الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ
(12) }
شرح الكلمات:
{أَزْوَاجُكُمْ} : الأزواج هنا: الزوجات.
{وَلَدٌ} : المراد هنا بالولد: ابن الصلب ذكراً كان أو أنثى، وولد الولد مثله.
{الرُّبُعُ} : واحد من أربعة.
{كَلالَةً1} : الكلالة أن يهلك هالك ولا يترك ولداً ولا والداً ويرثه إخوته لأمه.
{وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ2} : أي: من الأم.
{غَيْرَ مُضَارٍّ} : بهما –أي: الوصية والدين- أحداً من الورثة.
{حَلِيمٌ} : لا يعاجل بالعقوبة على المعصية. معنى الآية الكريمة:
كانت الآية قبل هذه في بيان الوراثة بالنسب وجاءت هذه في بيان الوراثة بالمصاهرة، والوارثون بالمصاهرة: الزوج والزوجات، قال تعالى:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} ، فمن ماتت وتركت مالاً ولم تترك ولداً ولا ولد ولدٍ ذكراً كان أو أنثى فإن لزوجها من تركتها النصف، وإن تركت ولداً أو ولد ولد ذكراً كان أو أنثى فإن لزوجها من تركتها الربع لا غير لقول الله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} . وهذا من بعد سداد الدين إن كان على الهالكة دين، وبعد إخراج الوصية إن أوصت الهالكة بشيء، لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ
1 من يكلله النسب إذا أحاط به وبه سمي الإكليل؛ لإحاطته بالرأس، وسمي القرابة: كلالة؛ لإحاطتهم بالميت من جوانبه، وليسوا منه، ولا هو منهم.
2 أخ: أصله أخو بدليل تثنيته على أخوين نصباً وجراً وأخوان رفعاً.
بِهَا أَوْ دَيْنٍ} . هذا ميراث الزوجة من زوجها فهو الربع إن لم يترك الزوج ولداً ولا ولد ولد ذكراً كان أو أنثى فإن ترك ولداً أو ولد ولد فللزوجة الثمن، وهذا معنى قوله تعالى:{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} . هذا وإن كان للزوج الهالك زوجتان أو أكثر فإنهن يشتركن في الربع بالتساوي إن لم يكن للهالك ولد، وإن كان له ولد فلهن الثمن يشتركن فيه بالتساوى وقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} أي تورث كلالة أيضاً، والموروث كلالة وهو من ليس له والد ولا ولد، وإنما يرثه إخوته لأمه كما في هذه الآية أو إخوته لأبيه وأمه كما في آي الكلالة في آخر هذه السورة، فإن كان له أخ من أمه فله السدس، وكذا إن كانت له أخت فلها السدس، وإن كانوا اثنين فأكثر فلهم الثلث1 لقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ2 وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ3} بأن يوصى بأكثر من الثلث، أو يقر بدين وليس عليه دين وإنما حسد للورثة أو بغضاً لهم لا غير، فإن تبين ذلك فلا تنفذ الوصية ولا يسدد الدين وتقسم التركة كلها على الورثة، وقوله تعالى:{وَصِيَّةً مِنَ اللهِ} أي: وصاكم أيها المؤمنون بهذا وصية فهي جديرة بالإحترام والامتثال. والله عليم بنياتكم وأحوالكم وما يضركم وما ينفعكم فسلموا قسمته وأطيعوه فيها وهو حليم لا يعاجل بالعقوبة فلا يغركم حلمه أن بطشه شديد وعذابه أليم.
هداية الآية
من هداية الآية:
1-
بيان ميراث الزوج من زوجته، والزوجة والزوجات من زوجهن.
2-
بيان ميراث الكلالة وهو من لا يترك والداً ولا ولداً فيرثه إخوته فقط4 يحوطون به إحاطة
1 وهو ما يعرف بالحجرية، أو الحمارية، أو المشتركة وهي: أن تموت امرأة وتترك زوجها وأمها وأخوة لأمها وأخاً لأبيها وأمها، فللزوج النصف، والأم السدس، والباقي للأخوة للأم، ولا شيء للأخ للأب، أو لهما معا. وسميت بالحمارية: لأنهم لما منعوا قالوا للقاضي بينهم: هب أبانا حماراً أليست أمنا واحدة، وقالوا هب أبانا حجراً أليست أمنا واحدة، وطالبوا بتشريكهم في الإرث فسميت المشتركة.
2 ذكرت الوصية قبل الدين، والإجماع على تقديم الدين على الوصية لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وقيل في السر في ذلك: أن تقديم الوصية في اللفظ كان بسبب أنه لا يوجد من يطالب بها فقد تنسى، وأما الدين فأهله يطالبون به فلا ينسى ولا يترك.
3 مضار: اسم فاعل، أي: مضارر، فأدغمت الراء في الراء فصارت مضار، أي: حال كون الموصي غير مريد الإضرار بالورثة.
4 أي: لأمه، ولهذا خالف أخوة الأم الورثة في ثلاث مسائل: الأولى: أنهم يرثون مع من يدلون به وهو أمهم. والثانية: إن ذكورهم وإناثهم في الميراث سواء. والثالثة: أنهم لا يرثون إلا إذا كان ميتهم يورث كلالة.