الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(129) بَابٌ: في الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ
(1)
340 -
حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا
===
عبد الله بن نافع فيه انقطاع، لأنه لم يذكر فيه بين بكر بن سوادة وعطاء أبا عبد الله، وأن الحديث مرسل، وابن نافع زاد فيه أبا سعيد الخدري، وهو غير محفوظ، وقد تقدم أن ابن لهيعة ضعيف فلا يلتفت إلى زيادته ولا تُعَلُّ بها رواية الثقات.
(129)
(بَابٌ: في الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)
هل يجب أو لا؟
340 -
(حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، نا معاوية) بن سلَّام بالتشديد، ابن أبي سلام ممطور الحبشي بضم المهملة، ويقال: الألهاني، أبو سلام الدمشقي، قال أحمد: ثقة، وقال ابن معين: ثقة، وعن دحيم: جيد الحديث ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: صدوق ثقة، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: دفع إليه يحيى بن أبي كثير كتابًا ولم يقرأه ولم يسمعه.
(عن يحيى) بن أبي كثير، (أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة أخبره) أي أبا سلمة، (أن عمر بن الخطاب بينا) هو، وفي نسخة: بينما هو، قال في "القاموس": وبينا نحن كذا: هي بَيْنَ أُشْبِعَتْ فتحتها، فحدثت الألف، وبينا وبينما من حروف الابتداء، والأصمعي يخفض بعد بينا إذا صَلُحَ موضعُه، وغيره يرفع ما بعدها على الابتداء والخبر.
(1) وفي نسخة: "يوم الجمعة".
هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَتَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَتَوَضَّأْتُ. قَالَ (1) عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا! أَوَ لَمْ تَسْمَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ
===
(هو) أي عمر بن الخطاب (يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل) ولفظ البخاري: "إذ جاء رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"، ولفظ رواية مسلم:"إذ دخل عثمان بن عفان"(فقال عمر) رضي الله عنه لما رآه متأخرًا في الحضور للجمعة منكرًا عليه: (أتحتبسون) أي في أشغالكم وحوائجكم (عن الصلاة)(2) ولا تبكرون لها.
(فقال الرجل) أي عثمان بن عفان رضي الله عنه معتذرًا: (ما هو) أي الشأن (إلَّا أن سمعت النداء فتوضأت) فحضرت الصلاة (قال عمر: والوضوء أيضًا) هو منصوب أي وتوضأت الوضوء أي اقتصرت عليه دون الغسل، فيه إشعار بأنه قبل عذره في ترك التبكير، لكنه استنبط منه معنى آخر اتجه له عليه فيه إنكار ثانٍ، والمعنى ما اكتفيت بتأخير الوقت بتفويت الفضيلة، حتى تركت الغسل، وإنما ترك الغسل، لأنه تعارض عنده إدراك سماع الخطبة والاشتغال بالغسل وكل منهما مرغب فيه، فآثر سماع الخطبة "فتح"(3).
(أو لم تسمعوا (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أتى (5) أحدكم
(1) وفي نسخة: "فقال".
(2)
فيه جواز الإنكار على الكبار في المجمع ، "ابن رسلان"، وأيضًا فيه الكلام في الخطبة أمرًا بالمعروف، "ابن رسلان"، وسيأتي البسط فيه في الجمعة، وقال السندي على البخاري: لم يكن المحادثة في الخطبة كما لم يكن قوله عليه الصلاة والسلام: "أركعت" لمن دخل في المسجد في الخطبة. (ش).
(3)
"فتح الباري"(2/ 360).
(4)
ولفظ البخاري: "وقد علمت"، ابن رسلان. (ش).
(5)
ظاهره اختصاصه بمن أتى الجمعة، وبه قال الأربعة كما سيأتي. (ش).
الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ". [خ 882، م 845، ت 494، ق 1/ 296، ط 1/ 101/ 3]
===
الجمعة) أي أراد إتيان الجمعة (فليغتسل) استدل بهذا الحديث من قال: بعدم وجوب الغسل للجمعة، ووجه الدلالة أن عثمان رضي الله عنه فعله، وأقره عمر رضي الله عنه ولم يأمره بالرجوع للغسل، وأقره حاضرو الجمعة، وهم أهل الحل والعقد، ولو كان واجبًا لما تركه ولألزموه به، فعلى هذا الأمر الوارد في الحديث محمول على الندب.
وأجاب عنه الآخرون بأن إنكار عمر رضي الله عنه على رأس المنبر في ذلك الجمع على مثل ذلك الصحابي الجليل، وتقرير جمع الحاضرين الذين هم جمهور الصحابة لذلك الإنكار من أعظم الأدله القاضية بأن الوجوب كان معلومًا عند الصحابة، ولو كان الأمر عندهم على عدم الوجوب لما عول ذلك الصحابي في الاعتذار على غيره، فأي تقرير من عمر ومن حضر هذا بعد هذا.
