الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(67) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ
171 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الْبَجَلِىِّ - قَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ أَبُو أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو -
===
(67)
(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ)(1)
بصيغة الجمع (بِوُضُوءٍ وَاحدٍ) للصلوات
171 -
(حدثنا محمد بن عيسى) أبو جعفر (قال: ثنا شريك) بن عبد الله (عن عمرو بن عامر البجلي قال محمد: هو) أي عمرو بن عامر (أبو) أي والد (أسد بن عمرو) اختلف المحدثون في عمرو بن عامر هذا الذي يروي عن أنس بن مالك، هل هو أنصاري كوفي، أو بجلي كوفي؟ فظاهر ما في أبي داود أنه هو البجلي، ويؤيده ما قال شيخه محمد بن عيسى: هو أي عمرو أبو - أي والد - أسد بن عمرو، فوائد أسد بن عمرو بجلي، وقال الترمذي في "جامعه" (2) بسنده: ثنا سفيان بن سعيد عن عمرو بن عامر الأنصاري، فعلم بذلك أن عنده عمرو بن عامر هذا أنصاري.
وقال الحافظ في "التقريب": إن عمرو بن عامر الأنصاري من الطبقة
(1) اتفقت الأئمة على أنه يصلي بوضوئه ما شاء حتى يحدث مع قول النخعي: لا يصلي أكثر من خمس صلوات، ومع قول عبيد بن عمير: يجب الوضوء لكل صلاة، قاله الشعراني (1/ 147)، ونقل العيني (2/ 290) هذا الأخير عن جماعة من أهل الظاهر وغيرهم. وقال ابن العربي (1/ 77): منهم من قال: يجدد إذا صلَّى بالأول، أو فعل فعلًا يفتقر إلى الطهارة، ومنهم من قال: يجدد مطلقًا، وترك التوضئ لكل صلاة أصح للأحاديث، وابن عمر رضي الله عنه لعله لم يعلم بالنسخ. (ش).
(2)
(1/ 88).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الخامسة، وعليه علامة (ع) تدل على أنه من رواة الستة، وعمرو بن عامر البجلي والد أسد بن عمرو من الطبقة السادسة، وعليه علامة (تمييز) تدل على أنه ليس من رواة الستة.
فأما أهل الطبقة الخامسة فبعضهم رأوا الواحد أو الاثنين من الصحابة، وأما أهل السادسة فلم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.
فعمرو بن عامر هذا إن كان بجليًا لا يصح أن يقول: سألت أنس بن مالك؛ لأنه ليس له لقاء بأنس بن مالك، نعم إن كان أنصاريًا يصح قوله: سألت أنس بن مالك، فعلى هذا قول الترمذي: إنه أنصاري أرجح من قول أبي داود: إنه بجلي.
ولما كان أبو داود حمل هذا السند عن محمد بن عيسى عن شريك، وشريك سيئ الحفظ، كثير الوهم، مضطرب الحديث، يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء، كما تقدم في ترجمته، فلعله وقعت هذه الآفة من جهته، فإن نعته بالبجلي صدر من شريك، ولو كان من محمد بن عيسى أو أبي داود لزاد قوله: يعني البجلي.
ثم لما نعته شريك بكونه بجليًا فسَّره محمد بأنه أي عمرو بن عامر البجلي هو أبو أسد بن عمرو، وقول محمد هذا بأن عمرو بن عامر البجلي هو والد أسد بن عمرو صحيح، لا يشوبه خطأ، ولكن الخطأ في أن عمرو بن عامر في هذا السند بجلي ليس بأنصاري، ومحمد بن عيسى وأبو داود لم يلتفتا إلى ذلك، ولم يتأملا فيه، وأما دعوى الاتحاد بينهما
قَالَ: "سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْوُضُوءِ فَقَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ،
===
فلا يصح أيضًا، فإن البجلي لا يكون أنصاريًا، والله تعالى أعلم.
وأما عمرو بن عامر الأنصاري الكوفي الذي ذكره الترمذي في هذا السند، فقال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (1): روى عن أنس بن مالك، وعنه أبو الزناد وشعبة والثوري ومسعر وشريك وغيرهم، قال أبو حاتم: ثقة صالح الحديث، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(قال: سألت أنس بن مالك) رضي الله عنه (عن) حكم (الوضوء) هل يجب تجديد الوضوء عند كل صلاة، أو يجوز الصلوات بوضوء واحد؟ (فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة) أي مفروضة، ووقع في رواية الترمذي من طريق حميد "طاهرًا أو غير طاهر"، وظاهره أن تلك كانت عادته.
