الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الثالث
{تِلْكَ الرُّسُلُ1 فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ
(253)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) }
شرح الكلمات:
{تِلْكَ الرُّسُلُ} : أولئك الرسل الذين قص الله تعالى على رسوله بعضاً منهم وأخبره أنه منهم في قوله: {وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} . في الآية قبل هذه.
{مَنْ كَلَّمَ اللهُ} : كموسى عليه السلام.
{وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} : وهو محمد صلى الله عليه وسلم حيث فضله2 تفضيلاً على سائر الرسل.
{الْبَيِّنَاتِ} : المعجزات الدالة على صدق عيسى في نبوته ورسالته.
{بِرُوحِ الْقُدُسِ} : جبريل عليه السلام كان يقف دائماً إلى جانب عيسى يسدده ويقويه إلى أن رفعه الله تعالى إليه.
{اقْتَتَلُوا} : قتل بعضهم بعضاً.
{أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} : النفقة الواجبة وهي الزكاة، ونفقة التطوع المستحبة.
1 روى أحمد عن أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: أي الأنبياء كان أول؟ قال: "آدم" قلت: رسول ونبي كان؟ قال: "نعم نبي مكلم"، قلت: يا رسول الله كم المرسلون؟ قال: "ثلاثمائة وبضعة عشر جماً غفيراً".
2 شاهده قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر". ومع هذا زيادة في كماله قال: "لا تفضلوني على موسى"، وقال على يونس بن متى:"فصلى الله عليّه ما أرفع مقامه".
{لا بَيْعٌ فِيهِ} 1: لا يشتري أحد نفسه بمال يدفعه فداء لنفسه من العذاب.
{وَلا خُلَّةٌ} : أي: صداقة تنفع صاحبها.
{وَلا شَفَاعَةٌ} : تقبل إلا أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى.
{وَالْكَافِرُونَ} : بمنع الزكاة والحقوق الواجبة لله تعالى ولعباده هم الظالمون.
معنى الآيتين:
بعد أن قص الله تبارك وتعالى على رسوله قصة ملأ بني إسرائيل في طلبهم نبيهم شمويل بأن يعين لهم ملكاً يقودهم إلى الجهاد، وكانت القصة تحمل في ثناياها أحداثاً من غير الممكن أن يعلمها أمي مثل محمد صلى الله عليه وسلم بدون ما يتلقاها وحياً يوحيه الله تعالى إليه وختم القصة بتقرير نبوته ورسالته بقوله:{وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، أخبر الله تعالى أن أولئك الرسل فضل بعضهم على بعض، منهم من فضله بتكليمه كموسى عليه السلام، ومنهم من فضله بالخلة كإبراهيم عليه السلام، ومنهم من رفعه إليه وأدناه وناجاه وهو محمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم من آتاه الملك2 والحكمة وعلمه صنعة الدروع كداود عليه السلام، ومنهم من آتاه الملك والحكمة وسخر له الجن وعلمه منطق الطير كسليمان عليه السلام، ومنهم من آتاه البينات وأيده بروح القدس وهو عيسى عليه السلام. فقال تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ3 مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذ فضله بعموم رسالته وبختم النبوات بنبوته، وبتفضيل أمته، وبإدخاله الجنة في حياته قبل مماته، وبتكليمه ومناجاته مع ما خصه من الشفاعة يوم القيامة. ثم أخبر تعالى أنه لو يشاء هداية الناس لهداهم فلم يختلفوا بعد رسلهم ولم يقتتلوا من بعد ما جائتهم البينات وذلك لعظيم قدرته، وحرية إرادته فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. هذا بعض ما أفادته الآية الأولى (253) أما الآية الثانية (254) فقد نادى الله تعالى عباده المؤمنين وأمرهم بالإنفاق في سبيل الله تقرباً إليه وتزوداً للقائه قبل يوم القيامة حيث لا
1 قرأ ابن كثير، وأبو عمرو:{لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} بالنصب من غير تنوين. وأنشد حسان، وهو شاهد هذه القراءة:
ألا طعان ولا فرسان عادية
…
ألا تجشؤكم عند التنانير
يهجو ناساً فيصفهم بالقعود عن القتال وملازمة التنور للطعام.
2 الحكمة هنا: هي النبوة كما تقدم عن ابن كثير في: "نهر الخير".
3 هل يجوز للمسلم أن يقول مثل موسى أفضل من هارون، أو إبراهيم أفضل من عيسى مثلاً؟. الجواب: لا. لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تخيروا بين الأنبياء ولا تفضلوا بين أنبياء الله"، أي: لا تقولون فلان خير من فلان، ولا فلان أفضل من فلان. إذ نحن لا نقدر على التفضيل، وإنما يقدر عليه الله وحده، إذ هو يهب ما يشاء لمن يشاء.