ولعل النووي ومن معه ظنوا أنه لو كان الاغتسال واجبًا لنزل عمر من منبره، وأخذ بيد ذلك الصحابي، وذهب به إلى المغتسل، أو لقال له: لا تقف في هذا الجمع، أو اذهب فاغتسل فإنا سننظرك، أو ما أشبه ذلك، ومثل هذا لا يجب على من رأى الإخلال بواجب من واجبات الشريعة، وغاية ما كُلِّفنا به في الإنكار على من ترك واجبًا هو ما فعله عمر في هذه الواقعة، انتهى، قاله الشوكاني (1).
قلت: وهذا الذي قاله الشوكاني كلام من غفل عما جُبِل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الشدة والغلظة في الدين، وتأديبه
(1)"نيل الأوطار"(1/ 300).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الناس في إخلالهم بواجبات الشرع، فإنه رضي الله عنه لَبَّبَ برداء هشام بن حكيم بن حزام على أنه كان يقرأ سورة الفرقان على غير ما يقرؤها عمر، وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرسله".
وأيضًا أخرج أم فروة أخت أبي بكر الصديق رضي الله عنه من البيت حين ناحت، وأيضًا ضرب بين ثديي أبي هريرة حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعليه، وقال له: من لقيت يشهد أن لا إله إلَّا الله مستيقنًا بها قلبه بشره بالجنة، حتى خَرَّ لإسته، وقال: ارجع فرجع فأجهش بالبكاء.
وأيضًا لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على عبد الله بن أُبَيّ المنافق جذبه، وقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين.
وهكذا تثقيفاته وتشديداته أكثر من أن يحصيها نطاق البيان، فمن له علم وخبرة بها يستحيل منه أن يستبعد من مثل عمر أن يقيمه من مجلسه، ويرده إلى بيته ليغتسل، ويتركه يجلس ويصلي وقد ترك الواجب، فالعجب من العلامة الشوكاني مع أنه له باع طويل في الحديث والسير، وعارف بسيرته وتثقيفاته، كيف لم يتنبه لها، واستبعد منه رضي الله عنه أن يقول لذلك الرجل: اذهب فاغتسل، ثم احضر.
وقد تنبه له الإِمام الشافعي فقال: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دل ذلك على أنهما قد علما أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على الاختيار، وكذا الطحاوي والخطابي وغيرهما.
وفي هذا الحديث إشارة إلى أن الغسل للصلاة لا لليوم، وهو الصحيح، وفيه أيضًا أنه لا يصح غسل الجمعة قبل الصبح.
341 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» . [خ 858، م 846، ن 1377، جه 1089، ق 1/ 294، دي 1537، ط 1/ 102/ 4]
===
341 -
(حَدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عن مالك) بن أنس (عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غسل يوم الجمعة واجب) أي ثابت، لا ينبغي أن يترك، لا أنه يأثم تاركه، قيل: هذا وأمثاله تأكيد للاستحباب كما يقال: رعاية فلان علينا واجبة، قاله القاري (1).
وقال الخطابي (2): قوله: "واجب"(3) معناه وجوب الاختيار والاستحباب، دون وجوب الفرض، ويشهد لصحة هذا التأويل حديث عمر الذي تقدم ذكره.
(على كل محتلم)(4) أي بالغ مدرك أوان الاحتلام، وسببه أن القوم كانوا يعملون في المهنة ويلبسون الصوف، وكان المسجد ضيقًا مقارب السقف، فإذا عرقوا تثور منهم رياح، وتأذى بعضهم برائحة بعض خصوصًا في بلادهم التي في غاية من الحرارة، فندبهم إلى الاغتسال بلفظ الوجوب ليكون أدعى إلى الإجابة.
(1)"مرقاة المفاتيح"(2/ 92).
(2)
"معالم السنن"(1/ 159).
(3)
وقال ابن رسلان: أي كالواجب جمعًا بين الأدلة. (ش).
(4)
ظاهره عموم استحباب الغسل لكل أحد، قال الشعراني (1/ 246): خصص الأربعة مندوبيته، على من حضر الجمعة، وقال أبو ثور: إنه مستحب على كل أحد حضر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال النووي (1): اختلف العلماء في غسل الجمعة، فحكي وجوبه عن بعض الصحابة، به قال أهل الظاهر، وحكاه ابن المنذر عن مالك (2)، وحكاه الخطابي عن الحسن ومالك، وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب، قال القاضي: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه، واحتج من أوجبه بظواهر الأحاديث.
واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة، منها: حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وقد ترك الغسل، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:"من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"، حديث حسن في "السنن" مشهور، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:"لو اغتسلتم يوم الجمعة"، وهذا اللفظ يقتضي أنه ليس بواجب، لأن تقديره لكان أفضل وأكمل.
