الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويبلغ الشعور بوحدة النسب في القبيلة درجة هي من القوة بحيث تعتبر أن كل من لا ينتمي إليها إنما هو غريب، وأحيانًا وفي ظروف معينة عدو، ذلك أن القبائل العربية كانت تؤلف مجتمعًا يسوده التفكك، وعدم الشعور بالروابط القومية الجامعة.
العناصر التي تتألف منها القبيلة
مدخل
…
العناصر التي تتألف منها القبيلة:
والقبيلة تتألف في العادة من عناصر كثيرة:
1-
الصرحاء:
وهم أبناء القبيلة الذين يجري في عروقهم دمها النقي، كما أنهم ينحدرون من الجد الذي تنتسب إليه، وهؤلاء هم الذين يسودون القبيلة، ويؤلفون بيوتات الشرف فيها.
2-
أبناء القبيلة بالنقلة:
فقد كان جائزًا نقل رجل نسبه من قبيلة إلى قبيلة أخرى، فيصبح من أفرادها.
3-
أبناء القبيلة بالاستلحاق:
فقد تزوج القبيلة عبدًا من عبيدها امرأة من القبيلة، فيصبح مع الزمن فردًا من أفرادها يحمل نسبها. أما أولاد العربي من زواج غير شرعي أو من جواريه، فله الخيار في أن يلحقهم بنسبه أو لا يلحقهم، وإذا فعل أصبحوا يحملون نسب القبيلة1.
1 الدكتور عمر فروخ: تاريخ الجاهلية، ص150.
4-
العبيد:
وهم على نوعين: عرب وأجانب، ومصدر الرقيق العربي الحرب بين القبائل العربية، إذ إن العربي الذي يقاتل في الحرب ذودًا عن قبيلته، كان عليه أن يواجه إحدى حالات ثلاث: إما أن يُقتل أو يفر أو يُجرح، وحينئذ يؤسر فيسترق. أما النساء فغالبًا ما كُنَّ يؤخذن أسيرات وسبايا في عقب القتال. وربما كان هدف الغارة سبي النساء، وهذا ما كان يدعو القبائل إلى أخذ الحيطة الشديدة لحمايتهن. وتمنح القبيلة من يقوم بهذه المهمة بشجاعة ألقابًا بطولية "كحامي الظعينة"، أو"فارس الظعينة"،
وكثيرًا ما كانت القبائل تبيع سبيها وأسراها "أم عمرو بن العاص كانت سبية، ثم بِيعث في سوق عكاظ".
أما مصدر الرقيق الأجنبي فكان الشراء، حيث كان العرب يرتادون أسواق الروم وفارس، فيشترون الأرقاء الذين كانت كل من دولتي الروم والفرس المتعاديتين تأسرهم من الأخرى في أثناء الحروب الكثيرة التي كانت تجري بين الطرفين. كما كان العرب يعتبرون أبناء جواريهم الذين لا يعترفون ببنوتهم رقيقًا لهم.
والرقيق أصناف يختلف ثمن العبد باختلافها: فهناك الرقيق الأسود، وكان في منزلة غاية في الانحطاط بالنسبة للرقيق الأبيض؛ ذلك أن العرب كانوا يتعشقون البياض ويحتقرون السواد، حتى ليطلقون على العبيد السود اسم "الأغربة" تشبيهًا لهم بطائر الغراب البغيض المشئوم1. أما الرقيق الأبيض فهو ذو مكانة أعلى وثمن أغلى، وهو من جنسيات مختلفة: فارسية أو بيزنطية أو من بعض الشعوب الأوروبية.
وبالرغم من أن الرقيق قد اعتبر كالآلة، يؤمر فيستجيب ويعمل، غير أن أثره كان عظيما على أهل مكة من حيث كثرة أفراده، إذ ندر ما خلا دار من دور مكة من عبيد يقتنيهم رب الدار. وقد استخدمهم مالكوهم؛ لما لهم من معرفة وخبرة ومهارة فنية، لا سيما الرقيق الأبيض في الحرف المختلفة، كأعمال البناء والتجارة والتعدين وغيرها، يشتغلون لحساب أسيادهم، كما استخدموا كحرس لهم ومشرفين على إدارة مبيعاتهم. وقد روي أن عاملا روميا عمل في بناء الكعبة في حياة الرسول قبل البعثة، كما رسم بعض العمال المسيحيين صورًا للأنبياء والملائكة ومريم العذراء، وغير ذلك من قصص الوحي الديني على جدران الكعبة، حتى إذا فتح الرسول مكة طمسها مثلما حطم الأصنام التي كانت هذه الصور قد أقحمت معها للزينة وربما تقديسا لها. وكان لهؤلاء الأرقاء إسهام في إدخال بعض الألفاظ الفارسية والإغريقية والحبشية إلى اللغة العربية، منذ عهد ما قبل الإسلام، كما استخدموا في الترفيه من رقص وغناء وضرب على الأوتار. وكان بوسع العبد أن يسترد حريته بأن يؤدي لسيده خدمة عظيمة، أو يظهر شجاعة فائقة في موقعة
1 أحمد إبراهيم الشريف: المصدر نفسه، ص37-39.