المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(125) باب الجنب يتيمم - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٢

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(65) بابٌ: فِى الاِنْتِضَاحِ

- ‌(66) باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَوَضَّأَ

- ‌(67) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌(68) باب: في تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ

- ‌(69) بابٌ: إِذَا شَكَّ فِى الْحَدَثِ

- ‌(70) بابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ

- ‌(71) بابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌(72) بابُ الرُّخْصَةِ فِى ذَلِكَ

- ‌(73) بابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ

- ‌(74) باب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّئِ وَغَسْلِهِ

- ‌(75) بابٌ: في تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَيْتَةِ

- ‌(77) بابُ التَّشْدِيدِ فِى ذَلِكَ

- ‌(78) بابٌ: فِى الْوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ

- ‌(79) باب الرُّخْصَةِ فِى ذَلِكَ

- ‌(80) باب الْوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌(81) بابٌ: في الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌(82) بابٌ: فِى الرَّجُلِ يَطَأُ الأَذَى بِرِجْلِهِ

- ‌(83) بابٌ: في مَنْ يُحْدِثُ فِى الصَّلَاةِ

- ‌(84) بَابٌ: في الْمَذْيِ

- ‌(85) بَابٌ: في الإِكْسَالِ

- ‌(86) بَابٌ: في الْجُنُبِ يَعُودُ

- ‌(88) بَابٌ: في الْجُنُبِ يَنَامُ

- ‌(89) بَابُ الْجُنُبِ يَأْكُلُ

- ‌(90) بَابُ مَنْ قَالَ: الْجُنُبُ يَتَوَضَّأُ

- ‌(91) بَابٌ: في الْجُنُبِ يؤَخِّرُ الغُسْلَ

- ‌(92) بابٌ: فِى الْجُنُبِ يَقْرَأُ

- ‌(93) بَابٌ: في الْجُنُبِ يُصَافِحُ

- ‌(94) بَابٌ: في الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(95) بَابٌ: في الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَهُوَ نَاسٍ

- ‌(97) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ

- ‌(98) بابٌ: فِى مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِى يُجْزِئُ فِى الْغُسْل

- ‌(99) بَابٌ: في الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(100) بَابٌ: في الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(101) بابٌ: فِى الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْقُضُ شَعَرَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ

- ‌(102) بابٌ: فِى الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِىِّ

- ‌(103) بابٌ: فِيمَا يَفِيضُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْمَاءِ

- ‌(105) بَابٌ: في الْحَائِضِ تَنَاوَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌(106) بَابٌ: في الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ

- ‌(107) بَابٌ: في إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌(110) بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَة تَدَع الصَّلَاة

- ‌(112) بَابُ مَنْ قَالَ: تَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتينِ وتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا

- ‌(113) بابٌ مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ مَنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، وَلَمْ يَقُلْ: عِنْدَ الظُّهْرِ

- ‌(116) بَابُ مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ بَيْنَ الأَيَّامِ

- ‌(117) بَابُ مَنْ قَالَ: تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌(118) بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْوُضُوءَ إِلَّا عِنْدَ الْحَدَثِ

- ‌(119) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ والْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ

- ‌(120) بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا

- ‌(121) بَابُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ النُّفَسَاءِ

- ‌(122) بَابُ الاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ

- ‌(123) بَابُ التَيَمُّمِ

- ‌(124) بَابُ التَيَمُّمِ في الْحَضَرِ

- ‌(125) بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ

- ‌(126) بَابٌ: إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ

- ‌(127) بَابٌ: فِي الْمَجْرُوحِ يَتَيَمَّمُ

- ‌(128) (بَابٌ: في الْمُتَيَمِّمِ يَجدُ الْمَاءَ بَعْدَمَا يُصَلِّي في الْوَقْتِ)

- ‌(129) بَابٌ: في الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ

- ‌(130) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ في تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(131) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُسْلِمُ فَيُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ

- ‌(132) بَابُ الْمَرْأَةِ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ في حَيْضِهَا

- ‌(133) بَابُ الصَّلَاةِ في الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ

- ‌(134) بَابُ الصَّلَاةِ في شُعُرِ النِّساءِ

- ‌(135) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(136) بَابُ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(137) بَابُ بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(138) بَابُ الأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ

