الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدولة السبئية
سبق وذكرت أن دولة سبأ ورثت دولة معين، وكان ذلك حوالي 630 ق. م. غير أن السبئيين كانوا قبل ذلك يشكلون دولة مستقلة إلى جانب دولة معين، بدأت تخمينًا من عام 950 ق. م. ومعنى ذلك أن أوائل حكامهم كانوا يعاصرون العهد الأخير من ملوك المعينيين. ولنلاحظ أن المعلومات عن دولة سبأ وافره نوعًا ما قياسًا لما هو معروف عن الدول التي سبقتها؛ لأن النقوش العائدة للعهد السبئي قد توفرت للعلماء أكثر من غيرها1.
ويستدل من نقوش آشورية عثر عليها في بلاد الرافدين عن عهد "تغلات فلاسر" الثالث "745- 727 ق. م" ومن عهد "سرجون" الثاني "721 - 705 ق. م" وغيرهما من ملوك آشور أنهم قد استوفوا الجزية من بعض ملوك السبئيين. وبما أن الآشوريين لم يصلوا في فتوحهم إلى أرض اليمن، فيظهر أن هذه الجزية إنما هي عبارة عن رسوم أو هدايا كان السبئيون يقدمونها إليهم عن تجارتهم2 التي كان يحرصون على إيصالها إلى الشمال ولا سيما بلدة غزة التي كانت مخزنًا لتصريف السلع اليمنية في حوض البحر الأبيض المتوسط3، أو ربما كان المقصود بما ذكر في النقوش قبائل عرفت باسم "سبأ" أو "سبأي" يظن الباحثون أنها كانت قاطنة في الشمال العربي، سيما وأنهم استنتجوا أن أصل السبئيين من الشمال، وهو الرأي المرجح لدى العالم المستشرق "هومل" الذي استند على نقش عثر عليه "غلازر"، فقال: إن أصلهم من القبائل العربية التي كانت تسكن منطقة الجوف "في الشمال" نزحوا لسبب من الأسباب -وقد يكون بضغط من الآشوريين- إلى الجنوب اليمني واستوطنوا فيه، ثم أخذوا في بناء دولتهم وفي التوسع، حتى قضوا على دولة معين، وحلوا محلها، وحكموا البلاد بأجمعها4.
لقد اتفق الباحثون على تقسيم حكم السبئيين إلى دورين:
1 د. جواد علي: 2/ 100.
2 جورجي زيدان: تاريخ العرب قبل الإسلام، ص117.
3 فيليب حتي: تاريخ العرب مطول: 1/ 46.
4 د. جواد علي: 2/ 106، 108، 128.
الأول: يمتد من 950 إلى 630 ق. م، وهو الدور الذي كان حكامهم يلقبون فيه باللقب الديني "مكرب"، وكانت عاصمتهم مدينة "صرواح" الواقعة بين مدينة مأرب وصنعاء، ومكانها اليوم مدينة "خريبة" شرق صنعاء.
الثاني: من 630 إلى 115 ق. م، وهو الدور الذي تغلبوا فيه على معين وورثوها ولقبوا بألقاب "ملوك"، وأصبحت عاصمتهم مدينة "مأرب" التي تقع على بعد 100كم إلى الشرق من صنعاء.
وقد بُدِئَ ببناء سد مأرب في أواخر الدور الأول، وبقي قائمًا حتى أيام الدولة الحميرية التي قامت على أنقاض دولة سبأ منذ 115 ق. م. وقد ظهر من الكتابات المنقوشة على السد أن أوائل بناته من المكربين "سمعهلي ينوف"، ثم ابنه "يتعمر بيين" ثم "كرب آل بيين" ولم تزل الإضافات تترى عليه في عهد الملوك حتى اكتمل حوالي عام 300 م في عهد الحميريين1.
