الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى الآيات:
ذكر تعالى في هذه الآيات الثلاث صفات المتقين من الإيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والإيمان بما أنزل الله من كتب والإيمان بالدار الآخرة وأخبر عنهم بأنهم لذلك هم على أتم هداية من ربهم، وأنهم هم الفائزون في الدنيا بالطهر والطمأنينة وفي الآخرة بدخول الجنة بعد النجاة من النار.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
دعوة المؤمنين وترغيبهم في الاتصاف بصفات أهل الهداية والفلاح، ليسلكوا سلوكهم فيهتدوا ويفلحوا في دنياهم وأخراهم.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ
(6)
خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) }
شرح الكلمات:
{كَفَرُوا} : الكفر: لغة التغطية والجحود، وشرعاً: التكذيب1 بالله وبما جاءت به رسله عنه كلاً أو بعضاً.
{سَوَاءٌ 2} : بمعنى مُسْتَوٍ انذارهم وعدمه، إذ لا فائدة منه لحكم الله بعدم هدايتهم.
{أَأَنْذَرْتَهُمْ} : الإنذار التخويف بعاقبة الكفر والظلم والفساد.
1وقد يطلق الكفر على جحود النعمة والإحسان، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"يكفرن العشير والإحسان"، لما قال:"رأيت النار ورأيت أكثر أهلها النساء". فقيل له: بم يا رسول الله؟. قال: يكفرن، قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير –أي الزوج- ويكفر الإحسان.
2 سواء عليهم: هذا خبر إن الذين كفروا. وسواء: اسم مصدر، إذ فعله استوى، والمصدر الاستواء، واسم المصدر سواء، ولذا فهو بمعنى مستو، أي: استوى إنذارهم وعدمه في إنهم لا يؤمنون، وهذا من العام الخاص، إذ ما كل الكافرين لا يؤمنون وإنما من كتبت عليهم الشقوة إذلالاً؛ كأبي لهب وأبي جهل وعقبة والعاصي والنضر وغيرهم.
{ختم1 الله} : طبع، إذ الختم والطبع واحد وهو وضع الخاتم أو الطابع على الظرف حتى لا يعلم ما فيه، ولا يتوصل إليه فيبدل أو يغير.
الغشاوة: الغطاء يغشى به ما يراد منع وصول شيء إليه.
العذاب: الألم يزيل عذوبة الحياة ولذتها. مناسبة الآيتين لما قبلهما ومعناهما:
لما ذكر أهل الإيمان والتقوى والهداية والفلاح ذكر بعدهم أهل الكفر والضلال والخسران، فقال:[إن الذين كفروا] 2 إلخ. فأخبر بعدم استعدادهم للإيمان حتى استوى إنذارهم3 وعدمه وذلك لمضي سنة الله فيهم بالطبع على قلوبهم حتى لا تفقه، وعلى آذانهم4 حتى لا تسمع، ويجعل الغشاوة على أعينهم حتى لا تبصر، وذلك نتيجة مكابرتهم وعنادهم وإصرارهم على الكفر. وبذلك استوجبوا العذاب العظيم فحكم به عليهم. وهذا حكم الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإصرار في كل زمان ومكان.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
1-
بيان سنة الله تعالى في أهل العناد والمكابرة والإصرار بأن يحرمهم الله تعالى الهداية، وذلك بتعطيل حواسهم حتى لا ينتفعوا بها فلا يؤمنوا ولا يهتدوا.
2-
التحذير من الإصرار على الكفر والظلم والفساد الموجب للعذاب العظيم.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)
1 الختم: حقيقته السد على الإناء، والغلق على الكتاب بطين ونحوه، والخاتم: هو ما سد وأغلق به.
2 قطعت جملة: إن الذين كفروا ولم تعطف على السابق لكمال الانقطاع بينهما وهو التضاد، إذ الأولى في ذكر الهداية والمهتدين، وهذه في ذكر الكفر والكافرين.
