الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم تقوى الله تعالى بإقامة دينه ولزوم شرعه والتوكل عليه، والأخذ بسننه في القوة والصبر.
{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(121)
إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) }
شرح الكلمات:
{وَإِذْ غَدَوْتَ} : أي: واذكر إذ غدوت، والغدو: الذهاب أول النهار.
{مِنْ أَهْلِكَ} : أهل الرجل زوجه وأولاده. ومن لابتداء الغاية إذ خرج صلى الله عليه وسلم صباح السبت من بيته إلى أحد حيث نزل المشركون به1 يوم الأربعاء.
{تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ} : تنزل المجاهدين الأماكن التي رأيتها صالحة للنزول فيها من ساحة المعركة.
{هَمَّتْ} : حدثت نفسها بالرجوع إلى المدينة وتوجهت إرادتها إلى ذلك.
{طَائِفَتَانِ} : هما بنو سلمة، وبنو حارثة من الأنصار.
{تَفْشَلا} : تضعفا وتعودا إلى ديارهما تاركين الرسول ومن معه يخوضون المعركة وحدهم.
{وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} : متولي أمرهما وناصرهما ولذا عصمهما من ترك السير إلى المعركة.
{بِبَدْرٍ} : بدر اسم رجل وسمي المكان به؛ لأنه كان له فيه ماء وهو الآن قرية تبعد عن المدينة النبوية بنحو من مائة وخمسين ميلاً "كيلو متر".
{وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} : لقلة عددكم وعُددِكُم وتفوق العدو عليكم.
1 الموافق للثاني عشر من شوال سنة ثلاث من الهجرة: "وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا فرأى أن في سيفه ثلمة، وأن بقراً له تذبح، وأنه أدخل يده في درع حصينه، فتأولها أن نفراً من أصحابه يقتلون وأن رجلاً من أهل بيته يصاب وأن الدرع الحصينة: المدينة". أخرجه مسلم.
معنى الآيات:
لما حذر الله تعالى المؤمنين من اتخاذ بطانة من أهل الكفر والنفاق، وأخبرهم أنهم متى صبروا واتقوا لا يضرهم كيد أعدائهم شيئاً ذكرهم بموقفين: أحدهما لم يصبروا فيه ولم يتقوا فأصابتهم الهزيمة وهو غزوة أحد، والثاني صبروا فيه واتقوا فانتصروا وهزموا عدوهم وهو غزوة بدر، فقال تعالى:{وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} أي: اذكر يا رسولنا لهم غدوك صباحاً من بيتك إلى ساحة المعركة بأحد، تبوء المؤمنين مقاعد للقتال، أي: تنزلهم الأماكن الصالحة للقتال الملائمة لخوض المعركة، والله سميع لكل الأقوال التي دارت بينكم في شأن الخروج إلى العدو، أو عدمه وقتاله داخل1 المدينة عليم بنياتكم وأعمالكم
ومن ذلك هم بنى سلمه وبنى حارثة بالرجوع من الطريق لولا أن الله سلم فعصمهما من الرجوع لأنه وليهما. هذا معنى قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} أي تجبنا وتحجما عن ملاقاة العدو، والله وليهما فعصمهما من ذنب2 الرجوع وترك الرسول صلى الله عليه وسلم يخوض المعركة بدون جناحيها وهما بنو حارثة وبنو سلمة {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} فتوكلت الطائفتان على الله وواصلتا سيرهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمهما الله من شر ذنب وأقبحه.
والحمد لله.
هذا موقف والمقصود منه التذكير بعدم الصبر وترك التقوى فيه حيث أصاب المؤمنين فيه شر هزيمة واستشهد من الأنصار سبعون ومن المهاجرين أربعه وشج3رأس صلى الله علية وسلم وكسرت رباعيتة واستشهد عمه حمزة4 رضى الله عنة.
والموقف الثاني هو غزوة بدر حيث صير فيها المؤمنون واتقوا أسباب الهزيمة فنصرهم الله وأنجز لهم ما وعدهم لأنهم صبروا واتقوا، فقتلوا سبعين رجلاً وأسروا سبعين وغنموا غنائم طائلة قال تعالى:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ5 أَذِلَّةٌ} فاتقوا الله بالعمل بطاعته، ومن ذلك
1 خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بألف رجل من المدينة وفي أثناء مسيره، رجع ابن أبي بثلاثمائة رجع غاضباً، إذ كان يرى عدم قتال العدو خارج المدينة، فلم يطع في ذلك فغضب، ورجوعه هو الذي سبب الهم بالرجوع لني حارثة وبني سلمة.
2 روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال فينا نزلت: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} قال: نحن الطائفتان: بنو حارثة، وبنو سلمة. وما أحب أنها لم تنزل لقول الله عز وجل:{وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} .
3 الذي رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشج وجهه: هو ابن قميئة، أقماه الله ولعنه. والذي أدمى شفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسر رباعيته: هو عتبة ابن أبي وقاص، أخو سعد بن أبي وقاص.
4 وقتل حمزة: وحشي، كانت تحرضه على قتل حمزة: هند بنت عتبة، وتقول له: إيهاً أبا دسمة أشف واستشف (والدسمة: غبرة في سواد) .
5 كانت غزوة بدر في السابع عشر من رمضان يوم جمعة، وكان جيش العدو بها ما بين التسعمائة إلى الألف، وجيش المسلمين ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً، وغزوة بدر أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.