فداء ببيع وشراء، ولا صداقة تجدي ولا شفاعة تنفع، والكافرون بنعم الله وشرائعه هم الظالمون المستوجبون1 للعذاب والحرمان والخسران.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1-
تفاضل الرسل فيما بينهم بحسب جهادهم وصبرهم وما أهلهم الله تعالى له من الكمال.
2-
صفة الكلام لله تعالى حيث كلم موسى في الطور، وكلم محمداً في الملكوت الأعلى.
3-
الكفر والإيمان والهداية والضلال، والحرب والسلم كل ذلك تبع لمشيئته تعالى وحكمته.
4-
ذم الاختلاف في الدين وأنه مصدر شقاء وعذاب.
5-
وجوب الإنفاق في سبيل الله مما رزق الله تعالى عبده.
6-
التحذير من الغفلة والأخذ بأسباب النجاة يوم القيامة حيث لا فداء ولا خلة تنفع ولا شفاعة ومن أقوى الأسباب الإيمان والعمل الصالح وإنفاق المال تقرباً إلى الله تعالى في الجهاد وغيره.
1 قال القرطبي عند هذه الآية: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} أي: فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق المال، قال: وقال عطاء ابن دينار: الحمد لله الذي قال: الكافرون هم الظالمون، ولم يقل الظالمون هم الكافرون.
2 صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا المنذر –أبي بن كعب- أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال: قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم. فضرب في صدري وقال: "ليهنك العلم يا أبا المنذر". وروى أحمد: "أن آية الكرسي تعدل ربع القرآن وأن الزلزلة والكافرون والنصر كل واحدة تعدل ربع القرآن، وأن الصمد تعدل ثلث القرآن".
شرح الكلمات:
{اللهُ} : علم على ذات الرب تبارك وتعالى.
{لا إِلَهَ إِلا هُوَ} : الإله المعبود، ولا معبود بحق إلا الله، إذ هو الخالق الرازق المدبر بيده كل شيء وإليه مصير كل شيء، وما عداه من الآلهة فعبادتها بدون حق فهي باطلة.
{الْحَيُّ} 1: ذو الحياة العظيمة التي لا تكون لغيره تعالى وهي مستلزمة للقدرة والإرادة والعلم والسمع والبصر والكلام.
{الْقَيُّومُ} 2: القائم بتدبير الملكوت كله علويه وسفليه، القائم على كل نفس بما كسبت.
السِّنة: النعاس يسبق النوم.
{كُرْسِيُّهُ} : الكرسي: موضع القدمين، ولا يعلم كنهه إلا الله تعالى.
{يَؤُودُهُ} : يثقله ويشق عليه.
معنى الآية الكريمة:
لما أخبر تعالى عن يوم القيامة وأنه يوم لا بيع فيه ولا شفاعة وأن الكافرين هم الظالمون، أخبر عن جلاله وكماله وعظيم سلطانه وأنه هو المعبود بحق وأن عبادته هي التي تنجي من أهوال يوم القيامة فقال:{اللهُ لا 3إِلَهَ إِلا هُوَ} : أي: أنه الله المعبود بحق ولا معبود بحق سواه. {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} الدائم الحياة التي لم تسبق بموت ولم يطرأ عليها موت. القيوم: العظيم القيومية على كل شيء، لولا قيوميته على الخلائق ما استقام من أمر العوالم شيء {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ4} : إذ النعاس والنوم من صفات النقص وهو تعالى ذو الكمال المطلق. وهذه الجملة برهان على الجملة قبلها، إذ من ينعس وينام لا يتأتى له القيومية على
1 الحي: أصلها الحيي؛ كالحذر فحذفت كسرة الياء الأولى فسكنت وأدغمت في الثانية فصارت الحي، والقيوم أصلها القيووم، فقلبت الواو الأولى ياء وأدغمت في الياء فصارت القيوم.
2 روى الترمذي وقال حديث حسن صحيح: "إن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " في هاتين الآيتين: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، و {الم اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، إن فيهما اسم الله الأعظم " ورواه أبو داود، أيضاً.
3 هذه آية الكرسي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت" رواه النسائي وغيره.
4 ورد في الصحيح عن أبي موسى قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات فقال: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمل النهار، وحجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
الخلائق ولا يسعها حفظاً ورزقاً وتدبيراً. {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} : خلقاً وملكاً وتصرفاً، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} : ينفي تعالى وهو الذي له ما في السموات وما في الأرض ينفي أن يشفع عنده في الدنيا أو في الآخرة أحد كائن من كان بدون أن يأذن له في الشفاعة. {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ1} : لكمال عجزهم. {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ2 السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} : لكمال ذاته. {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} : ولا يثقله أو يشق عليه حفظ السموات والأرض وما فيهما وما بينهما. {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} : العلي الذي ليس فوقه شيء والقاهر الذي لا يغلبه شيء، العظيم الذي كل شيء أمام عظمته صغير حقير.
