المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(ش) أى روى هذا الحديث حفص بن غياث عن هشام - المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود - جـ ١٠

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌باب في صلة الرحم

- ‌باب في الشح

- ‌ التحذير من البخل

- ‌كتاب الصيام

- ‌حكمة مشروعيته

- ‌باب مبدأ فرض الصيام

- ‌باب نسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌باب من قال هي مثبتة للشيخ والحبلى

- ‌باب الشهر يكون تسعا وعشرين

- ‌باب إذا أغمى الشهر

- ‌باب من قال فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين

- ‌باب فى التقدم

- ‌باب إذا رؤى الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة

- ‌باب كراهية صوم يوم الشك

- ‌باب فيمن يصل شعبان برمضان

- ‌باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال

- ‌باب في توكيد السحور

- ‌باب من سمى السحور الغداء

- ‌ الترغيب فى السحور

- ‌باب وقت السحور

- ‌باب الرجل يسمع النداء والإناء على يده

- ‌باب وقت فطر الصائم

- ‌باب ما يستحب من تعجيل الفطر

- ‌الحكمة في ذلك

- ‌باب ما يفطر عليه

- ‌الحكمة فى الإفطار على التمر

- ‌باب القول عند الإفطار

- ‌باب الفطر قبل غروب الشمس

- ‌باب في الوصال

- ‌باب الغيبة للصائم

- ‌باب السواك للصائم

- ‌باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ فى الاستنشاق

- ‌باب فى الصائم يحتجم

- ‌باب فى الصائم يحتلم نهارا فى رمضان

- ‌باب فى الكحل عند النوم للصائم

- ‌باب القبلة للصائم

- ‌باب الصائم يبلع الريق

- ‌باب فيمن أصبح جنبا فى شهر رمضان

- ‌باب كفارة من أتى أهله فى رمضان

- ‌باب التغليظ فيمن أفطر عمدا

- ‌باب من أكل ناسيا

- ‌باب تأخير قضاء رمضان

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌باب من اختار الفطر

- ‌باب فيمن اختار الصيام

- ‌باب متى يفطر المسافر إذا خرج

- ‌باب قدر مسيرة ما يفطر فيه

- ‌باب من يقول صمت رمضان كله

- ‌باب فى صوم العيدين

- ‌باب صيام أيام التشريق

- ‌باب النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم

- ‌باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم

- ‌باب في صوم الدهر

- ‌باب فى صوم أشهر الحرم

- ‌باب في صوم المحرم

- ‌باب صوم رجب

- ‌باب فى صوم شعبان

- ‌باب في صوم ستة أيام من شوال

- ‌باب كيف كان يصوم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

- ‌باب فى صوم الاثنين والخميس

- ‌باب في فطر العشر

- ‌باب في صوم عرفة بعرفة

- ‌باب في صوم يوم عاشوراء

- ‌باب ما روى أن عاشوراء اليوم التاسع

- ‌باب فى صوم يوم وفطر يوم

- ‌باب فى صوم الثلاث من كل شهر

- ‌باب من قال الاثنين والخميس

- ‌باب من قال لا يبالى من أي الشهر

- ‌باب النية فى الصيام

- ‌باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها

- ‌باب فى الصائم يدعى إلى وليمة

- ‌باب ما يقول الصائم إذا دعى إلى تناول الطعام

- ‌باب الاعتكاف

- ‌باب أين يكون الاعتكاف

- ‌باب المعتكف يدخل البيت لحاجته

- ‌باب المعتكف يعود المريض

- ‌باب المستحاضة تعتكف

- ‌ كتاب المناسك

- ‌(باب فرض الحج)

- ‌ باب فى المرأة تحج بغير محرم

- ‌ باب لا صرورة فى الإسلام

- ‌ باب التزود فى الحج

- ‌ التوكل المحمود

- ‌ باب التجارة فى الحج

- ‌ باب الكرى

- ‌ باب الصبى يحج

- ‌ باب المواقيت

- ‌[خاتمة المُعتني بالكتاب]

الفصل: (ش) أى روى هذا الحديث حفص بن غياث عن هشام

(ش) أى روى هذا الحديث حفص بن غياث عن هشام بن حسان كما رواه عنه أبو خالد والغرض منه تقوية الحديث. ولم نقف على من وصل هذا التعليق

‌باب ما يقول الصائم إذا دعى إلى تناول الطعام

وفى نسخة إسقاط لفظ باب. وفى أخرى إسقاط هذه الترجمة

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دُعِىَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ.