- ‌(139) بَابٌ: في طُهُورِ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَت

- ‌(140) بَابٌ: في الأَذَى يُصِيْبُ الذَّيْلَ

- ‌(141) بَابٌ: في الأَذَى يُصِيْبُ النَّعْلَ

- ‌(142) بَابُ الإِعَادَةِ مِنَ النَّجَاسَةِ تَكُونُ في الثَّوبِ

- ‌(143) بَابٌ: في الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

الفصل: ‌(125) باب الجنب يتيمم

حَدَّثَنَا (1) حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ قال: إنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَائِطِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ عِنْدَ بِئْرِ جَمَلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْحَائِطِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ". [ق 1/ 206، قط 1/ 177]

(125) بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ

===

(أنا حيوة بن شريح، عن ابن الهاد) هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني، قال أحمد: لا أعلم به بأسًا، ووثَّقه ابن معين والنسائي ويعقوب بن سفيان والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 139 هـ.

(قال: إن نافعًا حدثه عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط) أي من قضاء الحاجة (فلقيه رجل) هو أبو الجهيم (عند بئر جمل، فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أقبل على الحائط) أي على الجدار، (فوضع يده على الحائط، ثم مسح وجهه وبديه) أي ذراعيه (ثم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجل السلام).

(125)

(بَابُ الْجُنُبِ يَتيمَّمُ)

وغرض المصنف بعقد هذا الباب أن هذه المسألة كانت مختلفةً فيها في زمان الصحابة، فإن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما لا يُجَوِّزان ذلك، وقيل: رجعا عنه، ثم أجمع (2) العلماء على جوازه، ولم يبق بينهم اختلاف

(1) وفي نسخة: "نا".

(2)

ونقل الإجماع ابن العربي أيضًا. (ش). [انظر: "عارضة الأحوذي" (1/ 194)].

ص: 516

332 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا (1) خَالِدٌ الْوَاسِطِىُّ، (ح): وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِىَّ - عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: "اجْتَمَعَتْ غُنَيْمَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ ابْدُ فِيهَا»

===

332 -

(حدثنا عمرو بن عون، نا خالد) بن عبد الله (الواسطي، ح: وحدثنا مسدد قال: نا خالد - يعني ابن عبد الله الواسطي -، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد، (عن عمرو بن بجدان)(2) بضم الموحدة وسكون الجيم، العامري، حديثه في البصريين، قال ابن المديني: لم يرو عنه غيره، وقال الذهبي في "الميزان": مجهول الحال، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: عمرو بن بجدان معروف؟ قال: لا، وقال ابن القطان: لا يعرف، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة.

(عن أبي ذر) الغفاري، قيل: اسمه جندب بن جنادة بن قيس، وقيل: برير مصغرًا ومكبرًا، صحابي مشهور، وكان أخا عمرو بن عبسة السلمي لأمه، مناقبه وفضائله كثيرة جدًّا، تقدم إسلامه وتأخرت هجرته، فلم يشهد بدرًا وأحدًا، ولم يتهيأ له الهجرة إلَّا بعد ذلك، وكان أزهدهم في الدنيا، وكان يوازي ابن مسعود في العلم، مات بالربذة سنة 32 هـ في خلافة عثمان.

(قال: اجتمعت غنيمة)(3) بالتصغير أي قطيع من النساء (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا ذر اُبد) أي اخرج إلى البادية (فيها) أي في الغنيمة

(1) وفي نسخة: "أخبرنا".

(2)

قال ابن العربي (1/ 193): حديث ابن بجدان هذا مختلف فيه، تارةً يقول أبو قلابة هكذا، وتارةً كما سيأتي. (ش).

(3)

زاد في بعض الطرق: "من الصدقة"، ففيه جواز تأخير قسمتها عن وقتها. (ش).

ص: 517

فَبَدَوْتُ إِلَى الرَّبَذَةِ، فَكَانَتْ (1) تُصِيبُنِى الْجَنَابَةُ، فَأَمْكُثُ الْخَمْسَ وَالسِّتَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«أَبُو ذَرٍّ! » (2) ، فَسَكَتُّ، فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ

===

(فبدوت) أي خرجت مع الغنيمة (إلى الربذة) قرية بقرب المدينة، بالتحريك وإعجام الذال، (فكانت تصيبني الجنابة، فأمكث الخمس والست) أي خمس ليال أو ست ليال، لا أجد الماء فأغتسل (فأتيت النبي-صلي الله عليه وسلم-).