وقال الخطابي (3): ولم تختلف الأمة في أن صلاته مجزئة إذا لم يغتسل، فلما لم يكن الغسل من شرط صحتها دل على أنه استحباب، كالاغتسال للعيد وللإحرام الذي يقع الاغتسال فيه متقدمًا لسببه، ولو كان واجبًا لكان متأخرًا عن سببه، كالاغتسال للجنابة والحيض والنفاس.
= أو لا، والظاهر أن من قال باستحبابه لليوم يقول بالعموم، والبسط في "السعاية"(1/ 325) و"الأوجز"(2/ 383). (ش).
(1)
"شرح صحيح مسلم"(3/ 394).
(2)
وحكاه عنه في "الهداية"(1/ 20) أيضًا، ونقل ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 365)، ثلاث روايات لأحمد، ورجح الوجوب، والثالثة التفصيل بين من به رائحة يحتاج إلى إزالتها فيجب عليه، ومن هو مستغنٍ عنه فيستحب له. (ش).
(3)
"معالم السنن"(1/ 159).
342 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِىُّ، أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ - يَعْنِى ابْنَ فَضَالَةَ -، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحُ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ» . [ن 1371، خزيمة 1721]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِذَا اغْتَسَلَ الرَّجُلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ أَجْنَبَ.
===
342 -
(حدثنا يزيد بن خالد الرملي، نا المفضل) كمحمد (يعني ابن فضالة، عن عياش) بالمثناة التحتية والشين المعجمة (ابن عباس) بالموحدة والسين المهملة، (عن بكير) مصغرًا، ابن الأشج، (عن نافع) مولى ابن عمر، (عن ابن عمر) عبد الله، (عن حفصة) بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين، (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على كل محتلم) أي بالغ (رواح الجمعة) أي يجب (وعلى كل من راح) أي أراد الرواح (إلى الجمعة) أي إلى صلاتها يجب (الغسل، قال أبو داود: إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر) أي من يوم الجمعة (أجزأه)(1) أي كفاه ذلك الغسل من (غسل الجمعة وإن أجنب)(2) أي وإن اغتسل من الجنابة، فيتداخل الغسلان (3).
(1) قال ابن رسلان: به قال أحمد والثوري والشافعي، وحكي عن الأوزاعي أنه يجزؤه قبل الفجر، وحكي عن مالك أنه لا يجزؤه إلَّا أن يتعقبه الرواح.
(2)
قال ابن رسلان: معناه أنه إذا اغتسل للجمعة ثم أجنب لا يبطل غسل الجمعة، فيغتسل للجنابة ويبقى غسل الجمعة، قال النووي: لأنه لا وجه لإبطاله، فهذا غير المعنى الذي شرح به الشيخ، فتأمل.
(3)
قال ابن رسلان: هو الصحيح المنصوص عند الشافعية، وقيل: لا، كما يتداخل الفرض والراتبة، ونقل الشعراني أن من اغتسل لهما يكفي لهما عند الثلاثة، ولا يكفي لواحد منهما عند مالك. (انظر:"الميزان" 1/ 246) قلت: والصحيح أنه يكفي لهما عنده أيضًا كما في "الأوجز"(2/ 392). (ش).
343 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِىُّ الْهَمْدَانِىُّ. (ح): وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِىُّ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ. (ح): وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَهَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
(1)
قَالَ يَزِيدُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ فِى حَدِيثِهِمَا: عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ،
===
343 -
(حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني، ح: ) تحويل، (وحدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قالا) أي يزيد بن خالد وعبد العزيز:(نا محمد بن سلمة، ح: ) تحويل، (وحدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد) بن سلمة (وهذا حديث محمد بن سلمة) أي لفظ هذا الحديث لفظ حديث محمد بن سلمة لا لفظ حديث حماد.
(عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد القرشي التيمي، أبو عبد الله المدني، كان جده الحارث من المهاجرين الأولين، قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي وابن خراش ويعقوب بن شيبة: ثقة، وعن أحمد: في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير ومنكرة، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: لم يسمع من جابر ولا من أبي سعيد، انتهى، وحديثه عن عائشة عند مالك والترمذي وصححه، وعائشة ماتت قبل أبي سعيد وجابر، مات سنة 120 هـ.
(عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال يزيد) أي ابن خالد (وعبد العزيز) الحراني (في حديثهما: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل)
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود". (ش).
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ، ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ، كانت
===
غرض المصنف بهذا بيان الاختلاف في ما بين شيوخه، وحاصله أن موسى بن إسماعيل اقتصر على أبي سلمة بن عبد الرحمن ولم يذكر معه أبا أمامة، وأما يزيد وعبد العزيز فزادا في حديثهما مع أبي سلمة أبا أمامة بن سهل.