(ش)(سفيان) بن عيينة و (أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان. و (الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز

(قوله فليقل إنى صائم) أى يعتذر للداعي له بقوله إنى صائم، وإن كان يستحب إخفاء النوافل لئلا يؤدى امتناعه إلى العداوة والبغضاء. فإن سامحه الداعى سقط عنه الحضور وإلا لزمه، لأن الصوم ليس عذرا فى التأخر عن إجابة الدعوة. وإذا حضر فلا يلزمه الأكل إلا إذا كان الداعي يتأذى بامتناعه فيأكل

(الفقه) دل الحديث على أنه لا بأس بإظهار نوافل الصوم إذا دعت الحاجة إليه. وعلى الإرشاد إلى حسن المعاشرة وتأليف القلوب وحسن الاعتذار عند سببه

(والحديث) أخرجه أيضا مسلم والدارمي والنسائى وابن ماجه والترمذى وقال حسن صحيح

‌باب الاعتكاف

وفى نسخة إسقاط لفظ باب. ومناسبته للصوم من حيث أن الصوم شرط من شروط الاعتكاف الواجب اتفاقا وكذا فى غيره على الأصح كما يأتى وأن الاعتكاف مؤكد فى العشر الأواخر من رمضان وهو فى اللغة اللبث والحبس على الشيء سواء أكان خيرا كقوله تعالى {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} أى الملازم للمسجد الحرام والطارئ عليه، أم كان شرا كقوله تعالى {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} أى يلازمون عبادتها. وفى عرف الشرع المكث فى مسجد جماعة "وهو ما له إمام ومؤذن ولو لم تصل فيه الخمس" مع النية فاللبث ركن والنية شرط. وكذا المسجد لحديث ابن عباس أن أبغض الأمور إلى الله تعالى البدع، وإن من البدع الاعتكاف فى المساجد التي فى الدور. رواه البيهقى. وقال على الاعتكاف إلا فى مسجد جماعة رواه عبد الرزاق وابن أبى شيبة. وهذا فى حق الرجل. أما المرأة فتعتكف فى مسجد بيتها. ويكره اعتكافها فى مسجد جماعة

ص: 228

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

(ش)(عقيل) بالتصغير ابن خالد (وفى الحديث) دليل على مشروعية الاعتكاف ولا سيما فى العشر الأواخر من رمضان. وقد اتفق العلماء على ذلك. واختلفوا فى حكمه: فقال مالك وأصحابه إنه مستحب من نوافل الخير. وقيل سنة. وقال ابن عبد السلام: مقتضى الأحاديث أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم داوم على فعله، فيكون سنة وهو وجيه (وقال) ابن العربى إنه سنة مؤكدة وعند الحنفية ثلاثة أقسام "الأول" سنة مؤكدة "فى العشر الأواخر من رمضان" لحديث الباب "الثاني" واجب بالنذر المطلق كقوله لله علىّ أن أعتكف كذا، أو المعلق كقوله إن شفى الله فلانا لأعتكفن كذا، لحديث ابن عمر رضى الله عنهما أنّ عمر نذر فى الجاهلية أن يعتكف يوما فى المسجد الحرام فسأل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. فقال أوف بنذرك. رواه الشيخان. والصوم شرط فيه دون غيره على المذهب، حتى لو قال لله علىّ نذر أن أعتكف يوما بلا صوم لزماه "الثالث" مستحب فى غير ذلك للإجماع. وقال الشافعى وأحمد إنه سنة لمواظبته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليه. وعن أحمد لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أنه مسنون. وعن أبى المنذر نجوه. ومحل هذا الخلاف فى غير المنذور. أما المنذور فاتفقوا على وجوبه. واختلف فى أقل زمن الاعتكاف. فقال مالك أقله يوم وليلة وهو مشهور المذهب. وقيل ثلاثة أيام. وقال ابن القاسم عنه أقله عشرة. وعند البغداديين من أصحابه أن العشرة مستحب وأن أقله يوم وليلة (وقال) الشافعى وأصحابه: أقله لحظة وهو قول داود الظاهرى والمشهور عن أحمد. والمستحب ألا ينقص عن يوم خروجا من خلاف من أوجبه (وقالت) الحنفية أقل النفل منه ساعة على المفتى به. وقيل يوم. وأقل الواجب يوم لاشتراط الصوم فيه. وقال عطاء بن أبى رباح: إذا جلس الشخص فى المسجد يقصد الخير فهو معتكف ما دام فيه. وهو قول يعلى من أمية. وقال سويد بن غفلة من جلس فى المسجد وهو طاهر فهو عاكف فيه ما لم يحدث. قال ابن حزم: يعلى صحابى. وسويد من كبار التابعين أفتى أيام عمر بن الخطاب. ولا يعرف ليعلى فى هذا مخالف من الصحابة اهـ

