الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
الإسلام دين الأنبياء وسائر الأمم البشرية ولا دين1 حق غيره فكل دين غيره باطل.
3-
تقرير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في أن لكل نبي حواريين2 وأنصاراً.
4-
فضل أهل لا إله إلا الله إذ هم شاهدون بالحق والناطقون به.
5-
تقرير قبض الله تعالى لعيسى ورفعه إليه حياً. ونزوله في آخر الدنيا ليحكم زمناً ثم ليموت الموتة التي كتب الله على كل إنسان، فلم يجمع الله تعالى له بين موتتين. هذا دليل أنه رفع إلى السماء حياً لا ميتاً.
6-
صادق وعد الله تعالى بعزة أهل الإسلام، وذلة اليهود على مدى الحياة.
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
(59)
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) }
شرح الكلمات:
المثل3: الصفة المستغربة البديعة.
{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} : أي ما قصصناه عليك في شأن عيسى4 هو الحق الثابت من ربك.
1 تقدم شاهده في قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ} .
2 تقدم الحديث أنفاً، وهو حديث صحيح.
3 المماثلة الحاصلة بين آدم وعيسى عليهما السلام في شيء واحد وهو: أن كلا منهما خلق من غير أب وخلق بكلمة التكوين وهي: {كن} .
4 وهو أن الله تعالى أرسل جبريل عليه السلام فنفخ في كم درع مريم فسرت النفخة فيها فحملت بعيسى وولدته في ساعة من نهار، وتكلم بعد وضعها له، وطمأن والدته وأرشدها إلى ما تقوله لمن يتصدى لها يعيبها. وحاصله أنه كان بكلمة التكوين وهي:{كن} كما كان آدم بها فلا أب له ولا أم.
{الْمُمْتَرِينَ} : الشاكين، إذ الامتراء: الشك.
{حَاجَّكَ} : جادلك بالحجج.
{نَبْتَهِلْ} : نلتعن أي: نلعن الكاذب منا.
{الْقَصَصُ الْحَقُّ} : ما قصه الله تعالى هو القصص الحق الثابت الذي لا شك فيه.
المفسدون: الذين يعملون بمعاصي الله تعالى في الأرض من الشرك وكبائر الذنوب.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عبودية عيسى ورسالته دون ربوبيته وألوهيته، فقد روي أن وفد نجران قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما قالوا: كل آدمي له أب فما شأن عيسى لا أب له؟ فأنزل الله تعالى على رسوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ} فإذا هو كائن، فأي داع لاتخاذ عيسى إلهاً، ألكونه خلقه الله من غير أب فآدم كذلك خلق بدون أب ولا أم، وإنما كان بكلمة الله، فكذلك عيسى خلق بكلمة الله التي هي:{كُنْ} فكان، هذا هو الحق الثابت من الله تعالى في شأن عيسى عليه السلام فلا تكونن من الشاكين فيه، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يشك1 ولما أكثروا عليه صلى الله عليه وسلم من التردد والمجادلة أرشده ربه تعالى إلى طريق التخلص منهم وهو المباهلة بأن يجتمعوا ويقول كل فريق: اللهم العن الكاذب منا، ومن كان كاذباً منهم يهلك على الفور، فقال له ربه تعالى: فإن حاجوك {فَقُلْ: تَعَالَوْا} "هلموا"{نَدْعُ أَبْنَاءَنَا2 وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} وخرج في الغد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم3 أجمعين إلا أن النصارى عرفوا الحق وخافوا إن لاعنوا هلكوا فهربوا4 من الملاعنة، ودعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأبوا ورضوا بالكفر إبقاء على زعامتهم ودنياهم ورضوا بالمصالحة فالتزموا بأداء الجزية للمسلمين والبقاء على دينهم الباطل. ثم قال تعالى:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ5 الْحَقُّ} فالذي قصصناه عليك في شأن عيسى عليه السلام، وأنه عبد الله ورسوله وكلمته
1 أن الخطاب وإن كان موجهاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن المراد غيره من سائر الناس الذين يتأتى لهم الشك، أما هو فإنه المعصوم مما هو أقل من الشك الذي هو كفر.
2 في هذا دليل على أن أبناء البنات يطلق عليهم أبناء فيسمون بذلك.
3 أنه قال لهم، أي: لعلي وفاطمة والحسن والحسين: "إن أنا دعوت فأمنوا"، أي: قولوا بعدي آمين.
4 في هروب نصارى نجران "وهم علماء" من الملاعنة دليل قاطع على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله وأن دينه هو الدين الحق وما عداه باطل.
5 القصص: اسم لما يقص، وهو الإخبار بما فيه طول وتفصيل، مشتق من قص الأثر، إذا تتبعه.
ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنه لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا هو تعالى، وأن الله لهو العزيز الغالب الذي لا يمانع في شيء أراده، الحكيم في خلقه وتدبيره ثم توعد نصارى نجران وغيرهم من أهل الفساد في الأرض بأنه عليم بهم وسوف يحل نقمته بهم، وينزل لعنته عليهم وهو على كل شيء قدير.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
ولاية الله تعالى لرسوله بإرشاده إلى الطريقة التي أنهى بها جدال النصارى الذي ألمه وأتعبه.
2-
مشروعية المباهلة غير أنها تكون في الصالحين الذين يستجاب لهم.
3-
تقرير ألوهية الله تعالى دون سواه وبطلان دعوى النصارى في تأليه عيسى عليه السلام.
4-
تهديد الله تعالى لأهل الفساد في الأرض وهم الذين يعملون بالشرك والمعاصي.