أبو أمامة بن سهل هذا هو أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري، وقيل: اسمه سعد، وقيل: قتيبة، ولد في حياة النبي -صلي الله عليه وسلم -، وسمي باسم جده لأمه أسعد بن زرارة، وكني بكنيته، وُلد قبل وفاة النبي -صلي الله عليه وسلم - بعامين، قال الطبراني: له رؤية، وقال البخاري: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، وكان من أكابر الأنصار وعلمائهم، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي قيل له: هو ثقة؟ فقال: لا يسأل عن مثله هو أجلُّ من ذاك، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، مات سنة 100 هـ.
(عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب إن كان) أي الطيب (عنده، ثم أتى الجمعة، فلم يتخط أعناق (1) الناس، ثم صلى ما كتب الله تعالى له، ثم أنصت) أي سكت (2) عن التكلم ولم يلغ (إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته، كانت) أي تلك الصلاة
(1) بسط ابن رسلان روايته. (ش).
(2)
وهل السكوت واجب أو سنَّة؛ قولان للشافعي، بسطهما ابن رسلان. قلت: محله أبواب صلاة الجمعة. (ش).
كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِى قَبْلَهَا». قَالَ: وَيَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: «وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» ، وَيَقُولُ:«إِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» . [حم 3/ 81، خزيمة 1762، م 858 مختصرًا]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَتَمُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَمَّادٌ كَلَامَ أَبِى هُرَيْرَةَ.
344 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،
===
(كفارة لما بينها) أي بين تلك الصلاة، أو بين الساعة التي يصلي فيها الجمعة (وين جمعته) أي صلاة جمعته (التي قبلها. قال) أي أبو سلمة (1):(ويقول أبو هريرة (2): وزيادة ثلاثة أيام، ويقول) أي أبو هريرة:(إن الحسنة بعشر أمثالها).
قال الخطابي (3): قرانه بين غسل الجمعة وبين لبسه أحسن ثيابه ومسه الطيب (4) يدل على أن الغسل مستحب كاللباس والطيب، وفيه أن القران في اللفظ لا يستلزم القران في الحكم.
(قال أبو داود: وحديث محمد بن سلمة أتم) أي من حديث حماد (ولم يذكر حماد كلام أبي هريرة).
344 -
(حدثنا محمد بن سلمة المرادي، نا ابن وهب) عبد الله،
(1) هكذا في الأصل أي أبو سلمة، وفي "العون" (2/ 9): أي محمد بن سلمة، ويحتمل أبو سلمة، وليس في نسخة ابن رسلان لفظ "قال"، بل فيه: ويقول أبو هريرة
…
إلخ. (ش).
(2)
لم يزده أبو سعيد الخدري. (ش).
(3)
"معالم السنن"(1/ 159).
(4)
لكن أوجب الطيب أبو هريرة رضي الله عنه كما سيجيء. (ش).
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِى هِلَالٍ وَبُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ حَدَّثَاهُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ،
===
(عن عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال) الليثي مولاهم، أبو العلاء المصري، يقال: أصله من المدينة، روى عن جابر وأنس مرسلًا، أورد البخاري حديثه عن جابر معلقًا متابعة، ووصله الترمذي وقال: هذا مرسل، وثَّقه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي والخطيب والعجلي وابن عبد البر وغيرهم، وقال الساجي: صدوق، وكان أحمد يقول: ما أدري أيّ شيء يخلط في الأحاديث، مات سنة 135 هـ.
(وبكير بن عبد الله بن الأشجّ حدثاه عن أبي بكر بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير التيمي، كان أسنَّ من أخيه محمد، قال أبو حاتم: لا يسمى، وقال الآجري عن أبي داود: كان من ثقات الناس، وقال ابن سعد: قال محمد بن عمر: كان ثقة قليل الحديث.
(عن عمرو بن السليم (1) الزرقي) هو عمرو بن سليم مصغرًا، ابن خلدة، بفتح معجمة وسكون لام، ابن مخلد بن عامر بن زريق الأنصاري، قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. وقال النسائي: ثقة، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وقال ابن خراش: ثقة، في حديثه اختلاط، وقال الواقدي: كان قد راهق الاحتلام يوم مات عمر، مات سنة 104 هـ.
(عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري) الأنصاري الخزرجي، أبو حفص، ويقال: أبو محمد، قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان
(1) هكذا بالتعريف في النسخة القديمة والمجتبائية وغيرهما. (ش).
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَالسِّوَاكُ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قُدِّرَ لَهُ". إِلا أَنَّ بُكَيْرًا لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ،
===
في "الثقات"، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ويستضعفون روايته ولا يحتجون به، وقال العجلي: تابعي مدني ثقة، مات سنة 112 هـ.
