الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عن قوم يؤمنون به ولم يروه
فخرج مسلم [ (1) ] من حديث إسماعيل بن جعفر قال: أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول اللَّه؟ قال:
أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول اللَّه؟ فقال: أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا بلى يا رسول اللَّه، قال: فإنّهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض ألّا ليزادن رجال من حوضي كما يزاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال أنهم قد بدلوا بعدك فأقول: سحقا سحقا.
وخرج مسلم [ (2) ] من حديث عبد العزيز الدراوَرْديّ، حدثنا مالك، جميعا عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون. بمثل حديث إسماعيل بن جعفر غير أن حديث مالك: فليذادن رجال عن حوضي.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 3/ 140- 141، كتاب الطهارة، باب (12) ، حديث رقم (39) .
[ (2) ](راجع التعليق السابق) .
وأخرجه النسائي [ (1) ] من حديث مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء اللَّه بكم لاحقون، وددت أنى قد رأيت إخواننا، قالوا: يا رسول اللَّه، ألسنا إخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي وإخواني الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض، قالوا: يا رسول اللَّه، كيف تعرف من يأتى بعدك من أمتك قال: أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلين في خيل بهم دهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى، قال: فإنّهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض.
وذكر ابن عبد البر من حديث عمرو بن خالد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد عن أبي حبيب عن بكير بن عبد اللَّه بن الأشج، عن عبد الرحمن بن أبي عمر عن أبيه قال: قلت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرأيت من آمن بك ولم يرك؟ فقال: أولئك إخواننا معنا، طوبى لهم، طوبى لهم.
ومن حديث ابن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجاءه عمر فقال: يا عمر إني لمشتاق إلى إخواني، قال: عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: ألسنا بإخوانك يا رسول اللَّه؟ قال: لا، ولكنكم أصحابي، وإخواني قوم آمنوا بي ولم يروني.
هكذا أورده ابن عبد البر بغير إسناد.
وذكر من طريق موسى بن داود، عن همام، عن قتادة، عن أنس عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى سبع مرّات لمن لم يرني وآمن بي. قال: ورواه أبو داود الطيالسي عن همام، عن قتادة به مثله.
ومن مسند أبي داود الطيالسي، عن محمد بن أبي حميد، عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتدرون أي الخلق أفضل إيمانا؟ قلنا: الملائكة، قال: فحق لهم بل غربتم، قلنا: الأنبياء، قال: حق لهم بل غربتم، ثم قال رسول اللَّه
[ (1) ](سنن النسائي) : 1/ 101- 102، كتاب الطهارة، باب (110) ، حلية الوضوء حديث رقم (150) .
صلّى اللَّه عليه وسلم: أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني يجدون ورقا فيتعلمون فيه فهم أفضل الخلق إيمانا.
وذكره ابن عبد البر من طريق زكريا بن يحيى الشامي، عن محمد بن المثنى بن أبي عدي، عن ابن أبي حميد، عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر ابن الخطاب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول ائتوني بأفضل أهل الإيمان إيمانا قلنا الملائكة....
وذكر الحديث كما تقدم.
قال المؤلف عفى اللَّه عنه وغفر ذنوبه:
وقد خرجه [ (1) ] الحاكم من حديث أبي عامر العقدي، حدثنا محمد بن أبي حميد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «أتدرون أي أهل الإيمان أفضل إيمانا؟» قالوا: يا رسول اللَّه الملائكة؟ قال: هم كذلك ويحق ذلك لهم وما يمنعهم وقد أنزلهم اللَّه المنزلة التي أنزلهم بها غيرهم، قالوا: يا رسول اللَّه فالأنبياء الذين أكرمهم اللَّه تعالى بالنّبوّة والرسالة؟ قال: «هم كذلك ويحق لهم ذلك وما يمنعهم وقد أنزلهم اللَّه المنزلة التي أنزلهم بها بل غيرهم» قال: قلنا فمن هم يا رسول اللَّه؟ قال: «أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا» ،
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
وقال ابن عبد البر: [ (2) ] وذكر سنين عن خلف بن خليفة عن عطاء بن السائب قال: قال ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه لأصحابه يوما: أي الناس أعجب إيمانا قالوا: الملائكة، قال: وكيف لا تؤمن الملائكة والأمر فوقهم يرونه؟ قالوا: الأنبياء، قال: وكيف لا تؤمن الأنبياء والأمر منزل إليهم غدوة وعشية؟ قال: فنحن؟ قال: وكيف لا تؤمنون وأنتم ترون من رسول اللَّه ما ترون؟ ثم
قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أعجب الناس إيمانا قوم يأتون بعدي
[ (1) ](المستدرك) : 4/ 96، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (6993) . وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : بل محمد [بن أبي حميد] ضعفوه.
[ (2) ](الاستيعاب) : 2/ 689، ترجمة رقم (1147) .
يؤمنون بي ولم يروني، أولئك إخواني حقا،
وكان سفيان بن عيينة يقول: تفسير هذا الحديث وما كان مثله بين في كتاب اللَّه تعالى وهو قوله تعالى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [ (1) ] .
قال ابن عبد البر: وروى مالك عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري في الأفق من المشرق أو المغرب لا يتفاضل بينهم، قيل: يا رسول اللَّه تلك منازل الأنبياء لا يلقاها غيرهم؟ قال: بلى والّذي نفسي بيده، رجال آمنوا باللَّه وصدقوا المرسلين [ (2) ] .
