الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصابع، وبالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائما" وقال حديث حسن صحيح. وقد كره أهل العلم السعوط للصائم ورأوا أن ذلك يفطر. وفى الحديث ما يقوى قولهم اهـ وللبيهقى نحو حديثه
باب فى الصائم يحتجم
أى أيجوز له الاحتجام أم لا؟
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ ح وَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى نَا شَيْبَانُ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى قِلَابَةَ عَنْ أَبِى أَسْمَاءَ يَعْنِى الرَّحَبِىَّ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ. قَالَ شَيْبَانُ فِي حَدِيثِه قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ أَبَا أَسْمَاءَ الرَّحَبِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
(ش)(الرجال)(يحيى بن سعيد) القطان. و (هشام) بن أبى عبد الله الدستوائى و (حسن بن موسى) الأشيب أبو على البغدادى قاضى طبرستان والموصل وحمص. روى عن شعبة وجرير بن حازم والحمادين وزهير بن معاوية وغيرهم. وعنه أحمد بن حنبل وأحمد بن منيع وهارون الحمال وبشر بن موسى وجماعة. وثقه ابن معين وابن المدينى وابن سعد وقال كان صدوقا فى الحديث وذكره ابن حبان فى الثقات. توفى سنة ثمانى أو تسع عشرة ومائتين روى له الجماعة و (شيبان) بن عبد الرحمن
(قوله جميعا عن يحيى) أي حدث كل من هشام الدستوائى وشيبان عن يحيى بن أبى كثير. و (أبو قلابة) عبد الله بن زيد. و (أبو أسماء الرحبى) عمرو بن مرثد. تقدم بالثامن صفحة 177 (المعنى)
(قوله أفطر الحاجم والمحجوم) أى تعرض كل منهما للإفطار. أمّا المحجوم فلخشية الضعف من نزول الدم منه. وأما الحاجم فلأنه لا يأمن أن يصل إلى جوفه شئ من الدم عند مص المحجم، وليس المراد أنهما أفطرا حقيقة هو نظير قولهم هلك فلان إذا تعرض للهلاك وإن كان سالما، وحديث من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين رواه الأربعة عن أبى هريرة أى أنه تعرض للذبح لا أنه ذبح حقيقة. ولذا قال الجمهور إن الحجامة لا تفسد الصوم غير أنها مكروهة للصائم عند مالك والشافعى والثورى. ولا تكره عند أبى حنيفة وأصحابه لما سيأتى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم احتجم وهو صائم. وحمله جماعة على ظاهره، فقالوا إن الحجامة تفطر الصائم حاجما كان أو محجوما: منهم على وأبو هريرة وعطاء والأوزاعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور
وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان. واحتجوا بأحاديث الباب ونحوها. وشذ عطاء فأوجب الكفارة أيضا وسيأتى بيان الراجح وأدلته
(قوله قال شيبان فى حديثه الخ) وفى بعض النسخ "قال شيبان قال أخبرنى الخ" وفى بعضها: قال شيبان أخبرنى الخ. وغرض المصنف بهذا بيان كيفية الأداء فى طريق شيبان بأنها بالإخبار والتحديث والسماع بخلاف طريق هشام فإنها بالعنعنة
(والحديث) أخرجه أيضا أحمد وابن ماجه والنسائى وابن خزيمة وابن حبان والطحاوى وأخرجه الدارمى من طريق هشام عن يحيى عن أبى قلابة أن أبا أسماء الرحبى حدثه أن ثوبان حدثه قال: بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمشى بالبقيع إذا رجل يحتجم فقال أفطر الحاجم والمحجوم. وأخرجه الحاكم والبيهقى من طريق الأوزاعى قال: حدثنى يحيى بن أبى كثير حدثنى أبو قلابة حدّثنى أبو أسماء حدثنى ثوبان رضي الله عنه قال خرجت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لثمانى عشرة خلت من شهر رمضان فلما كان بالبقيع نظر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى رجل يحتجم فقال: أفطر الحاجم والمحجوم. وقال الحاكم: قد أقام الأوزاعى هذا الإسناد فجوده وبين سماع كل واحد من الرواة من صاحبه. وتابعه على ذلك شيبان ابن عبد الرحمن وهشام الدستوائى وكلهم ثقات. فالحديث صحيح على شرط الشيخين اهـ
