الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِىِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ.
(113) بابٌ مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ مَنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ
297 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا (ح): وَأَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِى الْيَقْظَانِ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ،
===
الصلاتين بغسل المستحاضة (قول إبراهيم النخعي وعبد الله بن شدّاد)(1) لعله هو عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، أبو الوليد المدني، كان يأتي الكوفة، وأمه سلمة بنت عميس الخثعمية أخت أسماء، قال العجلي والخطيب: هو من كبار التابعين وثقاتهم، ووثَّقه أبو زرعة والنسائي وابن سعد، وكان معدودًا في الفقهاء، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومات بالكوفة مقتولًا سنة 81 هـ.
(113)
(بَابُ (2) مَنْ قَالَ: تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلى طُهْرٍ)
أي تغتسل المستحاضة بعد انقضاء أيام حيضها مرة واحدة، ثم لا يجب عليها الاغتسال في أيام استحاضتها وتتوضأ للصلاة.
297 -
(حدثنا محمد بن جعفر بن زياد قال: أنا، ح: ونا عثمان بن أبي شيبة قال: نا شريك) هو ابن عبد الله بن أبي شريك، (عن أبي اليقظان) عثمان بن عمير البجلي، (عن عدي (3) بن ثابت) الأنصاري، (عن أبيه)
(1) قلت: قول إبراهيم النخعي أخرجه عبد الرزاق (1/ 305) رقم (3318)، وابن أبي شيبة (1/ 127)، والدارمي (803)، وقول عبد الله بن شداد أخرجه الدارمي (807).
(2)
وفي نسخة ابن رسلان بدله: "باب من قال: تغتسل مرة". (ش).
(3)
قال ابن العربي (1/ 201): أما حديث عدي بن ثابت، فإنه لا يصح، لأنه مجهول، ولا يعلم من جده
…
إلخ. (ش).
عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى الْمُسْتَحَاضَةِ «تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّى، وَالْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ" [ت 126، جه 625، ق 1/ 347، دي 793]
===
هو ثابت الأنصاري، (عن جده) عبد الله بن يزيد، (عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة تدع) أي المستحاضة (الصلاة أيام أقرائها) أي الأيام التي تحيض فيها قبل أن يصيبها ما أصابها، (ثم تغتسل) أي للطهارة من الحيض (وتصلي) بعد الغسل، (والوضوء عند كل صلاة) أي أمر بالوضوء، لأنها لما كانت معتادة، ومضت أيام أقرائها، واغتسلت صارت طاهرة من الحيض، فتتوضأ للصلاة كما تتوضأ الطاهرة.
قال الطحاوي (1): اختلف الذين قالوا: إنها تتوضأ لكل صلاة، فقال بعضهم: تتوضأ لوقت كل صلاة، وهو قول أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وقال اخرون: بل تتوضأ لكل صلاة ولا يعرفون ذكر الوقت في ذلك، فأردنا نحن أن نستخرج من القولين قولًا صحيحًا، فرأيناهم قد أجمعوا أنها إذا توضأت في وقت صلاة فلم تصل حتى خرج الوقت، فأرادت أن تصلي بذلك الوضوء، أنه ليس له ذلك لها حتى تتوضأ وضوءًا جديدًا، ورأيناها لو توضأت في وقت صلاة فصلت، ثم أرادت أن تطوع بذلك الوضوء، كان ذلك لها ما دامت في الوقت، فدل ما ذكرنا أن الذي ينقض تطهرها هو خروج الوقت، وأن وضوءها يوجبه الوقت لا الصلاة، وقد رأيناها (2) لو فاتتها صلوات، فأرادت أن تقضيهن كان لها أن تجمعهن في وقت صلاة واحدة بوضوء واحد، فلو كان الوضوء يجب
(1)"شرح معاني الآثار"(1/ 106).
(2)
هكذا قال الطحاوي، وهو مشكل كما حررته على هامشه، إذ لا يكون إذ ذاك ثمرة الخلاف بين القولين. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عليها لكل صلاة لكان يجب أن تتوضأ لكل صلاة من الصلوات الفائتات، فلما كانت تصليهن جميعًا بوضوء واحد ثبت بذلك أن الوضوء الذي يجب عليها هو لغير الصلاة وهو الوقت.
