الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
المواعظ تنفع أهل الإيمان لحياة قلوبهم.
4-
في امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه الخير كله، والطهر جميعه.
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ1 بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
(233) }
شرح الكلمات:
{حَوْلَيْنِ} : عامين.
{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} : أي على الأب.
{بِالْمَعْرُوفِ} : بحسب حاله يساراً أو إعساراً.
{وُسْعَهَا} : طاقتها وما تقدر عليه.
{لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا2} : أي لا يحل أن تؤذي أم الولد بمنعها من إرضاع ولدها، أو بمنعها الأجرة على إرضاعه هذا في حال طلاقها، أو موت زوجها.
1 قوله تعالى: {كسوتهن} ، إما أن يكون المراد به المرضع غير المطلقة، فهي التي يجب لها الكسوة، أما المرضع بأجرة فلا كسوة لها وإنما لها ثمن الإرضاع، أو يكون ذكر الكسوة من باب مكارم الأخلاق، إذ ذو الخلق الكريم يكرم مرضعة ولده بالكسوة وغيرها.
2 في الآية دليل على أن الأم أحق بالحضانة إذا طلقت أو مات الوالد ولا خلاف في ذلك ما لم تتزوج فإن حضانتها تسقط بذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن شكت إليه: "إنت أحق به ما لم تنكحي". واختلف في مدة الحضانة، فمالك يرى: أنها إلى بلوغ الغلام وتزوج الجارية، ورأى الشافعي: أنها إلى ثمان سنوات ثم يخبر الولد بين أبيه وأمه، فأيهما اختار له ذلك، والبنت كذلك. فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم خير الولد بين أبيه وأمه.
{وَلا مَوْلُودٌ لَهُ} : أي ولا يضار1 الوالد كذلك بأن يجبر على إرضاع الولد من أمه المطلقة أو يطالب بأجرة لا يطيقها.
{وَعَلَى الْوَارِثِ} : الوارث هو الرضيع2 نفسه إن كان له مال وإلا فعلى من يكفله من عصبته.
{فِصَالاً} : فطاماً للولد قبل نهاية العامين.
معنى الآية الكريمة:
بمناسبة بيان أحكام الطلاق وقد تطلق المرأة أحياناً وهي حامل ذكر تعالى أحكام الرضاع، وقال تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ3 يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} أي: على الأم المطلقة أن ترضع ولدها حولين كاملين إن أرادت هي وأب الرضيع إتمام الرضاعة، وأن على المولود له وهو الأب إن كان موجوداً نفقة المرضعة طعاماً وشراباً وكسوة بالمعروف بحسب حال الوالد من الغنى والفقر، إذ لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها من قدرة.
ثم نبه تعالى على أنه لا يجوز أن تؤذى الوالدة بسبب ولدها بأن تمنع من إرضاع ولدها أو تكره على إرضاعه وهي لا تريد ذلك، أو تحرم النفقة مقابل الإرضاع أو يضيق عليها فيها كما لا يجوز أن يضار أي يؤذي المولود له وهو الأب: بأن يجبر على إرضاع ولده من أمه وقد طلقها ولا يأن يطالب بنفقة باهظة لا يقدر عليها. وعلى الوارث وهو الرضيع نفسه إن كان له مال. فإن لم يكن له مال فعلى عصبته الذكور الأقرب فالأقرب أي عليهم أجرة الإرضاع فإن لم يكن للولد مال وليس له عصبة وجب على الأم أن ترضعه مجاناً؛ لأنها أقرب الناس إليه، ثم ذكر تعالى رخصتين في الإرضاع: الأولى: فطام قبل عامين، فإن لهما ذلك بعد التشاور في ذلك وتقدير مصلحة الولد من هذا الفطام المبكر. فقال تعالى: {فَإِنْ
1 وفي الحديث الصحيح: "لا ضرر ولا ضرار"، ومن هنا رؤى في الحضانة جانب الولد فينظر فيمن يقدر على حفظه وتربيته، ولما كانت الأم أرحم به وأحن عليه أعطيته ما لم تتزوج وتشغل عنه فإن تزوجت فأمها وهي جدته، وإما أم أبيه فخالته أحق به منها، والعبرة بمن يكون أرحم وأحفظ بالولد.
2 الجمهور على أن المراد بالوارث، ورثة الرضيع إذا هلك من نساء ورجال، ذكره القرطبي في تفسيره، وقال غيره: إن الوارث هو الرضيع إذا مات والده وترك مالاً. أجرة المرضع من ماله، فإن كان لا مال له فمن مال ورثته هو ولا تضار هي في واجب نفقتها ولا الوالد أو وارثه في أدائها. وما فسرنا به الآية واضح ومستقيم والحمد لله رب العالمين.
3 {والوالدات} مبتدأ، وجملة: يرضعن، خبر. فالجملة خبرية، ومعناها الإنشاء. إذ ما تضمنته الجملة هو إرشاد من الله تعالى للمؤمنين في طريقة إرضاع أولادهن.
أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي لا تضييق ولا حرج. والثانية إن أراد المولود له أن يسترضع لولده من مرضعاً غير أمه فله ذلك إن طابت به نفسه الأم، قال تعالى:{وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} بشرط أن يسلم الأجرة1 المتفق عليها بالمعروف بلا إجحاف ولا مماطلة، وأخيرا وعظ الله كلاً من المرضِع والمرضَع له بتقواه في هذه الحدود التي وضعها لهما، وأعلمهم أنه بما يعملون بصير فليحذروا مخالفة أمره، وارتكاب نهيه. فسبحانه من إلهٍ عظيم برٍ رحيم.
هداية الآية
من هداية الآية:
1-
وجوب إرضاع الأم ولدها الرضعة الأولى "اللَّبا" إن كانت مطلقة وسائر الرضاع إن كانت غير مطلقة.
2-
بيان الحد الأعلى للرضاع وهو عامان2 تامان. ولذا فالزيادة عليهما غير معتبرة شرعاً.
3-
جواز أخذ الأجرة على الإرضاع.
4-
وجوب نفقة الأقارب على بعضهم في حال الفقر.
5-
جواز إرضاع الوالد ولده من3 مرضع غير والدته.
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ
1 المراد من الأجرة هي تلك التي وجبت للمطلقة بإرضاعها ولدها قبل أخذ الوالد له ليرضعه عند غيرها إن لم يكن قد سلمها لها أيام إرضاعها للولد.
2 لحديث: "لا رضاع بعد فصال ولا يتم بعد احتلام" رواه أبو دواد الطيالسي. عن جابر ذكره ابن كثير. وحديث ابن عباس عند البخاري: "لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين". ولذا فما كان من رضاع بعد الحولين فلا يحرم بدلالة هذا الحديث الصحيح.
3 إذا كان في ذلك مصلحة للرضيع أو لعجز الوالدة عنه.