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى نَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِى أَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِىُّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ بَيْنَمَا هُوَ يَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
(ش) أى ذكر نحو حديث ثوبان المتقدّم. ولفظه عند ابن ماجه عن يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة أنه أخبره أن شدّاد بن أوس بينما هو يمشى مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالبقيع فمرّ على رجل يحتجم بعد ما مضى من الشهر ثمانية عشرة ليلة قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: أفطر الحاجم والمحجوم. و (الجرمىّ بكسر فسكون نسبة إلى جرم مدينة بالعراق. وفى سند المصنف وابن ماجه انقطاع بإسقاط أبى الأشعث بين أبى قلابة وشدّاد (فقد أخرج) هذه الرواية النسائى وابن حبان من طريق يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شدّاد. وأخرجها أيضا الحاكم من طريق عاصم الأحول عن أبى قلابة عن أبى الأشعث الصنعانى عن شدّاد قال: مر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمعقل بن يسار صبيحة ثمانى عشرة من رمضان وهو يحتجم فقال: أفطر الحاجم والمحجوم وأخرج بسنده إلى على بن المديني قال حديث شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله تعالى عليه
وعلى آله وسلم أنه رأى رجلا يجتجم فى رمضان رواه عاصم الأحول عن أبى قلابة عن أبى الأشعث ورواه يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى أسماء عن ثوبان ولا أرى الحديثين إلا صحيحين فقد يمكن أن يكون سمعه منهما جميعا اهـ
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا وُهَيْبٌ نَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِى قِلَابَةَ عَنْ أَبِى الأَشْعَثِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِى لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ.
(ش)(وهيب) بن خالد. و (أيوب) بن كيسان السختيانى. و (أبو الأشعث) شراحيل بن آدة.
(قوله أتى على رجل بالبقيع) هو معقل بن يسار كما فى رواية الحاكم المذكورة سابقا. لكن فى رواية أحمد ما يفيد أنه شدّاد بن أوس. فقد روى من طرق داود بن أبى هند عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن أبى أسماء الرحبى عن شدّاد بن أوس قال: مر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليّ وأنا أحتجم فى ثمانى عشرة خلت من رمضان فقال: أفطر الحاجم والمحجوم ويمكن الجمع بينهما "باحتمال تعدّد القصة" فرّ أوّلا على شدّاد وهو يحتجم ومر ثانيا على معقل بن يسار وصحبته شداد (وهذه الرواية) أخرجها البيهقى وأخرجها الحاكم من طريق أيوب عن أبى الأشعث بإسقاط أبى قلابة: وأخرجها الدارمى والبيهقى من طرق عبد الله بن زيد "أبى قلابة" عن أبى الأشعث الصنعانى عن أبى أسماء الرحبي عن شداد بن أوس قال: مررت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى ثمانى عشرة خلت من رمضان فأبصر رجلا يحتجم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: أفطر الحاجم والمحجوم
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِى قِلَابَةَ بِإِسْنَادِ أَيُّوبَ مِثْلَهُ.