(عن أبيه) هو أبو سعيد الخدري (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الغسل يوم الجمعة) ثابت (على كل محتلم) أي بالغ، (والسواك)(2) عطف على الغسل، أي والسواك يوم الجمعة ثابت على كل محتلم، (ويمس من الطيب (3) ما قدر له)، وفي رواية مسلم:"ما قدر عليه".
قال النووي (4): قال القاضي: محتمل لتكثيره ومحتمل لتأكيده حتى يفعله بما أمكنه، ويؤيده قوله:"ولو من طيب المرأة"، وهو مكروه للرجال، فأباحه ههنا للضرورة لعدم غيره، وهذا يدل على تأكيده.
قلت: وهذان الاحتمالان في لفظ مسلم، وأما في لفظ أبي داود فاحتمال التأكيد أقرب.
(إلَّا أن بكيرًا لم يذكر عبد الرحمن) استثناء من المقدر، أي توافق سعيد بن هلال وبكير في سند الحديث ومتنه، إلَّا أن بكيرًا خالف سعيدًا في عبد الرحمن فلم يذكره، وقد ذكره سعيد، وهذه مخالفة في السند
(1) وفي نسخة: "رسول الله".
(2)
أوجبه ابن حزم كما تقدم في السواك. (ش).
(3)
أوجبه أبو هريرة يوم الجمعة، ولعله إيجاب سنة، وإن كان حقيقة فالجمهور على خلافه، كذا في "الزرقاني"(1/ 212). (ش).
(4)
"شرح صحيح مسلم"(3/ 398).
وَقَالَ فِى الطِّيبِ: «وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ» . [خ 880، م 846، ن 1375]
345 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِىُّ، حِبِّى، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِىِّ، حَدَّثَنِى حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِى أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِىُّ، حَدَّثَنِى أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِىُّ
===
(وقال) أي بكير (في الطيب: ولو من طيب المرأة)(1) أي خالف بكير سعيدًا في متن الحديث في الطيب، وزاد: ولو من طيب المرأة ولم يزد هذا اللفظ سعيد.
345 -
(حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي) بجيمين بينهما راء ثم راء، لقبه (حِبِّي، نا ابن المبارك، عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو، (حدثني حسان بن عطية، حدثني أبو الأشعث الصنعاني) بفتح المهملة، وسكون النون، والنون بعد الألف، نسبة إلى صنعاء المنتسب فيها بالخيار بين إثبات النون وإسقاطها، والأصل أن كل اسم في آخره ألف مقصورة فالمنتسب إليه بالخيار بين إثبات النون وإسقاطها، وصنعاء: بلدة باليمن قديمة معروفة، وقرية بالشام على باب دمشق، خربت الساعة وبقيت مزارعها، وأبو الأشعث منتسب إلى صنعاء الشام، واسمه شراحيل بن آدة بالمد وتخفيف الدال، ويقال: آدة جد أبيه، قال العجلي: شامي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فقال: شراحيل بن شرحبيل بن كليب بن آدة، توفي زمن معاوية، وكان ينزل دمشق.
(حدثني أوس بن أوس الثقفي)(2) صحابي سكن دمشق ومات بها،
(1) قال ابن رسلان: وهو المراد في رواية البخاري من لفظ "طيب بيته". (ش).
(2)
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(1/ 163) رقم (288).
قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ،
===
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الاغتسال يوم الجمعة، وعنه أبو الأشعث الصنعاني وعبادة بن نسي وغيرهما، نقل عباس عن ابن معين أن أوس بن أوس الثقفي وأوس بن أبي أوس الثقفي واحد، وقيل: إن ابن معين أخطأ في ذلك، لأن أوس بن أبي أوس هو أوس بن حذيفة، والله أعلم، قلت: تابع ابن معين جماعة على ذلك منهم أبو داود، والتحقيق أنهما اثنان، وإنما قيل في أوس بن أوس هذا: ابن أبي أوس، وقيل في أوس بن أبي أوس: أوس بن أوس غلطًا (1).
(قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غسل (2))، قال الشوكاني: روي بالتخفيف والتشديد (يوم الجمعة) أي للجمع (واغتسل) قيل: هما بمعنى كرر للتأكيد، وقيل: غسل رأسه أولًا بالخطمي وغيره ثم اغتسل، وقيل: من غسل امرأته أي جامعها (3) قبل الخروج إلى الصلاة، لأنه إذا جامعها أحوجها إلى الغسل، وقيل: غسل أعضاء الوضوء، ثم اغتسل.
(ثم بكر وابتكر) قيل: هما أيضًا بمعنى كرر للتأكيد، وقيل: معنى بكر أتى الصلاة أول وقتها، وكل من أسرع إلى الشيء فقد بكر إليه، ومعنى ابتكر أدرك أول الخطبة، يقال: ابتكر إذا أكل باكورة الفواكه.