وروى فليح بن سليمان عن هلال بن على عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله،
وقال: محمد بن يحيى كلاما غير مرفوع وذكر من حديث قاسم بن أصبغ، عن أحمد بن زهير، عن مروان بن عزوف، حدثنا عن مرزوق بن نافع، عن صالح بن حنز، عن أبي جمعة قال: قلنا: يا رسول اللَّه هل أحد خير منا؟ قال: نعم قوم يكونون بعدكم فيجدون كتابا بين لوحين يؤمنون بما فيه ويؤمنون بي ولم يروني [ (3) ] .
قال جامعه- رحمه الله وعفى عنه-:
وقد خرج الحاكم [ (4) ] هذا الحديث من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عوف بن سفيان الطائي بحمص، حدثنا عبد القدوس بن الحجاج، حدثنا الأوزاعي، حدثنا أسيد ابن عبد الرحمن، حدثني صالح بن محمد، عن أبي جمعة قال: تغدينا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، قال: فقلنا: يا رسول اللَّه أحد خير
[ (1) ] آل عمران: 101.
[ (2) ] باقي هذا الحديث مطموس في الأصل.
[ (3) ] المرجع التالي مع اختلاف يسير في اللفظ.
[ (4) ](المستدرك) : 4/ 95- 96، كتاب معرفة الصحابة حديث رقم (6992) . وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
منا معك أسلمنا معنا وجاهدنا معك؟ قال: نعم قوم يكونون بعدكم يؤمنون بى ولم يرونى.
قال الحاكم [ (1) ] هذا حديث صحيح الإسناد.
قال ابن عبد البر: قد عارض قوم هذه الأحاديث بما
جاء عنه صلى الله عليه وسلم: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم،
وهو حديث حسن المخرج، جيد الأسانيد، وليس ذلك عندي بمعارض لأن
قوله: خير الناس قرني
ليس على عمومه، بدليل ما يجمع القرن من الفاضل والمفضول، وقد جمع قرنه من السابقين من المهاجرين والأنصار جماعة من المنافقين المظهرين للإيمان، وأهل الكبائر الذين أقام عليهم وعلى بعضهم الحد، ردّ وقال: أنتم ما تقولون في الشارب والسارق والزاني
وقال صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه.
وقال عمر بن الخطاب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه في قوله تعالى:
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [ (2) ] قال: من فعل منكم فعلها كان مثلها وقال ابن عباس رضي الله عنه: في قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ثم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وشهدوا بدرا والحديبيّة وهذا كله يشهد أن خير قومه فضلاء أصحابه وقد قيل في قول اللَّه- عز وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ أمة محمد صلى الله عليه وسلم يعنى الصالحين منهم وأهل الفضل وكنتم شهداء على الناس يوم القيامة، قالوا: إنما صار أول هذه الأمة خير القرون لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزروه، ونصروه، وآووه وواسوه بأموالهم وأنفسهم وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوه في الإسلام.
وقد قيل في توجيه أحاديث هذا الباب مع قوله خير الناس قرني في قوته إنما قيل: لأنهم كانوا غرباء في إيمانهم لكثرة الكفار وصبروا على إيذائهم وتمسكهم، وأن آخر هذه الأمة إذا أقاموا الدين وتمسكوا به وصبروا على طاعة ربهم في حين ظهور الشر والفسق والهرج والكبائر، كانوا عند ذلك أيضا
[ (1) ] راجع التعليق السابق.
[ (2) ] سورة آل عمران: 110.
غرباء، وزكت أعمالهم في ذلك الزمن، كما زكت أعمال من قبلهم، ومما يشهد لهذا
قوله صلى الله عليه وسلم [ (1) ] بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء،
ويشهد له أيضا حديث أبي ثعلبة، ويشهد له
قوله صلى الله عليه وسلم أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره.
هذا حديث خرجه الإمام أحمد [ (2) ] من حديث رماد عن أبي عمرو عن الحسين عن عمار بن ياسر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره.
وقد ذكر البخاري- رحمه الله قال: محمد بن بشار بن أبي عدي عن حميد، عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة على أحد يقول في الأرض اللَّه
[ (3) ] . قال ابن عبد البر: فما ظنك بعبادة اللَّه وإظهار دينه في ذلك الوقت ليس هو كالعاص على الجمر، لصبره على الذل والفاقة وإقامة الدين والسنة.
وروينا أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة كتب إلى سالم بن عبد اللَّه ابن عمر أن أكتب إليّ سيرة عمر بن الخطاب لأعمل بها، فكتب إليه سالم أن عملت بسيرة عمر، وأنت أفضل من عمر، لأن لا زمانك كزمان عمر، ولا رجالك كرجال عمر. قال: وكتب إلى فقهاء زمانه فكلهم كتب إليه بمثل قول
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 2/ 536، كتاب الإيمان باب (64) رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب حديث رقم (232) في (الأصل) :«الدين» وما أثبتناه من سائر المراجع (سلسلة الأحاديث الصحيحة) : 3/ 267، حديث رقم (1273)، وتمامه:
قيل: من هم يا رسول اللَّه؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، قال الألباني: وهذا سند صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح، غير محمد بن آدم المصيصي وهو ثقة كما قال النسائي وغيره.
[ (2) ](مسند أحمد) : 5: 417، حديث رقم (18402) .
[ (3) ](جامع الأصول) : 10/ 394، حديث رقم (7902) .