وحجة أخرى أنا قد رأينا الطهارات تنتقض بأحداث منها الغائط والبول، وطهارات تنتقض بخروج أوقات، وهي الطهارة بالمسح على الخفين ينقضها خروج وقت المسافر وخروج وقت المقيم، وهذه الطهارات المتفق عليها لم نجد فيما ينقضها صلاة، إنما ينقضها حدث أو خروج وقت، وقد ثبت أن طهارة المستحاضة طهارة ينقضها الحدث وغير الحدث، فقال قوم: هذا الذي هو غير الحدث هو خروج الوقت، وقال آخرون: هو فراغ من صلاة، ولم نجد الفراغ من الصلاة حدثًا في شيء غير ذلك، وقد وجدنا خروج الوقت حدثًا في غيره، فأولى الأشياء أن نرجع في هذا الحدث المختلف فيه فنجعله كالحدث الذي قد أجمع عليه، ووجد له أصل، ولا نجعله كما لم يجمع عليه، ولم نجد له أصلاً، فثبت بذلك قول من ذهب إلى أنها تتوضأ لكل وقت صلاة، انتهى.
وقال في "البدائع"(1) ما ملخصه:
وأما أصحاب الأعذار كالمستحاضة ممن لا يمضي عليها وقت صلاة إلَّا ويوجد به من الحدث فيه، فخروج النجس من هؤلاء لا يكون حدثًا ما دام وقت الصلاة قائمًا، وهذا عندنا.
وقال الشافعي: إن كان العذر من أحد السبيلين، كالاستحاضة وسلسل البول وخروج الريح يتوضأ لكل فرض ويصلي ما شاء من
(1)(1/ 126).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
النوافل، وقال مالك في أحد قوليه: يتوضأ لكل صلاة، واحتجَّا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المستحاضة تتوضأ لكل صلاة"(1)، فمالكٌ عمل بمطلق اسم الصلاة، والشافعي قَيّده بالفرض، لأنه الصلاة المعهودة، ولأن طهارة المستحاضة ضرورية، لأنه قارنها ما ينافيها أو طرأ عليها، والشيء لا يبقى مع المنافي، إلَّا أنه لم يظهر حكم المنافي لضرورة الحاجة إلى الأداء، والضرورة إلى أداء فرض الوقت، فإذا فرغ من الأداء ارتفعت الضرورة، فظهر حكم المنافي، والنوافل أتباع الفرائض، لأنها شرعت لتكميلها وجبرًا للنقصان فيها، فكانت ملحقة بأجزائها، والطهارة الواقعة لصلاة واقعة لها بجميع أجزائها بخلاف فرض آخر، لأنه ليس بتبع بل هو أصل بنفسه.
ولنا ما روى أبو حنيفة بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة"، وهذا نص في الباب، ولأن العزيمة شغل جميع الوقت بالأداء شكرًا للنعمة إلَّا أنه جوز ترك شغل بعض الوقت بالأداء رخصة وتيسيرًا، فضلًا ورحمة، وجعل ذلك شغلًا لجميع الوقت حكمًا، فصار وقت الأداء شرعًا بمنزلة وقت الأداء فعلاً، ثم قيام الأداء مبقٍ للطهارة فكذلك الوقت القائم مقامه.
وما رواه الشافعي فهو حجة عليه، لأن مطلق الصلاة ينصرف إلى المعهودة المتعارفة كما في قوله "الصلاة عماد الدين" ونحو ذلك، والصلاة المعهودة هي الصلوات الخمس في اليوم والليلة فكأنه قال: المستحاضة تتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات، فلو أوجبنا عليها الوضوء لكل صلاة أو لكل فرض تقضي لزاد على الخمس بكثير، وهذا خلاف النص، ولأن
(1) أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(1354، 1355).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وزَادَ عُثْمَانُ: «وَتَصُومُ وَتُصَلِّى» .
298 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ،
===
الصلاة تذكر على إرادة وقتها، كما قال:"أينما أدركتني الصلاة تيممت"(1)، والمدرك هو الوقت دون الصلاة التي هي فعله.
وقال: "إن للصلاة أولًا وآخرًا"(2)، أي لوقت الصلاة، ويقال: آتيك لصلاة الظهر، أي لوقتها، فجاز أن تذكر الصلاة ويراد بها وقتها، ولا يجوز أن يذكر الوقت ويراد به الصلاة، فيحمل المحتمل على المحكم توفيقًا بين الدليلين صيانة لهما عن التناقض، انتهى.