(1) انظر: "تهذيب التهذيب"(1/ 381).
(2)
وذهب الأثرم صاحب أحمد إلى أن هذه الألفاظ لمجرد التأكيد لقوله: مشى ولم يركب، "ابن رسلان"، وقال ابن العربي (2/ 279): وفي بعض طرق الحديث، ولم يفرق بين الاثنين أي الرجلين، أو بين الخطبة والصلاة، وقيل: لم يتخط رقاب الناس، تاويلات. (ش).
(3)
اختاره ابن خزيمة، "ابن رسلان". (ش).
وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ (1) ، وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا». [ت 496، ن 1381، جه 1087، حم 4/ 10، دي 1546، خزيمة 1767، ق 3/ 229، ك 1/ 282]
346 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ،
===
(ومشى) أي إلى الجمعة على قدميه (ولم يركب). فعلى هذا اللفظان بمعنى واحد، (ودنا) أي قرب (من الإمام فاستمع) وهما شيئان متخالفان إذ قد يدنو ولا يستمع، وقد يستمع ولا يدنو، وندب إليهما جميعًا، (ولم يلغ) أي لم يصدر عنه لغو من القول والفعل.
(كان له بكل خطوة) هي بالضم بُعد ما بين القدمين في المشي، وبالفتح: المرَّةُ، وجمعها خطًا وخطوات بسكون طاء وضمها وفتحها، وقال في "القاموس": والخُطْوَة ويفتح: ما بين القدمين، جمعه خطًا وخُطْواتٌ، وبالفتح: المرَّةُ، جمعه خَطَواتٌ (عمل سنة) أي أجر عمل سنة، ثم أبدل منه توضيحًا (أجر صيامها) أي السنة (وقيامها) أي أجر قيام السنة في لياليها بالصلاة.
346 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، نا الليث) بن سعد، (عن خالد بن يزيد) الجمحي بجيم مضمومة وفتح ميم وإهمال حاء، منسوب إلى جمح بن عمر، أبو عبد الرحيم المصري، مولى ابن الصبيغ، قال ابن يونس: كان فقيهًا مفتيًا، قال أبو زرعة والنسائي والعجلي ويعقوب بن سفيان: ثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 139 هـ.
(1) وفي نسخة: "واستمع".
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلَالٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَىٍّ، عَنْ أَوْسٍ الثَّقَفِىِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ» وسَاقَ (1) نَحْوَهُ. [حم 2/ 209 وانظر تخريج الحديث السابق]
347 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَقِيلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمِصْرِيَّانِ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ ابْنُ أَبِى عَقِيلٍ قال: أَخْبَرَنِى أُسَامَةُ - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ -،
===
(عن سعيد بن أبي هلال، عن عبادة بن نسي، عن أوس الثقفي) هو أوس بن أوس الثقفي المذكور في الرواية المتقدمة، (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل، وساق) أي عبادة (نحوه) أي نحو حديث أبي الأشعث، ويمكن أن يكون مرجع الضمير في "ساق" قتيبة، أورد المصنف حديث عبادة لزيادة فيه، وهو لفظ "رأسه"، فعلى هذا تقدير لفظ الرأس في الحديث المتقدم أولى.
347 -
(حدثنا ابن أبي عقيل) قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": أحمد بن أبي عقيل المصري (2)، روى عن ابن وهب، وعنه أبو داود، ذكره ابن خلفون في مشيخة أبي داود، نقلته من خط مغلطاي، انتهى، قلت: ولم يتعرض لتعديله وجرحه، ولم أجد ترجمته في غير هذا الكتاب.
(ومحمد بن سلمة) المرادي (المصريان قالا: نا ابن وهب) عبد الله، (قال ابن أبي عقيل: قال) أي ابن وهب: (أخبرني أسامة - يعني ابن زيد -) أي يريد ابن وهب أسامة بن زيد، وأما محمد بن سلمة فلعله روى معنعنة.
(1) وفي نسخة: "ثم ساق".
(2)
قال ابن رسلان: أي عبد الغني بن رفاعة، وهو الأوجه عندي، فإنه لم يذكر الحافظُ أحمدَ بنَ أبي عقيل في "التقريب"، ولا الذهبي في "الكاشف"، ولا الخزرجي في "الخلاصة"، نعم ذكروا عبد الغني بن رفاعة بن أبي عقيل. (ش).