(ش) أى روى الحديث خالد الحذاء عن أبى قلابة كما رواه عنه أيوب السختيانى (وهذه الرواية) أخرجها أحمد والطحاوى قال: حدثنا ابن أبى داود ثنا عمرو بن عوف ثنا هشيم عن خالد ومنصور عن أبى قلابة عن أبى الأشعث الصنعانى عن شداد بن أوس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مر فى رمضان على رجل يحتجم فقال أفطر الحاجم والمحجوم (والحاصل) أن المصنف ذكر لهذا الحديث أربع طرق "الأوّل" عن يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى أسماء عن ثوبان "الثانى" عن يحيى عن أبى قلابة عن شداد "الثالث" عن أيوب عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شدّاد "الرابع" عن
خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد. فمدار الحديث فى الكل على أبى قلابة. غير أنه رواه فى الأول عن أبى أسماء، وفى الثانى عن شداد، وفيه انقطاع كما تقدّم" وفى الثالث والرابع عن أبى الأشعث وهذا الاختلاف لا يقدح فى صحة الحديث خلافا لما زعمه بعضهم، لأنّ غاية ما فيه تعدّد طرقه وهو مما يزيده قوة. وأن أبا قلابة رواه مرة عن أبى أسماءَ وأخرى عن أبى الأشعث عن شداد وأخرى عن شداد بإسقاط أبى الأشعث. وكذا ما تقدم فى رواية أحمد من أن الذى كان يحتجم هو شداد ابن أوس، وفى رواية الحاكم من أنه معقل بن يسار "لا يضر" للجمع بينهما بتعدد القصة كما علمت: (والحديث) أخرجه عن رافع بن خديج، ابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين، والترمذى وقال حسن صحيح وذكر عن أحمد أنه قال أصح شئ فى هذا الباب حديث رافع بن خديج. وذكر عن على بن عبد الله "يعنى المدينى" أنه قال أصح شئ فى هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس لأن يحيى بن أبى كثير روى عن أبى قلابة الحديثين جميعا اهـ فانتفى الاضطراب وتعين الجمع بذلك. وقد صحح البخارى الطريقين كما تقدم. وكذا قال عثمان الدارمى صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم من طريق ثوبان وشداد. وقال المروزى قلت لأحمد: إن يحيى بن معين قال ليس فيه شئ يثبت. فقال هذا مجازقة، وقد صحح الحديثين ابن خزيمة وابن حبان والحاكم. أفاده فى الفتح
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ح وَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ نَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى مَكْحُولٌ أَنَّ شَيْخًا مِنَ الْحَىِّ "قَالَ عُثْمَانُ فِى حَدِيثِهِ" مُصَدَّقًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ.
(ش)(الرجال)(إسماعيل بن إبراهيم) الأحول أبو يحيى التيمى الكوفى. روى عن عطاء بن السائب والأعمش ويزيد بن أبى زياد وإبراهيم بن الفضل وغيرهم، وعنه الحسن بن حماد وأبو سعيد الأشج وعثمان بن أبى شيبة وأبو كريب وجماعة. ضعفه أبو حاتم وابن نمير والترمذى والنسائى وابن المدينى ومسلم والدارقطنى وقال ابن حبان يخطئ لا يحتج إذا انفرد وقال الحاكم أبو أحمد ليس بالقوى وقال ابن عدى وابن معين يكتب حديثه. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه. و (ابن جريج): عبد الملك بن عبد العزيز. و (مكحول) أبو عبد الله الدمشقى. و (الشيخ من الحى) لعله أبو أسماء الحى كما فى الرواية الآتية (المعنى)
(قوله مصدقا) بالنصب صفة لشيخا، وفى نسخة مصدق خبر مبتدأ محذوف أى هو مصدق
(ص) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ نَا مَرْوَانُ نَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ نَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِى أَسْمَاءَ الرَّحَبِىِّ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ
(ش)(مروان) بن محمد. وتقدم شرح هذا الحديث أول الباب
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ.
(ش) أى روى هذا الحديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه ثابت بن ثوبان عن مكحول مثل حديث العلاء بن الحارث عن مكحول. فقد نسب المصنف عبد الرحمن إلى جده. (والغرض) من هذا كله الإشارة إلى أن حديث ثوبان جاه من عدة طرق. هذا وقد روى حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" عن جماعة من الصحابة غير شداد وثوبان مرفوعا إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: منهم أبو هريرة وعائشة وابن عباس وبلال وأبو موسى ومعقل بن يسار وعلىّ بن أبى طالب وأسامة بن زيد وأبو الدرداء. عند النسائى. ومنهم رافع بن خديج، عند الترمذى والحاكم والبزار فى زيادات المسند. ومنهم ابن عمر وأبو زيد الأنصارى عند ابن عدى وابن مسعود عند العقيلى فى الضعفاء. وجابر وسمرة عند البزار
باب الرخصة فى ذلك
وفى نسخة "باب فى الرخصة فى ذلك" أى فى جواز الاحتجام للصائم
(ص) حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو نَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ.