قلت: قال ابن الهمام في "فتح القدير"(3): وأما حديث المستحاضة: "تتوضأ لوقت كل صلاة"، فذكر سبط ابن الجوزي أن الإِمام أبا حنيفة رواه، انتهى، وفي "شرح مختصر الطحاوي": روى أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش: "توضَّئِي لوقت كل صلاةِ، ذكره محمد في "الأصل" معضلًا، وقال ابن قدامة في "المغني" (4): وروي في بعض ألفاظ حديث فاطمة بنت أبي حبيش: وتوضَّئِي لوقت كل صلاة.
(قال أبو داود: وزاد عثمان) أي ابن أبي شيبة شيخ المؤلف: (وتصوم وتصلي) فزاد ذكر الصوم.
298 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا وكيع) بن الجراح،
(1) أخرجه البخاري (335)، ومسلم (521).
(2)
أخرجه الترمذي (151)، وأحمد في "مسنده"(2/ 213).
(3)
(1/ 159).
(4)
(1/ 450).
عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِى حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ خَبَرَهَا وَقَالَ:«ثُمَّ (1) اغْتَسِلِى ثُمَّ تَوَضَّئِى لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلِّى» . [جه 624، حم 6/ 42، ق 1/ 344، قط 1/ 212]
299 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ الْوَاسِطِىُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِى مِسْكِينٍ،
===
(عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة) بن الزبير، (عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر) أي الراوي (خبرها) أي قصة فاطمة بنت أبي حبيش (وقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أحد من الرواة:(ثم اغتسلي ثم توَضَّئي لكل صلاة وصلي).
299 -
(حدثنا أحمد بن سنان) بن أسد بن حبان بكسر المهملة (القطان) أبو جعفر (الواسطي) الحافظ، قال أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: كان من الثقات الأثبات، روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما، وليس له عند البخاري سوى حديث واحد، مات سنة 259 هـ.
(نا يزيد) بن هارون، (عن أيوب بن أبي مسكين) ويقال: مسكين التميمي، أبو العلاء، القصاب، الواسطي، قال أحمد: لا بأس به، وقال مرة: رجل صالح ثقة، وقال إسحاق الأزرق: ما كان الثوري بأورع منه، ولا أبو حنيفة بأفقه منه، وقال ابن سعد والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن حبان في "الثقات": كان يخطئ، وقال أبو داود: كان يتفقّه ولم يكن بجيد
(1) وفي نسخة: " ثم قال".
عَنِ الْحَجَّاجِ (1) ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ،
===
الحفظ للإسناد، وقال الحاكم أبو أحمد: في حديثه بعض الاضطراب، مات سنة 140 هـ.
(عن الحجاج) بن أرطأة بفتح الهمزة، ابن ثور بن هبيرة مصغرًا النخعي، أبو أرطأة الكوفي القاضي، ولي قضاء البصرة وكان جائز الحديث إلَّا أنه صاحب إرسال، وكان يرسل عن يحيى بن أبي كثير ومكحول ولم يسمع منهما، وإنما يعيب الناس منه التدليس، وقال أحمد: كان من الحفاظ، قيل: فلم ليس هو عند الناس بذاك؟ قال: لأن في حديثه زيادة على حديث الناس، وقال ابن معين: صدوق ليس بالقوي، وقال أبو زرعة: صدوق يدلس، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: إنما عاب الناس عليه تدليسه عن الزهري وغيره، وربما أخطأ في بعض الروايات، فأما أن يتعمد الكذب فلا، وقال الساجي: كان مدلسًا صدوقًا، سيِّئ الحفظ، ليس بحجة، قرأت بخط الذهبي: هذا القول فيه مجازفة، وأكثر ما نقم عليه التدليس، وكان فيه تنبيه لا يليق بأهل العلم، وكان يقول: أهلكني حب الشرف، مات سنة 145 هـ.
(عن أم كلثوم) قال الحافظ في "التقريب": أم كلثوم الليثية يقال: بنت محمد بن أبي بكر الصديق، فعلى هذا فهي تيمية لا ليثية، لها حديث عن عائشة من رواية عبد الله بن عبيد الله بن عمير عنها، وروى حجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة في الاستحاضة، وروى عمرو بن عامر عن أم كلثوم عن عائشة في بول الغلام، فما أدري هل الجميع واحدة أم لا، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": قلت: ولعلهن كلهن واحدة.
(1) وفي نسخة: "عن حجاج".