إن وجود هذا السد في بلاد اليمن دليل واضح على أن السبئيين كانوا على جانب كبير من الحضارة ومن التقدم، في فن البناء والهندسة، بالإضافة إلى اهتمامهم بالزراعة. وقد ورد له ذكر في القرآن الكريم {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَال} 2. كما شاهد الهمداني أنقاضه في القرن الرابع الهجري، ووصفه في كتابه "الإكليل" وصفًا ينطبق على ما وجده المكتشفون الحديثون من أنقاضه. وقد حدثنا عن مشاهداته لمقاسم الماء من مداخر السد قائلًا: "كأن صانعها قد فرغ من عملها بالأمس.... ورأيت أحد الصدفين، وهو الذي يخرج منه الماء، قائمًا بحاله على أوثق ما يكون، وإنما وقع الكسر في العرم، وقد بقي قسم من العرم.."3.
بُني سد مأرب في مضيق بين جبلين يسمى كل منهما باسم "بلق" وفي وادٍ يسمى "وادي أذنة" الذي كانت تندفع فيه السيول نحو الشمال الشرقي، ومكانه يبعد مسيرة ثلاث ساعات عن "مأرب". وقد زار أنقاضه كل من "أرنو وهاليفي وغلازر" ووصفوه بما يتفق مع رواية الهمداني. وهو في مكان يرتفع 3900 قدم فوق سطح البحر، بطول 800 ذراع وعرض 150 ذراعًا، وارتفاع بضعة عشر ذراعًا، مبني بالحجارة الضخمة، ويستند
1، 3 جورجي زيدان: تاريخ العرب قبل الإسلام، ص151-152.
2 سبأ: 15.
عند طرفيه على الجبلين حيث صنعت له فتحتان في الجانبين، تتسرب منهما المياه في أقنية خاصة تتجه نحو الجنتين. وكان للفتحات أبواب صنعت من عوارض الخشب والحديد، تفتح لدى المباشرة بالسقاية1.
ويظهر أنه بدأ يتصدع فيما بعد ويرمم، وآخر ما كان من ذلك عام 539 م في عهد الاحتلال الحبشي، ثم قلت العناية به في أواخر هذا العهد فتهدم.
بالرغم من أن دولة سبأ قد كرست جل عنايتها للزراعة والتجارة والعمران، فإن النصوص التي عثر عليها في أنقاضها، وبخاصة منها ما وقع في يد "غلازر" تشير إلى حروب خاضها مكربوها في أواخر الدور الأول، ضد جيرانهم من الأذواء والأقيال. كان الهدف من هذه الحروب توسيع رقعة الدولة، والقضاء على الإمارات المستقلة المجاورة وصهرها، ولا سيما إسقاط دولة معين وابتلاعها. فهناك مسلة مرمرية، ونص معروف باسم "Glaser 1000" وآخر معروف باسم "نص صرواح" وغيرها عليها نقوش كتابية تشير إلى هذه الحروب. مثال ذلك أن المكرب "يثع أمر بيين" قد انتصر على القتبانيين فقتل الآلاف، وهاجم مملكة معين وضم بعض مقاطعاتها. والمكربان "مهأمرم" و"أمرم" هاجما بعض القبائل التي لم تخضع لسبأ، وجرت معها معركة قرب نجران أسفرت عن قتل عشرات آلاف الأعداء واغتنام عشرات الآلاف من رءوس الماشية، وإحراق وتخريب عدد من المدن في نجران أو حوالي يثيل2.
ويستدل من النقوش أن "كرب آل وتر" كان آخر المكربين وأول الملوك، فمن الرقم ما يحمل اسمه مقرونا بلقب "مكرب"، ومنها ما يقرنه بلقب "ملك" والنقوش -ولا سيما نص "صرواح"- تفصح عن حروبه الكثيرة وانتصاراته المتتالية على جيرانه، وبخاصة معين وأوسان وقتبان التي ذكر أنها كانت حليفة له، ولكن يظهر أنه حاربها أيضا عندما شعر بازدياد قوته وهو يهاجم مملكة "أوسان" -وكانت تقيم في الجنوب الغربي من اليمن، وبلغت من القوة أنها بسطت سيطرتها على منطقة حضرموت وعلى الطرق التجارية المتفرعة عنها- فيحرز انتصارات كثيرة، يقتل ويأسر الآلاف، وينزع المناطق
1 جورجي زيدان: تاريخ العرب قبل الإسلام، ص 158.
