المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ١

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ مميزات هذا التفسير

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌ وضعت هذه الحاشية

- ‌1

- ‌(3) }

- ‌(5) }

- ‌(6) }

- ‌ البقرة

- ‌1

- ‌(6)

- ‌(11)

- ‌(17)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30) }

- ‌(34) }

- ‌(35)

- ‌(40)

- ‌(44)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(54)

- ‌(58)

- ‌(60)

- ‌(62) }

- ‌(63)

- ‌(67)

- ‌(75)

- ‌(87)

- ‌(91)

- ‌(94)

- ‌(102)

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(109)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(120)

- ‌(122)

- ‌(124) }

- ‌(125)

- ‌(130)

- ‌(135)

- ‌(142)

- ‌(144)

- ‌(158) }

- ‌(159)

- ‌(163)

- ‌(165)

- ‌(168)

- ‌(171) }

- ‌(177) }

- ‌(178)

- ‌(180)

- ‌(183)

- ‌(185) }

- ‌(187) }

- ‌(188) }

- ‌(189) }

- ‌(190)

- ‌(194)

- ‌(196) }

- ‌(200)

- ‌(204)

- ‌(208)

- ‌(211)

- ‌(214) }

- ‌(216) }

- ‌(217)

- ‌(219)

- ‌(221) }

- ‌(222)

- ‌(224)

- ‌(228) }

- ‌(229) }

- ‌(230) }

- ‌(232) }

- ‌(233) }

- ‌(234)

- ‌(240)

- ‌(243)

- ‌(246)

- ‌(248)

- ‌(249)

- ‌(253)

- ‌(259) }

- ‌(264) }

- ‌(265)

- ‌(267)

- ‌(270)

- ‌(278)

- ‌(282) }

- ‌(285)

- ‌1

- ‌7

- ‌(14) }

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(33)

- ‌(38)

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(59)

- ‌(69)

- ‌(75)

- ‌(78) }

- ‌(79)

- ‌(81)

- ‌(84)

- ‌(86)

- ‌(90)

- ‌(92) }

- ‌(93)

- ‌(98)

- ‌(110)

- ‌(113

- ‌(116)

- ‌(121)

- ‌(124)

- ‌(128)

- ‌(133)

- ‌(146)

- ‌(149)

- ‌(152)

- ‌(154)

- ‌(156)

- ‌(159)

- ‌(161)

- ‌(165)

- ‌(169)

- ‌(172)

- ‌(176)

- ‌(179)

- ‌(185)

- ‌(187)

- ‌ النساء

- ‌ 1

- ‌(2)

- ‌5

- ‌(7)

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(19)

- ‌(22)

- ‌(24)

- ‌(26)

- ‌(29)

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(40)

- ‌(43) }

- ‌(47) }

- ‌(49)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(64)

- ‌(71)

- ‌(74)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(84)

- ‌(92)

- ‌(94) }

- ‌(95)

- ‌(97)

- ‌(110)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(122) }

- ‌(127)

- ‌(131)

- ‌(135) :

- ‌(138)

- ‌(142)

- ‌(144)

- ‌(148)

- ‌(150)

- ‌(153)

- ‌(155

- ‌(160)

- ‌(167)

- ‌(171)

- ‌(174)

- ‌(176) }

- ‌1} :

- ‌(3) }

- ‌(4)

- ‌(8)

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32) }

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(48)

- ‌(54)

- ‌(57)

- ‌(61)

- ‌(64)

- ‌(67)

- ‌(70)

- ‌(73)

الفصل: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا

وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) }

شرح الكلمات:

{يُتَوَفَّوْنَ} : يوفيهم الله تعالى ما كتب لهم من العمر فيموتون.

{وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} : يتركون زوجات لهم.

{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} : ينتظرن حتى انقضاء عدتهن، وهي أربعة أشهر وعشر ليال.

{بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} : بلغن انتهاء العدة.

{فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} : لا حرج عليكم أيها الأولياء فيما فعلن في أنفسهن من مس الطيب والتجمل والتعرض للخطاب.

{فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} : لا إثم عليكم في التعريض دون التصريح بالخطبة، كما لا إثم في إضمار الرغبة في النفس.

{حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} : أي حتى تنتهي العدة.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في بيان أحكام الطلاق والعدد والنفقات، ففي هذه الآية ‌

(234)

أن على من مات1 عليها زوجها أن تنتظر أربعة أشهر وعشر ليال إن كانت حرة، أو نصف المدة إن كانت أمة فلا تتجمل ولا تمس طيباً، ولا تتعرض للخطاب بحال حتى تنقضي عدتها المذكورة في الآية إلا أن تكون حاملاً فإن عدتها تنقضي2 بوضع حملها لقوله تعالى من سورة الطلاق:{وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} فإذا بلغت أجلها، أي: انتهت المدة التي هي

1 من مات زوجها أو طلقها في غيبته عنها: هل تعتد من يوم الطلاق أو الوفاة أو من يوم يأتيها الخبر بذلك؟. الجمهور وهو الراجح أنها تعتد من يوم الوفاة أو الطلاق، وعليه فلو مات ز وجها أو طلقها ولم يلقها حتى انتهت مدة العدة فلا عدة عليها بعد.

2 يرى بعض السلف أن تعتد المتوفى عنها زوجها بأقصى الأجلين، أي: بأطولهما، فإن كانت مدة الحمل أكثر من أربعة أشهر وعشر اعتدت به، وإلا اعتدت بوضع الحمل، وما عليه الجمهور أولى، وهو: وضع الحمل.

ص: 223

محدة فيها فلا جناح على ذوي زوجها المتوفي ولا على ذويها هي فيما تفعل بنفسها من ترك الإحداد1 والتعرض للخطاب للتزوج هذا معنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي: بما هو مباح لهن ووعظهم في ختام الآية بقوله: {وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} فاحذروه فلا تعملون إلا ما أذن فيه لكم.

أما الآية الثانية (235) فقد تضمنت تحريم خطبة المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة فلا يحل خطبتها لما في ذلك من الضرر؟ إذ قد تحمل هذه الخطبة من رجل مرغوب فيه لماله أو دينه أو نسبه أن تدعي المرأة انقضاء عدتها وهي لم تنقض، وقد تفوت على زوجها المطلق لها فرصة المراجعة، وهذا كله ضرر محرم. كما تضمنت الآية في صدرها رفع الحرج، أي: الإثم في التعريض بالخطبة دون اللفظ الصريح المحرم فقال تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أيها المسلمون فيما عرضتم من خطبة النساء المعتدات نحو قوله: إني راغب في الزواج، أو إذا انقضت عدتك تشاورينني إن أردت الزواج. كما تضمنت الكشف عن نفسية الرجل إذ قال تعالى:{عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} مبدين رغبتكم منهن فرخص لكم في التعريض دون التصريح، ولكن لا تواعدوهن سراً هذا اللفظ هو الدال على تحريم خطبة المعتدة من وفاة أو من طلاق بائن، أما الطلاق الرجعي فلا يصح الخطبة فيه تعريضاً ولا تصريحاً؛ لأنها في حكم الزوجة، وقوله:{إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً} هو الإذن بالتعريض.

كما تضمنت هذه الآية حرمة عقد النكاح على المعتدة حتى تنتهي عدتها إذ قال تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ2 النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} ، والمراد من الكتاب المدة التي كتب الله على المعتدة أن تتربص فيها. وختمت الآية بوعظ الله تعالى المؤمنين حيث أمرهم أن يعلموا أن الله يعلم ما في أنفسهم ولا يخفى عليه شيء من أعمالهم وتصرفاتهم فليحذروه غاية الحذر، فلا يخالفوه في أمره ولا نهيه. كما أعلمهم أنه تعالى غفور لمن تاب منهم بعد الذنب حليم عليهم لا يعاجلهم بالعقوبة ليتمكنوا من التوبة.

1 الإحداد واجب على المتوفى عنها زوجها فقط لحديث الصحيح: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا". والإحداد: هو ترك أنواع الزنية حتى الكحل والخضاب، وعليها لزوم البيت وعدم التعرض للخطاب.

2 أي: لا تعقدوا على المعتدة حتى تنقضي عدتها. يقال: عزم كذا، وعزم على كذا بمعنى واحد.

ص: 224

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1-

بيان عدة الوفاة وهي أربعة أشهر1 وعشر ليال، وبينت السنة أن عدة الأمة على النصف.

2-

وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها وهو عدم التزين ومس الطيب وعدم التعرض للخطاب وملازمة المنزل الذي توفى عنها زوجها وهي فيه فلا تخرج منه إلا لضرورة قصوى.

3-

حرمة خطبة المعتدة، وجواز التعريض لها بلفظ غير صريح.

4-

حرمة عقد النكاح على معتدة قبل انقضاء عدتها، وهذا من باب أولى ما دام الخطبة محرمة ومن عقد على امرأة قبل انقضاء عدتها يفرق بينهما ولا تحل له بعد عقوبة لهما2.