3 قد يقال: ما دام قد علم الله تعالى أن بعضاً لا يؤمنون فلِمَ ينذرون، إذا إنذارهم مع العلم بأنه لا ينفعهم، تكليف بالمحال. والجواب: أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لكل أحد، وهو صلى الله عليه وسلم لم يعلم من كتب الله تعالى عليه الشقاء ممن كتب له السعادة، فلذا هو يدعو وينذر، ومن كان من أهل السعادة أجاب الدعوة، ومن لم يكن من أهلها رفضها ولم يجب.
4 تقديم السمع على البصر في عدة آيات من القرآن يفيد أن حاسة السمع أنفع من حاسة البصر، وهو كذلك والعقل أعظم.
يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) }
شرح الكلمات:
{وَمِنَ النَّاسِ1} : من بعض الناس2.
{مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ3} : صدقنا بالله ربا وإلها لا إله غيره ولا رب سواه.
{وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ} : صدقنا بالبعث والجزاء يوم القيامة.
{يُخَادِعُونَ4 الله} : بإظهارهم الإيمان وإخفائهم الكفر.
{وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ5} : إذ عاقبة خداعهم تعود عليهم لا على الله ولا على رسوله ولا على المؤمنين.
{وَمَا يَشْعُرُونَ} : لا يعلمون أن عاقبة خداعهم عائدة عليهم.
{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} : في قلوبهم شك ونفاق وألم الخوف من افتضاح أمرهم والضرب على أيديهم.
{فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً} : شكاً ونفاقاً وألماً وخوفاً حسب سنة الله في أن السيئة لا تعقب إلا سيئة.
{عَذَابٌ أَلِيمٌ} : موجع شديد الوقع على النفس. مناسبة الآية لما قبلها وبيان معناها:
لما ذكر تعالى المؤمنين الكاملين في إيمانهم وذكر مقابلهم وهم الكافرون البالغون في الكفر
1 لفظ الناس مشتق من الناس، ينوس إذا تحرك كذا قيل: وهل هو من النسيان، أو الإنس الكل محتمل لأن آدم نسي ولأنه حصل له الأنس بحواء.
2 ومن الناس: خبر، والمبتدأ من يقول، والسر في تقديم الخبر هنا: هو إخفاء المخبر عنه، لأنه ذو صفات ذميمة، وأفعال شنيعة نحو، قول: ما بال أقوام يقولون: كذا وكذا بما هو مؤذن بالتعجب من حالهم أيضاً.
3 أي اعتقدنا على علم إن الله لا إله إلا هو ولا رب سواه، إذ الإيمان: التصديق الجازم بوجود الله تعالى رباً وإلها موصوفاً بالكمال منزهاً عن كل نقصان، والتصديق بكل ما أمر الله تعالى بالإيمان به من الملائكة والكتب، والرسل والبعث والقدر.
4 وإن قيل: ما وجه مخادعتهم لله تعالى والمؤمنين بإظهارهم الإيمان والإسلام تمويهاً في نظرهم على الله، إذ لم يعرفوا جلاله وكماله، وعلى المؤمنين ظناً منهم إنهم لا يعلمون ما يخفون في نفوسهم من الكفر والعداء. وأما مخادعة الله لهم فهي علمه تعالى بما يبطنون من الكفر والشر وعدم فضيحتهم بذلك، فلم يكشف أسرارهم ولم يذكرهم في وحيه بأسمائهم، ومخادعة المؤمنين لهم هي: علمهم بنفاقهم وعدم مؤاخذتهم ونسبتهم إليه. هذا ولو قلنا: إن صيغة المفاعلة هنا ليست على بابها فهي بمعنى خدع يخدع، وذلك نحو: عاقبت اللص وعالجت المريض فلم نحتج إلى ما ذكرنا. والله أعلم.
5 قرأ نافع والجمهور: وما يخادعون، بألف بعد الخاء، وقرأ حفص: يخدعون، بسكون الخاء.