الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
خطة حكيمة لمعاملة المنافقين بحسب الظروف والأحوال.
4-
تقرير النسخ في القرآن.
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً
(92)
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93) }
شرح الكلمات:
{إِلا خَطَأً} : أي: إلا قتلاً خطأ، وهو أن لا يتعمد قتله؛ كأن يرمي صيداً فيصيب إنساناً.
{رَقَبَةٍ} : أي: مملوك عبداً كان أو أمة 1.
{مُسَلَّمَةٌ} : مؤداة وافية2.
{إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} : أي: يتصدقوا بها على القاتل فلا يطالبوا بها ولا يأخذوها منه.
1 لابد أن تكون الرقبة مؤمنة، وهل يجب أن تكون بالغة؟ إذ الإيمان يتم بالبلوغ، والذي عليه مالك: أنها تجزئ إذا كانت سليمة الأعضاء ولو لم تكن بالغة، وهو الراجح.
2 لقد بينت السنة أن دية الخطأ على العاقلة ولا خلاف فيها.
{مِيثَاقٌ} : عهداً مؤكد بالأيمان.
{مُتَعَمِّداً} : مريداً قتله وهو ظالم له.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى في الآيات السابقة قتال المنافقين متى يجوز ومتى لا يجوز ناسب ذكر قتل المؤمن الصادق في إيمانه خطأ وعمداً وبيان حكم ذلك، فذكر تعالى في الآية الأولى (92) أنه لا ينبغي1 لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا في حال الخطأ، أما في حال العمد فلا يكون ذلك منه ولا يتأتى له وهو مؤمن؛ لن الإيمان نور يكشف عن مدى قبح جريمة قتل المؤمن وما وراءها من غضب الله تعالى وعذابه فلا يقدم على ذلك اللهم إلا في حال الخطأ، فهذا وارد وواقع، وحكم من قتل خطأ أن يعتق رقبة ذكراً كانت أو أنثى مؤمنة وأن يدفع الدية لأولياء القتيل إلا أن يتصدقوا بها فلا يطالبوا بها ولا يقبلونها والدية مائة من2 الإبل، أو ألف دينار ذهب، أو اثنا عشر ألف درهم فضة. هذا معنى قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً3 إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ4 إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} فإن كان القتيل مؤمناً ولكن من قوم هم عدو للمسلمين محاربين، فالواجب على القاتل تحرير رقبة مؤمنة لا غير، إذ لا تعطى الدية لعدو يستعين بها على حرب المسلمين وإن كان القتيل من قوم كافرين وهو مؤمن أو كافر ولكن بيننا وبين قومه معاهدة، على القاتل تحرير رقبة ودية مسلمة إلى أهله، فمن لم يجد الرقبة فصيام شهرين متتابعين، فذلك توبته لقوله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً5 مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} عليماً بما يحقق المصلحة لعباده
1 فالنفي في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً} ليس نفي الفعل حتى يقال: ما نفاه الله لا يجوز وجوده، وإنما هو نفي الحال والشأن لا الفعل، فليتأمل.
2 ومن الغنم: ألف شاة، وهل الإبل تخمس خلاف، ومذهب الشافعي ومالك أنها تخمس؛ فعشرون حقه، وعشرون جزعه، وعشرون بنات مخاص، وعشرون بنات لبون، وعشرون بنو لبون ذكور. وتغلظ دية العمد، بأن يكون أربعون منها في بطونها أولاده، وشبه العمد: ما كان بأداة لا تقتل عادة؛ كالعصا ونحوها لحديث: "ألا أن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها".
3 قيل: نزلت هذه الآية في عياش ابن أبي ربيعة، إذ قتل الحارث بن زيد العامري، لإحنة كانت بينهما، وكان الحارث قد أسلم، ولم يعلم عياش بإسلامه فكان قتله خطأ، وقوله تعالى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} أي: فعليه تحرير رقبة.
4 أكثر أهل العلم: أن دية المرأة على نصف دية الرجل، وإن دية الجنين إذا سقط حياً دية كاملة، وإذا سقط ميتاً فديته غرة عبد أو أمة، ومعنى: غرة: أن يكون أبيض لا أسود فيقوم العبد وتعطي قيمته دية.
5 {تَوبة} منصوب على المصدر، أي: تاب الله عليه توبة، أي: مشروعية الكفارة في قتل الخطأ كانت توبة من الله على العبد القاتل خطأ. وعلة الكفارة أنه لم يتحرز ولم يتحفظ فلذا وقع منه القتل، فكان لابد من مكفر لما لحقه من الإثم بالتفريط، أما القاتل عمداً فلا كفارة تجزئه. وهل له من توبة؟ عليه أن يتون، ومن توبته أن يعتق أو يتصدق ويصوم رجاء أن يتوب الله عليه.
حكيماً في تشريعه فلا يشرع إلا ما كان نافعاً ومحققاً غير ضار، ومحققاً للخير في الحال والمآل.
هذا ما دلت عليه الآية الأولى، أما الآية الثانية (93) فإنها بينت حكم من قتل مؤمناً عمداً عدواناً، وهو أن الكفارة لا تغني عنه شيئاً لما قضى الله تعالى له باللعن والخلود في جهنم إذ قال تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} إلا أن الدية أو القصاص لازمان ما لم يعف أولياء الدم فإن عفوا عن القصاص ورضوا بالدية أعطوها وإن طالبوا بالقصاص اقتصوا، إذ هذا حقهم وأما حق الله تعالى: فإن القتيل عبده خلقه ليعبده، فمن قتله، فالله تعالى رب العبد خصمه وقد توعده بأشد العقوبات وأفظعها، والعياذ بالله تعالى وذلك حقه قال تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} .
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1-
بيان أن المؤمن الحق لا يقع منه القتل العمد للمؤمن.
2-
بيان جزاء القتل الخطأ وهو تحرير رقبة ودية مسلمة إلى أهله.
3-
إذا كان القتيل مؤمناً وكان من قوم كافرين محاربين، فالجزاء تحرير رقبة ولا دية.
4-
إذا كان القتيل من قوم بين المسلمين مثياق، فالواجب الدية وتحرير رقبة.
5-
من لم يجد الرقبة صام شهرين متتابعين1.
6-
القتل العمد العدوان يجب له أحد شيئين: القصاص. أو الدية حسب رغبة أولياء الدم وإن عفوا فلهم ذلك وأجرهم على الله تعالى، وعذاب الآخرة وعيد إن شاء الله أنجزه وإن شاء عفا عنه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ
1 يسقط التتابع بالمرض والحيض، لا بالسفر. ومعنى التتابع: ألا يستأنف من أفطر لمرض، وإنما يبني على ما صامه ويواصل حتى يكمل الشهرين.