المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(94) باب: في الجنب يدخل المسجد - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٢

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(65) بابٌ: فِى الاِنْتِضَاحِ

- ‌(66) باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَوَضَّأَ

- ‌(67) باب الرَّجُلِ يُصَلِّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌(68) باب: في تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ

- ‌(69) بابٌ: إِذَا شَكَّ فِى الْحَدَثِ

- ‌(70) بابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ

- ‌(71) بابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌(72) بابُ الرُّخْصَةِ فِى ذَلِكَ

- ‌(73) بابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ

- ‌(74) باب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّئِ وَغَسْلِهِ

- ‌(75) بابٌ: في تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَيْتَةِ

- ‌(77) بابُ التَّشْدِيدِ فِى ذَلِكَ

- ‌(78) بابٌ: فِى الْوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ

- ‌(79) باب الرُّخْصَةِ فِى ذَلِكَ

- ‌(80) باب الْوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌(81) بابٌ: في الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌(82) بابٌ: فِى الرَّجُلِ يَطَأُ الأَذَى بِرِجْلِهِ

- ‌(83) بابٌ: في مَنْ يُحْدِثُ فِى الصَّلَاةِ

- ‌(84) بَابٌ: في الْمَذْيِ

- ‌(85) بَابٌ: في الإِكْسَالِ

- ‌(86) بَابٌ: في الْجُنُبِ يَعُودُ

- ‌(88) بَابٌ: في الْجُنُبِ يَنَامُ

- ‌(89) بَابُ الْجُنُبِ يَأْكُلُ

- ‌(90) بَابُ مَنْ قَالَ: الْجُنُبُ يَتَوَضَّأُ

- ‌(91) بَابٌ: في الْجُنُبِ يؤَخِّرُ الغُسْلَ

- ‌(92) بابٌ: فِى الْجُنُبِ يَقْرَأُ

- ‌(93) بَابٌ: في الْجُنُبِ يُصَافِحُ

- ‌(94) بَابٌ: في الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ

- ‌(95) بَابٌ: في الْجُنُبِ يُصَلِّي بِالْقَوْمِ وَهُوَ نَاسٍ

- ‌(97) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ

- ‌(98) بابٌ: فِى مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِى يُجْزِئُ فِى الْغُسْل

- ‌(99) بَابٌ: في الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(100) بَابٌ: في الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ

- ‌(101) بابٌ: فِى الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْقُضُ شَعَرَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ

- ‌(102) بابٌ: فِى الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِىِّ

- ‌(103) بابٌ: فِيمَا يَفِيضُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْمَاءِ

- ‌(105) بَابٌ: في الْحَائِضِ تَنَاوَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ

- ‌(106) بَابٌ: في الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ

- ‌(107) بَابٌ: في إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌(110) بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَة تَدَع الصَّلَاة

- ‌(112) بَابُ مَنْ قَالَ: تَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتينِ وتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا

- ‌(113) بابٌ مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ مَنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ

- ‌(114) بَابُ مَنْ قَالَ: الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ

- ‌(115) بَابُ مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، وَلَمْ يَقُلْ: عِنْدَ الظُّهْرِ

- ‌(116) بَابُ مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ بَيْنَ الأَيَّامِ

- ‌(117) بَابُ مَنْ قَالَ: تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌(118) بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْوُضُوءَ إِلَّا عِنْدَ الْحَدَثِ

- ‌(119) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ والْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ

- ‌(120) بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا

- ‌(121) بَابُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ النُّفَسَاءِ

- ‌(122) بَابُ الاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ

- ‌(123) بَابُ التَيَمُّمِ

- ‌(124) بَابُ التَيَمُّمِ في الْحَضَرِ

- ‌(125) بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ

- ‌(126) بَابٌ: إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ

- ‌(127) بَابٌ: فِي الْمَجْرُوحِ يَتَيَمَّمُ

- ‌(128) (بَابٌ: في الْمُتَيَمِّمِ يَجدُ الْمَاءَ بَعْدَمَا يُصَلِّي في الْوَقْتِ)

- ‌(129) بَابٌ: في الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ

- ‌(130) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ في تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(131) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُسْلِمُ فَيُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ

- ‌(132) بَابُ الْمَرْأَةِ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ في حَيْضِهَا

- ‌(133) بَابُ الصَّلَاةِ في الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ

- ‌(134) بَابُ الصَّلَاةِ في شُعُرِ النِّساءِ

- ‌(135) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(136) بَابُ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(137) بَابُ بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ

- ‌(138) بَابُ الأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ

- ‌(139) بَابٌ: في طُهُورِ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَت

- ‌(140) بَابٌ: في الأَذَى يُصِيْبُ الذَّيْلَ

- ‌(141) بَابٌ: في الأَذَى يُصِيْبُ النَّعْلَ

- ‌(142) بَابُ الإِعَادَةِ مِنَ النَّجَاسَةِ تَكُونُ في الثَّوبِ

- ‌(143) بَابٌ: في الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ

الفصل: ‌(94) باب: في الجنب يدخل المسجد

غَيْرِ طَهَارَةٍ. فَقَالَ (1): «سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ» .

