الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع الكافرين الغازين. ثم أخبر تعالى عنهم أنهم قعدوا عن الجهاد في أحد وقالوا لإخوانهم في النفاق –وهم في مجالسهم الخاصة-: لو أنهم قعدوا فلم يخرجوا كما لم نخرج نحن ما قتلوا. فأمر الله تعالى رسوله أن يرد عليهم قائلاً: {فَادْرَأُوا} أي: ادفعوا1 عن أنفسكم الموت إذا حضر أجلكم إن كنتم صادقين في دعواكم أنهم لو قعدوا ما قتلوا.
من هداية الآيات:
1-
المصائب2 ثمرة الذنوب.
2-
كل الأحداث التي تتم في العالم سبق بها علم الله، ولا تحدث إلا بإذنه.
3-
قد يقول المرء قولاً أو يظن ظناً يصبح به على حافة هاوية الكفر.
4-
الحذر لا يدفع3 القدر.
{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
(169)
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) }
شرح الكلمات:
{وَلا تَحْسَبَنَّ} : ولا تظنن.
{قُتِلُوا} : استشهدوا.
{أَحْيَاءٌ} : يحسون ويتنعمون في نعيم الجنة بالطعام والشراب.
1 هذا رد على ابن أبي كبير المنافقين، وسيدهم الذي قال: لو أطاعونا ما قتلوا.
2 قال تعالى من سورة الشورى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} أي: من الذنوب والمعاصي.
3 ومع أنه لا يدفع القدر فإن استعماله واجب لقوله تعالى: {خُذوا حِذْرَكم} .
{فَرِحِينَ} : مسرورين.
{أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} : لما وجدوا من الأمن التام عند ربهم.
{وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} : على ما خلفوا وراءهم في الدنيا لما نالهم من كرامة في الجنة.
{يَسْتَبْشِرُونَ} : يفرحون.
{وَفَضْلٍ} : وزيادة.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن غزوة أحد فقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَحْسَبَنَّ1} أي: لا تظنن الذين استشهدوا من المؤمنين في أحد وغيرها أمواتاً لا يحسون ولا يتنعمون بطيب الرزق ولذيذ العيش بل هم أحياء عند ربهم يرزقون أرواحهم في حواصل طير خضر يأكلون من ثمار الجنة ويأوون إلى قناديل معلقة بالعرش. إنهم فرحون بما أكرمهم2 الله تعالى به، ويستبشرون بإخوانهم المؤمنين الذين خلفوهم في الدنيا على الإيمان والجهاد بأنهم إذا لحقوا بهم لم يخافوا ولم يحزنوا لأجل ما يصيرون إليه من نعيم الجنة وكرامة الله تعالى لهم فيها. إن الشهداء جميعاً مستبشرون فرحون بما ينعم3 الله عليهم ويزيدهم وبأنه تعالى لا يضيع أجر المؤمنين شهداء وغير شهداء بل يوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
الشهداء أحياء والمؤمنون أحياء في الجنة غير أن حياة الشهداء أكمل.
2-
الشهداء4 يستبشرون بالمؤمنين الذين خلفوهم على الإيمان والجهاد بأنهم إذا لحقوا بهم نالهم من الكرامة والنعيم ما نالهم هم قبلهم.
1 روى أبي داود بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقامهم قالوا: من يبلغ إخواننا عنا، إنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينقلوا عند الحرب، فقال الله سبحانه: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله: {ولا تحسبن} ". الآية.
2 مما ورد في فضل الشهيد: أن الله تعالى يغفر له كل ذنب أذنبه إلا الدين، لقوله صلى الله عليه وسلم:"القتيل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين، كذلك قال لي جبريل عليه السلام آنفاً". قال العلماء: الدين يشمل كل الحقوق المتعلقة بالذمة.
3 روى الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للشهيد عند الله ست خصال. يغفر له في دفعه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفرع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتي وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه".
4 الإجماع على أن شهيد المعركة بين الكفار والمسلمين: أنه لا يغسل ولا يصلى عليه لحديث البخاري: "وادفنوهم بدمائهم" يعنى شهداء أحد ولا يغسلهم، والعلة في عدم غسلهم: أن دمائهم يوم القيامة كريح المسك.