الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
فرضية القتال في سبيل الله ولأجل انقاذ المستضعفين من المؤمنين نصرة للحق وإبطالاً للباطل.
2-
المقاتل في سبيل الله باع دنياه واعتاض عنها الآخرة، ولنعم البيع.
3-
المجاهد يؤوب بأعظم صفقة سواء قتل، أو انتصر وغلب وهي الجنة.
4-
لا يمنع المؤمنين من الجهاد خوف أعدائهم، لأن قوتهم من قوة الشيطان وكيد الشيطان ضعيف.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً
(77)
أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً (79) }
شرح الكلمات:
{كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} : أي: عن القتال وذلك قبل أن يفرض.
{كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} : فرض عليهم.
{يَخْشَوْنَ} : يخافون.
{لَوْلا أَخَّرْتَنَا} : هلا أخرتنا1.
{فَتِيلاً} : الفتيل: خيط يكو في وسط النواة.
{بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} : حصون مشيدة بالشيد، وهو الجص.
{مِنْ حَسَنَةٍ} : الحسنة: ما سر، والسيئة: ما ضر.
معنى الآيات:
روى أن بعضاً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم طالبوا بالإذن لهم بالقتال ولم يؤذن لهم لعدم توفر أسباب القتال، فكانوا يؤمرون بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ريثما بأذن الله تعالى لرسوله بقتال المشركين، ولما شرع القتال جبن فريق منهم عن القتال وقالوا:{لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} متعللين2 بعلل واهية، فأنزل الله تعالى فيهم هاتين الآيتين (77) و (78) {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} أي: عن القتال {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ريثما يأذن الله بالقتال عندما تتوفر إمكانياته، فلما فرض القتال ونزل قوله تعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} جبنوا ولم يخرجوا للقتال، وقالوا:{لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} يريدون أن يدافعوا الأيام حتى يموتوا ولم يلقوا عدواً خوراً، فأمر تعالى الرسول أن يقول لهم:{مَتَاعُ الدُّنْيَا3 قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} فعيشكم في الدنيا مهما طابت لكم الحياة هو قليل {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} الله بفعل أمره وترك نهيه بعد الإيمان به وبرسوله، وسوف تحاسبون على أعمالكم وتجزون بها {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً} لا ينقص حسنة ولا بزيادة سيئة. هذا ما تضمنته الآية الأولى.
أما الآية الثانية فقد قال تعالى لهم ولغيرهم ممن يخشون القتال ويجبنون عن الخروج للجهاد: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} ، إذ الموت طالبكم ولابد أن يدرككم، كما قال تعالى لأمثالهم:{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} ، ولو دخلتم حصوناً4 ما فيها كوة ولا نافذة
1 المراد من التأخير إلى أجل قريب: هو أن يتم استعدادهم للقتال لتوفر المال والرجال والعتاد لا إلى أجل الموت فإنه غير وارد في قولههم: هذا ولا معنى له، وهل قولهم كان في أنفسهم أو صرحوا به؟ كلاهما وارد وجائز الوقوع.
2 اختلف هل هذه الآية نزلت في المؤمنين أو المنافقين؟ والصواب أنها نزلت في بعض المؤمنين ممن ضعف إيمانهم، أما كونها نزلت في اليهود فلا معنى له، وكونها شملت المنافقين فهذا حق بدليل سياق الآيات.
3 يبين قلة متاع الدنيا قوله صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثل الدنيا كراكب قال قيلولة تحت شجرة ثم راح وتركها".
4 تفسير لقوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} إذ البرج: البناء المرتفع والقصر العظيم. قال طرفة، يصف ناقة:
كأنها برج رمي يكففها
…
بانٍ بشيد وآجرٍ وأحجار
وفي الآية رد على القدرية القائلين: المقتول لو لم يقتله عاش.
فإن الموت يدخلها عليكم ويقبض أرواحكم، ولما ذكر تعالى جبنهم وخوفهم ذكر تعالى سوء فهمهم وفساد ذوقهم فقال:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} يعني أنه إذا أصابهم خير من غنيمة أخصب ورخاء، قالوا:{هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ} لا شكراً لله وإنما لا يريدون أن ينسبوا إلى رسول الله شيئاً من خير كان ببركته وحسن قيادته، وإن تصبهم سيئة فقر أو مرض أو هزيمة يقولون:{هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ1} ، أي: أنت السبب فيها. قال تعالى لرسوله: قل لهم {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} الحسنة والسيئة، هو الخالق والواضع السنن لوجودها وحصولها. ثم عليهم في نفسياتهم الهابطة، فقال:{فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} هذا ما دلت عليه الآية الثانية.
أما الآية الثالثة والأخيرة في هذا السياق، وهي قوله تعالى:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ2 مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ3} الآية، فإن الله تعالى يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم فيخبره بأن الحسنة من الله تعالى، إذ هو الآمر بقولها أو فعلها وموجد أسبابها الموفق للحصول عليها، أما السيئة فمن النفس، إذ هي التي تأمر بها، وتباشرها مخالفة فيها أمر الله أو نهيه، فلذا لا يصح نسبتها إلى الله تعالى. وقوله تعالى:{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً} يُسلي به رسوله عما يلاقيه من أذى الناس وما يصادفه من سوء أخلاق بعضهم؛ كالذين ينسبون إليه السيئة تطيراً به فيخبره بأن مهمته أداء الرسالة، وقد أداها والله شاهد على ذلك ويجزيك عليه بما أنت أهله وسيجزي من رد رسالتك وخرج عن طاعتك وكفى بالله شهيداً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
قبح الاستعجال والجبن وسوء عاقبتهما.
2-
الآخرة خير لمن اتقى من الدنيا4.
1 لقد شارك يهود في هذا القول، فقد روى أنهم لما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجراً، قالوا: ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا، ومزارعنا مذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه!!.
2 إن الخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فهو عام في كل إنسان لاسيما المؤمن، أو هو من باب: إياك أعني، واسمعي يا جارة، وكونه خاصاً بالرسول صلى الله عليه وسلم، ومعناه عام هو الصحيح.
3 زاد بعضهم جملة: وإنا كتبا عليك، وهي ليست قرآناً إجماعاً، وإنما هي تفسير من بعض الصحابة، ولا التفات لمن طعن في القرآن بمثل هذه الزيادة التفسيرية.
4 وما أحسن ما قيل في معنى الآية شعراً:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له
…
من الله في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنها
…
متاع قليل والزوال قريب