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (1)، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَسَّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ - إِنْ كَانَ لَهَا -، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، وَلَمْ يَلْغُ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا، وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا» . [خزيمة 1810]
348 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ،
===
(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه) هو شعيب بن محمد، (عن عبد الله (2) ابن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اغتسل يوم الجمعة) أي لصلاة الجمعة، (ومس من طيب امرأته) لأنهن كن يستعملن الطيب (إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه) أي أنظفها، (ثم لم يتخط) أي لم يتجاوز عاليًا قدمه على (رقاب الناس، ولم يلغ) أي لم يرتكب اللغو من القول والفعل (عند الموعظة) أي موعظة الإِمام الناس وهي الخطبة، (كانت) تلك الخصال مع صلاة الجمعة، أو الصلاة إذا صلى بعد هذه الخصال (كفارة لما بينهما) أي بين الجمعتين.
(ومن لغا) أي بالقول أو الفعل (وتخطى) أي على (رقاب الناس) متجاوزًا (كانت) أي صلاة الجمعة (له ظهرًا) أي ثواب صلاة الظهر، ولا يحصل له فضل صلاة الجمعة، ولا يترتب عليها من أجر صيام السنة وقيامها، ولا تكون كفارة لما بين الجمعتين.
348 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن بشر،
(1) وفي نسخة: "العاصي".
(2)
فيه تصريح يكون المراد بالجد عبد الله، "ابن رسلان". (ش).
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَنَزِىِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ: "أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ
===
نا زكريا) بن أبي زائدة، (نا مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب العنزي، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة أنها حدثته: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل) قال في "الحاشية": قال السندي: أي يأمر بالغسل من أربع، لأن غسل الميت لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم لذاته الشريف، انتهى.
وقال الخطابي (1): قد يجمع اللفظ قرائن الألفاظ والأشياء المختلفة الأحكام والمعاني ترتبها وتنزلها منازلها، فأما الاغتسال من الجنابة فواجب بالاتفاق، وأما الاغتسال للجمعة، فقد قام دليل على أنه كان يفعله، ويأمر به استحبابًا، ومعقول أن الاغتسال من الحجامة (2) إنما هو لإماطة الأذى، ولما لا يؤمن من أن يكون قد أصاب المحتجم رشاش من الدم، فالاغتسال منه استظهار بالطهارة واستحباب للنظافة.
وأما الاغتسال من غسل الميت فقد اتفق أكثر العلماء على أنه غير واجب، وقال أحمد (3): لا يثبت في الاغتسال من غسل الميت حديث، ويشبه أن يكون من رأى الاغتسال منه إنما رأى ذلك لما لا يؤمن أن يصيب الغاسل من رشاش المغسول نَضْح، وربما كانت على بدن الميت نجاسة، فأما إذا علمت سلامته منها فلا يجب الاغتسال منه.
(1)"معالم السنن"(1/ 161).
(2)
بسط فيه ابن رسلان الكلام والاختلاف في أصحابه هل يستحب الغسل للحجامة أم لا؟ وقد صرح باستحبابه جماعة سردها، وأنكره معظم أصحابنا. (ش).
(3)
قال الشافعي في "البويطي": واجب إن صح الحديث، ونقل بعضهم للحديث مئة وعشرين طريقًا. "ابن رسلان". (ش).
مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَمِنَ الْحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ". [حم 6/ 152، ق 1/ 300، قط 1/ 113، خزيمة 256، ك 1/ 163]
349 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِىُّ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مَكْحُولًا عَنْ هَذَا الْقَوْلِ: غَسَلَ وَاغْتَسَلَ؟ قَالَ (1): غَسَلَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ جَسَدَهُ.
===
وقال أبو داود (2): وحديث مصعب بن شيبة ضعيف، قلت: وهذا القول من أبي داود لعله في غير "السنن"، ولعله لضعف مصعب بن شيبة، وقد وثَّقه يحيى بن معين والعجلي، وضعفه آخرون.
(من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت) ولا تنحصر غسلاته في هذه الأربع، بل كان يغتسل للإحرام، ودخول مكة وغيرهما.
349 -
(حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، نا مروان) بن محمد، (نا علي بن حوشب) بفتح أوله وسكون الواو وفتح المعجمة، الفزاري، ويقال: السلمي، أبو سليمان الدمشقي، قال أبو زرعة: قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم: ما تقول في علي بن حوشب؟ قال: لا بأس به، قلت: ولم لا تقول ثقة، ولا نعلم إلَّا خيرًا؟ قال: قد قلت لك: إنه ثقة، وقال يعقوب بن سفيان عن دحيم: شيخ فزاري يجالس سعيد بن عبد العزيز، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثَّقه العجلي.
(قال: سألت مكحولًا عن هذا القول: غسل واغتسل؟ ) أي: ما معناه؟ (قال: ) معناه (غسل رأسه وغسل جسده).
(1) وفي نسخة: "فقال".
(2)
قلت: سيعيده المصنف في الجنائز، وقال فيه: حديث مصعب فيه خصال ليس العمل به، ولعله هو المراد بالتضعيف. (ش).
350 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِى (1) «غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ» قَالَ: قَالَ سَعِيدٌ: "غَسَلَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ جَسَدَهُ".