2 د. جواد علي: 2/ 182-129، 139.
والأرضين منها ومن معين وقتبان. وقد وصفه الدكتور جواد علي بكونه جسورًا مغامرًا أولع بالفتح والتوسع حتى انتهى به الأمر إلى إسقاط دولة معين، وبسط سلطانة بالحرب على جميع القبائل والمشيخات، فأسس مملكة واحدة تجمع كل ممالك اليمن تحت سيطرته ونفوذه، فاتخذ لنفسه لقب "ملك" مستبدلًا إياه بلقبه السابق "مكرب" وكان ذلك سنة 630 ق. م1.
إن الكتابات التي عثر عليها في خرائب اليمن قد تعرضت لأسماء ملوك سبأ، وقد عرف منهم حتى الآن 20 ملكًا بالإضافة إلى 17 مكربًا، وكان لهم ألقاب تضاف إلى أسمائهم مثل: وتار "العظيم" بيين "الممتاز"، ذرح "الشريف"، ينوف "السامي". إنما لم يستطع العلماء معرفة الكثير من أخبارهم، وأكثر ما وقفوا عليه هو ما يتعلق بعنايتهم بالتجارة والعمران من بناء قصور ومعابد وإضافات لسد مأرب وغير ذلك. ومن المستندات الأثرية ما يدل على عنايتهم بالتنظيم الإداري والمالي، من ذلك قانون وضع في عهد الملك "يدع آل بيين" ابن الملك "كرب آل وتر" يتعلق بقبيلة "سبأ" وسائر القبائل، حددت فيه شروط استغلال الأراضي واستثمارها في مقابل ضرائب معينة تدفع للدولة، وقيام القبائل بالخدمة العسكرية، وتقديم عدد من الجنود لخدمة الدولة. وتوقيت صدور مثل هذا القانون مباشرة بعد فترة التوسع، يدلنا على تفرغ الدولة للتنظيم بعد الاضطرابات والحروب.
وقد استنتج الباحثون من هذا القانون أن الرؤساء هم الذين كانوا يلتزمون بدفع الضرائب عن قبائلهم، وتقديم الرجال للخدمة العسكرية، إذ كانت أسماؤهم تذكر في الأوامر الملكية المتعلقة بالضرائب، إشعارًا منهم بموافقتهم والتزامهم بدفعها للدولة وفق الشروط التي تم الاتفاق عليها2.
أما من حيث التجارة فإن السبئيين كانوا ملاحين ماهرين وتجارًا نشيطين، عبروا المحيط الهندي إلى الشرق الأقصى، معتمدين على معرفتهم بمواقيت حركات الرياح الموسمية التي تتبدل اتجاهاتها بحسب المواسم والفصول، فاحتكروا التجارة مع الهند، وجنوا من
1 د. جواد علي: 2/ 128-131، 133، 135، 138، 155.
2 د. جواد علي: 161 - 166.
ذلك الأرباح الطائلة، إذ كان لهم أسطول تجاري يجوب موانئ الهند والصين والصومال وسومطرة وغيرها، وينقلون على متنه التوابل والأفاوية وغيرها من سلع الهند، وبعد أن يفرغوها في ساحل عمان يسيرون بها برًّا حتى البحر الأحمر، ومن هناك ينقلونها إلى مصر على ظهور السفن عن طريق البحر الأحمر.
