الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
الجهاد وخوض المعارك لا يقدم أجل العبد، والفرار من الجهاد لا يؤخره أيضاً.
4-
ثواب الأعمال موقوف على نية العاملين وحسن قصدهم.
5-
فضيلة الشكر بالثبات على الإيمان والطاعة لله ورسوله في الأمر والنهي.
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ
(146)
وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) }
شرح الكلمات:
{وَكَأَيِّنْ1 مِنْ نَبِيٍّ} : كثير من الأنبياء. وتفسر: كأين بكم وتكون حينئذ للتكثير.
{رِبِّيُّونَ2} : ربانيون علماء وصلحاء وأتقياء عابدون.
{فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ} : ما ضعفوا عن القتال ولا انهزموا لأجل ما أصابهم من قتل وجراحات.
{وَمَا اسْتَكَانُوا} : ما خضعوا ولا ذلوا لعدوهم.
الإسراف: مجاوزة الحد في الأمور ذات الحدود التي أن يوقف عندها.
{فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} : أعطاهم الله تعالى ثواب الدنيا النصر والغنيمة.
{الْمُحْسِنِينَ} : الذين يحسنون نياتهم فيخلصون أعمالهم لله، ويحسنون أعمالهم فيأتون بها موافقة لما شرعت عليه في كيفياتها وأعدادها وأوقاتها.
1 قال الخليل: "وكأين أصلها، أي: دخلت عليها كاف التشبيه، وبنيت معها فصارت مثل: كم للدلالة على التكثير، وفيها لغات منها: كائن، وقرأ بها ابن كثير، وكئن، وقرأ بها ابن محيصن، وكأين، وبها قرأ الجمهور.
2 في الربيين ثلاث لغات: كسر الراء وضمها وفتحها، وهم الجماعة الكثيرة. والواحد: ربي، بكسر الراء وضمها أيضاً، وما ذكرناه في التفسير هو الحق.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن أحداث غزوة أحد فذكر تعالى هنا ما هو في تمام عتابه للمؤمنين في الآيات السابقة عن عدم صبرهم وانهزامهم وتخليهم عن نبيهم في وسط المعركة وحده حتى ناداهم: إليّ عباد الله إليّ عباد الله فثاب إليه رجال. فقال تعالى مخبراً بما يكون عظة للمؤمنين وعبرة لهم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} أي: وكم من نبي من الأنبياء السابقين قاتل معه جموع كثيرة من العلماء والأتقياء والصالحين فما وهنوا، أي: ما ضعفوا، ولا ذلوا لعدوهم ولا خضعوا له كما هم بعضكم أن يفعل أيها المؤمنون، فصبروا على القنال مع أنبيائهم متحملين آلام القتل والجرح فأحبهم ربهم تعالى لذلك لأنه يحب الصابرين.
هذا ما تضمنته الآية الأولى (146) ونصها: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا1 وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} وأما الآية الثانية فأخبر تعالى فيها عن موقف أولئك الربيين وحالهم أثناء الجهاد في سبيله تعالى فقال: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا2 فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} . ولازم هذا كأنه تعالى يقول للمؤمنين لم لا تكونوا أنتم مثلهم وتقولوا قولتهم الحسنة الكريمة وهي الضراعة لله تعالى بدعائه واستغفاره لذنوبهم الصغيرة والكبيرة والتي كثيراً ما تكون سبباً للهزائم والانتكاسات كما حصل لكم أيها المؤمنون فلم يكن لأولئك الربانيين من قول سوى قولهم: ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، فسألوا الله مغفرة ذنوبهم وتثبيتهم أقدامهم في أرض المعركة حتى لا يتزلزلوا فينهزموا، والنصرة على القوم الكافرين أعداء الله وأعدائهم فاستجاب لهم ربهم فأعطاهم ما سألوا وهو ثواب الدنيا بالنصر والتمكين وحسن ثواب الآخرة وهو رضوانه الذي أحله عليهم وهم في الجنة دار المتقين والأبرار، هذا ما دلت عليه الآية الأخيرة (148){فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ3 ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
1 استكان: مشتق من السكون لأن الذليل العاجز يسكن لمن خضع له، ولا يتحرك ليدفع عنه الأذى وما ناله من عدوه الغالب له.
2 أخرج مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني" وهو دعاء تواضع منه عظيم.
3 في حسن الثواب والمحسنين جناس تام، والجملة تذييلية تحمل البشرى للقوم المحسنين في قتالهم ولقاء أعدائهم مع إحسانهم في عبادة ربهم وسواء منها القلبية والبدينة.