عَنْ عَائِشَةَ فِى الْمُسْتَحَاضَةِ: "تَغْتَسِلُ - تَعْنِى (1) مَرَّةً وَاحِدَةً -
===
(عن عائشة في المستحاضة: تغتسل) أي قالت عائشة: تغتسل (تعني مرة واحدة) إن كان بالتاء بصيغة المؤنث، فالظاهر أنه قول أم كلثوم، وفاعله ضمير عائشة، وإن كان على التذكير فالقائل بعض الرواة، والفاعل ضمير شيخه، ذكر المصنف هذا الحديث موقوفًا على عائشة.
وخالفه البيهقي فأخرجه في "سننه"(2) مرفوعًا، وهذا لفظه: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا العباس بن محمد الدوري، ثنا يزيد بن هارون، ثنا أبو العلاء - يعني أيوب بن أبي مسكين -، عن الحجاج بن أرطأة، عن أم كلثوم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المستحاضة:"تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل مرة، ثم توضأ إلى مثل أيام أقرائها، وإن رأت صفرة انتضحت وتوضأت وصلت".
قال: وحدثنا العباس بن محمد، ثنا يزيد بن هارون، نا أبو العلاء، عن ابن شبرمة، عن امرأة مسروق، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخبرنا أبو علي الروذباري، نا أبو بكر بن داسة، نا أبو داود، نا أحمد بن سنان القطان، نا يزيد، فذكرهما بالإسنادين، إلَّا أنه جعل الأول من قول عائشة، قال أبو داود: وحديث أيوب أبي العلاء ضعيف لا يصح، قال الشيخ رحمه الله: وروي عن أبي يوسف مرفوعًا.
ثم ساق البيهقي بسنده من طريق عمار بن مطر، عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن قمير
(1) وفي نسخة: "يعني".
(2)
"السنن "الكبرى" (1/ 345، 346).
ثُمَّ تَوَضَّأُ إِلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا".
300 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ (1) ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَيُّوبَ أَبِى الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ هذا
===
امرأة مسروق، عن عائشة أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وفيه:"ثم توضَّئِي لكل صلاة"، ثم قال البيهقي: قال علي: تفرد به عمار بن مطر وهو ضعيف عن أبي يوسف، والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوفًا:"المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة".
(ثم توضأ إلى أيام أقرائها).
300 -
(حدثنا أحمد بن سنان، نا يزيد) بن هارون، (عن أيوب أبي العلاء) بن أبي مسكين، (عن ابن شبرمة) بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء، هو عبد الله بن شبرمة بن طفيل بن حسان بن المنذر، أبو شبرمة الكوفي الضبي القاضي الفقيه، كان قاضيًا على السواد، وكان عفيفًا حازمًا عاقلًا فقيهًا شاعرًا حسن الخلق جوادًا، وثَّقه أحمد وأبو حاتم والنسائي، وقال الثوري: فقهاؤنا ابن شبرمة وابن أبي ليلى، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 144 هـ.
(عن امرأة مسروق) بن الأجدع، هي قمير بنت عمرو، (عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله) أي مثل ما روت أم كلثوم عن عائشة.
(قال أبو داود: وحديث عدي بن ثابت هذا) المتقدم الذي روى عنه
(1) زاد في نسخة: "الواسطي".
وَالأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، وَأَيُّوبَ أَبِى الْعَلَاءِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَا تَصِحُّ (1). وَدَلَّ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِ الأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ هَذَا الْحَدِيثُ؛ أَوْقَفَهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ. وَأَنْكَرَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ حَبِيبٍ مَرْفُوعًا. وَأَوْقَفَهُ أَيْضًا أَسْبَاطٌ عَنِ الأَعْمَشِ، مَوْقُوفًا عَنْ (2) عَائِشَةَ.
===
أبو اليقظان (والأعمش) أي وحديث الأعمش، (عن حبيب) أي ابن أبي ثابت (وأيوب) أي وحديث أيوب (أبي العلاء) أي الذي روى عن الحجاج، عن أم كلثوم، عن عائشة موقوفًا، والذي روى عن ابن شبرمة عن امرأة مسروق عن عائشة مرفوعًا (كلها) أي أربعتها (ضعيفة لا تصح، ودل على ضعف حديث الأعمش عن حبيب هذا الحديث) أي المتقدم، ولفظ هذا الحديث بدل (3) من لفظ حديث الأعمش (أوقفه حفص بن غياث (4) عن الأعمش، وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعًا، وأوقفه أيضًا أسباط) بمفتوحة وسكون مهملة وموحدة وطاء مهملة، ابن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي مولاهم، أبو محمد، وثَّقه ابن معين ويعقوب بن شيبة، وقال أبو حاتم: صالح، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الغلابي عنه: ثقة، والكوفيون يضعفونه، وقال البرقي عنه: الكوفيون يضعفونه، وهو عندنا ثبت فيما يروي عن مطرف والشيباني، وقال ابن سعد: كان ثقة صدوقًا إلَّا أنه فيه بعض الضعف، وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة. 200 هـ، (عن الأعمش موقوفًا عن عائشة).