شرح الكلمات:
{أَهْلَ الْكِتَابِ} : اليهود والنصارى لأن اليهود عندهم التوراة، والنصارى عندهم الإنجيل.
{إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ1} : الكلمة السواء: هي العادلة وهي أن نعبد الله وحده لا شريك له ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله.
{أَرْبَاباً2} : الأرباب: جمع رب، وهو المألوه المطاع بغير طاعة الله تعالى.
{فَإِنْ تَوَلَّوْا} : أعرضوا عن التوحيد.
{اشْهَدُوا} : اعلموا علم رؤيا ومشاهدة بأنا مسلمون.
{تُحَاجُّونَ} : تجادلون بحجج3 باطلة.
{يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً} : لم يكن إبراهيم على ملة اليهود، ولا على ملة النصارى.
{كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً} : مائلاً عن الملل الباطلة إلى ملة الحق وهي الإسلام.
{أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} : أحق بالنسبة إلى إبراهيم وموالاته الذين اتبعوه على التوحيد.
{وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} : متولي أمرهم وناصرهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في إبطال باطل أهل الكتابين إذا قال تعالى لرسوله قل لهم يا أهل الكتاب من يهود ونصارى تعالوا ارتفعوا من وهدة الباطل التي أنتم واقعون فيها إلى كلمة سواء كلمة عدل نصف بيننا وهي أن نعبد الله وحده لا نشرك به سواه وأن لا يتخذ بعضنا4 بعضاً أرباباً من دون الله فيفرض طاعته على غيره5 ويلزمه بالسجود له تعظيماً وتقديساً فإن أبوا عليك ذلك
1 كلمة: سوىً، وسوى، وسواء: بمعنى واحد إلى أن السين إذا فتحت مدت.
2 نظيرها قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ} معناه: أنهم أنزلوهم منزلة ربهم في قبول تحريمهم وتحليلهم لما لم يحرمه الله ولم يحلله، وسجدوا لهم أيضاً.
3 المجادلة بالتي هي أحسن والقائمة على أساس العلم الصحيح ممدوحة غير مذمومة، وهذه صورة لها: أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: ما لونها؟ قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم. قال: فمن أين ذلك؟ قال: لعل عرقاً نزعه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعل عرقاً نزعه".
4 وقد راسل النبي صلى الله عليه وسلم ملوك الروم بمضمون هذه الآية، إذ كتب إلى هرقل قائلاً:"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام. أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك اثم الأريسيين (الأكارين) (وهم الفلاحون) {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} .. إلى قوله {مسلمون} ". رواه مسلم.
5 وذلك بأن يحرم عليه ما أحل الله ويحل له ما حرم الله ويلزمه بقبول ذلك والإذعان له.
وتولوا عنه فقولوا أيها المؤمنون: اشهدوا أيها المتولون عن الحق بأنا مسلمون. وفي هذا تعريض بل تصريح بأن غيرهم ليسوا مسلمين.
هذا معنى الآية الأولى (64) أما الآية الثانية (65) فيأمر تعالى رسوله أيضاً أن يقول للمتولين عن الحق يا أهل الكتاب لم تحاجون في شأن إبراهيم وتدعي كل طائفة منكم أن إبراهيم كان على دينها مع أن اليهودية ما كانت إلا بعد نزول التوراة، والنصرانية ما كانت إلا بعد نزول الإنجيل، وإبراهيم كان قبل نزول الكنابين بمائات السنين، مالكم تقولون بما لا يقبل ولا يعقل أفلا تعقلون؟ ثم وبخهم بما هم أهله قائلاً لهم: اسمعوا يا هؤلاء أنتم جادلتم فيما لكم به علم في شأن دينكم وكتابكم فلم تجادلون فيما ليس لكم به علم في شأن إبراهيم وملته الحنيفية التي قامت على مبدأ التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده، والله يعلم من شأن إبراهيم ودينه ما لا تعلمون أننتم فليس من حقكم القول فيما لا تعلمونه. ثم أكذبهم بعد أن وبخهم فقال:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً} وإنما كان حنيفاً موحداً مطيعاً لربه مسلماً له ولم يكن من المشركين. وبعد أن وبخ تعالى المجادلين لرسوله وكذبهم في دعواهم أن إبراهيم على دينهم قرر حقيقة كبرى ينبغي أن يعلموها ويقروا بها وهي أن أحق1 الناس بالنسبة لإبراهيم والإنتماء إليه هم الذين اتبعوه على ملة التوحيد وعبادة الله تعالى بما شرع وهذا النبي الكريم العظيم محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه واتبعوا الهدى الذي جاء به، والله تعالى ولي المؤمنين، وعدو الكافرين والمشركين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
لا يصلح حال البشرية ولا يستقيم أمرها إلا إذا أخذت بمبدأ: الكلمة السواء وهي أن تعبد ربها وحده لا تشرك به سواه، وألا يعلو بعضها على بعض تحت أي قانون أو شعار.
2-
حجية التاريخ وبيان الحاجة إليه، إذ رد الله تعالى على أهل الكتاب في دعواهم أن إبراهيم كان على دينهم بأن التوراة والإنجيل لم ينزلا إلا بعد وفاته فكيف يكون يهودياً أو نصرانياً.
1 روى أن ابن عباس قال: "قال رؤساء اليهود: والله يا محمد لقد علمت إنا أولى الناس بدين إبراهيم منك ومن غيرك فإنه كان يهودياً وما بك إلا الحسد فأنزل الله تعالى هذه الآية: {ما كان إبراهيم يهودياً
…
-إلى قوله: - والله ولي المؤمنين} .