(قوله حتى قبضه الله عز وجل الخ) فيه دليل على أن الاعتكاف لم ينسخ وأن النساء فيه كالرجال غير أنهن يعتكفن فى مساجد بيوتهن على ما يأتى بيانه (والحديث) أخرجه أيضا البخارى مسلم والترمذي والنسائي والدارقطنى وكذا البيهقى من طريق أبى معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله

ص: 229

صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان

(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَمَّادٌ أَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ لَيْلَةً.

(ش)(حماد) بن سلمة. و (ثابت) البنانى. و (أبو رافع) نفيع بن رافع

(قوله فلم يعتكف عاما) لأنه كان مسافرا كما فى رواية النسائى وابن ماجه والبيهقى عن أبى بن كعب قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان من العام المقبل اعتكف عشرين يوما. ويحتمل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تركه حين أراد أزواجه الاعتكاف معه فى المسجد كما فى الحديث بعد

(قوله اعتكف عشرين ليلة) أى من رمضان: عشرة قضاء عما فاته فى الماضى، وعشرة عن الحاضر. وهذا إما لأن الاعتكاف كان واجبا عليه بخصوصه، أو لتأكد سنيته (ويؤخذ منه) أن من اعتاد الاعتكاف أياما ثم لم يمكنه أداؤه فيها فله قضاؤه. قال الترمذى: واختلف أهل العلم فى المعتكف إذا قطع اعتكافه قبل أن يتمه على ما نوى فقال بعض أهل العلم إذا نقض اعتكافه وجب عليه القضاء. واحتجوا بالحديث أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خرج من اعتكافه فاعتكف عشرا من شوال وهو قول مالك، وقال بعضهم إن لم يكن عليه نذر اعتكاف أو شيء أوجبه على نفسه وكان متطوعا فخرج؛ فليس عليه شيء يقضى إلا أن يحب ذلك اختيارا منه ولا يجب ذلك عليه وهو قول الشافعى. قال الشافعى: كل عمل لك ألا تدخل فيه، فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضى إلا الحج والعمرة اهـ ومذهب الحنفية فى هذا كمذهب مالك (قال) الخطابى: فيه أنّ النوافل المعتادة تقضى إذا فاتت. وفيه دليل لمن أجاز الاعتكاف بغير صوم ينشئه له لأنّ صومه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى رمضان إنما كان للشهر (وقد اختلف) فى هذا. فقال الحسن البصرى: إن اعتكف من غير صوم أجزأه، وإليه ذهب الشافعي وروى عن علىّ وابن مسعود. وقال الأوزاعي ومالك لا اعتكاف إلا بصوم، وروى عن ابن عمر وابن عباس وعائشة. وهو قول ابن المسيب وعروة وابن الزبير والزهرى اهـ بتصرف وتقدّم أن الصوم شرط فى الاعتكاف الواجب دون غيره فى ظاهر الرواية عند الحنفية. وعن الحسن بن زياد أنه شرط للاعتكاف مطلقا؛ لحديث عائشة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: لا اعتكاف إلا بصوم. رواه الدارقطني والبيهقى. وذكر فى فتح القدير عدة أدلة ثم