(1) وفي نسخة: "لا يصح منها شيء".
(2)
وفي نسخة: "على".
(3)
والأوجه أنه فاعل "دل" بتقدير أن، وما حكى البيهقي عن أبي داود أوضح من هذا. (ش).
(4)
قلت: رواية حفص بن غياث أخرجها الدارقطني في"سننه"(1/ 213)، ورواية أسباط بن محمد أشار إليها الدارقطني (1/ 211)، والبيهقي (1/ 354) ولم أقف عليها مسندة.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ دَاوُدَ عَنِ الأَعْمَشِ مَرْفُوعًا أَوَّلُهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.
===
ولما كان (1) ضعف حديث الأعمش عن حبيب غير ظاهر، لأن رواته ثقات احتاج المصنف إلى بيان علته الخفية التي لا يدركه إلَّا الحذاق، فحاصل هذا الدليل: أنه اختلف أصحاب الأعمش في وقفه وإرساله، فرفعه حبيب (2) بن أبي ثابت على خلاف حفص بن غياث وأسباط، وهما أوقفاه على عائشة، فثبت بهذا أن رفعه غير ثابت، قلت: وهذا القدر لا يقتضي ضعف حديث حبيب، لأنه زيادة ثقة، وهي معتبرة عندهم، فكيف يقال: إن وقف البعض يقتضي ضعف الرفع، والحال أن حبيب بن أبي ثابت هذا ليس بأدون من حفص بن غياث وأسباط بن محمد، بل هو أقوى منهما وأرجح.
(قال أبو داود: ورواه ابن داود (3) عن الأعمش مرفوعًا أوله) غرض المصنف بهذا الكلام دفع إشكال يرد على الكلام المتقدم، وحاصله: أنكم قلتم: إن حبيب بن أبي ثابت تفرد بالرفع عن الأعمش، وهذا لا يصح، لأن ابن داود رفعه أيضًا عن الأعمش، فأجاب عنه بأن ابن داود رفع أول الحديث، وأما آخره، وهو الوضوء عند كل صلاة، فلم يرفعه، بل (وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كل صلاة) وكان غرضنا بتضعيف الحديث
(1) والأوجه عندي أن المصنف أراد من هاهنا الكلام على الثلاثة المذكورة على غير ترتيب السلف، وهذا بيان حديث الأعمش عن حبيب، ومن قوله: روى أبو اليقظان الكلام على حديث عدي، ومن قوله: روى عبد الملك الكلام على حديث عائشة كما سترى، وبهذا يظهر مناسبة الآثار أيضًا. (ش).
(2)
هذا سهو من الناسخ، فإن حبيبًا ليس من أصحاب الأعمش بل من مشايخه، فالصواب وكيع، وكذا فيما بعد. (ش).
(3)
قلت: أما رواية عبد الله بن داود عن الأعمش فأخرجها أبو يعلى في "مسنده"(8/ 229) رقم (4799)، والدارقطني في "سننه"(1/ 212)، والبيهقي في "سننه"(1/ 345).
وَدَلَّ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِ حَبِيبٍ هَذَا أَنَّ رِوَايَةَ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:"فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ" فِى حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ،
===
تضعيف تلك الجملة من الحديث، قلت: وإنكار ابن داود عن كون ذكر الوضوء في كل صلاة في الحديث لا يستلزم أن لا يكون فيه، لأن إنكاره مستند إلى عدم علمه، ومن ذكره فذكره يعتمد على علمه، فيكون الإنكار من غير دليل، فلا يعتبر.
ثم قال: (ودل على ضعف حديث حبيب هذا) هذا دليل ثانٍ على ضعف الحديث (أن رواية الزهري عن عروة) بن الزبير (عن عائشة قالت: فكانت تغتسل لكل صلاة في حديث المستحاضة).
