الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(98) بابٌ: فِى مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِى يُجْزِئُ فِى الْغُسْل
(1)
238 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ - هُوَ الْفَرَقُ - مِنَ الْجَنَابَةِ".
[خ 250، م 319،
ن 228، ط 1/ 44/ 68]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ فِى هَذَا الْحَدِيثِ: قَالَتْ: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِيهِ قَدْرُ الْفَرَقِ".
===
(98)
(بَابٌ: في مِقْدَارِ الْمَاء الَّذِي يُجْزِئُ بِهِ الغُسْلُ)
يجزئ بهمز اللام، أي يكفي به الغسل أي في الغسل
238 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك) بن أنس، (عن ابن شهاب، عن عروة) بن الزبير، (عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل (2) من إناء - هو الفرق - من الجنابة).
قال في "المجمع"(3): الفرق بالحركة: مكيال يسع ستة عشر رطلًا، وهو اثنا عشر مدًا وثلاثة آصع في الحجاز، انتهى ملخصًا.
(قال أبو داود: قال معمر (4) عن الزهري في هذا الحديث: قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد فيه قدر الفرق) أي فيه
(1) وفي نسخة: "يجزئه من الغسل".
(2)
تقدم عن الباجي أن الأحاديث تحتمل بيان مقدار الماء وبيان الإناء للوضوء والغسل. (ش).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 128).
(4)
قلت: رواية معمر أخرجها عبد الرزاق (1/ 267) رقم (1027)، ومن طريقه أحمد (6/ 127)، والنسائي (230)، والبيهقي (1/ 194)، وابن عبد البر (1/ 101).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ نَحْوَ (1) حَدِيثِ مَالِكٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: الْفَرَقُ: سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلاً، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَاعُ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ. قَالَ: فَمَنْ (2) قَالَ: ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْفُوظٍ،
===
الماء بقدر الفرق، غرض أبي داود بيان الاختلاف في رواية الزهري بين تلميذيه، ففي رواية مالك ذكر اغتسال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده من الفرق، وفي رواية معمر ذكر اغتساله مع عائشة من الفرق، وليس في الروايتين في الحقيقة اختلاف، لأنه ليس في رواية مالك نفي اغتسال عائشة معه صلى الله عليه وسلم، ولو كان المراد اغتساله وحده صلى الله عليه وسلم فيحمل على اختلاف الأحوال.
(قال أبو داود: وروى ابن عيينة (3) نحو حديث مالك) والغرض منه تقوية رواية مالك وترجيحه على رواية معمر.
(قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفرق ستة عشر رطلًا، وسمعته) أي أحمد (يقول: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث، قال) أبو داود: فقلت لأحمد: (فمن قال: ثمانية أرطال) فقوله صحيح أم لا؟ (قال) أي أحمد: (ليس ذلك بمحفوظ)(4).
(1) وفي نسخة: "مثل".
(2)
وفي نسخة: "ومن".
(3)
رواية سفيان بن عيينة أخرجها ابن أبي شيبة (1/ 35)، والحميدي (1/ 86) رقم (159)، وأحمد (6/ 37)، ومسلم (319)، وابن الجارود (1/ 60) رقم (57)، وابن عبد البر (8/ 100).
(4)
لمخالفته صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عرفت أن من قال به إنما قال لورود الرواية في تفسير المد برطلين، فأخذ بالاحتياط ليكون فراغ الذمة يقينًا "التقرير". (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ولعل ابن أبي ذئب هذا هو محمد بن عبد الرحمن (1) بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، أبو الحارث المدني، أستاذ أحمد بن حنبل، فنسب الصاع إليه، لأنه شيخه وأستاذه.
قال الجوهري: الصاع هو الذي يكال به، وهو أربعة أمداد، قال ابن سيده: الصاع مكيال لأهل المدينة يأخذ أربعة أمداد، قال ابن الأثير: الصاع مكيال يسع أربعة أمداد، والمد مختلف.
واختلف فقهاء البلاد في تقديره، فقال فقهاء الحجاز: الصاع خمسة أرطال وثلث. ويقال: رجع إليه أبو يوسف، قال الحافظ (2): وتوسط بعض الشافعية فقال: الصاع الذي لماء الغسل ثمانية أرطال، والذي لزكاة الفطر وغيرها خمسة أرطال وثلث، وهو ضعيف.
