الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1-
بيان عقوبة آكل الربا يوم القيامة لاستباحتهم وأكلهم له، وعدم التوبة منه.
2-
تحريم الربا وكل مال حرام لما جاء في الآية من الوعيد الشديد.
3-
صفة الحب لله تعالى وأنه تعالى يحب أولياءه وهم أهل الإيمان به وطاعته ويكره أعداءه وهم أهل الكفر به ومعاصيه من أكل الربا وغيره من كبائر الذنوب.
4-
حلية البيع إن تم على شروطه المبنية في كتب الفقه.
5-
من تاب من الربا تقبل توبته، ويحل له ما أفاده منه قبل التوبة بشرط سيأتي في الآيات بعد هذه.
6-
وعيد الله تعالى بمحق الربا ووعده بإرباء1 الصدقة.
7-
بشرى الله تعالى لأهل الإيمان والعمل الصالح مع إقامتهم للصلاة وإيتائهم للزكاة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
(278)
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (281) }
شرح الكلمات:
{اتَّقُوا اللهَ} : خافوا عقابه بطاعته بأن تجعلوا طاعته وقاية تقيكم غضبه وعقابه.
1 شاهده من الكتاب: {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الربا وإن كثر فعاقبته إلى قل"، وقوله:"إن العبد إذا تصدق من طيب يقبلها الله منه فيأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله، وإن الرجل يتصدق باللقمة فتربوا في يد الله -أو قال- في كف الله حتى تكون مثل أحد فتصدقوا".
{وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا} : اتركوا ما بقي عندكم من المعاملات الربوية.
{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ} : اعلموا بحرب من الله ورسوله واحملوا سلاحكم ولاينفعكم1 سلاح فإنكم المهزومون الهالكون.
{فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} : بعد التوبة مالكم إلا رأس المال الذي عند المدين لكم فخذوه واتركوا زيادة الربا.
العسرة: الشدة والضائقة المالية.
{فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} : أي انتظار للمدين إلى أن ييسر الله عليه فيعطيكم رأس مالكم الذي أخذه منكم.
{وَأَنْ تَصَدَّقُوا} : وأن تتصدقوا على المعسر بترك ما لكم عليه فذلك خير لكم.
معنى الآيات:
بمناسبة ذكر عقوبة آكل الربا في الآيات السابقة نادى الله تعالى عباده المؤمنين آمراً إياهم بتقواه تعالى، وذلك بطاعته وترك معصيته، وبالتخلي عما بقي عند بعضهم من المعاملات الربوية مذكراً إياهم بإيمانهم إذ من شأن المؤمن الاستجابة لنداء ربه فعل ما يأمره به وترك ما ينهاه عنه فقال تعالى:{يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، ثم هذه المتباطئين بقوله: فإن لم تفعلوا فاعلموا بحرب2 قاسية ضروس من الله ورسوله، ثم بين لهم طريق التوبة وسبيل الخلاص من محنة الربا بقوله: وإن تبتم بترك الربا فلكم رؤوس3 أموالكم لا غير لا تظلمون بأخذ زيادة، ولا تظلمون بنقص من رأس مالكم. وإن وجد مدين لكم في حالة إعسار فالواجب انتظاره إلى ميسرته4، وشيء آخر وهو خير لكم أن تتصدقوا بالتنازل عن ديونكم كلها تطهيراً لأموالكم التي لامسها الربا وتزكية لأنفسكم من آثاره السيئة. ثم ذكر تعالى سائر عباده يوم القيامة وافيه من أهوال ومواقف
1 قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من كان مقيماً على الربى لا ينزع فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع وإلا ضرب عنقه".
2 حرمة الربا مجمع عليها، والأحاديث الواردة في تحريمه كثيرة جداً، أذكر منها، حديث مسلم:"اجتنبوا السبع الموبقات" وذكر منها أكل الربا، وحديث أبي داود:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه".
3 استدل بعض الفقهاء بهذه الآية على أن كل ما طرأ على البيع قبل القبض مما يوجب تحريم العقد أبطل العقد.
4 ورد في فضل إنذار المعسر أحاديث منها: "من أنظر معسرا كان له بكل يوم صدقة". وقوله: "من سره أن ينجيه من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه".
صعبة حيث يتم الحساب الدقيق وتجزي فيه كل نفس مؤمنة أو كافرة بارة أو فاجرة ما كسبته من خير وشر وهو لا يظلمون بنقص حسناتهم أو زيادة سيئاتهم فقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} وهذا التوجيه الذي حملته هذه الآية ذات الرقم (280) آخر توجيه تلقته البشرية من ربها تعالى إذ هذه آخر ما نزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
وجوب التوبة من الربا ومن كل المعاصي.
2-
المصر على المعاملات الربوية يحب على الحاكم أن يحاربه1 بالضرب على يديه حتى يترك الربا.
3-
من تاب من الربا لا يظلم بالأخذ من رأس ماله بل يعطاه وافياً كاملاً إلا أن يتصدق بالتنازل عن ديونه الربوية فذلك خير له حالاً ومآلاً.
4-
وجوب ذكر الدار الآخرة والاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح وترك الربا والعاصي.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ2 آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ3 إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ
1 قال ابن خويز منداد: "ولو أن أهل بلد اصطلحوا على الربا استحلالاً له كانوا مرتدين، والحكم فيهم كالحكم في أهل الردة، وإن لم يكن ذلك منهم استحلالاً، للإمام محاربتهم، ألا ترى أن الله تعالى قد أذن في ذلك فقال:{فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} .
2 قال ابن عباس رضي الله عنهما: "نزلت هذه الآية في السلم خاصة، يعني: إن سلم أهل المدينة كان سبب نزولها وهي عامة في كل الديون بلا خلاف.
3 رفع بلفظ: "يدين"، الاشتراك، إذ التداين معناه: دان بعضهم بعضا، إذا جازاه بعمله ومنه قولهم: "دناهم كما دنوا فلما قال بدين رفع المعنى العام وأصبح خاصاً بالتداين المالي.