وحاصل هذا الدليل: أن حبيب بن أبي ثابت خالف الزهري مع جلالته، فإنه يروي بهذا السند عن عروة عن عائشة:"فكانت تغتسل لكل صلاة"، وحبيب بن أبي ثابت يروي عن عروة، عن عائشة:"توضئي لكل صلاة" فمع مخالفة الزهري لا يعتبر حديثه.
ورد الخطابي هذا الدليل، فقال (1): أما قول أكثر الفقهاء فهو الوضوء لكل صلاة، وعليه العمل في قول عامتهم، ورواية الزهري لا تدل على ضعف حديث حبيب بن أبي ثابت، لأن الاغتسال لكل صلاة في حديث الزهري مضاف إلى فعلها، وقد يحتمل أن يكون ذلك اختيارًا منها، وأما الوضوء لكل صلاة في حديث حبيب، فهو مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضاف إليه وإلى أمره إياها بذلك، والواجب هو الذي شرعه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به، دون ما فعلته وأتته من ذلك، انتهى.
قلت: أخرج البخاري في "صحيحه" في باب غسل الدم من طريق
(1)"معالم السنن"(1/ 147).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أبي معاوية، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش وفي آخره قال: وقال أبي: "ثم توضَّئِي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت"، فحديث هشام عن أبيه هذا يؤيد حديث حبيب بن أبي ثابت ويقويه.
قال الحافظ في "الفتح"(1): ادَّعى بعضهم أن قوله: "ثم توضَّئِي" من كلام عروة موقوفًا عليه، ففيه نظر؛ لأنه لو كان كلامه لقال: ثم تتوضأ بصيغة الإخبار، فلما أتى به بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع، وهو قوله: فاغسلي.
وأجاب عنه في "الجوهر النقي"(2): قلت: رواه أيضًا كرواية وكيع مرفوعًا عن الأعمش الجريري وسعيد بن محمد الوراق وعبد الله بن نمير ذكر ذلك الدارقطني، وأشار إليه البيهقي بقوله: وجماعة، فهؤلاء سبعة، أكثرهم أئمة كبار زادوا عن الأعمش الرفع، فوجب على مذاهب الفقهاء وأهل الأصول ترجيح روايتهم، لأنها زيادة ثقة، وكذا على مذهب أهل الحديث؛ لأنهم أكثر عددًا، وتحمل رواية من وقفه على عائشة أنها سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، فروته مرة وأفتت به مرة أخرى، كما مرت نظائره.
ثم علله البيهقي أيضًا بقول الثوري وغيره: لم يسمع حبيب من عروة شيئًا، قلت: قد ذكرنا في "باب الوضوء من الملامسة" من كلام أبي داود ما يدل ظاهره على صحة سماعه من عروة، ثم قد روى هذا الحديث غير حبيب عن عروة، ورواه غير عروة عن عائشة، ذكره الطحاوي وخرجه هو وغيره من المصنفين، انتهى.
(1)"فتح الباري"(1/ 332).
(2)
(1/ 345).
وَرَوَى (1) أَبُو الْيَقْظَانِ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِىٍّ - رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَعَمَّارٍّ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ،
===
(وروى (2) أبو اليقظان عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن علي) وفيه الوضوء عند كل صلاة، أي كما روى أبو اليقظان عن عدي بن ثابت، عن جده مرفوعًا، كذلك روى أبو اليقظان عن أبيه، عن علي موقوفًا، أخرج البيهقي موصولًا (3) من طريق شريك موقوفًا على علي وعن جد عدي مرفوعًا. (وعمار) أي وكذا روى عمار (مولى بني هاشم عن ابن عباس) وذكر الوضوء عند كل صلاة.
(وروى (4) عبد الملك بن ميسرة) الهلالي، أبو زيد العامر الكوفي الدراع، أي صانع الدروع، وثَّقه ابن معين وابن خراش والنسائي وأبو حاتم وابن سعد والعجلي وابن نمير، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد أخرج البيهقي عن طريق شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن الشعبي، عن قمير امرأة مسروق، عن عائشة قالت: المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضتها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة.
(1) وفي نسخة: "رواه".