5-

وجوب مراقبة الله تعالى في السر والعلن واتقاء الأسباب المفضية بالعبد إلى فعل محرم.

{لا جُنَاحَ3 عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ4 النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ5 تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ6 مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ

1 قيل: الحكمة في العشر ليال بعد الأربعة أشهر، أنها التي ينفخ فيها الروح في الجنين لحديث:"إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة". الحديث. فثلاثة أربعينات بأربعة أشهر، وفي العشر بعد ينفخ فيه الروح. والحديث هو حديث ابن مسعود في مسلم.

2 هذا مذهب مالك، أما الجمهور فإنه يفارقها فإذا انتهت عدتها له أن يخطبها ويتزوجها، ولا فرق في هذا بين عدة الوفاة أو الطلاق غير الرجعي.

3 هذا استئناف بياني كأن سائلاً سأل عن جواز الطلاق قبل البناء وعدمه، فأجاب تعالى بقوله:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} الآية. مبيناً الجواز وحكم المهر للمطلقة قبل البناء.

4 المطلقات أربع: مطلقة قبل البناء، ولم يسم لها مهر فلها المتعة ولا عدة عليها. المطلقة قبل البناء وسمي لها مهر فلها نصفه إلا أن يعفو، ومطلقة بعد البناء لها ما سمي من المهر، وعليها العدة، ومطلقة بعد البناء ولم يسم لها مهر فلها مهر مثيلتها.

5 أو هنا بمعنى الواو، أي: ولم تفرضوا.

6 النصف: فيه لغات، كسر النون، وضمها، ونصيف بفتح النون وإشباع الصاد، والنصيف أيضاً: قناع المرأة.

ص: 225

الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239) }

شرح الكلمات:

الجناح: الإثم المترتب على المعصية.

{مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} : ما لم تجامعوهن.

{أَوْ تَفْرِضُوا} : تقدروا لهن1 مهراً.

{الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} : ذو الوسع في المال، وقدره: ما يقدر عليه ويستطيعه.

{الْمُقْتِرِ} : الضيق العيش.

{الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} : هو الزوج.

{وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} : أي المودة والإحسان.

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} : بأدائها في أوقاتها في جماعة مع استيفاء شروطها وأركانها وسننها.

{وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} : صلاة العصر، أو الصبح فتجب المحافظة على كل الصلوات وخاصة العصر والصبح لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"من صلى البردين –العصر والصبح- دخل الجنة".

{قَانِتِينَ} : خاشعين ساكنين2.

{فَرِجَالاً} : مشاة على أرجلكم أو ركباناً على الدواب وغيرها مما يركب.

1 اختلف في من مات زوجها قبل البناء بها ولم يسم لها صداق هل لها مثل صداق مثيلاتها، أو لا صداق لها؟ ولكن لها الميراث وعليها العدة. فمن قال: بالقياس، لا صداق لها، ومن أخذ بحديث بروع الذي رواه الترمذي وصححه قال: لها مهر المثل وترث وتعتد. وبروع: امرأة مات زوجها قبل البناء بها ولم يسم لها مهراً فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بمهر المثل والميراث والعدة.

2 الخشوع في الصلاة مستلزم لترك الكلام فيها وكيف وقد سلم ابن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته فلم يرد عليه، ثم اعتذر له بقوله:"إن في الصلاة لشغلا" أي: عن الكلام.

ص: 226

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في بيان أحكام الطلاق وما يتعلق به، ففي هذه الآية (236) : يخبر تعالى عباده المؤمنين أنه لا إثم ولا حرج عليهم إن هم طلقوا أزواجهم قبل البناء بهن، وقبل أن يسموا لهن مهوراً أيضاً، وفي هذين الحالين يجب عليهم أن يمتعوهن1 بأن يعطوا المطلقة قبل البناء ولم تكن قد أعطيت مهراً ولا سمى لها فيعرف مقداره في هذه الحال، وقد تكون نادرة يجب على الزوج المطلق جبراً لخاطرها أن يعطيها مالاً على قدر غناه وفقره تتمتع به أياماً عوضاً عما فاتها من التمتع بالزواج، فقال تعالى:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} .

