الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطائف:
وهي ثالث مدينة مهمة في الحجاز، وكانت تسمى "وج" نسبةً إلى أحد رؤسائها من العمالقة كما يروى، ويزعم الرواة أنه أخو أجأ الذي سمي به جبل طيء. و"وج" هو واديها الذي يقول فيه الشاعر:
سقيًا لوج وجنوب وج
…
واحتله غيث دراك الثج1
وتقع الطائف في مرتفع من الأرض على بعد 100كم تقريبًا "12 فرسخًا كما يقول ياقوت الحموي" إلى الجنوب الشرقي من مكة. وتتمتع بمناخ بارد شتاء، ربما تجمد المياه فيها خلاله، ومعتدل صيفًا مما جعلها مصيفًا لأهل مكة ولغيرهم من العرب، لا سيما وأنها واحة غنية بمياهها العذبة وتربتها الخصبة، وببساتينها وحدائقها التي تفيض بالفواكه والثمار.
يقول ياقوت الحموي: "الطائف ذات مزارع ونخل وأعناب وموز وسائر الفواكه، وبها مياه جارية وأودية تنصب منها إلى تبالة، وجل أهل الطائف من ثقيف وحمير وقوم من قريش، وهي على ظهر جبل غزوان، وبغزوان قبائل هذيل"2. كما يقول: إن بيوتها لاطئة حرجة، وفي أكنافها كروم على جانب ذلك الجبل، فيها من العنب العذب ما لا يوجد مثله في بلد من البلدان، وأما زبيبها فيضرب به المثل، وفواكه أهل مكة منها، وكان للطائف عدا ذلك موقع تجاري ممتاز بوقوعها بالقرب من الأسواق التجارية الحجازية لا سيما سوق عكاظ. وكانت صلاتها متينة بأهل مكة الذين كان لهم فيها عقارات وأراضٍ زراعية، كما كان أثرياؤهم يوظفون أموالهم في تجارة أهلها.
وقد نالت الطائف من الغنى والازدهار؛ نتيجة اشتغال أهلها بالزراعة والتجارة، ما جعلها تضاهي مكة أهميةً حتى كان يقال لهما "المكتان" أو "القريتان". وفي القرآن الكريم إشارة إلى ذلك في قوله تعالى، منوهًا باستكبار المشركين أن يبعث محمد رسولًا، بينما في مكة والطائف من هم في زعمهم أكبر حظا منه: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى
1 الألوسي: 1/ 91، والثج: الصب الكثير.
2 ياقوت الحموي: مادة الطائف.
رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم} 1، ويقصدون بالرجل العظيم أحد اثنين: الوليد بن المغيرة من مكة، أو عروة بن مسعود الثقفي من الطائف.
وقد سكنت الطائف قبيلة ثقيف، التي أثرت من الزراعة والتجارة إثراءً عظيمًا، وخشيت على ثروتها من غزو الطامعين من الأعراب الذين يقيمون حولها، ويهددون بغزوها بين حين وآخر، فبنت -كما تقول الرواية- سورًا "طائفًا" حول المدينة يحميها من جميع جهاتها فسميت "الطائف". ولياقوت الحموي رواية أخرى عن هذه التسمية تقول: إن تاجرا كبيرا من حضرموت يقال له الدّمّون أتى أهلها ومعه مال كثير، فقال لهم:"أحالفكم لتزوجوني وأزوجكم، وأبني لكم طوفًا عليكم، مثل الحائط لا يصل إليكم أحد من العرب"2.
1 سورة الزخرف: 31.
2 ياقوت الحموي: معجم البلدان، مادة الطائف.
يقول أبو طالب بن عبد المطلب:
منعنا أرضنا من كل حي
…
كما امتنعت بطائفها ثقيف
أتاهم معشر كي يسلبوهم
…
فحالت دون ذلكم السيوف