الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حربية، أو يتفق مع سيده على أن يشتري حريته بمبلغ من المال، ويعرف ذلك باسم "المكاتبة". والرقيق الذي يتحرر بهذه الطريقة يعرف باسم "المكاتب"1.
1 أحمد إبراهيم الشريف: المصدر نفسه، ص37-39.
5-
الموالي:
وهناك أيضا الموالي، ويرجعون إلى مصدرين: أولهما: أن الرقيق عندما يعتق يصبح من الموالي إذا أراد البقاء في القبيلة. والثاني: أن يلتجئ فرد من إحدى القبائل إلى قبيلة أخرى بسبب خلع قبيلته له، فيعتبر مولى من مواليها، ويطبق عليه التقليد المعروف باسم "الجوار" وهو إما جوار ضد عدو معين، أو جوار عام. وفي هذه الحالة يصبح للمستجير ما لأفراد القبيلة من حقوق، من حيث حمايته والأخذ بثأره إذا قُتل، ويطلق عليه اسم "حليف"1. وقد يصل الأمر بالمجير أن يقتل أعز الناس إليه إذا قتل حليفا مستجيرا، كما فعل أوفى بن مطر المازني الذي قتل أخاه؛ لأنه فتك غيلة بمستجير به، طمعًا في زوجته الجميلة التي كانت ترافقه.
وقد ينزل رجل صريح من غير الحلفاء على زعيم قبيلة فيصبح حليفه، ويعقد بين الاثنين عهد وميثاق يشهد عليه الملأ، وينص على بنود تقول:"دمي دمك، وثأري ثأرك، وحربي حربك، وسلمي سلمك، ترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك، وتعقل عني وأعقل عنك"2.
وللحليف واجبات: ألا يسيء ماديًّا أو معنويًّا إلى القبيلة المجيرة وإلا خلعته، وتحللت من التزاماتها نحوه. ومع ذلك لم يكن للحليف منزلة كمنزلة أبنائها الصرحاء؛ ذلك أن ديته نصف دية الفرد الصريح منها.
1 في لسان العرب: الحليف هو من انضم إلى شخص، فعز بعزه وامتنع بمنعته.
2 أحمد إبراهيم الشريف: المصدر نفسه، ص43-44، اقتباسًا من جامع البيان.
الخلع والخلعاء:
وفي مقابل ما يرفد القبيلة من عناصر خارجية عنها، هناك من التقاليد المعروفة عند العرب ما يقضي بأن القبيلة تستطيع أن تخلع أي فرد من أفرادها ولو كانوا من
الصرحاء، ويسمى هؤلاء بالخلعاء "مفردها: خليع ويطلق عليه أيضًا اسم لعين". والخلع في المجتمع القبلي شبيه بإسقاط الجنسية عن المواطن في عصرنا الحاضر، ويجري الخلع لأسباب:
1-
إذا قتل فرد ما شخصًا آخر من قبيلته، ورفض ذوو المقتول قبول الدية؛ عندئذ تصبح القبيلة بشخص زعيمها، مضطرة لقتل القاتل، أو خلعه حفاظًا على وحدة القبيلة.
2-
لما كانت القبيلة مسئولة عن أعمال أفرادها، تضطر أحيانا إلى خلع من يسيء منهم إليها، بكثرة اعتدائه وجرائره ضد القبائل الأخرى، التي تحملها أفعاله على شن الغارات الثأرية ضدها، مفضلة أن تضحي بفرد بدلًا من جماعات منها.
3-
وتخلع القبيلة كل من يلحق بها العار بأعماله اللا أخلاقية المشينة، التي تعتبرها لوثة في جبينها.
يذاع الخلع بطرق عديدة في المواسم والأسواق، بالمناداة أو الكتابة. كان الرجل يأتي بابنه إلى الموسم ويقول:"ألا إني قد خلعت ابني هذا فإن جُرَّ "أي أُخذ بجريرة" لم أضمن، وإن جُرَّ عليه -أي: قُتل- لم أطلب"1 فلا يؤخذ الأب بجرائر ابنه الخليع، ومن وقتها تصبح قبيلته في حل من أعماله، وتسقط حقوقه عليها، ويحرم عليه البقاء فيها، فيذهب ملتجئًا إلى غيرها. وأما إذا كانت شروره ومآثمه كثيرة فنادرا ما يلقي مجيرا، ويصبح الأمر خطيرًا بالنسبة إليه؛ إذ يجد نفسه في موقف حرج ووضع شاذ2.
وقد يتكتل الخلعاء فيؤلفون عصابة تقطع الطرق وتعيث في الأرض فسادًا، تسلب وتنهب وتلقي الرعب في النفوس، وقد شاعت تسمية هؤلاء باسم "الصعاليك".
وقد اشتهر معظم الخلعاء، ويطلق عليهم أيضا اسم "ذؤبان العرب" بضروب من الشجاعة والإقدام وعدم المبالاة بالحياة بحيث كان بعض الرؤساء والزعماء يستخدمونهم للفتك بخصومهم. وقد انضم قسم منهم إلى امرئ القيس الشاعر الكندي عندما نهض مع قبيلة بكر للأخذ بثأر أبيه من قبيلة أسد.
1 الألوسي: 3/ 27.
2 أحمد إبراهيم الشريف: المصدر نفسه، ص31-36.