ص: 230

قال فهذه تؤيد إطلاق اشتراط الصوم اهـ (والحديث) أخرجه أيضا النسائى وابن ماجه والبيهقي. وأخرجه الترمذى عن أنس وقال: حديث حسن غريب صحيح اهـ وصححه ابن حبان والحاكم

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ. قَالَتْ وَإِنَّهُ أَرَادَ مَرَّةً أَنْ يَعْتَكِفَ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ. قَالَتْ فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَمَرْتُ بِبِنَائِى فَضُرِبَ. قَالَتْ وَأَمَرَ غَيْرِى مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ. فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ نَظَرَ إِلَى الأَبْنِيَةِ فَقَالَ مَاهَذِهِ؟ آلْبِرَّ تُرِدْنَ؟ قَالَتْ فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَقُوِّضَ. وَأَمَرَ أَزْوَاجُهُ بِأَبْنِيَتِهِنَّ فَقُوِّضَتْ ثُمَّ أَخَّرَ الاِعْتِكَافَ إِلَى الْعَشْرِ الأُوَلِ يَعْنِى مِنْ شَوَّالٍ.

(ش)(أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير. و (عمرة) بنت عبد الرحمن الأنصارية

(قوله إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه) أى المكان الذي يريد المكث فيه للعبادة. وهو يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يدخل معتكفه بعد صلاة الصبح (واختلف) العلماء فيمن نوى اعتكاف يوم وليلة أو أكثر متى يدخل معتكفه (فذهب) الأوزاعى والثورى والليث بن سعد إلى أنه يدخل معتكفه بعد صلاة الصبح (وقال) جماعة منهم الأئمة الأربعة: يدخل معتكفه قبل غروب الشمس، لما رواه البخارى ومسلم عن أبى سعيد أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يعتكف العشر الأوسط من رمضان حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهى الليلة التى يخرج فى صبيحتها من اعتكافه قال: من كان معى فليعتكف العشر الأواخر. قالوا فإن العشر بدون هاء عدد الليالى قل تعالى {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وأوّل الليالى العشر ليلة إحدى وعشرين (وأجابوا) عن حديث الباب بأنه صلى الله تعلى عليه وعلى آله وسلم دخل المسجد أول الليل، ولكنه لم يخل بنفسه فى المكان الذي أعده للاعتكاف إلا بعد صلاة الصبح. إنما لم يدخله ليلا لأن الدخول فيه للخلوة. والليل وقت خلوة بنفسه فلم يحتج فيه إلى الخلوة (وأجاب) القاضى أبو يعلى من الحنابلة بحمل الحديث على أنه كان يفعل ذلك فى العشرين ليعتكف بعض يوم قبل العشر. وعليه يلزم أن تكون السنة فى

ص: 231

الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارا باليوم الأول، ولا مانع منه، وكلام الجمهور لا ينافيه، فإنهم ما تعرضوا له إثباتا ولا نفيا (وهذا) فى غير المنذور. أما المنذور فقال أبو حنيفة ومالك والشافعى: يدخل قبل غروب الشمس إذا نذر اعتكاف شهر مثلا. وبه قال مالك فيمن نذر يوما أيضا (وقال) الشافعى يدخل قبل طلوع الفجر ويخرج بعد غروب شمسه. وفرق أبو ثور بين نذر الليالى والأيام. فقال إذا نذر أن يعتكف عشرة أيام دخل قبل طلوع الفجر. وإذا نذر عشر ليال دخل قبل غروب الشمس. قال ابن رشد فى البداية: السبب فى اختلافهم معارضة الأقيسة بعضها بعضا ومعارضة الأثر لجميعها. وذلك أن من رأى أن أول الشهر ليلة واعتبر الليالى قال: يدخل قبل مغيب الشمس. ومن لم يعتبر الليالى قال يدخل قبل الفجر. ومن رأى أن اسم اليوم يقع على الليل والنهار معا أوجب إن نذر يوما أن يدخل قبل غروب الشمس. ومن رأى أنه إنما ينطلق على النهار أوجب الدخول قبل طلوع الفجر. ومن رأى أن اسم اليوم خاص بالنهار واسم الليل بالليل فرق بين أن ينذر أياما أو ليالى (والحق) أن اسم اليوم فى كلام الغرب قد يقال على النهار مفردا وقد يقال على الليل والنهار معا، لكن يشبه أن يكون دلالته الأولى إنما على النهار ودلالته على الليل بطريق اللزوم (وأما الأثر) المخالف لهذه الأقيسة كلها فهو ما أخرجه البخارى وغيره من أهل الصحيح عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعتكف فى رمضان، وإذا صلى الغداة دخل مكانه الذى كان يعتكف فيه (وأما وقت خروجه) فعند مالك يستحب لمعتكف العشر الأواخر من رمضان البقاء فى المسجد حتى يخرج منه إلى صلاة العيد وإن خرج بعد غروب الشمس أجزأه (وقال أبو حنيفة والشافعى) يخرج بعد غروب الشمس. وقال سحنون وابن الماجشون إن رجع إلى بيته قبل صلاة العيد فسد اعتكافه (وسبب) الاختلاف هل الليلة الباقية هى من حكم العشر أم لا اهـ بتصرف