(2)
والغرض من ذكره عندي كما تقدم أن المصنف أراد من هاهنا الكلام على حديث عدي، ومراده أنه اختلف فيه على عدي فروي عنه كما تقدَّم، وروي عنه عن أبيه عن علي، وكلاهما ضعيفان عنده، كما سيصرح به، والصحيح أنه لا يصح عن علي بل يصح عن ابن عباس، كما روى عنه عمار، إلَّا أن المعروف عنه أيضًا الغسل، كما سيقوله في آخر الباب، فتأمل، فعلى هذا يوجه أثر ابن عباس أيضًا، وذكر هذه الآثار أيضًا، وإلا فلا وجه لإدخال آثار الوضوء في الباب فافهم. (ش).
(3)
"السنن الكبرى"(1/ 347) قلت: أخرجه أيضًا الطحاوي مرفوعًا وموقوفًا بكلا الطريقين. (ش)[انظر: "شرح معاني الآثار" (1/ 102)].
(4)
وغرضه عندي على ما تقدم أنه أراد من هاهنا ببان الاضطراب في حديث عائشة من رواية الوضوء وغيره. (ش).
وبَيَانٌ، ومُغِيرَةُ، وفِرَاسٌ
===
(وبيان) بن بشر الأحمسي بمهملتين، أبو بشر الكوفي المعلم، وثَّقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي والعجلي، زاد أبو حاتم: وهو أعلى من فراس ويعقوب بن سفيان، وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتًا، وقال الدارقطني: هو أحد الثقات الأثبات، وذكره ابن حبان في "الثقات"، أخرج البيهقي حديثه بسنده موصولًا من طريق شعبة وزائدة عن بيان قال: سمعت الشعبي حديث عن قمير، عن عائشة قالت في المستحاضة: تدع الصلاة أيام أقرائها، وتغتسل وتستثفر وتوضأ عند كل صلاة.
(ومغيرة) بن مقسم بكسر الميم، الضبي مولاهم، أبو هشام الكوفي الفقيه، وقيل: إنه ولد أعمى، قال ابن فضيل: كان يدلس، وكنا لا نكتب عنه إلَّا ما قال: حدثنا إبراهيم، وقال شعبة: كان مغيرة أحفظ من الحكم، وفي رواية: أحفظ من حماد، وقال أبو بكر بن عياش: ما رأيت أحدًا أفقه من مغيرة فلزمته، قال مغيرة: ما وقع في مسامعي شيء فنسيته، قال ابن معين: ثقة مأمون، وقال العجلي: مغيرة ثقة فقيه الحديث، إلَّا أنه كان يرسل الحديث عن إبراهيم، وكان عثمانيًّا، وقال النسائي: مغيرة ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان مدلسًا، وقال إسماعيل القاضي: ليس بقوي فيمن لقي لأنه يدلس، فكيف إذا أرسل، مات سنة 136 هـ.
(وفراس) بن يحيى الهمداني الخارفي، نسبة إلى خارف وهي بطن من همدان، نزل الكوفة، أبو يحيى الكوفي المكتب، وثقه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد وابن عمار والعجلي، وقال أبو حاتم: شيخ ما بحديثه بأس، وقال عثمان بن أبي شيبة: صدوق، قيل له ثبت؟ قال: لا، وقال يعقوب بن شيبة: كان مكتبًا وفي حديثه لين، وهو ثقة، مات سنة 129 هـ.
وَمُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ حَدِيثِ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ:«تَوَضَّئِى لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَرِوَايَةُ دَاوُدَ وَعَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ:«تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً» . وَرَوَى (1) هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: "الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ (2) لِكُلِّ صَلَاةٍ".
===
(ومجالد) بضم الميم وتخفيف الجيم، ابن سعيد بن عمير الهمداني، أبو عمرو الكوفي، قال البخاري: كان يحيى بن سعيد يضعفه، وكان ابن مهدي لا يروي عنه، وكان أحمد بن حنبل لا يراه شيئًا، وقال ابن معين: ضعيف واهي الحديث لا يحتج بحديثه، وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثَّقه مرة، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا في الحديث، وكان يحيى بن سعيد يقول: كان مجالد يلقن في الحديث إذا لقن، وقال البخاري: صدوق، وقال يعقوب بن سفيان: تكلم الناس فيه وهو صدوق، مات سنة 144 هـ.
(عن الشعبي، عن حديث قمير، عن عائشة: "توضأ لكل صلاة"، ورواية داود وعاصم) مبتدأ خبره تغتسل كل يوم مرة، كأن المصنف يشير إلى أنه اختلف على الشعبي عن قمير عن عائشة، فأكثر أصحابه رووا عنه "توضأ لكل صلاة"، وأما داود وعاصم فخالفاهم فرويا (عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة: "تغتسل كل يوم مرة"، وروى هشام بن عروة عن أبيه: المستحاضة تتوضأ لكل صلاة).