(ش)(عبد الوارث) بن سعيد. و (أيوب) بن كيسان. هذا (وفى أحاديث) الباب دليل على أن الحجامة لا تفطر الصائم. وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين. منهم أنس وأبو سعيد الخدرى وزيد بن أرقم وسعد بن أبى وقاص وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأمّ سلمة. والشعبى وعروة وعطاء بن يسار والقاسم بن محمد وزيد بن أسلم وعكرمة. وأبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعى وأصحابه إلا ابن المنذر منهم والبيهقى، مستدلين بأحاديث الباب (وأجابوا) عن حديث أفطر الحاجم والمحجوم، بأنه منسوخ بما رواه الدارقطنى عن أبى سعيد الخدرى قال:
رخص رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى القبلة للصائم والحجامة. قال الدارقطنى رواته كلهم ثقات. وبما رواه أيضًا عن ثابت عن أنس بن مالك قال: أوّل ما كرهت الحجامة للصائم أنّ جعفر بن أبى طالب احتجم وهو صائم فمرّ به النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نقال. أفطر هذان "يعنى الحاجم والمحجوم" ثم رخص النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد فى الحجامة للصائم. وكان أنس يحتجم وهو صائم. قال الدارقطنى: رواته كلهم ثقات ولا أعلم له علة. قالوا ففيهما لفظ الترخيص وغالب ما يستعمل بعد النهى فيكون ناسخا له: ومنسوخ أيضا بحديث ابن عباس الآتى "احتجم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو صائم محرم، وذلك أنّ ابن عباس صحب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم محرما في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة. ولم يصحبه محرما قبل ذلك، وحديث أفطر الحاجم، كان زمن الفتح كما جاء فى رواية الشافعى والبيهقى بإسناد صحيح شدّاد قال: كنا مع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى وعلى آله وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم لثمانى عشرة خلت من رمضان فقال وهو آخذ بيدى "أفطر الحاجم والمحجوم" وكان الفتح سنة ثمان "وما ذكره" ابن خزيمة فى حديث ابن عباس من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان صائما محرما، ولم يكن قط محرما مقيما ببلده، وإنما كان محرما وهو مسافر. وللمسافر إن كان ناويا الصيام فمضى عليه بعض النهار الأكل والشرب على الصحيح. فإذا جاز له ذلك جاز له أن يحتجم وهو مسافر. قال وليس فى خبر ابن عباس. ما يدل على إفطار المحجوم فضلا عن الحاجم "مدفوع" بأنّ المتبادر من قوله احتجم وهو صائم أن الحجامة لم تفسد صومه وإن استمر عليه، ولو كان المراد كما قال ابن خزيمة لقال أفطر بالحجامة كما يقال أفطر الصائم بشرب الماء وبأكل التمر ونحوهما ولا يقال شرب ماء وهو صائم ولا أكل تمرا وهو صائم. أفاده الخطابى "ومن أجوبة" الجمهور أيضا أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر على شخصين كانا يغتابان حال الحجامة كما ذكره الطحاوى من طريق يزيد بن ربيعة عن أبى الأشعث الصنعانى قال: إنما قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان قال الطحاوى: وهذا المعنى صحيح وليس إفطارهما ذلك كالإفطار بالأكل والشرب والجماع، لكن حبط أجرهما باغتيابهما. وهذا كما قيل "الكذب يفطر الصائم" ليس يراد به الفطر الذى يوجب القضاء إنما هو على حبوط الأجر بذلك اهـ
(والحديث) أخرجه أيضا البخارى والطحاوى والبيهقى وكذا الترمذى بلفظ "احتجم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم محرم صائم" وقال حديث صحيح
(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَجَعْفَرُ بْنُ
رَبِيعَةَ وَهِشَامُ يَعْنِى ابْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
(ش) أى روى الحديث وهيب بن خالد عن أيوب السختيانى عن عكرمة مثل رواية عبد الوارث عن أيوب. ورواه عن عكرمة أيضا بهذا اللفظ جعفر بن ربيعة وهشام بن حسان وأشار بهذا إلى أنّ حديث عكرمة أيضا ابن عباس روى من عدّة طرق (وحديث) وهيب وصله البخارى. قال: حدّثنا معلى بن أسد ثنا وهيب عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم (وحديث) جعفر بن ربيعة وصله الطحاوى. قال: حدثنا ربع الجيزى ثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار المرادى أنبأنا ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن عكرمة الخ "أما حديث" هشام بن حسان عن عكرمة فلم نقف على من وصله
(ص) حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ نَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى زِيَادٍ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ.
