الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم من غير سؤال. وعلى فطنة أم الفضل لاستكشافها عن الحكم الشرعى بهذه الوسيلة اللطيفة
(والحديث) أخرجه أيضا البخارى في عدة مواضع، وأخرجه مسلم والبيهقي
باب في صوم يوم عاشوراء
أى فى بيان حكمه وفى نسخة "باب في صوم عاشوراء" بإسقاط لفظ يوم. وعاشوراء على وزن فاعولاء وقد يقصر مشتق من العشر الذي هو اسم للعدد المعين. فهو معدول عن عاشرة صفة لموصوف محذوف. والأصل يوم الليلة العاشرة. فلما عدل به عن الصفة وغلبت عليه الاسمية استغنى عن الموصوف الذى هو الليلة فحذف فصار يوم عاشوراء علما على اليوم العاشر من شهر الله المحرم وإن كان صالحا لإطلاقه على اليوم العاشر من كل شهر بحسب أصله (وإلى أن يوم عاشوراء) هو اليوم العاشر من المحرم ذهب جمهور الصحابة والتابعين ومالك والشافعى وأحمد. فعلى هذا يكون اليوم مضافا لليلة الماضية. ويؤيده ما رواه الترمذى عن الحسن عن ابن عباس قال "أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بصيام يوم عاشوراء يوم العاشر" وذهب ابن عباس إلى أنه اليوم التاسع. واشتقاقه من العشر بكسر العين المهملة تقول العرب: وردت الإبل عشرا إذا ورد على الماء فى اليوم التاسع. وذلك لأنهم يحسبون في الإظماء يوم الورود وإذا قامت في الرعى يومين تامين ثم وردت فى اليوم الثالث قالوا وردت ربعا. وإن رعت ثلاثا ووردت في الرابع قالوا وردت خمسا فيحسبون بقية اليوم الذي وردت فيه قبل الرعى وأول اليوم الذي وردت فيه بعد الرعى، فعلى هذا إذا رعت ثمانية أيام كاملة ووردت في اليوم التاسع قالوا وردت عشرا. واستدل بحديث حاجب بن عمر عن الحكم بن الأعرج قال. انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه فى زمزم فقلت أخبرنى عن يوم عاشوراء، أي يوم أصومه؟ فقال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم أصبح من اليوم التاسع صائما. قلت أهكذا كان يصومه محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم؟ قال نعم. رواه والترمذى وكذا المصنف فى الباب الآتى: فإن ظاهره يقتضى أن عاشوراء هو التاسع. لكنه غير مسلم لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يصم إلا العاشر وعزم في آخر عمره على صيام التاسع كما ذكره المصنف في الباب بعد "وقوله" فى حديث ابن عباس وأصبح يوم التاسع صائما "ليس نصا" فى أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع لاحتمال أنه أمره بصيام اليوم التاسع ليضم إليه العاشر. ويؤيده ما رواه أحمد عن ابن عباس مرفوعا "صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده" لكنها رواية ضعيفة منكرة من طريق داود بن على عن أبيه عن جده. وقال الترمذى: روى عن ابن عباس أنه قال صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود اهـ وقيل سمى التاسع عاشرا لإضافة اليوم إلى الليلة الآتية وقال الزين ابن المنير
"قوله إذا أصبحت من تاسعه فأصبح" يشعر بأن ابن عباس أراد العاشر، لأنه لا يصبح صائما بعد أن أصبح من تاسعه إلا إذا نوى الصوم من الليلة المقبلة وهي الليلة العاشرة اهـ فعلى كلامه يكون ابن عباس موافقا للجمهور في أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتَرَكَ عَاشُورَاءُ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.