هداية الآية الكريمة
من هداية الآية:
1-
أنها أعظم آية في كتاب الله تعالى اشتملت على ثمانية عشر إسماً لله تعالى ما بين ظاهر ومضمر، وكلماتها خمسون كلمة وجملها عشر جمل كلها ناطقة بربوبيته تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته الدالة على كمال ذاته وعلمه وقدرته وعظيم سلطانه.
2-
تستحب قراءتها بعد الصلاة المكتوبة، وعند النوم، وفي البيوت لطرد الشيطان.
1 هذا كناية عن إحاطة علم الله بكل شيء، إذ لا يعزب على علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وهو بكل شيء عليم، وأما الخلق فإنهم لا يعلمون إلا ما شاء أن يعلمهم إياه.
2 أورد ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر أحد قدره" رواه الحاكم موقوفاً وقال صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
شرح الكلمات:
{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} : لا يكره المرء على الدخول في الدين1، وإنما يعتنقه بإرادته واختياره.
{الرُّشْدُ} 2: الهدى الموصل إلى الإسعاد والإكمال.
{الْغَيِّ} : الضلال المفضي بالعبد إلى الشقاء والخسران.
{بِالطَّاغُوتِ} 3: كل ما صرف عن عبادة الله تعالى من إنسان أو شيطان أو غيرهما.
{بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} 4: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
{لا انْفِصَامَ لَهَا} : لا تنفك ولا تنحل بحال من الأحوال.
{اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} : مُتوليهم بحفظه ونصره وتوفيقه.
{الظُّلُمَاتِ} : ظلمات الجهل والكفر.
{النُّورِ} : نور الإيمان والعلم.
{أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} : المتولون لهم الشياطين الذين زينوا لهم عبادة الأوثان فأخرجوهم من الإيمان إلى الكفر ومن العلم إلى الجهل.
معنى الآيتين:
يخبر الله تعالى بعد ذكر صفات جلاله وكماله في آية الكرسي أنه لا إكراه في دينه، وذلك حين أراد بعض الأنصار إكراه من تهود أو تنصر من أولادهم على الدخول في دين الإسلام، ولذا فإن أهل الكتابين ومن شابههم تؤخذ منهم الجزية ويقرون على دينهم فلا يخرجون منه إلا باختيارهم وإرادتهم الحرة، أما الوثنيون والذين لا دين لهم سوى الشرك والكفر فيقاتلون حتى يدخلوا في الإسلام إنقاذاً لهم من الجهل والكفر وما لازمهم من الضلال والشقاء.
ثم أخبر تعالى أنه بإنزال كتابه وبعثه رسوله ونصر أولياءه قد تبين الهدى من الضلال والحق من الباطل، وعليه فمن يكفر بالطاغوت وهو الشيطان الذي زين عبادة الأصنام ويؤمن بالله فيشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقد استمسك5 من الدين بأمتن عروة وأوثقها، ومن يصر على الكفر بالله والإيمان بالطاغوت فقد تمسك بأوهى من خيط العنكبوت. والله
1 الإكراه: الحمل على فعل المكروه، والدين هنا: الإسلام، وجملة "لا إكراه" خبر بمعنى الإنشاء.
2 يقال: رشد يرشد رشداً، ورشد يرشد رشداً، إذا اهتدى واستقام، وغوى ضده، وألغي مصدر من غوي يغوي، إذ ضل في معتقد أو رأي.
3 كان العرب في الجاهلية يسمون الصنم المعبود: الطاغية، وفي الحديث:"كان يهلون لمناة الطاغية".
4 الوثقى: مؤنث الأوثق، وجمع الوثقى: الوثائق، مثل: الفضلى، والفضل.
5 السين والتاء في استمسك للتأكيد كما في استجاب بمعنى: أجاب.
سميع لأقوال عباده عليم بنياتهم وخفيات أعمالهم وسيجزي كلاً بكسبه. ثم أخبر تعالى أنه ولي عباده المؤمنين فهو يخرجهم من ظلمات1 الكفر والجهل إلى نور العلم والإيمان فيكملون ويسعدون، وأن الكافرين أوليائهم الطاغون من شياطين الجن والإنس الذين حسنوا لهم الباطل والشرور، وزينوا لهم الكفر والفسوق والعصيان، فأخرجوهم بذلك من النور إلى الظلمات فأهلوهم لدخول النار فكانوا أصحابها الخالدين فيها.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1-
لا يكره أهل الكتابين ومن في حكمهم كالمجوس والصابئة على الدخول2 في الإسلام إلا باختيارهم وتقبل منهم الجزية فيقرون على دينهم.