[خ 283، م 371، ت 121، ن 269]

وَقَالَ: فِى حَدِيثِ بِشْرٍ قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قال: حَدَّثَنِى بَكْرٌ.

(94) بَابٌ: في الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ

232 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قال: حَدَّثَنَا أَفْلَتُ (2) بْنُ خَلِيفَةَ

===

غير طهارة. قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله! إن المسلم لا ينجس). معناه: أن المسلم إذا أجنب أو أحدث لا يصير نجسًا بهما، وإنما حكم التطهر للتعبد.

(وقال) أي أبو داود: (وفي حديث بشر: قال: ثنا حميد قال: ثني بكر) غرض المؤلف بهذا أن يحيى رواها بصيغة "عن"، وأما بشر فساقها بصيغة التحديث.

(94)

(بَابٌ: في الْجُنُبِ يَدْخل الْمَسْجِدَ)، هل يجوز له ذلك؟

232 -

(حدثنا مسدد قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا أفلت (2) بن خليفة) بفاء ساكنة ومثناة فوقانية بعد اللام، ابن خليفة العامري، ويقال: الذهلي، ويقال: الهذلي، أبو حسان الكوفي، يقال له: فليت، قال أحمد: ما أرى به بأسًا، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال الدارقطني: صالح.

قال الخطابي في شرح "السنن"(3): ضعف جماعة من أهل الظاهر

(1) وفي نسخة: "الأفلت".

(2)

وذكر توثيقه ابن رسلان. (ش).

(3)

"معالم السنن"(1/ 122).

ص: 213

قَالَ: حَدَّثَتْنِى جَسْرَةُ بِنْتُ دِجَاجَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضى الله عنها تَقُولُ: "جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:«وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ»

===

هذا الحديث وقالوا: أفلتُ راويهِ مجهول، وقال ابن حزم: أفلت غير مشهور ولا معروف بالثقة، وحديثه هذا باطل.

وقال البغوي في "شرح السنة": ضعف أحمد هذا الحديث، لأن راويه أفلت وهو مجهول، قال الحافظ: قد أخرج حديثه ابن خزيمة في "صحيحه" وقد روى عنه ثقات، ووثَّقه من تقدم، وذكره ابن حبان في "الثقات" أيضًا.

(قال: حدثتني جسرة (1) بنت دجاجة) (2) العامرية الكوفية، قال العجلي: ثقة تابعية، وذكرها ابن حبان في "الثقات" (قالت: سمعت عائشة تقول: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم)، لعل هذا المجيء (3) كان من بيته في المسجد (ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد) الجملة حالية، أي والحال أن أبواب البيوت مفتوحة في المسجد.

(فقال: وجهوا هذه البيوت (4) عن المسجد)، أي اصرفوا أبواب

(1) بكسر الجيم في رواية التستري والخطيب، والمشهور عند المحدثين الفتح. "ابن رسلان". (ش).

(2)

بكسر الدال، وفي بعض النسخ بفتحها، "ابن رسلان"، قلت: ذكر الاختلاف في ضبطها في حاشية "السنن". (ش).

(3)

كذا في "التقرير". (ش).

(4)

وقد ورد في الروايات استثناء باب علي، وأباح له النبي صلى الله عليه وسلم دخوله جنبًا، وعارضه ما ورد من استثناء خوخة الصديق، كذا في "الكوكب"، قال الموفق (1/ 200): يجوز العبور في المسجد للجنب عند الأئمة الثلاثة للحاجة لأخذ شيء أو كون الطريق فيه، وأما بغير ذلك لا يجوز بحال، وقال الثوري إسحاق: لا يمر في المسجد إلَّا أن لا يجد بدًّا فيتيمم، وهو قول أصحاب الرأي

إلخ. (ش).

ص: 214

ثُمَّ دَخَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئًا رَجَاءَ أَنْ ينْزِلَ فِيهِمْ رُخْصَةٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ:«وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَإِنِّى لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» . [ق 2/ 442، خزيمة 1327]

===

بيوتها عن المسجد، وافتحوها في الطريق، (ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم) أي بعد ذلك يومًا (ولم يصنع القوم شيئًا) أي لم يحولوا أبواب بيوتهم عن المسجد، وأبقوها على حالها شارعة في المسجد (رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم فقال: وجهوا) أي حولوا (هذه البيوت) أي أبوابها (عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب).

قال الشوكاني (1): الحديث صحيح، وقد حسن ابن القطان حديث جسرة هذا عن عائشة، وصححه ابن خزيمة، قال ابن سيد الناس: ولعمري إن التحسين لَأَقَلُّ مراتبه؛ لثقة رواته، ووجود الشواهد له من خارج، فلا حجة لابن حزم في رده، وضعف ابن حزم هذا الحديث فقال: أفلت مجهول الحال، وقال الخطابي: ضعفوا هذا الحديث، وأفلتُ راويهِ مجهول، لا يصح الاحتجاج به.