وأما الآية الثانية (237) فإنه تعالى يخبر أن من طلق امرأته قبل البناء بها وقد سمى لها صداقاً قل أو كثر فإن عليه أن يعطيها وجوباً نصفه إلا أن تعفو عنه المطلقة فلا تأخذه تكرماً، أو يعفو المطلق تكرماً فلا يأخذ منه شيئاً فيعطيها إياه كاملاً فقال عز وجل:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} -أي: فالواجب نصف ما فرضتم- إلا أن يعفون –المطلقات- أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج. ثم بعد تقرير هذا الحكم العادل الرحيم دعا الطرفين2 إلى العفو، وأن من عفا منهما كان أقرب إلى التقوى فقال عز وجل:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ونهاهم مع هذا عن عدم نسيان المودة والإحسان بينهما فقال: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} .

وأما الآية الثانية (238) فإنه تعالى يرشد عباده المؤمنين إلى ما يساعدهم على الالتزام بهذه الواجبات الشرعية والآداب الإسلامية الرفيعة وهو المحافظة على إقامة الصلوات الخمس عامة والصلاة الوسطى خاصة فقال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} ، وكانوا قبلها يتكلمون في الصلاة فمنعهم من ذلك بقوله:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أي ساكنين خاشعين. وإن حصل خوف لا يتمكنون معه من أداء الصلاة على الوجه

1 المتعة واجبة للمطلقة قبل البناء ولم يكن سمي لها مهراً، ومستحبة لغيرها. هذا أشهر المذاهب وأقربها من الحق، ومقدار المتعة موكول إلى المطلق، فليمتع بحسب حاله غنياً وفقراً، هذا في غير المطلقة قبل البناء ولم يسم لها مهراً؛ لأن متعتها واجبة، إذ ليس لها غيرها فقد يتولى القاضي بيان مقدارها.

2 وإن كان الخطاب صالحاً لكل من الزوج والزوجة إلا إن العفو من الزوجة أولى؛ لأن الطلاق كان منه، ولو كانت هي سببه لكان عفوها هي أولى، ولعل هذا سر قوله:{أقرب للتقوى} .

ص: 227

المطلوب من السكون والخشوع فليؤدوها وهم مشاة على أرجلهم أو راكبون على خيولهم، حتى إذا زال الخوف وحصل الأمن فليصلوا على الهيئة التي كانوا يصلون عليها من سكون وسكوت وخشوع، فقال تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ1 كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} يريد الله تعالى بالذكر هنا إقام الصلاة أولاً، ثم الذكر العام مذكراً إياهم بنعمة العلم مطالباً إياهم بشكرها وهو أن يؤدوا الصلاة على أكمل وجوهها وأتمها؛ لأنها المساعد على سائر الطاعات وحسبها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. هذا ما تضمنته الآية الرابعة (239) .

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

بيان حكم المطلقة قبل البناء وقبل تسمية المهر، وأن لها المتعة فقط بحسب حال المطلق من غنى وفقر.

2-

بيان حكم المطلقة قبل البناء وقد سمى لها صداق فإن لها نصفه وجوباً إلا أن تتنازل عنه برضاها فلها ذلك كما أن الزوج المطلق إذا تنازل عن النصف وأعطاها المسمى كاملاً فله ذلك.

3-

الدعوة إلى إبقاء المودة والفضل والإحسان بين الأسرتين: أسرة المرأة المطلقة، وأسرة الزوج المطلق، حتى لا يكون الطلاق سبباً في العداوات والتقاطع.

4-

وجوب المحافظة على الصلوات الخمس وخاصة صلاة العصر2 وصلاة الصبح "الصلاة الوسطى"3.

5-

منع الكلام في الصلاة لغير إصلاحها.

6-

وجوب الخشوع في الصلاة

1 {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ} أي: أتموا الصلاة كما أمركم فأتموا ركوعها وسجودها وقيامها وجلوسها كما تفعلون ذلك في حال الأمن وعدم الخوف.

2 اختلف في بيان الصلاة الوسطى بلغ الخلاف عشرة أقوال حتى عدت كل صلاة الصلاة الوسطى حتى يتم المحافظة على الصلوات الخمس كلها، وأقوى الأقوال إنها الصبح أو العصر، ورجح مالك: الصبح، ورجح غيره: العصر، والسنة الصحيحة شاهدة لمن قال أنها العصر، وذلك لحديث الصحيح:"شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر".

3 الوسطى مؤنث الأوسط، ووسط الشيء خيره وأعدله، وفي هذا المعنى قال الشاعر، يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا أوسط الناس طراً في مفاخرهم

وأكرم الناس أماً برةً وأبا

وأفردت الصلاة الوسطى بالذكر تشريفاً لها.

ص: 228