قدمنا قريبًا أن البخاري أخرج بسنده من طريق أبي معاوية، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وفي آخره: وقال أبي: "ثم توضَّئِي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت"، فيشير المصنف إلى أن
(1) وفي نسخة: "رواه".
(2)
وفي نسخة: "توضأ".
وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ إِلَاّ حَدِيثَ قَمِيرَ وَحَدِيثَ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ وَحَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ،
===
قوله: "تتوضأ لكل صلاة" قول عروة موقوف عليه، وليس هو بمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقدمنا أيضًا أن الحافظ في "الفتح"(1) قال: ادعى البعض أن قوله: "توضئِي" من كلام عروة موقوفًا عليه، وفيه نظر، لأنه لو كان كلامه لقال: ثم تتوضأ بصيغة الإخبار، قلت: فعلم من هذا أن ما رواه أبو داود بصيغة الإخبار مخالف لما رواه البخاري وغير صحيح، ثم قوله في آخر الحديث:"حتى يجيء ذلك الوقت" يأبى أيضًا أن يكون من كلام عروة، بل هو أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء لكل صلاة، فإن بيان الغاية لا ينبغي إلَّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وهذه الأحاديث) أي الآثار المذكورة الموقوفة، أو الأحاديث المرفوعة والموقوفة (كلها ضعيفة، إلَّا حديث قمير، وحديث عمار مولى بني هاشم، وحديث هشام بن عروة عن أبيه).
قد تقدم أن المصنف - رحمه الله تعالى - قد أخرج في هذا الباب في بدئه أربعة أحاديث: حديث أبي اليقظان عن عدي بن ثابت مرفوعًا، وحديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت مرفوعًا، وحديث أيوب بن أبي مسكين عن الحجاج موقوفًا على عائشة رضي الله عنها، وحديث أيوب بن أبي مسكين أبي العلاء عن ابن شبرمة مرفوعًا، وفي كلها ذكر الوضوء، ثم بين المصنف تزييفها كلها، ثم بعد ذلك أخرج آثارًا موقوفة، أولها أثر علي الذي رواه أبو اليقظان، وثانيها أثر
(1)"فتح الباري"(1/ 332).
وَالْمَعْرُوفُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ الْغُسْلُ.
===
ابن عباس الذي رواه عمار مولى بني هاشم، وثالثها أثر عائشة الذي رواه عبد الملك وبيان ومغيرة وفراس ومجالد، ورابعها أثر عروة الذي روى عنه هشام.
ثم قال بعد تخريجها: وهذه الأحاديث أي الآثار الموقوفة كلها ضعيفة، إلَّا حديث قمير الذي رواه عبد الملك وغيره عن الشعبي عن قمير، وحديث عمار مولى بني هاشم أي أثر ابن عباس الذي روى عنه عمار، وحديث هشام بن عروة، عن أبيه، أي أثر عروة الذي روى عنه هشام ابنه، فهذه الآثار الثلاثة مستثناة من جملتها، فلم يبق فيها إلَّا أثر علي الذي رواه أبو اليقظان، وأما أثر عائشة الذي رواه داود وعاصم عن الشعبي، عن قمير فهو أيضًا وإن كان داخلًا في الصحاح، ولكن تغير سياق العبارة يشير إلى أن الغرض من ذكره ليس إلَّا بيان الاختلاف فيما روي في هذا الباب عن قمير، عن عائشة -رضي الله تعالى عنها -، ويحتمل أن يكون لفظة هذه إشارة إلى ما ذكر في الباب من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة جميعها.
وقد بَيَّن ضعف الأحاديث المرفوعة فيما تقدم، فيكون ذكر تضعيفها ههنا مكررًا للتأكيد، وعلى هذا التقدير استثناء حديث قمير يكون راجعًا إلى الأثر الموقوف على عائشة الذي رواه عبد الملك بن ميسرة وغيره، لا إلى الحديث المرفوع الذي رواه أيوب أبو العلاء عن ابن شبرمة، لأنه صرح بضعفها فيما تقدم، فلا يدخل في الاستثناء.
(والمعروف عن ابن عباس الغسل) حاصله: أن ما روى عمار مولى بني هاشم عن ابن عباس منكر، لأن المعروف عنه الغسل أي الغسل لكل