(قوله فأمر ببنائه فضرب) أى أمر بخيمته التى يعتكف فيها فنصبت له، وفى رواية البخارى فكنت أضرب له خباء

(قوله أمرت ببنائى فضرب) أى بعد أن استأذنت النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأذن لها. ففى رواية للبخارى فاستأذنت عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت قبة، فسمعت بها حفصة فضربت قبة، وفى رواية للنسائى ثم استأذنته حفصة فأذن لها، وفى رواية للبخارى وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت ولا تنافى بينهما لحمل قوله فى رواية النسائى ثم استأذنته حفصة على معنى استأذنته بواسطة عائشة

(قوله وأمر غيرى من أزواج النبى ببنائها) أى بقبتها، وفى نسخة ببنائه بالتذكير باعتبار أن المرجع لفظ غيرى. والمراد بالغير حفصة وزينب كما فى رواية للبخارى من طريق محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: كان رسول الله صىل الله، تعالى عليه وعلى آله وسلم يعتكف فى كل رمضان فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذى اعتكف فيه فاستأذنته

ص: 232

عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت فيه "أى فى المسجد" قبة، فسمعت بها حفصة فضربت قبة، وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى الخ

(قوله آلبر تردن) بهمزة الاستفهام الإنكارى ممدودة بمعنى النفى، ونصب البر على أنه مفعول تردن مقدم، أى لا تردن البر بهذا. بخطاب جمع المؤنث. وفى لفظ مسلم آلبرّ يردن بصيغة الغيبة. وفى رواية البخارى "آلبر ترون بهنّ" أى تظنون الخير بهنّ. وهو خطاب للحاضرين من الرجال

(قوله فأمر ببنائه فقوض الخ) بالبناء للمجهول أى هدم وأزيل. وكذا أمر أزواجه ببنائهنّ فهدم. ولعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك خشية أن يكون الحامل لهن على الاعتكاف المباهاة والتنافس الناشئ عن الغيرة حرصا على القرب منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خاصة، فيخرج الاعتكاف عن موضوعه. أو لأنه يضيق المسجد عن المصلين بسبب كثرة القباب فيه. وأمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بهدم بنائه ولم يقتصر على هدم بناء أزواجه، لأن ذلك أدعى إلى امتثالهنّ، (وصرح) فى هذه الرواية بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخر الاعتكف إلى العشر الأول من شوال. وفى رواية للبخارى من طريق محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة "فلم يعتكف فى رمضان حتى اعتكف فى آخر العشر من شوال"(ولا منافاة) بينهما لأن المراد بقوله فى رواية البخارى "حتى اعتكف فى آخر العشر من شوال" أنه جعل نهاية اعتكافه آخر العشر الأول من شوال، فيكون قد اعتكف من أولها، أو أن لفظ آخر وقع غلطا من النساخ. والأصل حتى اعتكف فى العشر من شوال، وهى مطلقة، فتحمل على العشر الأول التىى صرح بها فى رواية المصنف