وليس ذلك بسديد، فإن أفلت وثَّقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: هو شيخ، وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به، وروى عنه سفيان الثوري وعبد الواحد بن زياد، وقال في "الكاشف": صدوق، وقال في "البدر المنير": بل هو مشهور ثقة.

قال الحافظ: وأما قول ابن الرفعة في أواخر شروط الصلاة: إن أفلت متروك، فمردود، لأنه لم يقله أحد من أئمة الحديث.

واختلف في هذه المسألة فقال داود والمزني وغيرهم: يجوز للجنب والحائض دخول المسجد مطلقًا. وقال أحمد بن حنبل (2) وإسحاق: إنه يجوز

(1)"نيل الأوطار"(1/ 296).

(2)

كذا في "المغني"(1/ 200). (ش).

ص: 215

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

للجنب إذا توضأ لرفع الحدث لا الحائض فتمنع. وقال سفيان الثوري والحنفية، وهو المشهور من مذهب مالك، والجمهور من الأمة: إنه لا يجوز مطلقًا. وقال الشافعي (1) وأصحابه: يجوز للجنب العبور في المسجد، ولا يجوز المكث فيه.

استدل ابن حزم بأنه لم يثبت في هذا الباب شيء، وحديث أفلت باطل، فأجاب عنه الشوكاني بأن الحديث كما عرفت إما حسن أو صحيح، وجزم ابن حزم بالبطلان مجازفة، وكثيرًا ما يقع في مثلها.

واحتج من قال بجوازه للجنب إذا توضأ بما روي عن الصحابة أنهم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة، وفي إسناده هشام بن سعد، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وضعفه ابن معين وأحمد والنسائي، وقال أبو داود: هو أثبت الناس في زيد بن أسلم، وعلى تسليم الصحة لا يكون ما وقع من الصحابة حجة، ولا سيما إذا خالف المرفوع إلَّا أن يكون إجماعًا.

واستدل الشافعي بقوله تعالى: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (2)، والعبور إنما يكون في محل الصلاة، وهو المسجد لا في الصلاة، وتقييد جواز ذلك بالسفر لا دليل عليه، بل الظاهر أن المراد مطلق المار، لأن المسافر ذكر بعد ذلك، فيكون تكرارًا يصان القرآن عن مثله.

وقد أخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب أن رجالًا من الأنصار

كانت تصيبهم جنابة، فلا يجدون الماء، ولا طريق إليه إلَّا من المسجد، فأنزل الله تعالى:{وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (2) ، وهذا من الدلالة على

(1) وذكر ابن رسلان موافقة مالك وأحمد للشافعي، وموافقة إسحاق بن راهويه للحنفية، فتأمل. (ش).

(2)

سورة النساء: الآية 43.

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

المطلوب بمحل لا يبقى بعده ريب.

وأما الجمهور القائلون بعدم جواز العبور فاستدلوا بهذا الحديث، وهو بإطلاقه حجة على الشافعي، بل إنما سيق الكلام لمنع المرور في المسجد جنبًا، وعلى هذا معنى الآية أي لا تقربوا الصلاة جنبًا في حال من الأحوال، إلَّا حال كون الجنب مسافرين، وذلك إذا لم يجدوا الماء، أو لم يقدروا على استعماله، ويتيمموا، وهذا على قول علي وابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير.

وقال بعض المفسرين: معنى الآية: لا تقربوا مواضع الصلاة يعني المساجد، بحذف المضاف، جنبًا إلَّا عابري سبيل، يعني إلَّا مجتازين من المسجد بغير مكث، لما روى ابن جرير أن رجالًا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد، وكانت تصيبهم جنابة، ولا ماء عندهم، فيريدون الماء، ولا يجدون ممرًا إلَّا في المسجد، فأنزل الله تعالى قوله:{وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، وهذا قول ابن مسعود وسعيد بن المسيب والحسن والنخعي وغيرهم، فإن اللفظ عام وإن كان سبب نزول الآية خاصًّا.

والجواب عنه أن هذا الاستدلال يتوقف على تقدير المضاف، وهو خلاف الأصل، فلا يصار إليه، وأيضًا لا معنى لقوله: لا تقربوا مواضع الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، فإنه صريح في النهي عن قربان الصلاة، ولا يمكن في المعطوف تقدير غير ما ذكر، أو قدر في المعطوف عليه، وأيضًا لو كان معنى الآية: لا تقربوا مواضع الصلاة لزم حرمة دخول مساجد البيوت للجنب، ولم يقل به أحد.

وأما الجواب عن لزوم التكرار فذكر السفر بعد ذكره بقوله: إلَّا عابري سبيل، لبيان التسوية بينه وبين المرض بإلحاق الواجد بالفاقد بجامع العجز عن الاستعمال.

ص: 217