الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح الكلمات:
المثل: الصفة المستملحة المستغربة.
{ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ} : طلباً لرضا الله تعالى.
{وَتَثْبِيتاً} 1: تحقيقاً وتيقناً بمثوبة الله تعالى لهم على إنفاقهم في سبيله.
{جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ2} : بستان كثير الأشجار بمكان مرتفع.
{ضِعْفَيْنِ} : مضاعفاً مرتين، أو ضعفي ما يثمر غيرها.
الوابل: المطر الغزير الشديد.
الطل: المطر الخفيف.
{إِعْصَارٌ} : ريح عاصف فيها سموم.
معنى الآيتين:
لما ذكر الله تعالى خيبة المنفقين أموالهم رياء الناس محذراً المؤمنين من ذلك ذكر تعالى مرغباً في النفقة التي يريد بها العبد رضا الله وما عنده من الثواب الأخروي فقال ضارباً لذلك مثلاً: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ} أي: طلباً لمرضاته {وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أي: تحققاً وتيقناً منهم بأن الله تعالى سيثيبهم عليها مثلهم في الحصول ما أمّلوا من رضا الله وعظيم الأجر؛ كمثل جنة بمكان مرتفع عالٍ أصابها مطر غزير فأعطت ثمرها ضعفي ما يعطيه غيرها من البساتين، ولما كانت هذه الجنة بمكان عال مرتفع فإنها إن لم يصبها المطر الغزير فإن الندى والمطر اللين الخفيف كافٍ في سقيها وريها حتى تؤتي ثمارها مضاعفاً مرتين، وختم تعالى هذا الكلام الشريف بقوله:{وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} قواعد به المنفقين ابتغاء مرضاته وتثبيتاً من أنفسهم بعظم الأجر وحسن المثوبة، وأوعد به المنفقين الذين يتبعون ما أنفقوا بالمن والأذى والمنفقين رياء الناس بالخيبة والخسران.
كان هذا معنى الآية الأولى
(265)
وأما الآية الثانية (266) فإنه تعالى بسائل عباده تربية
1 لقد اختلف في معنى: {وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ورجح ما فسرناه به في التفسير وهناك معنى آخر لطيف وهو: وتثبيتاً لأنفسهم على الإيمان وأفعال البر لأن الحسنة تلد الحسنة، فهم ينفقون أموالهم طلباً لرضوان الله وترويضاً منهم لأنفسهم على فعل الخير والإحسان.
2 الربوة: مثلثة الراء: المكان المرتفع.
لهم وتهذيباً لأخلاقهم وسموا بهم إلى مدارج الكمال الروحي فيقول: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ1} أي: أيحب أحدكم أيها المنفقون في غير مرضاة الله تعالى أن يكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار وله فيها من كل الثمرات والحال أنه قد تقدمت به السن وأصبح شيخاً كبيراً، ومع هذا العجز فإنه له ذرية صغاراً لا يقدرون على الكسب وجلب عيشهم بأنفسهم، وأصاب ذلك البستان الذي هو مصدر عيش الوالد وأولاده أصابه ريح عاتية تحمل حرارة السموم2 فأتت على ذلك البستان فأحرقته، كيف يكون حال الرجل3 الكبير وأولاده؟ هكذا الذي ينفق أمواله رئاء الناس يخسرها كلها في وقت هو أحوج إليها من الرجل العجوز وأطفاله الصغار، وذلك يوم4 القيامة، وأخيراً يمتن تعالى على عباده بما يبين لهم من الآيات في العقائد والعبادات والمعاملات والآداب ليتفكروا فيها فيهتدوا على ضوئها إلى كمالهم وسعادتهم فقال تعالى:{كَذَلِكَ} أي: كذلك التبيين {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ5} .
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1-
استحسان ضرب الأمثال تقريباً للمعاني إلى الأذهان لينتفع بها.
2-
مضاعفة أجر الصدقة الخالية من المن والأذى ومراءاة الناس.
3-
بطلان صدقات المان والمؤذي والمرائي وعدم الانتفاع بشيء منها.
4-
وجوب التفكر في آيات الله لا سيما تلك التي تحمل بيان العقائد والأحكام والآداب والأخلاق.
1 الود: حب الشيء مع تمنيه.
2 ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "أبردوا بصلاتكم في الحر فإن شدة الحر من فيح جهنم" رواه البخاري وغيره.
3 روى الحاكم وذكره ابن كثير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: "اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقضاء عمري".
4 روى البخاري أن عمر رضي الله عنه سأل يوماً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} فقالوا: الله أعلم. فقال: قولوا: نعلم ولا نعلم. فقال عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. فقال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك. فقال: ضربت مثلاً لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله.
5 أي: في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة وبقاءها، وهذا لا يتنافى مع ما فسرنا به الآية. في التفسير.