كما سيطر السبئيون على الطرق التجارية التي تصل اليمن بالشمال، وهي التي تسير من مدينة شبوة في حضرموت إلى مأرب فمكة فالبتراء فغزة، وقد بقي رخاء السبئيين مستمرًّا لمدة طويلة، فزهدت بلادهم، وازدهرت واتسعت ثروتهم، واتجهوا إلى العمران فبنوا السدود والخزانات والقصور والهياكل والمعابد وأحاطوها بالأسوار وتفننوا في تزيينها وزخرفتها وتجميلها، وغرسوا الحدائق حولها، واستتموا أسباب القوة التي تميز بها عهد المكربين. وهكذا إلى أن برز في وجه حكام سبأ في العهد الملكي من ينافسهم من الأمم الأخرى، كالبطالمة حكام مصر الذين استطاعوا أن يجدوا لهم منفذا إلى البحر الأحمر فالمحيط الهندي، فلم تعد الملاحة في هذه الجهات حكرا للسبئيين، لا سيما وأن البطالمة قد استطاعوا إحياء القناة الفرعونية القديمة التي تصل النيل بالبحر الأحمر، فصارت سفنهم تجتازها وتسير برحلاتهم إلى هذا البحر، وحاولوا خوض غمار البحر الهندي، للوصول إلى أرض التوابل دونما حاجة إلى وساطة السبئيين، والحصول على التوابل والأفاوية التي كان الأوروبيون من سكان حوض البحر الأبيض المتوسط يقبلون على شرائها إقبالا شديدا. لكنهم فشلوا في تحقيق مآربهم لجهلهم سر تقلبات الرياح الموسمية، وخصائص المد والجزر في ذلك المحيط، إنما نجحوا مع ذلك في ارتياد البحر الأحمر وفي منافسة التجارة السبئية فيه؛ فانحط بذلك شأن السبئيين لزوال أهمية الطريق البري الذي كانوا يسيطرون عليه، وحل محله الطريق البحري من حيث الأهمية، إذ اتصل البطالمة بموانئه وبدءوا يتعاملون مع أهلها في التجارة. لهذه الأسباب تناقصت أهمية مدن سبأ، لتنتعش من التجارة البحرية المدن اليمنية الواقعة على شاطئ البحر الأحمر، الأمر الذي أدى إلى بروز أمرائها وازدياد نفوذهم، وكان من هؤلاء أذواء ريدان وأذواء حمير وغيرهم وبدأت المنافسة السياسية بين هؤلاء وبين ملوك سبأ، لا سيما وأن الوهن والانحطاط قد سلكا طريقهما إلى الدولة السبئية بسبب زوال العوامل الاقتصادية التي أدت إلى انتعاشها وازدهارها وقوتها -كما قدمنا- فاضطر قسم كبير من القبائل إلى النزوح عن البلاد، وتعاقب على العرش ملوك
ضعفاء لم يستطيعوا السيطرة على الاضطرابات الداخلية التي عمت البلاد طولًا وعرضًا.
ومن الرجوع إلى النصوص القديمة نلاحظ أن أسباب الضعف الاقتصادي الذي أصاب مملكة سبأ يتضافر ويتشابك مع الأسباب الاجتماعية والسياسية ليئول أمر المملكة في النهاية إلى الزوال. ولنتابع التطورات التي حدثت من هذا القبيل:
كان النظام السبئي السياسي في عهد المكربين يقوم على أساس العصبية القبلية لأسرة سبأ ممتزجة مع الدين، فهو نظام يمزج بين السياسة والدين. والمجتمع مكون من مدن وقرى وقبائل لكل منها آلهتها الذي يجمع شملها فهو حاميها، بدليل أن السبئيين كانوا يرفقون اسم الإله بكلمة "شيمم" ومعناها: حامٍ وناصر، أي: إن الإله حامي أتباعه وناصرهم، أو بكلمة "ألم" أي: إله الطائفة، أو بكلمة "صبلم" الطائفة ويعني: الرباط المقدس الذي يجمع شملها. وكان الإله "ألمقة" الذي يرمز إلى القمر، هو الإله القومي لسبأ، مع وجود آلهة أخرى إلى جانبه مثل "ذات حميم" و"ذات بعدن" وهما رمزان للشمس، و"عثتر" الذي يرمز إلى الزهرة1.