وقال فقهاء العراق: هو ثمانية أرطال، وكذلك وقع الاختلاف في المد، فقال الشافعي وفقهاء الحجاز: المد رطل وثلث بالعراقي، وقال أبو حنيفة وفقهاء العراق: هو رطلان.
واحتج الفريق الأول بما رواه الشيخان في الفدية، وفيها:"وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع"، وفي رواية لهما: فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقًا بين ستة، والفرق اثنا عشر مدًا، والمد ربع الصاع، أو يقال: إن الفرق ستة عشر رطلًا، فثبت بذلك أن الفرق ثلاثة آصع، وأن الصاع خمسة أرطال وثلث.
والجواب عن هذا الاستدلال أن استدلالهم بهذا، إما عن قول
(1) وبه جزم ابن رسلان. (ش).
(2)
"فتح الباري"(1/ 364).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن غيره، فأما إن كان من قوله صلى الله عليه وسلم فلم يثبت بقوله صلى الله عليه وسلم أن الفرق اثنا عشر مدًا أو ستة عشر رطلًا، وأما قول بعض أهل اللغة فليس بحجة على أئمة الأحناف، لأنهم قدوة في اللغة أيضًا.
وأيضًا الجملة الواقعة في الحديث: "أن يطعم فرقًا بين ستة" لا نسلم أن يكون من لفظه صلى الله عليه وسلم، بل يمكن أن يكون لفظه صلى الله عليه وسلم:"لكل مسكين نصف صاع"، رواه الراوي بالمعنى بما تقرر عنده من مساواة الفرق بثلاثة آصع، فقال:"فأمره أن يطعم فرقًا بين ستة"، وسياق لفظ الحديث ظاهر فيما قلنا، فلما وقع ذلك الاحتمال بطل استدلالهم به.
وأيضًا احتجوا بما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشي من قصة قدوم أبي يوسف من الحج، وفحصه عن الصالح لما قدم المدينة، وسأل عن الصاع فأتاه نحو خمسين شيخًا من أبناء المهاجرين مع كل منهم صاعه، وهو يخبر عن أبيه أو عن عمه أو أمه أن هذا صاع رسول الله فعيَّره أبو يوسف فإذا هو خمسة أرطال وثلث، فترك قول أبي حنيفة، وروى أن مالكًا ناظره، واستدل عليه بالصيعان التي جاء بها هؤلاء الرهط، فرجع أبو يوسف إلى قوله.
والجواب عنه: أن هذا نقل عن المجهولين لا يستدل به، ولا يصح الاستدلال بمثل هذا على قاعدة المحدثين.
وأيضًا احتج الطحاوي (1) لهذا الفريق بما أخرجه بسنده عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وهو الفرق"، وفي رواية:"من إناء واحد من قدح يقال له: الفرق".
(1) انظر: "شرح معاني الآثار"(2/ 48).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الطحاوي: قالوا: فلما ثبت بهذا الحديث الذي روي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وهي من الفرق، والفرق ثلاثة آصع كان ما يغتسل به كل واحد منهما صاعًا ونصفًا، فإذا كان ذلك ثمانية أرطال كان الصاع ثلثيها وهو خمسة أرطال وثلث رطل، وهذا قول أهل المدينة.
ثم أجاب الطحاوي عن هذا الاستدلال بأن حديث عروة عن عائشة إنما فيه ذكر الفرق الذي كان يغتسل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي لم تذكر مقدار الماء الذي يكون فيه هل هو ملؤه أو أقل من ذلك؟ فقد يجوز أن يكون يغتسل هو وهي بملئه، ويجوز أن يكون كان يغتسل هو وهي بأقل من ملئه مما هو صاعان، فيكون كل واحد منهما مغتسلًا لصاع من ماء، ويكون معنى هذا الحديث موافقًا لمعنى الأحاديث التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل بصاع.
واحتج الفريق الثاني أولًا بما أخرجه الطحاوي بسند صحيح عن موسى الجهني عن مجاهد قال: دخلنا على عائشة فاستسقى بعضنا فأتي بِعُسّ، قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بمثل هذا، قال مجاهد: فحزرته فيما أحزر ثمانية أرطال، تسعة أرطال، عشرة أرطال، وقالوا: لم يشك مجاهد في الثمانية، وإنما شك فيما فوقها، فثبت الثمانية بهذا الحديث، وانتفى ما فوقها.
