزَاعِىُّ "وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ".
(ش) أشار بهذا إلى طرق أخرى عن الزهرى لحديث أبى هريرة بدون زيادة معمر عن الزهرى (وحديث) الليث بن سعد أخرجه مسلم عن قتيبة عن الليث عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة أن رجلا وقع بامرأته فى رمضان، فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، فقال هل تجد رقبة؟ قال لا. قال فهل تستطيع صيام شهرين؟ قال لا. قال فأطعم ستين مسكينا. وأخرجه الطحاوى بسنده إلى الليث حدّثنى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة (الحديث) لكنه خالف مسلما فى السند كما ترى فزاد عبد الرحمن بن خالد بين الليث والزهرى (وحديث الأوزاعى) أخرجه البيهقى والدارقطنى من طريق الوليد بن مسلم قال ثنا الأوزاعى عن الزهرى وفيه فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق في تمر خمسة عشر صاعا قال: خذه فتصدّق به. قال على أفقر من أهلى؟ فوالله ما بين لابتى المدينة أحوج من أهلى قال فضحك رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى بدت أنيابه قال خذه واستغفر الله وأطعمه أهلك. قال الدارقطنى إسناد صحيح عن الزهرى (وأخرجه الطحاوى) بسنده إلى الأوزاعى قال: سألت الزهرىّ عن رجل جامع امرأته
فى شهر رمضان فقال حدّثنى حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال حدّثنى أيو هريرة فذكر نحوه (وحديث منصور) بن المعتمر أخرجه البخارى ومسلم من طريق جرير عن منصور عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة وقال: جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: إن الآخر وقع امرأته فى رمضان، فقال أتجد ما تحرّر رقبة؟ قال لا (الحديث). والآخر بقصر الهمزة ومدّها وكسر الخاء المعجمة الأرذل. وقيل من يكون في آخر القوم (وحديث عراك) بن مالك لم نقف على من وصله. لكن قال العينى: وحديث عراك بن مالك عند النسائى قوله (زاد فيه الأوزاعى واستغفر الله) أى مما فعلت: وفيه دليل على أنّ الكفارات زواجر لا رافعة للذنب بل الرفع له التوبة والاستغفار
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِى رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ لَا أَجِدُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ. فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّى. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ وَقَالَ لَهُ كُلْهُ.
(ش)(قوله أن رجلا أفطر فى رمضان) هكذا رواه مالك عن الزهرى بعموم المفطر وتابعه عليه جماعة منهم ابن جريج كما ذكره المصنف بعد
(قوله فأمره رسول الله أن يعتق رقبة الخ) استدلّ به أبو حنيفة ومالك وأصحابهما والزهرى والأوزاعى والثورى وإسحاق على أنّ من أفطر متعمدا فى رمضان تلزمه الكفارة لا فرق بين جماع أو غيره حيث كان عن عمد. وحكاه ابن المنذر عن عطاه والحسن وأبى ثور. غير أنّ أبا حنيفة قيد المفطر بما يتغذى به عادة أو يتداوى به بخلاف ما لم تجر العادة بالتغذى به كالعجين وبلع حصاة ونواة ولؤلؤة، ففيه القضاء دون الكفارة. واستدلوا أيضا بما رواه الدارقطنى عن مجاهد عن أبى هريرة أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر الذى أفطر يوما من رمضان بكفارة الظهار. وبما رواه أيضا عن أبى معشر عن محمد بن كعب القرظى عن أبى هريرة أنّ رجلا أكل فى رمضان فأمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين أو يطعم ستين مسكينا.
قال الدارقطنى: أبو معشر ليس بالقوى. وبما أخرجه أيضا عن أبى بكر إسماعيل عن أبيه عن عامر بن سعد عن أبيه أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: أفطرت يوما من شهر رمضان متعمدا. فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعتق رقبة أو صم شهرين متتابعين أو أطعم ستين مسكينا. واستدلوا أيضًا بقياس الأكل والشرب عمدا على الجماع فإنّ فى كل انتهاك حرمة الشهر. وقال الشافعى وأحمد وسعيد بن جبير وابن سيرين والنخعى وداود الظاهرى: إنه لا كفارة فى شئ من المفطرات إلا الجماع. واستدلوا بحديث أبى هريرة المتقدم. فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رتب فيه الكفارة على الجماع. وحملوا الأحاديث التى ذكر فيها مطلق الإفطار على المقيدة بالجماع؛ ولأنّ وجوب الكفارة ثبت على خلاف القياس بالنص، لأنّ وجوبها لرفع الذنب، والتوبة كافية لرفعه ولأنّ الكفارة من باب المقادير. والقياس لا يفيد فى تعيين المقادير. والنص على الكفارة ورد فى الجماع. والأكل والشرب ليسا فى معناه لأنّ الجماع أشدّ حرمة منهما فالنص الوارد فيه لا يكون واردا فيهما فيقتصر على مورد النص (ورد) بأنّ الحنفية والمالكية لا يوجبون الكفارة فى غير الجماع بالقياس بل بالنص كما تقدم فإن لفظ الإفطار فى أدلتهم عام يتناول ما كان بجماع وغيره كأكل وشرب قال السرخسي فى المبسوط ولنا حديث أبى هريرة أن رجلا قال يا رسول الله أفطرت فى رمضان فقال من غير مرض ولا سفر؟ فقال نعم فقال أعتق رقبة. وذكر أبو داود أن الرجل قال: شربت فى رمضان. وقال عليّ رضى الله تعالى عنه إنما الكفارة فى الأكل والشرب والجماع. ثم نحن لا نوجب الكفارة بالقياس إنما نوجبها استدلالا بالنص اهـ.