(ش)(شعبة) بن الحجاج. و (مقسم) بن بجرة ويقال ابن نجدة
(قوله احتجم وهو صائم محرم) زاد الشافعى وابن عبد البر وغيرهما أن ذلك كان فى حجة الوداع. واستشكل كونه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جمع بين الصيام والإحرام، لأنه لم يكن من شأنه التطوّع بالصيام فى السفر ولم يكن محرما إلا وهو مسافر، ولم يسافر فى رمضان إلى جهة الإحرام إلا فى غزوة الفتح ولم يكن حينئذ محرما. فالظاهر رواية البخارى "احتجم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو صائم، واحتجم وهو محرم" ويحمل على أنّ كل واحد منهما وقع فى حالة مستقلة، وهذا لا مانع منه. فقد صح أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم صام وهو مسافر كما فى الصحيحين بلفظ "وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعبد الله بن رواحة" وتقدّم للمصنف أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمرهم بالفطر ليقووا على العدوّ واستمر هو صائما. ويقوّى ذلك أنّ أكثر الأحاديث ورد فيه أحد الأمرين (والحاصل) أن حديث ابن عباس ورد على أربعة أوجه (الأول) احتجم وهو محرم أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن بحينة (الثانى) احتجم وهو صائم وهو المتقدّم أول الباب عن عكرمة (الثالث) حديث عكرمة "احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم، أخرجه أحمد والبخارى (الرابع) حديث مقسم "احتجم وهو صائم محرم" (وهذا أخرجه) أيضا ابن ماجه وكذا الطحاوى والبيهقى والترمذى عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين مكة والمدينة وهو محرم صائم. وقال الترمذى حديث حسن صحيح اهـ وأعله أحمد فقال: ليس فيه صائم إنما هو محرم عند أصحاب ابن عباس. طاوس وعطاء وسعيد بن جبير
قال: فهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون صياما
(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنِى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ. فَقَالَ إِنِّى أُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ وَرَبِّى يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِى.
(ش)(سفيان) الثورى (والحديث) دليل على أن النهى عن الحجامة للصائم للكراهة رفقا بالأمة وشفقة عليها وهو مذهب الجمهور. وهو وما بعده من الأدلة الصارفة لأحاديث الباب السابق عن ظاهرها (والحديث) أخرجه أيضا أحمد وعبد الرزاق فى مصنفه وأخرجه البيهقى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المواصلة والحجامة للصائم إبقاء على أصحابه ولم يحرمهما، فقيل له إنك تواصل، فقال: إنى أظل يطعمنى ربى ويسقينى
(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ نَا سُلَيْمَانُ يَعْنِى ابْنَ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ مَا كُنَّا نَدَعُ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ إِلَاّ كَرَاهِيَةَ الْجَهْدِ.
(ش)(ثابت) البنانى
(قوله ما كنا ندع الحجامة للصائم الخ) أى ما كان أحد منا معشر الصحابة يترك الحجامة وهو صائم إلا مخافة حصول المشقة. فالجهد بفتح الجيم المشقة: وقد جاء نحو هذا الأثر عن جماعة من الصحابة: منهم أبو سعيد الخدرى كما أخرجه الطحاوى من طريق عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة عن قتادة عن أبى المتوكل عن أبى سعيد الخدرى قال: إنما كرهنا الحجامة للصائم من أجل الضعف. وأخرجه البيهقى ومنهم ابن عباس كما أخرجه الطحاوى أيضا من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: إنما كرهت الحجامة للصائم مخافة الضعف. وروى أيضا من طريق عاصم الأحول أن أبا العالية قال: إنما كرهت مخافة أن يغشى عليه: قال فأخبرت بذلك أبا قلابة فقال لى. إن غشى عليه يسقى الماء. وقال مالك فى الموطأ: لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية أن يضعف، ولولا ذلك لم تكره. ولو أن رجلا احتجم فى رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئا ولم آمره