وفي "مسند أحمد": "فأصابتني جنابة، فتيممت بالصعيد، وصليت أيامًا، فوقع في نفسي من ذلك، حتى ظننت أني هالك، فأمرت بناقة لي أو قعود، فشدّ عليها، ثم ركبت، فأقبلت حتى قدمت المدينة، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل المسجد في نفر من أصحابه، فسلمت عليه، فرفع رأسه، وقال: سبحان الله أبو ذر؟ فقلت: نعم يا رسول الله، إني أصابتني جنابة فتيممت أيامًا فوقع في نفسي من ذلك حتى ظننت أني هالك فدعا"، الحديث (3).

(فقال: أبو ذر) أي أنت أبو ذر، ولعله صلى الله عليه وسلم كشف له حال أبي ذر، فتكلم معه تعجبًا كما هو ظاهر من رواية الإِمام أحمد (فسكت)، وفي رواية أحمد:"فقلت: نعم يا رسول الله"، ولعله سكت أولًا حياءً منه صلى الله عليه وسلم، ثم تكلم معه ليتعلم حكم الجنابة، وليحصل له المخرج بما كان فيه من المصيبة.

(فقال: ثكلتك أمك)(4) وهذه ألفاظ تجري على ألسنة العرب ولا يراد

(1) وفي نسخة: "وكانت".

(2)

وفي نسخة: "يا أبا ذر".

(3)

أخرجه أحمد في "مسنده" برقم (5/ 146).

(4)

وفي رواية الطبراني "المعجم الأوسط"(2/ 87) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أبا ذر؟ فسكت، فرددها فسكت، الحديث. (ش).

ص: 518

أَبَا ذَرٍّ، لأُمِّكَ الْوَيْلُ! » ، فَدَعَا لِى بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ، فَجَاءَتْ بِعُسٍّ فِيهِ مَاءٌ، فَسَتَرَتْنِى بِثَوْبٍ، وَاسْتَتَرْتُ بِالرَّاحِلَةِ وَاغْتَسَلْتُ، فَكَأَنِّى أَلْقَيْتُ عَنِّى جَبَلاً. فَقَالَ:«الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» .

===

بها الدعاء، كتربت يداك، وقد ورد بمعنى التعجب، ومنه: ويل أمه مُسْعِرُ حرب، تعجبًا من شجاعته (أبا ذر) بتقدير حرف النداء، (لأمك الويل (1)! فدعا لي بجارية سوداء) أي وأمرها أن تأتي بالماء، (فجاءت بعُسٍّ) العس القدح الكبير، في "القاموس": العساس ككتاب: الأقداح العظام، الواحد عُس بالضم (فيه ماء، فسترتني بثوب، واستترت) أي من جهة أخرى (بالراحلة واغتسلت، فكأني ألقيت عني جبلًا) أي كأني كان على رأسي ثقل جبل من الجنابة، فألقيته عن رأسي بالغسل.

(فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصعيد الطيب وضوء المسلم) أي طهوره ما لم يجد الماء (ولو إلى عشر سنين) أي ولو لم يجد الماء (2) إلى عشر سنين، فيكفيك الصعيد الطيب، (فإذا وجدت (3) الماء فأمسه) أي بشرتك كما في رواية أحمد، معناه فاغتسل، (فإن ذلك خير) وهذا اللفظ ليس في رواية أحمد، ومعناه: فإن الاغتسال عند وجدان الماء خير، فصيغة (4) التفضيل معناه نفس الفعل من غير زيادة عليه.

(1) زاد الطبراني: قلت: "إني جنب، وأكره أن أخاطبك وأنا على غير طهارة""ابن رسلان". (ش).

(2)

استدل به الحنفية أنه لا يبطل بخروج الوقت خلافًا لهم الثلاثة، وسيأتي قريبًا. (ش).