(قوله فأمره رسول الله أن يعتق رقبة الخ) عبر فيه بأو المفيدة للتخيير فى أنواع الكفارة فهو من أدلة من قال بالتخيير فيها وتقدّم بيانه
(قوله بعرق فيه تمر) وفى نسخة بعرق تمر (وهذه الرواية) أخرجها أيضا مالك فى الموطأ والدارقطني والبيهقي وقال: رواه مسلم فى الصحيح.
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَلَى لَفْظِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ وَقَالَ فِيهِ: أَوْ تُعْتِقَ رَقَبَةً أَوْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ أَوْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
(ش) وفى بعض النسخ. رواه بدون واو. أى روى الحديث عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج عن الزهرى بأو التى للتخيير فى الخصال كرواية مالك بلفظ "أنّ رجلا" أفطر ولم يعين فيه المفطر. وقوله أن تعتق هكذا بلفظ أن فى بعض النسخ. وفى أكثرها أو تعتق بلفظ أو. والصواب الأولى (وهذه الرواية) أخرجها البيهقي من طريق عبد الرزاق قال أنبأ ابن جريج حدثنى
ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أن أباهريرة حدثه أنّ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر رجلا أفطر فى رمضان أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا: وقال رواه مسلم ولم يقل متتابعين اهـ وقد "تابع" ابن جريج على هذه الرواية كما قال الدّارقطنى "يحيى بن سعيد" الأنصارى وعبد الله بن أبى بكر وأبو أويس وفليح بن سليمان وعمر بن عثمان المخزومى، ويزيد بن عياض وشبل والليث بن سعد من رواية أشهب بن عبد العزيز، وابن عيينة من رواية نعيم بن حماد، وإبراهيم بن سعد من رواية عمار بن مطر وعبيد الله بن أبى زياد. كل هؤلاء رووه عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة: أن رجلا أفطر فى رمضان وجعلوا كفارته على التخيير
(ص) حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ نَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ نَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ فِى رَمَضَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ: فَأُتِىَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَدْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَقَالَ فِيهِ كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ وَصُمْ يَوْمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ.
(ش)(ابن أبى فديك) محمد بن إسماعيل بن مسلم
(قوله وصم يوما واستغفر الله) أى صم يوما بدل اليوم الذى أفسدته (ففيه دلالة) على وجوب قضاء اليوم الذى أفسده. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد والثورى وأبو ثور وإسحاق وهو مشهور مذهب الشافعى. وروى عنه أنه لا قضاء. وأكثر الروايات وأصحها ليس فيما ذكر صوم يوم ولا مقدار ما فى العرق ولا الاستغفار. نعم قد جاء فى رواية مرسلة عند مالك فى الموطأ عن عطاء بن عبد الله الخراسانى عن سعيد بن المسيب أنه قال: جاء أعرابى إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يضرب نحره وينتف شعره ويقول هلك الأبعد. فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وما ذاك؟ قال أصبت أهلى وأنا صائم فى رمضان. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: هل تستطيع تعتق رقبة؟ فقال لا. قال فهل تستطيع أن تهدى بدنة؟ قال لا. قال فاجلس، فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق تمر فقال: خذ هذا فتصدّق به فقال ما أحد أحوج منى فقال: كله وصم يوما مكان ما أصبت. وجاء أيضا فى حديث ابن ماجه من طريق عبد الله بن وهب قال: حدثنا عبد الجبار بن عمر قال حدثنى يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (الحديث). وفيه فقال
صم يوما مكانه. وقال الأوزاعى: إن كفر بالعتق أو الإطعام صام يوما مكان اليوم الذى أفطره، وإن صام شهرين متتابعين دخل فيهما قضاء ذلك اليوم
(الفقه) احتج بظاهر الحديث عيسى بن دينار المالكى على أن الكفارة لا تلزم الفقير وتقدّم بيانه. قال الخطابى وظاهره يدل على أن قدر خمسة عشر صاعا كاف للكفارة عن شخص واحد لكل مسكين مدّ. وقد جعله الشافعى أصلا لمذهبه فى أكثر المواضع التى يجب فيها الإطعام إلا أنه قد روى فى خبر سلمة بن صخر وأوس بن الصامت فى كفارة الظهار أنه قال فى أحدهما أطعم ستين مسكينا وسقا والوسق ستون صاعا. وفى الخبر الآخر أنه أتى بعرق. وفسره محمد ابن إسحاق بن يسار فى روايته ثلاثين صاعا. وإسناد الحديثين لا بأس به وإن كان حديث أبى هريرة أشهر رجالا فالاحتياط أن لا يقتصر على المدّ الواحد، لأن من الجائز أن يكون العرق الذى أتى به النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المقدر بخمسة عشر صاعا قاصرا فى الحكم عن مبلغ تمام الواجب عليه مع أمره إياه أن يتصدق به ويكون تمام الكفارة باقيا عليه إلى أن يؤدّيه عند اتساعه لوجوده كمن يكون عليه لرجل ستون درهما فيأتيه بخمسة عشر درهما فيقال لصاحب الحق خذه ولا يكون فى ذلك أسقط ما وراءه من حقه ولا براءة ذمته منه اهـ.
