الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(71) بابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ
181 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ
===
والرابع: ما أخرج الترمذي (1) بسنده عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة قال: سئل ابن عمر في أي شهر اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث. ثم قال الترمذي: سمعت محمدًا يقول: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير، وصرح صاحب "الجوهر النقي" (2) فقال: والحديث الذي أشار إليه أبو داود هو أنه عليه السلام كان يقول: "اللَّهُمَّ عافني في جسدي، وعافني في بصري"، الحديث، رواه الترمذي (3)، وقال: حسن غريب.
(71)
(بَابُ الْوُضُوءِ (4) مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ)
181 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي، (عن مالك) بن أنس الإِمام، (عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، أبو محمد، ويقال: أبو بكر المدني، قال عبد الرحمن بن القاسم عن مالك: كان كثير الأحاديث، وكان رجل صدق، وقال أحمد: حديثه شفاء، ووثَّقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وقال: ثقة ثبت، وابن سعد والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (5):
(1)"سنن الترمذي"(936).
(2)
(1/ 124).
(3)
"سنن الترمذي"(3480).
(4)
وذكر ابن العربي (1/ 114) فيه مناظرة بين الأئمة لطيفة، فأرجع إليها، وبَلَّغَ فروعَ الباب إلى أربعين بحثًا. (ش).
(5)
(1/ 72).
أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: "دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ،
===
عبد الله بن أبي بكر ليس حديثه عن عروة كحديث الزهري عن عروة، ولا عبد الله بن أبي بكر عندهم في حديثه بالمتقن، لقد حدثني يحيى (1) بن عثمان قال: ثنا ابن وزير قال: سمعت الشافعي يقول: سمعت ابن عيينة يقول: كنا إذا رأينا الرجل يكتب الحديث عند واحد من نفر سمَّاهم، منهم عبد الله بن أبي بكر، سخرنا منه، لأنهم لم يكونوا يعرفون الحديث، مات سنة 135 هـ.
(أنه سمع عروة) بن الزبير (يقول: دخلت على مروان بن الحكم) هو ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، أبو عبد الملك، ويقال: أبو القاسم، ويقال: أبو الحكم، ولد بعد الهجرة بسنتين، وقيل بأربع، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح له منه سماع، وكتب لعثمان رضي الله عنه، وولي إمرة المدينة أيام معاوية، وبويع له بالخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية بالجابية في آخر سنة أربع وستين، وكانت ولايته تسعة أشهر، قال البخاري: لم ير (2) النبي صلى الله عليه وسلم، وعاب الإسماعيلي على البخاري تخريج حديثه، وعدّ من موبقاته أنه رمى طلحة أحدَ العشرة يوم الجمل وهما جميعًا مع عائشة، فقتل، ثم وثب على الخلافة بالسيف، ومات في رمضان سنة خمس وستين، ولعل هذا الدخول (3) حين كان مروان أميرًا على المدينة.
(1) في "الأصل "بحير" وهو تحريف، والصواب "يحيى".
(2)
لأنه عليه الصلاة والسلام نفى أباه إلى الطائف، فأقام بها حتى ولي عثمان رضي الله عنه المدينة فرده، كذا في" جامع الأصول"(15/ 187). (ش).
(3)
صرح به في رواية النسائي (1/ 100). (ش).
فَذَكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، فَقَالَ عُرْوَةُ: مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ،
فَقَالَ مَرْوَانُ: أَخْبَرَتْنِى بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» .
===
(فذكرنا ما يكون منه الوضوء) أي فتذاكرنا في نواقض الوضوء، (فقال مروان: ومن مس الذكر)، أي: فقلنا أو قال مروان: ينقض الوضوء من كذا وكذا، فقال مروان: ومن مس الذكر.
(فقال عروة: ما علمت ذلك) أي أنه يلزم من مس الذكر الوضوء، (فقال مروان: أخبرتني بسرة (1) بنت صفوان)، قال بعضهم: هي بنت صفوان بن نوفل بن أسد القرشية الأسدية، بنت أخي ورقة بن نوفل، كذا نسبه الزبير بن بكار، وقال غيره: هي بسرة بنت صفوان بن أمية بن مُحمِّرِث من بني مالك بن كنانة، قال ابن عبد البر: ليس قول من قال: إنها من كنانة بشيء، قال الشافعي: لها سابقة وهجرة قديمة، وقال ابن حبان: كانت من المهاجرات، وقال مصعب: كانت هي من المبايعات، وذكر ابن الكلبي أنها كانت ماشطة تُقَيّنُ النساء بمكة، عاشت إلى ولاية معاوية (2).
(أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مس ذكره (3) فليتوضأ) (4)، هذا الحديث يدل على أن مس الذكر ناقض للوضوء.
(1) كانت تحت المغيرة بن أبي العاص، فولدت له معاوية وعائشة، وكانت عائشة تحت مروان بن الحكم. وهي أم عبد الملك بن مروان بن الحكم، كذا قال ابن رسلان (ش).
(2)
انظر ترجمتها في: "أسد الغابة"(5/ 229) رقم (6779).
(3)
زاد في رواية الطبراني في "الكبير" و"الأوسط": "أو أنثييه أو رفغيه"، كذا في "جمع الفوائد"(1/ 99)، تكلم عليه في "الجوهر النقي"(1/ 137). (ش).
(4)
أي: استحبابًا أو أدبًا، كما يتوضأ من القهقهة خارج الصلاة أو بكلام الدنيا، أو محمول إذا خرج منه شيء، كذا في "التقرير"، والأوجه عندي أن مفعول المس محذوف، أي مس ذكره بفرج المرأة وهي المباشرة الفاحشة. (ش).
[ن 163، طـ 1/ 42/ 15، حم 6/ 406، دي 725، ت 82، جه 479، خزيمة 33، قط 1/ 146]
===
قال الشوكاني: وقد ذهب إلى ذلك عمر، وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وابن عباس، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وعطاء، والزهري، وابن المسيب، ومجاهد، وأبان بن عثمان، وسليمان بن يسار، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ومالك في المشهور، واحتجوا بحديث الباب، صححه أحمد، والترمذي، والدارقطني، ويحيى بن معين فيما حكاه ابن عبد البر، والبيهقي، والحازمي (1)، وأما البخاري ومسلم فلم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة منها أو من مروان، انتهى ملخصًا (2).
وقال المانعون: إن الواسطة بين عروة وبسرة إما مروان وهو مطعون في عدالته، أو حرسيه وهو مجهول، وما أجاب به عنه أهل المقالة الأولى بأنه قد جزم غير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة كما في "صحيح ابن خزيمة وابن حبان". قال عروة: فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدَّقته، لا يعتمد عليه، لأنه لو ثبت ذلك لاعتمد عليه البخاري ومسلم، أفلا ترى أنهما لم يقنعا على ذلك، ولم يعتمدا عليه، ونقل البعض بأن ابن معين قال: ثلاثة أحاديث لا تثبت: حديث مس الذكر، ولا نكاح إلَّا بولي، وكل مسكر حرام.
وأيضًا طعن فيه الطحاوي بأنه إنما روى الزهري عن عروة، فهذا مرسل، لأن الزهري لم يسمعه من عروة، بل دلَّس به، بل إنما هو عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة، وعبد الله بن أبي بكر ليس عندهم في حديثه بالمتقن، وحكي تضعيفه عن ابن عيينة.
(1) وغيرهم كما بسطه ابن رسلان وصاحب "الغاية". (ش).
(2)
انظر: "نيل الأوطار"(1/ 257).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وكذلك أحاديث أخر التي رويت في هذا الباب، واحتجوا بها، تكلم فيها الطحاوي وصرح بضعفها.
ومن أقواها ما أخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1) بسنديهما عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن خالد الجهني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من مس فرجه فليتوضأ"، فاعترض عليه الطحاوي وقال: قيل له: أنت لا تجعل محمد بن إسحاق [حجة] في شيء إذا خالفه فيه مثل من خالفه في هذا الحديث، ولا إذا انفرد، ونفس هذا الحديث منكر.
وأخلِق به أن يكون غلطًا، لأن عروة حين سأله مروان عن مس الفرج، فأجابه من رأيه أن لا وضوء فيه، فلما قال له مروان عن بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، قال له عروة: ما سمعت به، وهذا بعد موت زيد بن خالد (2) بكم ما شاء الله، فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما قد حدثه إياه زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البيهقي في جوابه: وأما ما قال من تقديم موت زيد بن خالد الجهني، فهذا منه توهم، فلا ينبغي لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم، فقد بقي زيد بن خالد إلى سنة ثمان وسبعين من الهجرة، ومات مروان بن الحكم سنة خمس وستين، هكذا ذكره أهل العلم بالتواريخ، فيجوز أن يكون عروة لم يسمع من أحد حين سأله مروان، ثم سمعه من بسرة، ثم سمعه بعد ذلك من زيد بن خالد، انتهى على ما نقله صاحب "غاية المقصود".
(1)"مسند أحمد"(5/ 194)، "شرح معاني الآثار"(1/ 73).
(2)
في الأصل "خالد" وهو تحريف، والصواب:"زيد بن خالد".