الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قابوس وحسان. وروي أيضًا أن بني يربوع قد أخلوا سبيل قابوس وحسان، فقدر الملك صنيعهم، فرد عليهم الردافة وعفا عنهم ما قتلوا وما غنموا، وأعطاهم ألفي بعير1. وفي ذلك يقول مالك بن نويرة التميمي مفتخرًا:
ونحن عقرنا مهر قابوس بعدما
…
رأى القوم منه الموت والخيل تلحب
عليه دلاص ذات نسج وسيفه
…
جُراز من الهندي أبيض مقضب
1 ابن الأثير: 1/ 396-397؛ أيام العرب: ص94-97.
حروب العرب مع الأقوام الأخرى
مدخل
…
حروب العرب مع الأقوام الأخرى:
وقد وقعت هذه الحروب مع الفرس، وتعود أسبابها إجمالًا إلى سبب اقتصادي، هو رغبة الفرس في استغلال نصرهم الذي حققوه على الأحباش ومن ورائهم البيزنطيين، في اليمن بمساعدتهم العرب على تحرير أراضيهم، استغلالًا اقتصاديًّا، والحصول على أرباح طائلة بحصر مقاليد التجارة في أيديهم، وذلك بتسيير قوافلهم التجارية بين اليمن وفارس عن طريق البر، وقد فعلوا ذلك ونفذوه. غير أن مشروعهم هذا كان بحاجة إلى دعم من قبل قوات عسكرية، تؤمن لهم السيطرة على الأرضين والطرق التي تمر فيها هذه القوافل عبر شبه جزيرة العرب، أو على الأقل شراء رؤساء القبائل بالمال.
لكن وضع الإمبراطورية الفارسية وبعد المسافة وصعوبة المسالك، لم تسمح لهم بتحقيق مشروعهم، فتعرضت قوافلهم للسلب والنهب من قبل القبائل، وأسفرت عن حملات انتقامية ضد العرب.
كما تعود إلى أسباب سياسية، هو تخوف الفرس من العرب، لا سيما عرب الحيرة، ورغبتهم في تضييق قبضتهم على أعناقهم، كما بينت في الفصول السابقة.
يوم الصفقة
مدخل
…
1-
يوم الصفقة1:
وقد حدث في أوائل القرن السابع للميلاد، وسببه: أن "بازان" نائب كسرى أبرويز في اليمن، قد أرسل إليه أحمالا من حاصلات اليمن ومصنوعاتها، فلما بلغت مكانا من أرض
1 ابن الأثير: 1/ 378-379؛ أيام العرب: ص2-5.
نجد، أغارت عليها تميم وانتهبتها، وسلبت رسل كسرى1. فقدم هؤلاء على "هوذة بن علي الحنفي" صاحب اليمامة وكان على النصرانية، كما كان إذا جهز كسرى لطيمة لترسل إلى اليمن، يجهز رسل الملك الفارسي ويحسن جوازهم، بمعنى أنه كان عميلًا للفرس في اليمامة. فلما قدم عليه رسل كسرى1 بعد أن سُلبوا، وانتُهبت لطيمة كسرى، أحسن إليهم وكساهم. ولذا فإن الملك الفارسي، حينما بلغه خبر الحادثة، أنعم عليه بمال كثير، وبتاج من تيجانه، وأقطعه أموالا بهجر، وكلفه بتأديب بني تميم جزاء ما فعلوا بلطيمته، وعززه بحملة من أساورة الفرس، وعلى رأسها قائد فارسي يسمى "المكعبر".
ولما وصل المكعبر وهوذة إلى هجر، نزلا حصنًا يسمى "المشقر" وقد تهيبا دخول أرض تميم، وأهلها ممتنعون فيها، فعمدا إلى الحيلة والغدر، فبعثا في طلب بني تميم يدعونهم إلى "الميرة" -وكانت سنة شديدة قاسية- فأقبلوا على كل صعب وذلول، كما يقول ابن الأثير، فجعل المكعبر يدخلهم الحصن خمسة خمسة وعشرة عشرة، على أن يخرجوا من باب آخر، وكل من دخل ضرب عنقه.
وعندما طال الأمر ورأى الناس أن من يدخلون لا يخرجون، بعثوا رجالا يستعلمون الخبر، ولما وقفوا على الحقيقة شد رجل من عبس، فضرب السلسلة التي كانت على الباب فقطعها، وخرج من كان بالباب. فلم يكن من المكعبر إلا أن أمر بإغلاق أبواب المدينة، وضرب أعناق كل من كان فيها من تميم. وقد سمي هذا اليوم باسم "يوم الصفقة" لإصفاق الباب أي: إغلاقه. كما عرف باسم "يوم المشقر" نسبة للحصن، وقد صادف هذا اليوم عيد الفصح، فاستوهب هوذة من المكعبر مائة رجل من تميم كساهم وأطلق سراحهم بمناسبة العيد، فمدحه الأعشى بقصيدة منها:
سائل تميمًا يوم صفقتهم
…
لما أتوه أسارى كلهم ضرعا
وسط المشقر في عيطاء مظلمة
…
لا يستطيعون فيها ثم ممتنعا
1 يقول محمد أحمد جاد المولى مؤلف كتاب أيام العرب: "إن العير لما وصلت إلى اليمامة، قال هوذة لرسل كسرى: انظروا الذي تجعلونه لبني تميم، فأعطونيه وأنا أكفيكم أمرهم، وأسير بها معكم حتى تبلغوا مأمنكم. وخرج معهم، فلما وصلوا إلى وادٍ لتميم الذين بلغهم ما صنعه هوذة هاجموهم، وسلبوا ما معهم، وقتلوا بعض الأساورة، وأسروا هوذة بن علي ولم يفكوا إساره إلا بفدية ثلاثمائة بعير". أيام العرب: ص2-3.