(والحديث) أخرجه أيضا الدارقطنى وكذا البيهقى من طريق الحسين بن حفص قال: ثناهشام ابن سعد عن ابن شهاب الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة أنّ رجلا جاء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واقع أهله فى رمضان فقال النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أعتق رقبة. قال لا أجد. قال صم شهرين متتابعين. قال لا أقدر عليه. قال أطعم ستين مسكينا. قال لا أجد. فأتى رسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بعرق فيه خمسة عشر صاعا فقال: خذ هذا فتصدّق به. فقال يا رسول الله ما أجد أحوج إلى هذا منى ومن أهل بيتى. فقال كله أنت وأهل بيتك وصم يوما مكانه واستغفر الله اهـ وهو حديث ضعيف. ففى سنده هشام بن سعد اهـ. وقال العينى على البخارى وقد رواه هشام بن سعد عن الزهرى فخالف الجماعة فى إسناده. فرواه عن أبى سلمة عن أبى هريرة وزاد فيه وصم يوما مكانه. وقال أبو عوانة الإسفرائنى غلط فيه هشام بن سعد اهـ.
(ص) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِىُّ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِى الْمَسْجِدِ فِى رَمَضَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْتَرَقْتُ. فَسَأَلَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُهُ؟ فَقَالَ أَصَبْتُ أَهْلِى. قَالَ تَصَدَّقْ. قَالَ وَاللَّهِ مَا لِى شَىْءٌ وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَالَ اجْلِسْ. فَجَلَسَ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا عَلَيْهِ طَعَامٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ آنِفًا؟ فَقَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقْ بِهَذَا. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى غَيْرِنَا؟ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَجِيَاعٌ مَا لَنَا شَىْءٌ. قَالَ كُلُوهُ.
(ش)(ابن وهب) عبد الله.
(قوله احترقت) أى ارتكبت ما يوجب الحرق بالنار ففيه إطلاق اسم المسبب على السبب
(قوله أين المحترق) أى أين الذى أخبرنا آنفا باحتراقه؟ "وفى إثباته" صلى الله تعالى وعلى آله وسلم له هذا الوصف، وقول الرجل: أصبت أهلى "دليل" على أنه تعمد الجماع كما تقدّم
(قوله فقال يا رسول الله أعلى غيرنا الخ) أى أتصدّق به على غيرنا ونحن فى حاجة إليه؟ كما ذكره بقوله: فوالله إنا لجياع. جمع جائع ويجمع أيضا على جواع (واستدلّ) بهذا الحديث جماعة. منهم عوف بن مالك وعبد الله بن رهم ومالك فى رواية عنه على أن الكفارة فى الجماع فى نهار رمضان لا تكون إلا بالإطعام دون غيره من الصيام والعتق ولكن لا حجة فيه لأنّ الحديث مختصر. فقد رواه ابن خزيمة فى صحيحه والبخارى فى تاريخه والبيهقى من طريق عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر عن عباد بن عبد الله عن عائشة قالت: كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جالسا فى ظل فارع "بالعين المهملة حصن بالمدينة" فجاءه رجل من بياضة فقال: احترقت "وقعت بامرأتى فى رمضان" قال أعتق رقبة. قال لا أجدها. قال أطعم ستين مسكينا. قال ليس عندى، فأتى النبى بعرق من تمر فيه عشرون صاعا فقال تصدق. فقال ما نجد عشاء ليلة، قال فعد به على أهلك. قال البيهقى: الزيادات فى هذه الرواية تدل على صحة حفظ أبى هريرة ومن دونه لتلك القصة. وقوله فيه عشرون صاعا بلاغ بلغ محمد بن جعفر. وقد روى فى حديث أبى هريرة خمسة عشر صاعا وهو أصح اهـ بحذف. هذا: ولم يذكر فى حديث عائشة الصيام. وقد ذكر فى حديث أبى هريرة المتقدم العتق والصيام. والقصة واحدة. فحفظ أبو هريرة ما لم تحفظه عائشة. فالأخذ بحديثه مقدم. وتقدم أيضا فى حديث على عند