(3)

استدل به على ما قاله الحنفية والحنابلة أن وجدانه ينقض التيمم ولو في الصلاة خلافًا لمالك والشافعي. (ش).

(4)

بسط في "الكوكب"(1/ 157) في توجيهاته. (ش).

ص: 519

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: غُنَيْمَةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ. [ت 124، ن 322، حم 5/ 155، خزيمة 2292، ق 1/ 212، ك 1/ 176، قط 1/ 186، حب 1311]

(1)

وَحَدِيثُ عَمْرٍو أَتَمُّ.

333 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِى عَامِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ فِى الإِسْلَامِ فَأَهَمَّنِى دِينِى، فَأَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ،

===

(وقال مسدد: غنيمة من الصدقة) فزاد لفظ "من الصدقة"، وليس هذا اللفظ في حديث ابن عون (وحديث عمرو) بن عون (أتم) أي من حديث مسدد.

333 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد) بن سلمة، (عن أيوب) السختياني، (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد، (عن رجل من بني عامر) هو عمرو بن بجدان (2) المذكور في الرواية المتقدمة (قال: دخلت في الإِسلام فأهمني ديني).

ولفظ "المسند": "كنت كافرًا فهداني الله للإسلام، وكنت أعزب عن الماء ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة فوقع ذلك في نفسي".

(فأتيت أبا ذر) ولفظ "المسند": "فحججت فدخلت مسجد مني فعرفته بالنعت، فإذا شيخ معروق (3) آدم، عليه حلة قطرية، فذهبت حتى قمت إلى جنبه وهو يصلي، فسلمت عليه فلم يرد عليَّ، ثم صلى صلاة أتمها وأحسنها وأطولها، فلما فرغ ردَّ عليَّ، قلت: أنت أبو ذر؟ قال: إن أهلي ليزعمون ذلك، قال: كنت كافرًا فهداني الله للإسلام، وأهمني ديني، وكنت

(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".

(2)

قاله المنذري وابن رسلان. (ش). [انظر: "مختصر سنن أبي داود" (1/ 156)].

(3)

في الأصل: معروف، وهو تصحيف، والتصويب من "مسند أحمد" رقم الحديث (5/ 146) ومعروق: معناه قليل اللحم.

ص: 520

فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: إِنِّى اجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَوْدٍ وَبِغَنَمٍ، فَقَالَ لِى:«اشْرَبْ مِنْ أَلْبَانِهَا» (1) - وَأَشُكُّ فِى «أَبْوَالِهَا» -، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَكُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ الْمَاءِ وَمَعِى أَهْلِى، فَتُصِيبُنِى الْجَنَابَةُ، فَأُصَلِّى بِغَيْرِ طُهُورٍ،

===

أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة، فوقع ذلك في نفسي، قال: هل تعرف أبا ذر؟ قلت: نعم، قال: فإني اجتَوَيتُ"، الحديث.

(فقال أبو ذر: إني اجتويت المدينة) قال في "النهاية"(2): اجتووا المدينة أي أصابهم الجوى، هو المرض وداء الجوف إذا تطاول، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها، ويقال: اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه، وإن كنت في نعمة.

(فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود) أي إبل (وبغنم، فقال لي: اشرب من ألبانها، - وأشك في أبوالها -)، والشاك حماد (3) بن سلمة أو موسى بن إسماعيل، فإنه شك هل قال شيخه لفظ أبوالها أو لا؟ .

(فقال أبو ذر: فكنت أعزب) بالمهملة والزاي كما في قوله تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ} (4)، قال في القاموس: والعُزُوبُ: الغَيْبَةُ، يَعْزُبُ وَيَعْزِبُ أي من حد نصر وضرب، وأما ما ضبطه في الحاشية (5) بالتشديد ولعله فهم بالغين المعجمة والراء فلم أجد له أصلًا في الرواية (عن الماء ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة، فأصلي بغير طهور)

(1) زاد في نسخة: "قال حماد".

(2)

(ص 174).

(3)

وتؤيده نسخة الحاشية. (ش).

(4)

سورة يونس الآية 61.

(5)

والظاهر عندي أن ما في الحاشية، مجهول من التفعيل، وضبطه صاحب "الدرجات"(ص 42) بزاي كأنصر أي أغيب. (ش).