غير أننا ومنذ القرن الخامس قبل الميلاد لا نلبث أن نشاهد أن أسرًا جديدة قوية تظهر على مسرح الحوادث، وتنافس الأسرة السبئية "لأسباب اقتصادية وسياسية" وتلعب دورا خطيرا في سياسة اليمن، كما يلمع في سماء نفوذ الدولة الجديدة آلهة جديدة لم يكن لها شأن في الماضي، إنما برزت أهميتها بفضل الأسر الجديدة التي كانت تعبدها، فنقرأ أسماء آلهة مثل "تالب ريام"، "ذو سماوي" -وكانت تخص قبيلة همدان التي لعبت الدور الرئيسي في سياسة هذا العهد- كما نقرأ أسماء آلهة أخرى تخص غيرها من القبائل.
إن ظهور هذه الأسر الجديدة والآلهة الجديدة ليس من قبيل الصدفة، إنما هو دليل على تطور خطير قد حدث في السياسة والاجتماع والدين، وظهور الهمدانيين كمنافسين للقبائل والعشائر التي أقامت عرش سبأ لم يكن من قبيل الاتفاق، ولم يكن من السهل على سبأ أن تقبل بآلهة جديدة تنافس إلهها القومي "ألمقة" لولا أن يكون ثمة عامل قاهر هو عامل القوة الذي زعزع التوازن السياسي في الدولة. والواقع أن دولة المكربين التي بدأت
1 د. جواد علي: 2/ 114، 118.
على أساس ثيوقراطي "ديني" صارت تضم -نتيجة للتوسع والفتح- عناصر غير سبئية وأراضي جديدة لم تكن من صميم الأراضي السبئية. كما ضمت إمارات كانت -بطبيعة كيفية الضم- معادية لها، إذ اندمجت معها إثر حركة الفتح، فبزغت مفاهيم سياسية جديدة حطمت ما قبلها من مفاهيم قبلية ضيقة مستندة إلى أساس التعصب الشديد لمدينة أو قبيلة بعينها، وأحلت محلها مفاهيم جديدة بنيت على تفكير أوسع ونظرة أعمق وأشمل للواقع1. لكن هذه المفاهيم سرعان ما ترجمت إلى أعمال عنف تركت أثرها السيئ على المملكة.
فمن النصوص المكتشفة نستنتج أن مملكة سبأ قد وقعت في أواخر أيامها فريسة للفوضى وهدفًا للأطماع الخارجية، وأقضت مضجعها المنازعات التي وقعت بينها وبين جيرانها الريدانيين والحضارمة والقتبانيين والحميريين الذين شعروا بكياناتهم السياسية المتميزة -بعد أن أفاقوا من صدمة قضاء السبئيين على استقلالهم- فنتج عنها حروب طويلة تفاقم أمرها؛ كان منها ما وقع بين سبأ و"ذو ريدان" وانتصرت فيها سبأ فضمت إمارة "ذو ريدان" فأصبح ملكها "ملك سبأ وذو ريدان". لكن الأحوال لم تهدأ، بل أعقبها حروب أخرى أشمل وقعت بين ملوك سبأ و"ذو ريدان" من جهة وحضرموت وقتبان من جهة ثانية، وقد اشترك فيها هؤلاء الملوك وشعوبهم وقبائلهم وانتشرت في جميع أنحاء البلاد. عندئذٍ أصبح الملك السبئي مضطرًّا إلى الاستعانة بأمير قبيلة همدان "يرم أيمن" -وكانت مكانته قد ارتفعت في نظر الملك- لفض النزاع بينه وبين أعدائه، فأدى هذا الأمير دوره بنجاح وانعقد بين الطرفين صلح لم يعرف أكانت شروطه في جانب سبأ أم في جانب خصومها.
لكن "يرم أيمن" لم يدع الفرصة تفوته، بل اهتبلها، مستغلًّا نفوذه الذي بلغ الأوج في البلاط الملكي، ونفوذ قبيلته الذي توسع بين القبائل؛ لينافس الملك السبئي على؟؟؟.
ولم يلبث الريدانيون والحميريون أن استغلوا، بدورهم، هذا النزاع الهمداني -السبئي، فأخذوا يعملون للاستفادة منه. أما قتبان فبعد أن اشتركت في الحروب السابقة
1 د. جواد علي: 2/ 168-169.
2 د. جواد علي: 2/ 230-231.