(الفقه) دل الحديث على أن أول وقت الاعتكاف بعد صلاة الصبح وتقدم بيانه، وعلى جواز ضرب الأخبية فى المسجد. وعلى جواز اعتكاف النساء فى المساجد. وعلى أنه ليس للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها. وعلى أنها إذا اعتكفت ولو بإذنه كان لزوجها أن يمنعها وإليه ذهب الجمهور وقال مالك ليس له ذلك بعد الإذن. وعلى جواز الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه إذا كان لمصلحة. ولكنه يقضى وجوبا عند مالك، قال فى الموطإ سئل مالك عن رجل دخل المسجد لعكوف فى العشر الأواخر من رمضان فأقام يوما أو يومين ثم مرض فخرج من المسجد أيجب عليه أن يعتكف ما بقى من العشر إذا صح أم لا يجب ذلك عليه؟ وفى أى شهر يعتكف إن وجب ذلك عليه؟ فقال مالك يقضى ما وجب عليه من عكوف بنذر أو دخول إذا صح فى رمضان وغيره اهـ وقال أبو حنيفة والشافعى وأحمد: إن كان الاعتكاف واجبا لزم قضاؤه وإلا فلا، لأنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يأمر أزواجه بالقضاء. وقضاؤه صلى الله تعالى وعلى آله وسلم لهذا الاعتكاف لم يكن لوجوبه عليه، وإنما لأنه كان إذا عمل عملا أثبته، وكان فعله لقضائه كفعله لأدائه على سبيل التطوع

ص: 233

لا على سبيل الإيجاب كما قضى السنة التى فاتته بعد الظهر. وتركه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للاعتكاف دليل على عدم وجوبه. وقضاؤه له لا يدل على الوجوب لأن قضاء السنن مشروع (قال) الخطابى: وفيه كالدلالة على أن اعتكاف المرأة فى بيتها جائز. وحكى عن أبى حنيفة فأما الرجل فلم يختلفوا أن اعتكافه فى بيته غير جائز. وإنما شرع الاعتكاف فى المساجد اهـ ويأتى تمامه فى الباب الآتى (والحديث) أخرجه أيضا البخارى ومسلم وابن ماجه والنسائى وكذا البيهقى بسنده إلى عمرة عن عائشة قالت: كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه. وإنه أمر بخبائه فضرب. أراد الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان، فأمرت زينب رضى الله عنها بخبائها فضرب، وأمر غيرها من أزواج النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بخبائه فضرب. فلما صلى الفجر نظر فإذا الأخبية. فقال آلبر يردن فأمر بخبائه فقوض. ثم ترك الاعتكاف فى شهر رمضان حتى اعتكف فى العشر الأول من شوال

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالأَوْزَاعِىُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ نَحْوَهُ

(ش) أى روى الحديث المذكور محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن عمر والأوزاعي عن يحيى ابن سعيد بذكر العشر كما رواه عنه أبو معاوية ويعلى بن عبيد. والغرض منه تقوية رواية العشر

(ص) وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: اعْتَكَفَ عِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ.

(ش) ذكر العشرين فى هذه الرواية مخالف لما رواه البخارى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أراد أن يعتكف، فلما انصرف إلى المكان الذى أراد أن يعتكف إذا أخبية: خباء عائشة وخباء حفصة وخباء زينب، فقال: آلبر تقولون بهن؟ ثم انصرف فلم يعتكف حتى اعتكف عشرا من شول. ومخالف أيضا لما فى الموطإ عن زياد عن مالك عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة بلفظ "فلم يعتكف حتى اعتكف عشرا من شوال" وهو هكذا فى أكثر الروايات عن عمرة عن عائشة وسقط قوله عن عائشة فى رواية. قال الترمذى: رواه غير واحد عن مالك عن يحيى مرسلا. وقال ابن عبد البر فى التمهيد: رواة الموطإ اختلفوا فى قطعه وإسناده. فمنهم من يرويه عن مالك عن يحيى ابن سعيد لا يذكر غيره. ومنهم من يرويه عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة. وخالفهم يحيى بن يحيى فرواه عن مالك عن ابن شهاب عن عمرة وهو غلط وخطأ مفرط لم يتابعه أحد على ذلك، ولا يعرف هذا الحديث لابن شهاب لا من حديث مالك ولا غيره من أصحاب ابن شهاب بل هو من حديث يحيى بن سعيد اهـ (هذا) ولم نقف على رواية مالك عن يحيى بن سعيد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اعتكف يوما من شوال لغير أبى داود

ص: 234