351 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَىٍّ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
===
350 -
(حدثنا محمد بن الوليد) بن هبيرة الهاشمي أبو هبيرة (الدمشقي) القلانسي، نسبة إلى القلانس جمع قلنسوة، وعملها، قال ابن أبي حاتم: صدوق، وقال مسلمة: لا بأس به، أحاديثه مستقيمة، مات سنة 280 هـ.
(نا أبو مسهر) عبد الأعلى، (عن سعيد بن عبد العزيز) بن أبي يحيى التنوخي، أبو محمد، ويقال: أبو عبد العزيز الدمشقي، قال ابن معين وأبو حاتم والعجلي: ثقة، وقال النسائي: ثقة ثبت، وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله، وقال: أبو مسهر كان قد اختلط قبل موته، وقال الآجري عن أبي داود: تغير قبل موته، وكذا قال حمزة الكناني، وقال الدوري عن ابن معين: اختلط قبل موته، وكان يعرض عليه فيقول: لا أجيزها لا أجيزها، مات سنة 167 هـ.
(في غسل واغتسل) أي في معنى قوله: غسل واغتسل (قال) أي أبو مسهر في معناه (قال سعيد) أي ابن عبد العزيز: (غسل رأسه وغسل جسده) مثل قول مكحول، وهكذا حكى الترمذي عن ابن المبارك، وقال وكيع: اغتسل هو وغسل امرأته.
351 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك) الإِمام، (عن سمي) مولى أبي بكر، (عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(1) وفي نسخة: "في قوله".
"مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ
===
من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة) بالنصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي غسلا كغسل الجنابة، كقوله تعالى:{وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} (1)، وظاهره أن التشبيه في الكيفية (2)، وقيل: فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة.
(ثم راح) قال النووي (3): والمراد بالرواح الذهاب أول النهار، وفي المسألة خلاف مشهور، فمذهب مالك وكثير من أصحابه والقاضي حسين وإمام الحرمين من أصحابنا أن المراد بالساعات ههنا لحظات لطيفة بعد زوال الشمس، والرواح عندهم بعد الزوال، وادعوا أن هذا معناه في اللغة، ومذهب الشافعي وجماهير العلماء استحباب التبكير إليها أول النهار، والساعات عندهم من أول النهار، والرواح يكون أول النهار وآخره، قال الأزهري: لغة العرب الرواح الذهاب، سواء كان أول الليل أو آخره أو في الليل، وهذا هو الصواب الذي يقتضيه الحديث.
(فكأنما قرب) أي تصدق وتقرب بها (بدنة) والمراد بالبدنة (4) البعير ذكرًا كان أو أنثى، والتاء فيها للوحدة، سمي بذلك لأنهم كانوا يسمنونها.
(ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح
(1) سورة النمل: الآية 88.
(2)
وقال ابن رسلان: فيه حجة لأصحابنا من اغتسل للجنابة سقطت عنه الجنابة وحصل له الفضل لغسل الجمعة. (ش).
(3)
"شرح صحيح مسلم"(3/ 399).
(4)
واستدل به على خلاف الحنفية في قولهم: إن البدنة تشمل البقرة أيضًا. (ش).
فِى السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». [خ 881، م 850، ن 1385، ت 499، جه 1092، ق 3/ 226]
===
في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا أقرن) وصفه بالأقرن، لأنه أحسن وأكمل صورة، ولأن قرنه ينتفع به، قاله النووي.
(ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة) بالفتح ويجوز الكسر، وحكى الليث الضم أيضًا، واستشكل التعبير في الدجاجة والبيضة بقوله في رواية الزهري: كالذي يهدي (1) ، لأن الهدي لا يكون منهما، فالمراد بالهدي هاهنا التصدق، كما دلَّ عليه لفظ التقريب.
(ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما (2) قرب بيضة، فإذا خرج الإمام) استنبط منه الماوردي أن التبكير لا يستحب للإمام (حضرت الملائكة)(3) أي عند المنبر (يستمعون الذكر) والمراد به ما في الخطبة من المواعظ وغيرها (4).
(1) استدل بذلك ابن قدامة أن من نذر هدي البيضة وغيرها يصح
…
إلخ. (ش). [انظر: "المغني" (5/ 452)].
(2)
يشكل عليه أن الساعات من الطلوع إلى الزوال ست لا خمس، وخروج الإِمام يكون في السابعة، كذا في "ابن رسلان" باسطًا، فأرجع إليه، قال ابن العربي (2/ 281): في الحديث: ست مسائل. (ش).
(3)
الظاهر أنهم غير الحفظة "ابن رسلان". (ش).
(4)
وفي بعض روايات النسائي زيادة: البطة والعصفور، وتكلَّم عليها [انظر رقم الحديث:(1385، 1387)]. (ش).