الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
(35)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا1 فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ2 عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) }
شرح الكلمات:
{رَغَداً} : العيش الهني الواسع يقال له: الرغد.
{الشَّجَرَةَ} : شجرة من أشجار الجنة وجائز أن تكون كرماً أو نبيذاً أو غيرهما وما دام الله تعالى لم يعين نوعها فلا ينبغي السؤال عنها.
{الظَّالِمِينَ} : لأنفسهما بارتكاب ما نهى الله تعالى عنه.
{فَأَزَلَّهُمَا} : أوقعهما في الزلل، وهو مخالفتهما لنهي الله تعالى لهما عن الأكل من الشجرة.
{مُسْتَقَرٌّ} : المستقر: مكان الاستقرار والإقامة.
{إِلَى حِينٍ} : الحين: الوقت مطلقاً قد يقصر أو يطول والمراد به نهاية الحياة.
{فَتَلَقَّى 3 آدَمُ} : أخذ آدم ما ألقى الله تعالى إليه من كلمات التوبة.
{كَلِمَاتٍ} : هي قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .
{فَتَابَ عَلَيْهِ} : وفقه للتوبة فتاب4 وقبل توبته، لأنه تعالى تواب رحيم.
1 عن، هنا: هي كما في قوله تعالى: {إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ} بمعنى بسببها، أي أوقعهما في الزلل بسبب الأكل من الشجرة التي زينها لهما فضمير عنها عائد إلى الشجرة.
2 جملة: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ} تصح أن تكون حالاً من ضمير {اهْبِطُوا} ويصح أن تكون مستأنفة استئنافاً ابتدائياً.
3 لفظ: "فتلقى" مشعر بالإكرام، والمسرة، كقوله تعالى:{وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} .
4 يتساءل البعض: هل آدم ارتكب بأكله من الشجرة كبيرة، وهل يجوز في حق الأنبياء ارتكاب الكبائر؟؟
والجواب: أن آدم ما نبئ إلا بعد أن هبط إلى الأرض، إذ هي دار التكليف. أما وهو في السماء فما كان قد نبئ بعد وأكله من الشجرة لم يترتب عليه عقاب أكثر من الخروج من الجنة؛ لأنها ليست دار إقامة لمن يخالف فيها أمر الله تعالى، أما الأنبياء فلا يجوز في حقهم ارتكاب الكبائر ولا الصغائر لعصمة الله تعالى لهم؛ لأنهم محل أسوة لغيرهم.
معنى الآيات:
في الأية الأولى (35) يخبر تعالى عن إكرامه لآدم وزوجه حواء حيث أباح لهما جنته يسكنانها ويأكلان من نعيمها ما شاءا إلا شجرة واحدة فقد نهاهما عن قربها1 والأكل من ثمرها حتى لا يكونا من الظالمين.
وفي الآية الثانية (36) أخبر تعالى أن الشيطان أوقع آدم وزوجه في الخطيئة حيث زين لهما الأكل من الشجرة فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما فلم يصبحا أهلاً للبقاء في الجنة فأهبطا إلى الأرض مع عدوهما إبليس ليعيشوا بها بعضهم لبعض عدو إلى نهاية الحياة.
وفي الآية الثالثة (37) يخبر تعالى أن آدم تلقى كلمات التوبة من ربه تعالى وهو: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فقالاها توبة فتاب الله عليهما وهو التواب الرحيم.
هداية الآية:
من هداية الآية:
1-
كرامة آدم وذريته على ربهم تعالى.
2-
شؤم المعصية وآثارها في تحويل النعمة إلى نقمة.
3-
عداوة الشيطان للإنسان ووجوب معرفة ذلك لاتقاء وسوسوته.
4-
وجوب التوبة2 من الذنب وهي الاستغفار بعد الاعتراف بالذنب وتركه والندم على فعله.
1 إذا كان الفعل قرب يقرب بالفتح فمعناه التلبس بالفعل، وإذا كان قرب بضم الراء فمعناه الدنو من الشيء. هكذا يرى بعضهم.
2 التوبة: هي الرجوع من المخالفة إلى المتابعة، أي من المعصية إلى الطاعة، هذا حدها لغة. إما شرعاً: فهي كما نص في الفائدة الرابعة من هذا التفسير.
شرح الكلمات:
{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً} : انزلوا من الجنة1 إلى الأرض لتعيشوا فيها متعادين2.
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ 3 مِنِّي هُدىً} : إن يجيئكم من ربكم هدى: شرع ضمنه كتاب وبينه رسول.
{فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} : أخذ4 بشرعي فلم يخالفه ولم يحد عنه.
{فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} : جواب شرط فمن اتبع هداي، ومعناه إتباع الهدى يفضي بالعبد إلى أن لا يخاف ولا يحزن لا في الدنيا ولا في الآخرة.
{كَفَرُوا وَكَذَّبُوا} : كفروا: جحدوا شرع الله، وكذبوا رسوله.
{أَصْحَابُ النَّارِ} : أهلها الذين لا يفارقونها بحث لا يخرجون منها.
معنى الآيتين:
يخبر تعالى أنه أمر آدم وحواء5 وإبليس بالهبوط إلى الأرض بعد أن وسوس الشيطان لهما فأكلا من الشجرة، وأعلمهم أنه إن أتاهم منه هدى فاتبعوه ولم يحيدوا عنه يأمنوا ويسعدوا فلن يخافوا ولن يحزنوا، وتوعد من كفر به وكذب رسوله فلم يؤمن ولم يعمل صالحاً بالخلود6 في النار.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
1-
المعصية تسبب الشقاء والحرمان.
1 ذهب المعتزلة –أذهب الله ريحهم- إلى أن الجنة التي هبطا منها آدم وحواء كانت بستاناً في الأرض في مرتفع منها، وهو قول باطل لا يسمع له ولا يلتفت إليه، إذ كل سياق القرآن دال على إنها الجنة دار النعيم لأولياء الله في الآخرة.
2 أي: إبليس وذريته، وآدم وذريته، وكان هذا قبل أن يوجد لكل منهما ذرية، ثم أوجدت كما أخبر تعالى، وكانت العداوة على أشدها.
3 فإما: أصلها فإن ما، فإن شرطية وأدخلت عليها ما الزائدة لتقوية الكلام وأدغمت فيها نون إن فصارت إما.
4 هذا عام في كل أجيال بني آدم فمن جاءه هدى الله بواسطة نبي وكتاب الله فأخذ به واتبعه نجا مما يصيب غيره من الخوف والحزن في الدنيا والآخرة معاً.
5 حواء: لم تذكر باسمها في القرآن وإنما ذكرت بعنوان الزوج، ولكن ذكرت في السنة الصحيحة، إنها خلقت من ضلع آدم عليه السلام، والسر في عدم ذكرها باسمها: إن المروءة تأبى على صاحبها ذكر المرأة باسمها فلذا تذكر النساء تابعات لخطاب الرجال.
6 روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أقوام أصابتهم النار بخطاياهم فأصابتهم إماتة حتى إذا صاروا فحماً أذنت الشفاعة"، ومعناه يخرجون من النار بالشفاعة لهم.