الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
الله تعالى خالق الخير والضير، ولا ضرر ولا نفع إلا بإذنه1 فيجب الرجوع إليه في جلب النفع، ودفع الضر بدعائه والضراعة إليه.
4-
العلم المهم؛ كالظن الذي لا يقين معه لا يغير من نفسية صاحبه شيئاً فلا يحمله على فعل خير ولا على ترك شر بخلاف الرسوخ في العلم فإن صاحبه يكون لديه من صادق الرغبة وعظيم الرهبة ما يدفعه إلى الإيمان والتقوى ويجنبه الشرك والمعاصي. وهذا ظاهر في نفي الله تعالى العلم عن اليهود في هاتين الآيتين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(104)
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) }
شرح الكلمات:
{رَاعِنَا} : أمهلنا وانظرنا حتى نعي ما تقول.
{انْظُرْنَا} : أمهلنا حتى نفهم ما تقول ونحفظ.
{وَلِلْكَافِرِينَ} : الجاحدين المكذبين لله ورسوله المستهزئين بهما أو بأحدهما.
{أَلِيمٌ} : كثير الألم شديد الإيجاع.
{مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ} : اليهود والنصارى والوثنين من العرب وغيرهم.
{مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} : من الوحي الإلهي المشتمل على التشريع المتضمن لكل أنواع الهداية وطرق الإسعاد والإكمال في الدارين.
1 ذكر القرطبي: أن ابن بطال قال: في كتاب وهب بن منبه أن يأخذ المسحور سبع ورقات من سدر أخضر فيدقها بين حجرين ثم يخلطلها بالماء ويقرأ عليها آية الكرسي ثم يحثو منها ثلاث حثيات ويغتسل به فإنه يذهب عن كل ما ألم إن شاء الله تعالى.
{الْفَضْلِ} : ما كان من الخير غير محتاج إليه صاحبه. والله عز وجل هو صاحب الفضل إذ كل ما يمن به ويعطيه عباده من الخير هو في غنى عنه ولا حاجة به إليه أبداً.
معنى الآيتين:
أما الآية الأولى (104) فقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يراعوا1 الأدب في مخاطبة نبيهم صلى الله عليه وسلم تجنباً للكلمات المشبوهة؛ ككلمة: راعنا، إذ قد تكون من الرعونة، ولما تدل عليه صيغة المفاعلة؛ إذ كأنهم يقولون: راعنا نُراعك، وهذا لا يليق أن يخاطب به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأرشدهم تعالى إلى كلمة سليمة من كل شبهة تنافي الأدب وهي انظرنا2، وأمرهم أن يسمعوا لنبيهم إذا خاطبهم حتى لا يضطروا إلى مراجعته، إذ الاستهزاء بالرسول والسخرية منه ومخاطبته بما يفهم الاستخفاف بحقه وعلو شأنه وعظيم منزلته كفر بواح.
وفي الآية الثانية (105) أخبر تعالى عباده المؤمنين بأن الكافرين من أهل الكتاب ومن غيرهم من المشركين الوثنيين لا يحبون أن يُنزل عليكم من خير من ربكم وسواء كان قرآناً يحمل أسمى الآداب وأعظم الشرائع وأهدى سبل السعادة والكمال، أو كان غير ذلك من سائر أنواع الخيرات، وذلك حسداً منهم للمؤمنين كما أخبرهم أنه تعالى يختص برحمته من يشاء من عباده فحسد الكافرين لكم لا يمنع فضل الله عليكم ورحمته بكم متى أرادكم بذلك.
هداية الآيتين:
من هداية الآيتين:
1-
وجوب التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مخاطبته بعدم استعمال أي لفظة قد تفهم غير الإجلال والإكبار له صلى الله عليه وسلم.
2-
وجوب السماع لرسول الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، وعند مخاطبته لمن أكرمهم الله تعالى بمعايشته والوجود معه.
1 سبب نزول هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
…
} إلخ. أن اليهود استغلوا كلمة: راعنا، وصاروا يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم ينوون بها سب رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجود كلمة في العبرية مثلها ومعناه: السب والشتم؛ كالرعونة. فأنزل الله هذه الآية، أرشد فيها المسلمين إلى ترك كلمة: راعنا، وإبدالها: بانظرنا، فانقطع الطريق عن اليهود لعنهم الله.
2 معنى انظرنا: هو معنى راعنا، ولكن لما استعملها اليهود وصاروا ينوون بها سب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها عندهم من الرعونة لذلك أرشد الله المسلمين إلى كلمة: انظر.