الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
(114)
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) }
شرح الكلمات:
{وَمَنْ أَظْلَمُ} : الاستفهام للإنكار والنفي، والظلم وضع الشيء في غير محله مطلقاً.
{وَسَعَى1 فِي خَرَابِهَا} : عمل في هدمها وتخريبها حقيقة أو يمنع الصلاة فيها وصرف الناس عن التعبد فيها إذ هذا من خرابها أيضاً.
الخزي: الذل والهوان2.
{فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} : هناك الله تعالى إذ الله عز وجل محيط بخلقه فحيثما اتجه العبد شرقاً أو غرباً شمالاً أو جنوباً وجد الله تعالى، إذ الكائنات كلها بين يديه وكيف لا يكون ذلك وقد أخبر عن نفسه أن الأرض قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، فليس هناك جهة تخلو من علم الله تعالى وإحاطته بها وقدرته عليها. ويقرر هذا قوله:{إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ، إنه واسع الذات والعلم والفضل والجود والكرم عليم بكل شيء لأنه محيط بكل شيء.
شرح الآيتين:
ففي الآية الأولى (114) ينفي تعالى أن يكون هناك من هو أكثر ظلماً ممن منع مساجد3 الله تعالى أن يعبد الله تعالى فيها، لأن العبادة هي علة الحياة فمن منعها كان كمن أفسد
1 أصل السعي: المشي، ومنه السعي بين الصفا والمروة، وهو المشي بينهما ثم أطلق على التسبب مطلقاً يقال: سعى فلان في مصلحتك وسعى فلان في الإفساد بين فلان وفلان.
2 وقد نال صناديد قريش حيث أزلهم وأخزاهم يوم الفتح على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم.
3 المساجد: جمع مسجد بكسر الجيم على غير قياس إذ فعل بالفتح، يفعل بالضم، الاسم منه كالمصدر مفعل بالفتح، ونظير المسجد المطلع والمشرق والمسكن والمرفق. والمسجد بالفتح: جبهة المرء وأعضاء سجوده السبعة.
الحياة كلها وعطلها، وفي نفس الوقت ينكر تعالى هذا الظلم على فاعليه وسواء كانوا قريشاً بصدهم النبي وأصحابه عن المسجد الحرام، أو فلطيوس ملك الروم الذي خرّب المسجد الأقصى1، أو غيرهم ممن فعلوا هذا الفعل أو من سيفعلونه مستقبلاً، ولذا ضمن تعالى قوله:{مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ} ، أمر المسلمين بجهاد الكافرين وقتالهم حتى يسلموا أو تكسر شوكتهم فيذلوا ويهونوا.
وفي الآية الثانية (115) يخبر تعالى راداً على اليهود الذين انتقدوا أمر تحويل القبلة من بين المقدس إلى الكعبة، مؤذناً بجواز صلاة من جهل القبلة أو خفيت عليه إلى أي جهة كانت، فأخبر تعالى أن له المشرق والمغرب2 خلفاً وملكاً وتصرفاً، يوجه عباده إلى الوجهة التي يشاؤها شرقاً أو غرباً، جنوباً أو شمالاً، فلا اعتراض ولا إنكار وأن الله تعالى محيط بالكائنات، فحيثما توجه العبد في صلاته فهو متوجه إلى الله تعالى، إلا أنه تعالى أمر بالتوجه في الصلاة إلى الكعبة بمن عرف جهتها لا يجوز له أن يتجه إلا إليها.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1-
عظم جريمة من يتعرض للمساجد بأي أذى3 أو إفساد.
2-
وجوب حماية المساجد من دخول الكافرين إلا أن يدخلوها بإذن المسلمين وهم أذلاء صاغرون.
3-
صحة صلاة4 النافلة على المركوب في السفر إلى القبلة وإلى غيرها.
4-
وجوب استقبال القبلة إلا عند العجز5 فيسقط هذا الواجب.
5-
العلم بإحاطة الله تعالى بالعوالم كلها قدرة وعلماً فلا يخفى عليه من أمر العوالم شيء ولا يعجزه آخر.
1 وقد خرب بيت المقدس أيضاً بختنصر اليهودي البابلي قبل النصارى.
2 بناء على كروية الأرض، فإن الأرض كلها مشرق ومغرب، إذ كل مكان تشرق فيه هو مكان تغرب فيه.
3 من عظم ذنب من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه أخذ المالكية أن المرأة الصرورة التي لم تحج الفرض لا تمنع من الحج وإن لم يكن معها محرم، وعدو منعها من أداء الفريضة من الصد عن المسجد عن الحرام.
4 إذ صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة على راحتله حيثما اتجهت به القبلة وإلى غيرها.
5 للعجز صور منها: أن يكون مريضاً لا يقدر على التحول، ومنها: أن يكون خائفاً، ومنها: أن يكون مقاتلاً أو هارباً، ومنها: أن يكون جاهلاً بها فطلبها ولم يعرف فصلى حيث ترجح القبلة وإن لم يصبها.