ص: 521

فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنِصْفِ النَّهَارِ، وَهُوَ فِى رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ فِى ظِلِّ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:«أَبُو ذَرٍّ! » . فَقُلْتُ نَعَمْ، هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ «وَمَا أَهْلَكَكَ؟ » . قُلْتُ: إِنِّى كُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ الْمَاءِ وَمَعِى أَهْلِى فَتُصِيبُنِى الْجَنَابَةُ، فَأُصَلِّى بِغَيْرِ طُهُورٍ، فَأَمَرَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ، فَجَاءَتْ بِهِ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ بِعُسٍّ يَتَخَضْخَضُ، مَا هُوَ بِمَلآنَ، فَتَسَتَّرْتُ إِلَى بَعِيرِى فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ،

===

أي جنبًا من غير اغتسال، والحديث المتقدم من "المسند" يدل على أنه كان يتيمم.

(فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف النهار، وهو في رهط) أي جماعة، قال في "المجمع": وهو من الرجال ما دون العشرة، وقيل: إلى الأربعين، ولا يكون فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه، ويجمع على أرهط وأرهاط، وأراهط جمع الجمع (من أصحابه، وهو في ظل المسجد) أي في المسجد النبوي في المدينة، (فقال صلى الله عليه وسلم: أبو ذر) مبتدأ خبره مقدر أي كيف حالك، ولعله كان همه وغمه من الجنابة ظاهرًا من وجهه، أو كشف له صلى الله عليه وسلم حاله.

(فقلت: نعم) أي أنا أبو ذر، وحالي أني (هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قلت: إني كنت أعزب) بالعين المهملة والزاي (من الماء ومعي أهلي) أي زوجتي فأجامعها (فتصيبني الجنابة) فما أجد الماء، (فأصلي بغير طهور، فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي جارية سوداء (بماء فجاءت به) أي بالماء (جارية سوداء بعس) أي بقدح ضخم (يتخضخض) أي يتحرك (ما هو) أي العس (بملآن) أي بممتلئ بالماء.

(فتسترت إلى بعير فاغتسلت، ثم جئت) أي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ص: 522

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ، وَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ» . [حم 5/ 146، ق 1/ 217، قط 1/ 187، حب 1312]

===

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر، إن الصعيد الطيب طهور) أي مطهر تيممه عن الأحداث، (وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه (1) جلدك)، وهذا يدل على أنه إذا وجد الماء انتقض تيممه ويجب عليه الاغتسال.

قال الخطابي (2): يحتج من هذا الحديث بقوله: "الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين" من يرى أن للمتيمم أن يجمع بتيممه بين صلوات ذات عدد، وهو مذهب أصحاب أبي حنيفة، ويحتجون أيضًا بقوله:"فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك"، في إيجاب انتقاض طهارة المتيمم بوجود الماء على عموم الأحوال، سواء كان في صلاة أو غيرها.

ويحتج به من يرى إذا وجد من الماء ما لا يكفي إكمال الطهارة أن يستعمله في بعض أعضائه، ويتيمم للباقي، وكذلك في من كان على بعض أعضائه جرح، فإنه يغسل ما لا ضرر عليه في غسله، ويتيمم للباقي منه، وهو قول الشافعي، ويحتج به أيضًا أصحابه في أن لا يتيمم في مصر لصلاة فرض ولا لجنازة ولا لعيد، لأنه واجد للماء فعليه أن يمسه جلده.

ومعنى قوله: "ولو إلى عشر سنين" أي أنه يجوز له أن يفعل التيمم مرة بعد أخرى، وإن بلغت مدة عدم الماء إذا اتصلت إلى عشر سنين، وليس معناه أن التيمم دفعة واحدة يكفيه لعشر سنين، انتهى.

(1) فيه حجة لمن قال: لا يجب الدلك بل يكفي إسالة الماء. (ش).

(2)

"معالم السنن"(1/ 155).

ص: 523

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وعندنا معشر الحنفية لا يجمع بين التيمم والغسل، لأن الجمع بين التيمم والغسل ممتنع إلَّا في حال وقوع الشك في طهورية الماء ولم يوجد.

