الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بيان مكر اليهود بالمؤمنين بالعمل على إضلالهم في عهد النبوة وإلى اليوم.
2-
في كفاية الله للمؤمنين ونصرته ما يغنيهم أن يطلبوا ذلك من أحد غير ربهم عز وجل.
3-
الكشف عن سوء نيات وأعمال اليهود إزاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4-
الإيمان1 القليل لا يجدي صاحبه ولا ينفعه بحال.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً
(47) }
شرح الكلمات:
{أُوتُوا الْكِتَابَ} : اليهود والنصارى، والمراد بهم هنا اليهود لا غير.
{بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً} : القرآن.
{نَطْمِسَ وُجُوهاً} : نذهب آثارها بطمس الأعين وإذهاب أحداقها.
{فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} : نجعل الوجه قفا، والقفا وجهاً.
{كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} : لعنهم: مسخهم قردة خزياً لهم وعذاباً مهيناً.
{وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً} : أمر الله: مأموره كائن لا محالة لأنه تعالى لا يعجزه شيء. معنى الآية الكريمة:
ما زال السياق في اليهود المجاورين للرسول صلى الله عليه وسلم، ففي هذه الآية ناداهم الله تبارك2
1 شاهده قوله تعالى: {فَلا يؤمنون إلا قَليلا} هذا يصح إن كانت الجملة دالة على شيء من الإيمان، أما على رأي من يرى أن الكلام دال على نفي الإيمان بالكلية فلا دليل في الآية على أن قليل الإيمان لا ينفع.
2 قال القرطبي: قال ابن إسحاق: كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود منهم: عبد الله بن صوريا، وكعب بن أسد، وقال لهم:"يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق". قالوا: ما نعرف ذاك يا محمد. وجحدوا ما عرفوا وأصروا على الكفر. فأنزل الله تعالى هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} .
وتعالى بعنوان العلم والمعرفة وهو نسبتهم إلى الكتاب الذي هو التوراة آمراً إياهم بالإيمان بكتابه، أي: القرآن الكريم وبمن أنزله عليه محمد صلى الله عليه وسلم، إذ الإيمان بالمنزل إيمان بالمنزل عليه ضمنا. فقال:{آمنوا} بالفرقان المصدق لما معكم من أصول الدين ونعوت الرسول والأمر بالإيمان به ونصرته خفوا إلى الإيمان واتركوا التردد من قبل أن يحل بكم ما حل ببعض أسلافكم حيث مسخوا قردة وخنازير {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً1} فنذهب حدقة أعينها وشاخص أنوفها ونُغلق أفواهها فتصبح الوجوه أقفاء، والأقفاء وجوهاً يمشون القهقراء وهو معنى قوله:{فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} أي: الذين اعتدوا منكم في السبت حيث صادوا فيه، وهو محرم عليهم فمسخهم قردة خاسئين. {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ} أي: مأموره {مَفْعُولاً} ناجزاً، لا يتخلف ولا يتأخر لأن الله تعالى لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير.
هداية الآية
من هداية الآية:
1-
المفروض أن ذا العلم يكون أقرب إلى الهداية، ولكن من سبقت شقوته لما يعلم الله تعالى من اختياره الشر والإصرار عليه لا ينفعه العلم، ولا يهتدي به هؤلاء اليهود الذين دعاهم الله تعالى إلى الإيمان فلم يؤمنوا.
2-
وجوب تعجيل التوبة قبل نزول العذاب وحلول ما لا يحب الإنسان من عذاب ونكال.
3-
قد يكون المسخ في الوجه بمسخ الأفكار والعقول فتفسد حياة المرء وتسوء، وهذا الذي حصل ليهود المدينة. فنقضوا عهودهم فهلك من هلك منهم وأجلى من أجلى نتيجة إصرارهم على الكفر وعداء الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
1 قال مالك رحمه الله تعالى: "كان أول إسلام كعب الأحبار أنه مر برجل من الليل وهو يقرأ هذه الآية: {يَا أهْل الكتاب
…
} إلخ. فوضع كفيه على وجهه ورجع القهقري إلى بيته فأسلم مكانه، وقال: والله لقد خفت ألا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي".
2 روى الترمذي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "ما في القرآن آية أحب إلي من هذه الآية {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} "، قال هذا حديث حسن غريب.
شرح الكلمات:
{لا يَغْفِرُ} : لا يمحو ولا يترك للمؤاخذة.
{أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} : أي: يعبد معه غيره تأليها له بحبه وتعظمه وتقديم القرابين له، وصرف العبادات له كدعائه والاستعانة به والذبح والنذر له.
{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} : أي ما دون الشرك والكفر من سائر الذنوب والمعاصي التي ليست شركاً ولا كفراً.
{لِمَنْ يَشَاءُ} : أي: لمن يشاء المغفرة له من سائر المذنبين بغير الشرك والكفر.
{افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} : افترى: اختلق وكذب كباً بنسبته العبادة إلى غير الرب تعالى، والإثم: الذنب العظيم الكبير.
معنى الآية الكريمة:
يروى أنه لما نزل قول الله تعالى من سورة الزمر: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} قام رجل فقال: والشرك يا نبي الله؟ فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ1 بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، فأخبر تعالى عن نفسه بأنه لا يغفر الذنب المعروف بالشرك والكفر، وأما سائر الذنوب كبيرها وصغيرها فتحت المشيئة إن شاء غفرها لمرتكبها فلم يعذبه بها، وإن شاء آخذه بها وعذبه، وأن من يشرك به تعالى فقد اختلق الكذب العظيم إذ عبد من لا يستحق العبادة وأنه من لا حق له في التأليه فلذا هو قائل بالزور وعامل بالباطل، ومن هنا كان ذنبه عظيماً.
هداية الآية الكريمة
من هداية الآية:
1-
عظم ذنب2 الشرك والكفر وأن كل الذنوب دونهما.
2-
الشرك ذنب3 لا يغفر لمن مات بدون توبة منه.
1 ومع ظهور سبب النزول فإن الآية تحمل تهديداً ووعيداً للناس شديدين يفهم ذلك من حرف التعليل، وهو:{إن الله} كأنه يقول: يا أيها الناس ادخلوا في الإسلام إن الله لا يغفر أن يشرك به.
2 وجه عظم ذنب الشرك يدرك بما يلي: أولاً: أنه ذنب لا يغفر إلا لمن تاب منه. ثانياً: إنه محبط للعمل مهما كثر وعظم لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .
3 يعرف الشرك: بأنه عبادة غير الله مع الله. ومن أنواع العبادة: التعظيم، والرغبة، والرهبة، والدعاء، والذبح، والنذر، والركوع، والسجود، والصيام، والحلف، وهو من التعظيم.