وأجيب عن هذا الاستدلال بوجوه:
الأول: أن الحزر لا يعارض به التحديد، قلت في الجواب عنه: وأين التحديد حتى لا يعارض به؟
والثاني: لم يصرح مجاهد بأن الإناء المذكور كان صاعًا، فيحمل على اختلاف الأواني مع تقاربها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: لما ثبت في أحاديث كثيرة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع، ثم أخرجت عائشة بإناء وقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بمثل هذا، وحزره مجاهد بثمانية أرطال يقينًا وبتسعة وعشرة شكًا، فألغينا المشكوك، علمنا بهذا أن الصاع يكون ثمانية أرطال، ولم يبق فيه ريب حتى يحتاج إلى أن يصرح بها مجاهد بأن الإناء المذكور كان صاعًا.
والثالث: أن مجاهدًا قد شك في هذا الحزر والتقدير، فكيف يعارض التحديد المصرح؟ وقلت: وهذا أيضًا فاسد فإن مجاهدًا لم يشك في كونه ثمانية أرطال، وإنما شك فيما فوقها فألغوها، وأما دعوى التحديد المصرح فدعوى محض لا دليل عليه إلَّا لسان القائل.
وثانيًا: بما أخرجه الدارقطني (1) بسنده عن أنس بن مالك: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ برطلين، ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال"، لكن ضعفه الدارقطني وقال: تفرد به موسى بن نصر وهو ضعيف الحديث، قلت: لكن قال الحافظ في "لسان الميزان"(2): ذكره ابن حبان في الطبقة الرابعة من "الثقات"، والجملة الأولى أخرجها الطحاوي بسنده عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبير عن أنس بن مالك قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ برطلين ويغتسل بالصاع"، وفي رواية له:"يتوضأ بالمد وهو رطلان"، قال الطحاوي: فهذا أنس قد أخبر أن مد رسول الله صلى الله عليه وسلم رطلان، والصاع أربعة أمداد، فإذا ثبت أن المد رطلان ثبت أن الصاع ثمانية أرطال.
وثالثًا: بما أخرج الطحاوي (3) فقال: حدثنا ابن أبي عمران قال:
(1)"سنن الدارقطني"(1/ 94).
(2)
رقم (460).
(3)
"شرح معاني الآثار"(2/ 51).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أنا علي بن صالح وبشر بن الوليد جميعًا عن أبي يوسف قال: قدمت المدينة فأخرج إلى من أثق به صاعًا، فقال: هذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم، فقدرته فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل، وسمعت ابن أبي عمران يقول: يقال: إن الذي أخرج هذا لأبي يوسف هو مالك بن أنس، وسمعت أبا حازم يذكر أن مالكًا سئل عن ذلك فقال: هو تحري عبد الملك لصاع عمر بن الخطاب، فكأنّ مالكًا لما ثبت عنده أن عبد الملك تحرى ذلك من صاع عمر، وصاع عمر صاع النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قدر صاع عمَر على خلاف ذلك، فحدثنا أحمد بن داود قال: ثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا وكيع، عن علي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن موسى بن طلحة قال: الحجاجي صاع عمر بن الخطاب.
حدثنا أحمد قال: ثنا يعقوب قال: ثنا وكيع، عن أبيه، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: عيرنا صاع عمر فوجدناه حجاجيًا، والحجاجي عندهم ثمانية أرطال بالبغدادي.
حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا سفيان بن بشر الكوفي قال: ثنا شريك، عن مغيرة وعبيدة، عن إبراهيم قال: وضع الحجاج قفيزه على صاع عمر، فهذا أولى بما ذكر مالك من تحري عبد الملك، لأن التحري ليس معه حقيقة، وما ذكره إبراهيم، وموسى بن طلحة من العيار معه حقيقة، فهذا أولى، انتهى.
قلت: وكان قد فقد صاع عمر فأخرجه الحجاج، وكان يمن على أهل العراق يقول في خطبته: يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق، ألم أخرج لكم صاع عمر، ولذلك سمي حجاجيًا، وهو صاع العراق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال ابن الهمام في "فتح القدير"(1): وأما كون صاع عمر كذلك فأخرج ابن أبي شيبة: ثنا يحيى بن آدم قال: سمعت حسن بن صالح يقول: صاع عمر ثمانية أرطال، وقال شريك: أكثر من سبعة وأقل من ثمانية.