قال في "البدائع"(1): ولو كان ببعض أعضاء الجنب جراحة أو جدري، فإن كان الغالب هو الصحيح غسل الصحيح وربط على السقيم الجبائر، ومسح عليها، وإن كان الغالب هو السقيم تيمم، لأن العبرة للغالب، ولا يغسل الصحيح عندنا خلافًا للشافعي.

وأيضًا فيه: وهذا الشرط الذي ذكرنا لجواز التيمم وهو عدم الماء فيما وراء صلاة الجنازة وصلاة العيدين، فأما في هاتين الصلاتين فليس بشرط، بل الشرط فيهما خوف الفوت لو اشتغل بالوضوء، وهذا عند أصحابنا، وقال الشافعي: لا يتيمم استدلالًا بصلاة الجمعة وسائر الصلوات وسجدة التلاوة.

ولنا ما روي عن ابن عمر أنه قال: "إذا فجئتك جنازة تخشى فوتها وأنت على غير وضوء فتيمم لها"، وعن ابن عباس رضي الله عنهما مثله، ولأن شرع التيمم في الأصل لخوف فوت الأداء وقد وجد ههنا بل أولى، لأن هناك تفوت فضيلة الأداء فقط، فأما الاستدراك بالقضاء فممكن، وههنا تفوت صلاة الجنازة أصلًا فكان أولى بالجواز، حتى لو كان ولي الميت لا يباح له التيمم، كذا روى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه، لأن له ولاية الإعادة فلا يخاف الفوت، وحاصل الكلام فيه راجع إلى أن صلاة الجنازة لا تقضى عندنا، وعنده تقضى بخلاف الجمعة، لأنها تفوت إلى خلف.

(1)(1/ 177).

ص: 524

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ورَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ لَمْ يَذْكُرْ «أَبْوَالَهَا» (1).

هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَيْسَ فِى أَبْوَالِهَا إِلا حَدِيثُ أَنَسٍ

===

(قال أبو داود: ورواه حماد بن زيد عن أيوب لم يذكر "أبوالها")(2) أي لفظ "أبوالها" في هذا الحديث، أراد المصنف بهذا الكلام أن حماد بن سلمة وحماد بن زيد رويا هذا الحديث عن أيوب السختياني، فأما حماد بن سلمة فذكر لفظ "أبوالها" بطريق الشك دون اليقين، وأما حماد بن زيد فلم يذكره مطلقًا، فترك حماد بن زيد لفظ "أبوالها" دليل على أن ذكر هذا اللفظ في هذا الحديث غير صحيح، لأن اليقين قاض على الشك، ولذا يقول المصنف فيما بعد: هذا ليس بصحيح.

قال أبو داود: (هذا) أي ذكر الأبوال كما في حديث حماد بن سلمة (ليس بصحيح وليس في أبوالها إلَّا حديث أنس)(3) الذي أخرجه الشيخان

(1) زاد في نسخة: "في هذا الحديث، قال أبو داود: أبوالها".

(2)

قال في "البدائع"(1/ 197) قال قتادة: إنه صلى الله عليه وسلم أمر بشرب ألبانها دون أبوالها، وبسط الحافظ في "الفتح"(1/ 338) أن القصة منسوخة أو محمولة على التداوي عند الاضطرار، وفي "الشامي" (1/ 623): اتقوا البول، فإنه أول ما يحاسب عنه في القبر، رواه الطبراني (8/ 133) بإسناد حسن، وفي "نور الأنوار": إنه منسوخ بدليل نسخ المثلة الواردة فيه إجماعًا. (ش).

(3)

ففيه ذكر شرب الأبوال ثابت، قال ابن العربي (1/ 95 - 96): هذا حديث صحيح ثابت، واختلفوا في بول ما يؤكل لحمه، فقال مالك: طاهر مع رجيعه، وقال أبو حنيفة والشافعي: نجس، وتعلقوا بعموم القول الوارد في البول، وقال ابن رسلان: احتج به على طهارة بول مأكول اللحم، وهو قول مالك وأحمد، ووافقهم ابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم، انتهى. واستدل الجمهور بعموم "استنزهوا عن البول"، وبحديث عمار "يغسل الثوب من خمس"، وبأن العرب يجعله خبيثًا وحرم الخبائث، "أوجز المسالك"(3/ 509). (ش).

ص: 525