2-
الإسلام3 كله رشد، وما عداه ضلال وباطل.
3-
التخلي عن الرذائل مقدم على التحلي بالفضائل.
4-
معنى لا إله إلا الله، وهي الإيمان بالله والكفر بالطاغون.
5-
ولاية الله تعالى تنال بالإيمان والتقوى.
6-
نصرة الله تعالى ورعايته لأولياءه دون أعداءه.
1 وحد تعالى لفظ النور، وجمع لفظ الظلمة، لأن الحق واحد، والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة.
2 هل هذه الآية: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} منسوخة بآية السيف؟ الراجح أنها محكمة غير منسوخة هل تؤخذ الجزية من غير أهل الكتاب ومن لهم شبهة كتاب؟ أما كفار قريش، الإجماع على أن لا تؤخذ منهم الجزية، ومن عداهم مذهب مالك يرى أخذ الجزية منهم، والإبقاء عليهم، ولعل هذا إن دعت الضرورة إلى ذلك، وما ذكرته في التفسير أصح المذاهب وأعدلها.
3 جاء في صحيح البخاري ما ملخصه: أن عبد الله بن سلام رأى رؤيا كأنه في دوحة خضراء وفي وسطها عمود حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة.." الحديث وفسر له النبي صلى الله عليه وسلم: "الروضة بالإسلام، والعمود عمود الإسلام، والعروة هي العروة الوثقى". أي أنت على الإسلام حتى تموت. فكان مبشراً بالجنة رضي الله عنه.
شرح الكلمات:
{أَلَمْ تَرَ} : ألم ينته إلى علمك يا رسولنا، والاستفهام يفيد التعجب من الطاغية المحاج لإبراهيم.
{حَاجَّ} : جادل ومارى وخاصم.
{فِي رَبِّهِ} : في شأن ربه من وجوده تعالى وربوبيته وألوهيته للخلق كلهم.
{آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ1} : أعطاه الحكم والسيادة على أهل بلاده وديار قومهم.
{إِبْرَاهِيمُ} : هو أبو الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان هذا الحجاج قبل هجرة إبراهيم إلى أرض الشام.
{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} : انقطع عن الحجة متحيراً مدهوشاً ذاك الطاغية الكافر وهو النمرود البابلي.
معنى الآية الكريمة:
لما ذكر الله تعالى ولايته لأولياءه وأنه مؤيدهم وناصرهم ومخرجهم من الظلمات إلى النور ذكر مثالاً لذلك وهو محاجة النمرود2 البابلي لإبراهيم عليه السلام فقال تعالى مخاطباً رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} أي: لم ينته إلى علمك حجاج ذاك الطاغية الذي بطرته نعمة الملك الذي آتيناه امتحاناً له فكفر وادعى الربوبية وحاج خليلنا فبين إنه لأمر عجب. إذ قال له إبراهيم ربي الذي يحي ويميت، وأنت لا تحيي ولا تميت، فقال أنا أحيي3 وأميت، فرد عليه إبراهيم حجته قائلاً: ربي يأتي بالشمس من المشرق فآت بها أنت من المغرب، فاندهش وتحير وانقطع وأيد الله وليه إبراهيم فانتصر4، فهذا مثال لإخراج الله تعالى أولياؤه من ظلمة الجهل إلى نور العلم.
1 إذ هو ملك بابل وقيل أنه أحد الأربعة الذين ملكوا المعمورة وهم مسلمان، وكافران، فالمسلمان: سليمان، وذو القرنين عليهما السلام. والكافران: النمرود، وبختنصر عليهما لعائن الرحمن.
2 يقال له النمرود بن كؤتن بن كنعان بن سام بن نوح عليه السلام، وفي الآية دليل على جواز إطلاق اسم الملك على الحاكم الكافر ولما حارب الله تعالى أهلكه مع جيشه بالبعوض إذ فتح عليهم باباً من البعوض فأكلت الجيش فلم تتركه إلا عظاماً، وأما النمرود فقد دخلت بعوضة في دماغه فصار يضرب على دماغه حتى هلك بذلك.
3 يريد أنه يحيي من أراد حياته، ويميت من أراد موته، وهذا مجرد تمويه وسفسطة فلذا عدل إبراهيم عنها وألزمه الحجة إن كان صادقاً في دعواه بالإتيان بالشمس من المغرب كما يأتي بها الله من المشرق.
4 يذكر أهل التفسير هنا أن إبراهيم ذهب يمتار من عند الملك كغيره فجادله الملك ومنعه الميرة فعاد بلا شيء وفي أثناء طريقه وجد رملاً أحمر فملأ منه غرارتين حتى لا يفاجئ أهله بالخيبة ولما وصل ونام قامت زوجته سارة ففتحت الغرارة فوجدتها دقيقاً من أجود الدقيق الحواري.