قال ابن الهمام: وقيل: لا خلاف بينهم، فإن أبا يوسف لما حزره وجد خمسة وثلثًا برطل أهل المدينة، وهو أكبر من رطل أهل بغداد، لأنه ثلاثون أستارًا، والبغدادي عشرون، وإذا قابلت ثمانية بالبغدادي بخمسة وثلث بالمدني وجدتهما سواء وهو أشبه، لأن محمدًا لم يذكر في المسألة خلاف أبي يوسف ولو كان لذكره على المعتاد، وهو أعرف بمذهبه.
وحينئذ فالأصل كون الصاع الذي كان في زمن عمر هو الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاستصحاب إلى أن يثبت خلافه ولم يثبت، وعند ذلك تكون تلك الزيادة التي فيما تقدم من رواية الدارقطني وهي لفظ ثمانية أرطال ورطلان صحيحة اجتهادًا، وإن كان في الرواة الذين في طريقها ضعف، إذ ليس يلزم من ضعف الراوي سوى ضعفها ظاهرًا لا الانتفاء في نفس الأمر، إذ ليس كلما يرويه الضعيف خطأ، وهذا لتأيدها بما ذكر من الحكم الاجتهادي يكون صاع عمر هو صاع النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا ولا يخفى ما في واقعة أبي يوسف مع مالك لكون النقل عن المجهولين من النظر، بل عدم ذكر محمد خلافه أقوى منها، فيكون ذلك دليل ضعف وقوع أجل الواقعة لأبي يوسف، ولو كان راويها ثقة، لأن وقوع ذلك منه لعامة الناس ومشافهته إياهم به بما يوهم شهرة رجوعه، ولو كان كذا لم يخف على محمد فهو علة باطنة.
(1)(2/ 231).
قال: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: مَنْ أَعْطَى فِى صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِرَطْلِنَا هَذَا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا فَقَدْ أَوْفَى، قِيلَ له: الصَّيْحَانِىُّ ثَقِيلٌ؟ قَالَ:
===
ثم اعلم أن ما أورده صاحب "عون المعبود"(1) في هذا البحث من الطعن علي الإِمام الطحاوي لا نلوث قلمنا بذكره ولا برده، فالله حسيبه وهو مجاز عليه.
(قال) أي أبو داود: (وسمعت أحمد يقول: من أعطى في صدقة الفطر برطلنا هذا) أي بالبغدادي (خمسة أرطال وثلثًا فقد أوفى) أي فقد أدى صدقة الفطر بالوفاء كاملًا، حاصل ذلك القول أنه لما ساوى عنده الصاع خمسة أرطال وثلثًا، فمن شاء أدى صدقته بمكيل صاع، ومن شاء أدى بوزن خمسة أرطال وثلث رطل، فإنهما مستويان.
(قيل له) أي اعترض عليه: (الصيحاني (2) ثقيل؟ )، فإذا أدى منه خمسة أرطال وثلثًا هل يكون مؤديًا للواجب وموفيًا له؟
(قال) أي الإِمام أحمد (3) في جوابه، ولم يتأمل في الاعتراض حق
(1)(1/ 406).
(2)
وفي "لسان الميزان"(1/ 317) رقم (957): في حديث حكم عليه بالبطلان أنه سُمِّي به؛ لأنها صاحت بنخلة أخرى هذا النبي المصطفى وعلي المرتضى، فقال عليه الصلاة والسلام:"إنما سمي نخل المدينة صيحانيًا لأنه صاح بفضلي وفضلك"، وقال ابن رسلان: وكان كبش اسمه صيحان شُدَّ بنخلة فنسب إليه. (ش).
(3)
وهذا غير ما في "التقرير" إذ قال: يعني من أداها وزنًا ولم يؤد بالكيل فقد أدى ما وجب، فقيل له: إن الصيحاني أثقل من غيره فيكون المساوي منه وزنًا أقل كيلًا لثقله، فهل تتأدى فطرته، وهل طاب فعله ذلك؟ وقائل قال: هو الذي كان القائل في قيل، فقال أحمد: لا أدري هل تتأدى أم لا؟ وعندنا لا تتأدى حتى يستوفي مقدار الصاع، انتهى. وما في "البذل" أوضح وأوجه، قال ابن رسلان: يشبه أن يكون المعنى لا أدري أيهما أثقل، انتهى، ولم يشرح الكلام أكثر من هذا. (ش).