قال الطحاوي: يحتمل أن ذلك كان واجبًا عليه خاصة، ثم نسخ يوم الفتح بحديث بريدة الذي أخرجه مسلم:"أنه صلَّى الصلوات بوضوء واحد"، قال: ويحتمل أنه كان يفعله (2) استحبابًا ثم خشي أن يظن وجوبه، فتركه لبيان الجواز، قال الحافظ (3): وهذا أقرب.
قلت: الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود عن عبد الله بن حنظلة
(1)(8/ 60).
(2)
كذا في "التقرير"، وعلى هذا فحديث أنس باعتبار الغالب أو على علمه "ابن رسلان"، قلت: وحاصل الأقوال والجمع بينها بأنه عليه الصلاة والسلام كان عليه أولًا واجبًا، ثم نسخ بالسواك، لكنه يفعله استحبابًا، لكن لم يفعل في الفتح لبيان الجواز، أو لخشية الوجوب عليهم. (ش).
(3)
"فتح الباري"(1/ 395).
وَكُنَّا نُصَلِّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ". [خ 214، ن 131، ت 60، جه 509، حم 3/ 132]
172 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قال: حَدَّثَنِى عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ،
===
"أنه صلى الله عليه وسلم كان أمر بالوضوء لكل صلاة" يؤيد الاحتمال الأول، وعلى التقدير الأول فالنسخ كان قبل الفتح بدليل حديث سويد بن النعمان، فإنه كان بخيبر، وهي قبل الفتح بزمان، هكذا قال الشوكاني في "النيل"(1).
قلت: وحديث سويد بن النعمان: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إذا كانوا بالصهباء، وهي من أدنى خيبر صلَّى العصر، ثم دعا بالأزواد، فأمر به، فثري، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا، ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا، ثم صلَّى ولم يتوضأ، وأيضًا يدل على النسخ ما رواه أحمد وأبو داود (2) بسنده عن عبد الله بن حنظلة الأنصاري "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة، طاهرًا كان أو غير طاهر، فلما شق عليه وضع عنه الوضوء إلَّا من حدث".
(وكنا نصلي الصلوات بوضوء واحد)، أي لا نجدد الوضوء لكل صلاة، بل نكتفي على الوضوء الواحد (3) لصلوات متعددة ما لم نحدث.
172 -
(حدثنا مسدد قال: ثنا يحيى) القطان، (عن سفيان) هو الثوري، صرح به البيهقي في "سننه" (4) (قال: حدثني علقمة بن مرثد)
(1)"نيل الأوطار"(1/ 272).
(2)
تقدم في باب السواك، ويؤيده حديث أنس رضي الله عنه عند الترمذي "غاية المقصود". (ش).
(3)
أي: أحياناً، كذا في "التقرير". (ش).
(4)
"السنن الكبرى"(1/ 162).
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّى رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ
===
بفتح الميم وسكون الراء بعدها مثلثة، الحضرمي أبو الحارث الكوفي، عن أحمد: ثبت في الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي: ثقة، ووثَّقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، توفي في آخر ولاية خالد القسري على العراق.
(عن سليمان بن بريدة) بن الحصيب بمهملتين مصغرًا، الأسلمي المروزي، أخو عبد الله، ولدا في بطن واحد، قال أحمد عن وكيع: يقولون: إن سليمان كان أصح حديثًا من أخيه وأوثق، وقال العجلي: سليمان وعبد الله كانا توأما، تابعيين ثقتين، وقال البخاري (1): لم يذكر [سليمان] سماعًا من أبيه، وقال ابن معين وأبو حاتم: ثقة، ولد هو وأخوه في بطن واحد على عهد عمر بن الخطاب لثلاث خلون من خلافته، ولدا في يوم واحد، وماتا في يوم واحد سنة 105 هـ.
(عن أبيه) هو بريدة بن الحصيب (قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح) أي فتح مكة (خمس صلوات بوضوء واحد) ولم يجدد الوضوء بينها (ومسح على خفيه) حال بتقدير قد (فقال له عمر: إني رأيتك صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه) وهو الصلوات الخمس بوضوء واحد والمسح على الخفين.
قال القاري (2): كذا ذكره الشراح، لكن رجع الضمير إلى مجموع المذكور، والمسح على الخفين يوهم أنه لم يكن يمسح على الخفين قبل
(1)"التاريخ الكبير"(4/ 4).
(2)
"مرقاة المفاتيح"(1/ 337).