الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(102) بابٌ: فِى الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِىِّ
256 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِى سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِىِّ وَهُوَ جُنُبٌ، يَجْتَزِئُ بِذَلِكَ، وَلَا يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ". [ق 1/ 182]
===
(102)
(بَابٌ: في الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ)(1)
قال في "القاموس": والخِطْمِيُّ ويفتح: نبات، أي هل يجزئ ذلك أم يلزم عليه أن يغسله مرة أخرى؟
256 -
(حدثنا محمد بن جعفر بن زياد) بن أبي هاشم الوركاني بالواو المفتوحة والراء، كان جار أحمد بن حنبل، وكان يكتب عنه ويرضاه ويوثقه، ووثَّقه ابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 228 هـ.
(نا شريك) بن عبد الله، (عن قيس بن وهب) الهمداني الكوفي، قال أحمد ويعقوب بن سفيان وابن معين والعجلي: ثقة، (عن رجل من بني سواءة بن عامر)، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب": لم أقف على تسميته، وقال في "التقريب": مجهول.
(عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يغسل رأسه بالخطمي) أي بالماء الذي خلط بالخطمي (وهو جنب) أي في حالة الجنابة (يجتزئ) أي يكتفي (بذلك) أي بغسل رأسه بالخطمي أولًا (ولا يصب عليه) أي على رأسه (الماء) ثانيًا عند الغسل.
(1) أوله ابن رسلان بأنه يحتمل أنه يضع الخطمي أولًا، ثم يصب الماء ويغسل بالماء أولاً ليزول الجنابة، انتهى. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث دليل (1) على أن الماء إذا خالطه شيء طاهر يقصد منه زيادة النظافة، سواء كان يطبخ به أو يخالط كماء الأشنان والصابون، يجوز به إزالة الحدث وان تغير لون الماء أو طعمه أو ريحه؛ لأن اسم الماء باقٍ وازداد معناه وهو التطهير، والحديث وإن كان ضعيفًا، ولكنه يؤيده ما جرت به السنة في غسل الميت بالماء المغلي بالسدر والحُرُض، نعم إذا زال الرقة وصار غليظًا كالسويق المخلوط فلا يجوز الوضوء به، لأنه حينئذ يزول عنه اسم الماء ومعناه أيضًا.
قال الحلبي في "شرح المنية"(2): والماء الذي يختلط به الأشنان أو الصابون أو الزعفران بشرط أن تكون الغلبة للماء من حيث الأجزاء إذا لم يَزُل عنه اسم الماء بحيث لو رآه الرائي يطلق عليه اسم الماء، وأن يكون رقيقًا بعد، فحكمه حكم الماء المطلق يجوز الوضوء به، وإلَّا فلا، ولا عبرة بزوال اللون ولا الطعم ولا الريح، وفيه خلاف الأئمة
(1) قال في "المغني"(1/ 21): اختلف أهل العلم فيه، واختلفت الرواية عن إمامنا، فقيل: لا يحصل الطهارة، وبه قال الشافعي ومالك وإسحاق، وهي المنصورة عند أصحابنا، وقيل: يجوز وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، انتهى، وقال: ولا نعلم خلافًا بينهم في جواز الوضوء به إذا خالطه طاهر لم يغيره إلَّا ما حكي عن أم هانئ
…
إلخ، وقال صاحب "المنهل" (3/ 33): احتج به الحنفية ولا حجة، فيه رجل مجهول، والحديث مضطرب، فقد رواه أحمد بخلاف ذلك
…
إلخ، انتهى، لكنه مؤيد برواية ابن مسعود عند ابن أبي شيبة، كما في "الفتح".
قلت: ويستدل عليه أيضًا بما سيأتي في "باب ما جاء في وقت النفساء" من خلط الملح وخلط السدر، وكذا في "باب الرجل يسلم فيؤمر بالغسل"، وكذا في "باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها"، وكذا في "غسل الميت"، كل ذلك بماءٍ وسدرٍ، وكذا ثبت غسله بماءٍ فيه أثر العجين عد النسائي. (ش).
(2)
(ص 90).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الثلاثة فيما إذا كان المخالط بما يستغني عنه الماء بخلاف ماء المد، فإن التراب الذي يجري عليه الماء غير مستغني عنه، وأما الأشنان ونحوه فيستغني عنه، فلا يبقى الماء مطلقًا عند مخالطته حيث يقال: ماء الأشنان، وماء الصابون ونحو ذلك، ونحن نقول: إن هذه الإضافة لتعريف المجاور لا لتعريف الذات فلا تفيد التقييد كالبئر ونحوه، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذي وقصته ناقته بماء وسدر، انتهى ملخصًا.
قلت: قول الحافظ: أخرج ابن أبي شيبة وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه إنه كان يغسل رأسه بخطمي، ويكتفي بذلك في غسل الجنابة، يقوي ما ذكرناه، وما أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من أهل الحديث من حديث أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم توفيت ابنته، فقال:"اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا"، الحديث.
قال الحافظ (1): وظاهره أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل، وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف لا للتطهير، لأن الماء المضاف لا يتطهر به، انتهى، وقد يمنع لزوم كون الماء يصير مضافًا بذلك لاحتمال أن لا يغير السدر وصف الماء بأن يمعك بالسدر، ثم يغسل بالماء في كل مرة، فإن لفظ الخبر لا يأبى ذلك، انتهى ما قاله الحافظ.
(1)"فتح الباري"(3/ 126).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: أما قوله: إن غسل الميت للتنظيف لا للتطهير فهذا قول الشافعي وغيره، وأما عامة مشايخنا قالوا: إن بالموت يتنجس الميت لما فيه من الدم المسفوح، كما يتنجس سائر الحيوانات التي لها دم سائل بالموت، ولهذا لو وقع في البئر يوجب تنجسه إلَّا أنه إذا غسل يحكم بطهارته كرامة له، فكانت الكرامة عندهم في الحكم بالطهارة عند وجود السبب المطهر في الجملة وهو الغسل، لا في المنع من حلول النجاسة، كما قال محمد بن شجاع البلخي: إن الآدمي لا يتنجس بالموت بتشرب الدم المسفوح في أجزائه كرامة له، لأنه لو تنجس لما حكم بطهارته بالغسل كسائر الحيوانات التي حكم بنجاستها بالموت، وقول العامة أظهر، لأن فيه عملًا بالدليلين: إثبات النجاسة عند وجود سبب النجاسة، والحكم بالطهارة عند وجود ما له أثر في التطهير في الجملة، ولا شك أن هذا في الجملة أقرب إلى القياس من منع ثبوت الحكم أصلًا مع وجود السبب، كذا قال في "البدائع"(1).
والجواب عن قوله عليه السلام: "المؤمن لا يتنجس" أي بالحدث الذي دل عليه سياق الحديث، وهو جنابة أبي هريرة أي لا يصير نجسًا بالجنابة، أو لا يصير نجسًا كالنجاسات الحقيقية التي ينبغي إبعادها عن المحترم كالنبي عليه السلام، وإلَّا فالإجماع على أنه يتنجس بالنجاسة الحقيقية إذا أصابته.
(1)(2/ 24).