(ش)(قوله تصومه قريش فى الجاهلية) لعلهم كانوا يصومونه عملا بما تلقونه من الشرائع السالفة كشريعة إبراهيم وإسماعيل وكانوا يعظمونه بكسوة الكعبة فيه
(قوله وكان رسول الله يصومه فى الجاهلية) أى قبل البعثة، فيكون صومه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بحكم الموافقة لهم كما فى الحج. ويحتمل أن يكون بعد البعثة وقبل الهجرة. وأذِن الله تعالى له فى صيامه لأنه فعل خير
(قوله فلما قدم رسول الله المدينة صامه الخ) أى لماهاجر إلى المدينة صام يوم عاشوراء وداوم على صيامه. ولم يصمه اقتداء بهم، فإن كان يصومه من قبل وأمر الناس بصيامه استئلافا لليهود كما استألفهم باستقبال قبلتهم، فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان فى مبدأ الهجرة يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه. فقد روى البخارى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قدم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ماهذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بنى إسراءيل من عدوهم فصامه موسى. قال فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه. ويأتى للمصنف بعد حديث (ولا ينافى) هذا ما رواه مسلم من حديث أبى موسى قال: كان يوم عاشوراء يوما تعظمه اليهود وتتخذه عيدا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: صوموه أنتم "فإنه لا يلزم" من اتخاذه عيدا وتعظيمهم له أنهم كانوا لا يصومونه، بل كان من جملة تعظيمهم له صومه كما جاء فى رواية لمسلم عن أبى موسى أيضا قال: كان أهل خيبر يصومون عاشوراء يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم، أى الحسن الجميل
(قوله فلما فرض رمضان) كان فرضه في السنة الثانية من الهجرة كما تقدم، وفى أولها صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، لأنه قدم المدينة في ربيع الأول، فلم
يصم عاشوراء إلا فى أول السنة الثانية (وظاهر الحديث) يدل على أن صيام يوم عاشوراء كان واجبا ثم نسخ بفرض رمضان. وبه قال أبو حنيفة وجماعة من أصحاب الشافعى. وقال آخرون منهم: إنه سنة من حين شرع ولم يكن واجبا قط على هذه الأمة، لكنه كان مؤكدا. فلما فرض رمضان صار مستحبا. والقول الأول هو الأقوى لما رواه البخارى ومسلم والبيهقى عن سلمة بن الأكوع أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعث رجلا ينادى فى الناس يوم عاشوراء "أن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل" وما رواه أحمد وابن أبى خيثمة من طريق عبد الله بن أبى بكر عن حبيب بن هند بن أسماء الأسلمى عن أبيه قال: بعثنى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى قومى من أسلم فقال: مر قومك أن يصومواهذا اليوم يوم عاشوراء، فمن وجدته منهم قد أكل فى أول يومه فليصم آخره. وفى رواية له عن أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعثه فقال: مر قومك بصيام هذا اليوم "يعنى يوم عاشوراء" قال أرايت إن وجدتهم قد طعموا؟ قال فليتموا آخر يومهم وما رواه مسلم عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يأمرنا بصيام عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده. فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده وروى الشيخان والبيهقى عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار التى حول المدينة. من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه. قالت فكنا نصومه بعد ذلك ونصوم صبياننا الصغار ونجعل لهم اللعبة من العهن ونذهب بهم إلى المسجد، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون الإفطار "أما" ما رواه البخارى عن معاوية بن أبى سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر "فالمراد" لم يكتبه عليكم على الدوام كصيام رمضان. ويؤيده أن معاوية إنما صحب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من سنة الفتح، والذين شهدوا أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه فى العام الثانى "وما" رواه مسلم عن ابن عمر أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: يوم عاشوراء يوم كان يصومه أهل الجاهلية، فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومن كرهه فليدعه "فليس" نصا على أن ذلك كان قبل فرض رمضان لاحتمال أن يكون بعد فرض رمضان وهو الأقرب جمعا بين الأدلة، فلا يصلح للاحتجاج به على دعواهم "وبهذا تعلم أن قول" من قال إن المتروك تأكد استحبابه والباقى مطلق استحبابه "ضعيف" لأن تأكد استحبابه باق ولا سيما مع استمرار الاهتمام به حتى فى عام وفاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيث يقول: لئن بقيت
إلى قابل لأصومن التاسع. أفاده الحافظ في الفتح. ولترغيبه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في صيامه بأنه يكفر السنة الماضية كما فى حديث أبى قتادة عند مسلم وأحمد والنسائي وفيه "وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية"، وأى تأكيد أبلغ من هذا
(والحديث) أخرجه أيضا البخاري ومسلم والنسائى والبيهقى والدارمى والترمذى وقال حديث صحيح
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا نَصُومُهُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.
(ش)(يحيى) بن أبى كثير. و (عبيد الله) بن عمر بن حفص
(قوله هذا يوم من أيام الله) أضافه إلى الله تعالى تشريفا وترغيبا فى صيامه والإكثار من العبادة فيه، وإلا فجميع الأيام لله تعالى
(قوله فمن شاء صامه الخ) الغرض منه أنه ليس بواجب فلا ينافى ما جاء فى الترغيب فى صيامه
(والحديث) أخرجه أيضا مسلم والطحاوى وابن خزيمة، وكذا الدارمى قال: أخبرنا يعلى عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا يوم عاشوراء، وكانت قريش تصومه فى الجاهلية، فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومن أحب منكم أن يتركه فليتركه. وكان ابن عمر لا يصومه إلا أن يوافق صيامه
(ص) حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ نَا هُشَيْمٌ أَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
(ش)(هشيم) بن بشير. و (أبو بشر) جعفر بن أبي إياس
(قوله وجد اليهود يصومون عاشوراء) أى لما قدم المدينة فى ربيع الأول وأقام بها إلى يوم عاشوراء من السنة الثانية، وجد